صدمت الصور الجديدة لتجاوزات جنود اميركيين في سجن ابو غريب
العراقيين الغاضبين اصلا من نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد ولقطات
لجنود بريطانيين يضربون شبانا عراقيين عزل في البصرة فيما دانت الحكومة
العراقية بشدة هذه التجاوزات.
وعرض التلفزيون الاسترالي العام "اس بي اس" الاربعاء سلسلة من الصور
التي تظهر اساءة معاملة معتقلين عراقيين في سجن ابو غريب قرب بغداد.
وقال سعدون محمد (40 عاما) "شعرت بالاشمئزاز واحسست بضعف حكومتنا التي
تبدو شبه عاجزة عن فعل اي شيء تجاه جنود هذه القوات الاجنبية وهم
يعتدون على ابناء شعبنا العزل في السجون".
وتساءل محمد الذي كان يتصفح جريدة يومية وبدا عليه الغضب عند قراءته
الخبر في محله في منطقة الصالحية وسط بغداد"اين السيادة التي تدعي
الحكومة انها تملكها فوق ارضها؟ الا يعتبر هذا انتهاكا كبيرا للسيادة؟".
واضاف ان "السجون العامة والخاصة والاميركية والبريطانية والعراقية
امتلأت بالمعتقلين العراقيين والكل يعذب بالطريقة التي يراها مناسبة له"..
وعبر رجل المرور رعد سعدي (36 عاما) عن استيائه الشديد ايضا. وقال
ان "هذا ابشع اسلوب وابشع شىء رأيته في حياتي". وتساءل "اين
الديموقراطية التي ينادون بها؟ اين حقوق الانسان التي جاؤوا لتحقيقها
في العراق؟ هل هذه هي ثقافة الديموقراطية التي يتحدثون عنها؟".
واضاف ان "هذه حالة غير مرضية. المواطن العراقي يجب ان يحترم ولا
يهان. كان مظلوما ويظلم مرة اخرى. الوضع بصورة عامة سيء". وحمل بعنف
على الجنود الاميركيين واتهمهم بانهم "لا يحترمون السيادة ولا يحترمون
القادة ويقتلون المواطنيين في الشوارع".
من جهتها قالت جنان عبد محمد الموظفة في وزارة العدل ان "هذه اساءة
كبيرة للعراقيين واساءة للمسلمين. اعتقد انهم لا يفقهوا شيئا بمعنى
الحرية التي يدعون انهم جاؤوا لتطبيقها". وتساءلت "اين الحرية؟ اين
الديموقرطية وسط عمليات القتل والانفجارت وعمليات الخطف التي تحدث في
وضح النهار؟".
اما عبد المطلب محمود فقال "اعتقد ان المحتلين يقصدون بنشر هذه
الصور ادخال الرعب في نفوس الناس ليقولوا لهم هذا مصير من يقدم على
اعمال ضد قواتنا". واوضح انه "انتهاك صارخ لحقوق الانسان ويحتاج الى
وقفة عالمية تتدخل فيها منظمات حقوق الانسان والفاتيكان".
واعتبر ان "الكشف عن انتهاكات كهذه يهدف الى نقل الغضب العارم في
الدول الاسلامية من قضية الاساءة للنبي محمد الى مسألة (تثير) قدرا اقل
من الاهتمام في العالم اليوم".
وقال مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري في
بيان ان الحكومة العراقية "تعبر عن شديد استنكارها" لهذه التجاوزات وهي
"ملتزمة بذل قصارى جهدها لمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
وشدد على "الموقف الذي عبرت عنه الحكومة العراقية من قبل برفضها مثل
هذه الممارسات التي تتنافى مع الالتزام بشرعة حقوق الإنسان والمواثيق
الدولية الخاصة بمعاملة السجناء". واضاف ان ما حدث "امر خطير يتعارض
بشكل تام مع شرعة حقوق الإنسان ويتعين منع تكراره".
واستنكر مكتب الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر هذه الانتهاكات. وقال
الشيخ فاضل الشرع لوكالة فرانس برس "نستنكر ضرب السجناء دون مبرر (...)
ومثل هذه التصرفات تولد استعداء كبير ضد هذه القوات".
ولم تنشر الصحف العراقية الصور. وعزا ناجي حسين مدير قسم الاخبار في
صحيفة "الصباح الجديد" عدم نشر الصور الى ان "صحيفته لا ترغب في نشر
صور تزيد من حالة العنف في الشارع". ورأى ان نشر الصور "مجرد الاعيب
غايتها تخويف الشعب".
واوضح انه "على الرغم من اهمية الموضوع تجنبت الصحيفة نشر الصور
لاسباب منها ان الصور مذلة جدا. فقد يتعرف اشخاص من اقرباء او اصدقاء
لمعتقلين عليهم والصحيفة وثيقة وليست صورة تلفزيونية".
واما السبب الثاني فيعود الى "سياسة الصحيفة التي تركز على نشر
الصور المشرقة والابتعاد عن نشر صور العنف".
من جانبه اعرب رئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي عن اسفه ان
"لتكرر نشر صور سجناء والمعتقلين في السجون التي يشرف عليها الاحتلال
والحكومة العراقية". واوضح انها"صور تثير الالم والفزع في نفس كل انسان
عنده شعور بالاحساس الانساني".
واعرب الدليمي عن الامل في ان "تفتح الدول التي ينتسب اليها الذين
يمارسون هذه الاعمال تحقيقا في الحادث وتحول دون دون تكرار مثل هذه
الافعال مستقبلا".
ودانت الحكومة العراقية الخميس وبشدة التجاوزات التي تعرض لها
معتقلون عراقيون في سجن ابو غريب ورحبت في الوقت نفسه بردود الفعل
"المستنكرة" التي صدرت من واشنطن.
وقال مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري في
بيان ان الحكومة العراقية "تعبر عن شديد استنكارها" لهذه التجاوزات
"وملتزمة بذل قصارى جهدها لمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
وشدد على "الموقف الذي عبرت عنه الحكومة العراقية من قبل برفضها مثل
هذه الممارسات التي تتنافى مع الالتزام بشرعة حقوق الإنسان والمواثيق
الدولية الخاصة بمعاملة السجناء". واضاف ان ما حدث "امر خطير يتعارض
بشكل تام مع شرعة حقوق الإنسان ويتعين منع تكراره".
وعرض التلفزيون الاسترالي العام "اس بي اس" الاربعاء سلسلة من الصور
التي قال انها تبث للمرة الاولى. وعرضت محطة "سي ان ان" التلفزيونية
الاميركية ثلاثا منها.
من بين الصور التي بثها التلفزيون صورة لرجل مغطى بما يعتقد انه
مخلفات بشرية واخر جزت رقبته وغرفة قيل انها غرفة تحقيق غطت ارضيتها
الدماء.
وفي ربيع 2004 اثار نشر الصور الاولى للتجاوزات بحق معتقلين عراقيين
من قبل عسكريين اميركيين فضيحة مدوية في العالم. واظهرت الصور معتقلين
يتعرضون للضرب واخرين يهددهم الكلاب او وقعوا ضحية تجاوزات جنسية.
وادت هذه الفضيحة الى ادانة سبعة جنود لكنها تجنبت المسؤولين
العسكريين الكبار والمدنيين في ادارة بوش.
وحسب شبكة "اس بي اس" فان الصور الجديدة حاليا موضع معركة قضائية في
الولايات المتحدة حيث يسعى البنتاغون الى منع نشرها بحجة انها يمكن ان
تسيء للمشاعر في العالم الاسلامي.
هذا ويخشى الجيش البريطاني ان يتدهور الوضع الامني في جنوب العراق
في اعقاب قرار مجلس محافظة البصرة تعليق علاقاتها مع القوات البريطانية
بعد اتهام جنود بريطانيين باساءة معاملة مدنيين عراقيين.
ويقول القومندان بيتر كريبس الناطق الرسمي باسم القوات البريطانية
في البصرة لوكالة فرانس برس ان "التأثير سيظهر اولا على المستوى العالي
بين قادة الوحدات ومجلس المحافظة وعلى الارض فأن هذا ممكن ان يؤدي الى
رفض التعاون من قبل عدد من عناصر الشرطة".
واضاف ان "العلاقات بين القوات البريطانية والمحافظة والدوريات
المشتركة بين قوات الشرطة العراقية وقواتنا ممكن ان تتأثر بصورة جدية".
وقرر مجلس محافظة البصرة الذي اجتمع مساء الاثنين مقاطعة القوات
البريطانية والدنماركية المنتشرة في المنطقة وفق ما اعلن ناظم جابر
المسؤول في المحافظة.
وجاء قرار مقاطعة قوات هاتين الدولتين بعد عرض صور تلفزيونية يظهر
فيها جنود بريطانيين يقومون بضرب شبان عراقيين عزل بالاضافة الى قيام
احدى الصحف الدنماركية بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد.
ودعا بيان مجلس المحافظة اهالي مدينة البصرة ودوائرها كافة الى "عدم
التعامل مع البريطانيين والدنماركيين ولاي سبب كان حتى اشعار اخر".
واوضح ان "مقاطعة القوات البريطانية كانت قد بدأت منذ 26 كانون الثاني/يناير
لعدم قيامها باطلاق سراح عدد من المعتقلين العراقيين".
واكد القومندان بيتر كريبس ان "المحافظة اوقفت بصورة غير رسمية كل
اشكال التعاون" منذ ثلاثة اسابيع بعد قيام القوات البريطانية باعتقال
عدد من عناصر الشرطة العراقية لاتهامهم بالفساد.
واوضح ان "ايقاف التعاون هذه المرة ليس بسبب الصور الكاريكاتورية بل
بسبب اعتقال عدد من عناصر الشرطة وبسبب الصور التي بثت عبر التلفزيون
والتي تظهر الجنود البريطانيين".
وقال كريبس انه لا يعتقد بان "هذه المقاطعة ستتبع في مناطق اخرى في
جنوب العراق" مشيرا الى "استمرار اعتقال عناصر الشرطة الخمسة لاسباب
تتعلق بالتحقيق".
وتحتجز القوات البريطانية في مدينة البصرة منذ 25 كانون الثاني/يناير
خمسة من عناصر الشرطة العراقية يشتبه بتورطهم في عمليات قتل مقابل دعم
مالي او سياسي.
واكد المسؤول العسكري البريطاني ان هذه المقاطعة لن تؤثر على عمل
الدوريات العسكرية البريطانية اليومية لكنه اشار الى "اننا سنكون حذرين
اكثر وسنسير تلك الدوريات التي نعتبرها ضرورية". وقال "سنعمل كل ما
باستطاعتنا لكي تعود الامور الى حالتها الطبيعية" موضحا ان "العلاقات
مع الجيش العراقي طبيعية".
وكانت وزارة الدفاع البريطانية اعلنت الثلاثاء ان الشرطة العسكرية
اوقفت شخصين اضافيين في اطار التحقيق في اشرطة فيديو تظهر جنودا
بريطانيين يسيئون معاملة مدنيين عراقيين.
وبذلك يرتفع عدد الموقوفين الى ثلاثة منذ الاحد في هذه العملية التي
تسجل وفق الوزارة "تقدما ملحوظا".
وقالت متحدثة باسم الوزارة لوكالة فرانس برس "اوقف ثلاثة اشخاص في
اطار التحقيق المستمر من جانب الشرطة العسكرية الملكية حول الاتهامات
الاخيرة بعمليات سوء معاملة مقصودة" من دون الخوض في التفاصيل.
واوضحت الوزارة ان "الشرطة العسكرية الملكية كشفت هوية العديد من
الاشخاص (الذين ظهروا) في شريط الفيديو والتحقيق يتواصل لتحديد هوياتهم
جميعا". وقالت ان التحقيق يتركز على كتيبة مشاة قاعدتها في بادربورن
بالمانيا وخدمت في العراق في بداية الحرب من اذار/مارس 2003 حتى
نيسان/ابريل 2004.
ويظهر في شريط الفيديو الذي حصلت عليه مجلة "نيوز اوف ذي وورلد"
وبثته شبكات تلفزيونية جنود بريطانيون يطاردون متظاهرين شبانا في شوارع
مدينة العمارة في جنوب العراق ويدخلون اربعة منهم الى حرم ثكنة عسكرية
حيث ينهالون عليهم ضربا بالهراوات وركلا.
واكدت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الاثنين ان الجندي
الموقوف هو الكابورال مارتن وبستر الذي قال في حديث ادلى به عام 2004
للاذاعة البريطانية العامة ان "الشهر الاخير (لوجود كتيبته في العراق)
كان جحيما حقيقيا". واشار الى انه صور احداثا خلال فترة خدمته.
وعرضت هيئة الاذاعة البريطانية مشاهد صورت قبيل ارتكاب التجاوزات
تظهر ان الجنود البريطانيين تعرضوا لهجوم بقذائف الهاون قبل ان يهاجموا
الشبان العراقيين. وتنشر لندن حاليا 8500 جندي في العراق. |