شتم الرئيس العراقي السابق صدام حسين واخوه غير الشقيق برزان
التكريتي رئيس المحكمة التي تحاكمهما لدى استئناف جلساتها قبل ايام
وقالا انهما وبقية المتهمين اقتيدوا بالقوة الى المحكمة واشادا بالقاضي
السابق ووصفاه بالرجل الوطني وسط مشادات كلامية وصراخ واتهامات بضرب
عدد من المتهمين ومحاميهم بينما طلب برزان اطلاق سراحه لتلقي العلاج من
مرض السرطان في حين هتف صدام بسقوط الخونة.
وقد ظهر الطاغية المخلوع مرتديا ملابس رصاصية اللون داكنة وهي جاكيت
ودشداشة وبدت العصبية على وجهه وهو يهتف: يسقط الخونة يسقط بوش تعيش
الامة واعترض على اقتياده بالقوة الى المحكمة.. وخاطب القاضي رؤوف رشيد
عبد الرحمن قائلا انكم تصادرون حقوقي القانونية وقال« الله اكبر ويخسأ
الخاسئون» ثم القى ابياتا من الشعر وشتم الحراس قائلا (العن ابو
شواربهم). وعندما اشار القاضي الى اسم طالباني في قرار معالجة برزان
اجاب صدام: (لاتقل رئيس انه خائن). واحتج على ممارسات الحراس واتهمهم
بضرب برزان والمحامين، وأكد ان المحكمة غير عادلة. ثم دخل صدام في جدل
حول قانونية حضور المتهمين بدون محاميهم وقال انه يشكر المحامين الذين
كلفتهم المحكمة بالدفاع لكنه يرفضهم. وقال المدعي العام ان المجلس
لحمايتكم يا مجرمين ورد عليه صدام اي حماية تتحدث عنها «أبوك مجرم يا (مخنث)..
هذا الكلام نقوله قبل.. جميعكم مخانيث».
وظهر برزان غاضبا وقد علا صوته وهو يوزع الاتهامات وخاطب القاضي
قائلا: (انت لست رؤوفا ولست رحيما.. واضاف ان المحكمة ليست عادلة لان
الدفاع غير موجود وطالب بحضور محاميه وقال للقاضي هذا عيب. وحاول
القاضي اسكاته لان تدخلاته تعرقل سير المحاكمة لكنه رفض واستمر قائلا:
«انكم خدعتونا لانكم اتفقتم معنا على الحضور فقط ثم الانسحاب من الجلسة».
ثم طالب برزان باطلاق سراحه لتلقي العلاج من مرض السرطان وقال مخاطبا
القاضي: انا اتعهد باسم الله اذا كنت تؤمن بالله وانا اشك في ذلك بان
احضر الجلسات مشيرا الى ان الاطباء في معسكر الاعتقال الاميركي يقومون
بمعالجته الان.. وقال: لا تخافوا مني لان حزب البعث يعمل الان وينشط
برغم سجن امينه العام (صدام) منذ اكثر من عامين. وقد اشاد برزان
بالقاضي السابق رزكار محمد امين ووصفه بالرجل الشجاع والوطني وقد ايد
كلامه صدام ايضا.
وقال صدام للقاضي «ادخلتموني عنوة ويجب ان تمارس حقك القانوني في
محاكمتي غيابيا». وزعم ان الحراس في المحكمة ضربوا نقيب المحامين
الاردنيين صالح العرموطي امام القاضي ولم يفعل شيئا كما ضرب برزان ولم
يفعل شيئا. غير ان القاضي قال «ان هذه مزاعم كاذبة وهي مجرد فبركة ولم
يحصل شيء من هذا» وهنا هتف صدام «هذه ليست محكمة انها لعبة».
من جهته امر القاضي صدام بالجلوس وبدأ بتلاوة قرارات صادرة عن
المحكمة وقال« ان المحكمة قررت احالة برزان ابراهيم التكريتي الى لجنة
طبية لاجراء الفحوصات اللازمة واعلام المحكمة بنتائج الفحوصات». كما
اعلن ان المحكمة قررت ايضا احالة المتهم محمد عزاوي الى لجنة طبية
لاجراء الفحوصات اللازمة واعلام المحكمة بنتائج الفحوصات.
وطالب برزان بالانسحاب من المحكمة لان محاميه غير موجود وانه لا
يقبل بتعيين المحكمة لمحامي جديد فيما هاجم عواد البندر القضاة قائلا
«لم تخبرونا هكذا حين جلبتمونا الى قاعة المحكمة وهذا عيب» وهنا حذر
القاضي ثانية جميع المتهمين بالتزام الادب وعدم اثارة الفوضى.
وقاطع المتهم برزان المحكمة جالسا على الارض ومديرا ظهره للقاضي
ووجهه الى هيئة المحكمة وقال صدام للقاضي «من لم يكن له محامي دفاع فان
المحكمة تعين له محامي دفاع واقصد هنا ان المحكمة ملزمة وهذا حق للمتهم
وليس حقاً للمحكمة». واضاف «ان محامي الدفاع عني طردوا وانت من طردهم.
من جهته قال القاضي «هذه المحكمة لن تسمح للخطب السياسية» ولا اسمح لك
بالتحدث بالامور السياسية.
فقاطعه صدام «انت جاهل. اي سياسة؟ انت تعمل بشكل انتقائي وخلافا
للقانون».
ثم بدأ الادعاء بتلاوة افادات عدد من الشهود تحدثوا عن ما تعرضوا له
على ايدي الاجهزة الامنية بعد اعتقالهم في .1982
فتدخل صدام حسين محتجا. وقال لرئيس المحكمة «عندما يتحدث الشهود عن
السياسة فهذا امر مسموح به ولكن عندما يتحدث صدام حسين ورفاقه عن
الامور السياسية فهذا امر ممنوع».
وقام ممثل الادعاء في القضية بتلاوة افادات بعض الشهود والشاكين
الذين لم يحضروا الجلسة. وقال المشتكون انهم تعرضوا لشتى أنواع التعذيب
والضرب والسلب والنهب من قبل منتسبي المخابرات والأمن، وطالبوا
بالتعويض من صدام حسين، وعمران حسن عمران، وبرزان ابراهيم الحسين
التكريتي ويونس احمد غزال السامرئي، وأحمد ابراهيم السامرائي. وقد
اعترض صدام حسين على افادات الشهود التي تخوض في السياسة.
وفي بداية دخوله إلى المحكمة قال برزان: «يحيا العراق ويحيا العراق
وعاش شعب العراق» في نفس الوقت قال صدام:«يسقط الخونة ويسقط بوش وتعيش
الأمة العربية.. يعيش العراق». القاضي كان يردد «كافي . كافي».
فقال برزان: «أنت لا رؤوف ولا رحيم..وبعيد عنك هذا الموقف». وأضاف:
«أنت حاكم عسكري ولست قاضيا»
بدأ القاضي بالقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. فقاطعه صدام وقال:«
الله اكبر الله اكبر وليخسأ الخاسئون». ثم أكمل القاضي كلمته وهو يقول
«وليطمئن المتهمون»
فقاطع برزان القاضي.. ورد القاضي قائلا «أعطيك مجال بعدين».. وكرر
مرة أخرى «أعطيك مجال بعدين». ثم اكمل القاضي وقال: «مع التأكيد ثانية
على الالتزام بسير المحاكمة واحترام تقاليد القضاء العراقي لحسن سير
العدالة والمحاكمة».. فقاطعه برزان قائلا: «أي عدالة .. جبتنا بالقوة
يابا».
واستمر القاضي قائلا:«المحكمة تؤكد وبحزم أنه سيتم تطبيق القانون
بحق من يعطل سير المحاكمة».
وعندما قال الادعاء «نشكر المحكمة على احضار المتهمين المجرمين».
هنا احتج صدام وبرزان.. فقال القاضي :«لا .. لا.. هم متهمون ولهم
كامل الحقوق .. يشطب الكلام». وقال صدام للادعاء:« المخانيث مثلكم»
فقال القاضي: تشطب كل الالفاظ والصيغ والعبارات الخارجة عن صدد هذه
الدعوة وتشطب كل الإيحاءات للاشخاص الموجودين داخل او خارج المحكمة.
ثم قال برزان:«سيدي القاضي أريد أتكلم من فضلك». فقال القاضي:«أعطيك
فرصة بعدين كاملة.. بعدين..لا..لا تقاطع المحكمة». فقال برزان:«انا لا
اريد ان استمر هنا.. وواصل الكلام. وقال القاضي:«قعدوه..قعدوه»
ووصف القاضي صدام لمقاطعة له وهو يهز رأسه: أنت موقوف .. وبهذه
الشدة والعنفوان!
ونقل مراسل شبكة CNN أن المتهمين الثمانية ادخلوا المحكمة من باب
جانبي وليس من الباب الأمامي، فيما صدام يكيل الإهانات للمحكمة، واصفا
إجراءاتها بالمجحفة وغير الشرعية.
وقال القاضي لصدام «عندما تخاطب المحكمة ينبغي أن تقف» وصدام يرفض
الوقوف ويقول «هذا إذا كنت أعترف بالمحكمة».
ويطلب صدام التدخل والقاضي يقول ليس من حقك. وصدام يقول للقاضي
«وأنت ليس من حقك أن تكون في هذا المكان».
وقد كان يمكن الاستماع لصدام وهو يقول «لعنة الله عليك» فيما كان
أحد أعضاء فريق الدفاع يتوجه بسؤال عما وصفه «بمحكمة الثورة سيئة
الذكر» على حد تعبيره.
واحتج عواد البندر رئيس محكمة الثورة السابق على وصف المحكمة التي
كان يرأسها «بسيئة الصيت» والقاضي يقول له إنه تم شطب العبارة».
وقال الشاهد حسن العبيدي الذي قدم نفسه على أنه مدير في جهاز
الاستخبارات إنه سمع بأن جعفر الموسوي، رئيس فريق الادعاء كان يعمل في
جهاز الاستخبارات وهو ما نفاه الموسوي.
واعتذر إثر ذلك العبيدي والموسوي يقبل اعتذاره، لكن برزان التكريتي
قال «ليس هناك مشكلة فهو يعمل في الاستخبارات على أي حال، هو يعمل في
السي آي ايه. (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية).
وعندما كان القاضي يستجوب السامرائي انبرى صدام قائلا «اليس هذا
ارهابا؟». فرد عليه القاضي «عندما تتحدث المفروض بك ان تخاطب المحكمة
واقفا».
ورد صدام «اعتدت ان افعل هذا مع رجل القانون القاضي السابق رزكار
اما انت فلست رجل قانون.. انت لا تستحق الجلوس على هذا الكرسي لأنك
انسان جاهل بالقانون».
روى اغلب الشهود حكايات عن اعتقال اسر بكاملها من بين افرادها اطفال
ونساء ومسنون قالوا انهم تعرضوا للتعذيب في مقار المخابرات والسجن قبل
نقلهم الى مركز اعتقال في الصحراء. وقال احد الشهود «تعرضنا لأفظع
اشكال التعديب على يد رجال المخابرات والامن في عهد صدام» مكررا تقريبا
ما قاله الباقون نفسه.
وحكى البعض عن افراد من اسرهم توفوا من جراء التعديب او اعدموا على
يد عملاء صدام. وقال احدهم «شقيقي أعدم ولم نحصل على جثته. لم اكتشف
الامر الا بعد سقوط النظام».
وشهدت الجلسة الثانية عشرة للمحكمة الجنائية العليا المختصة بجرائم
النظام السابق، الكثير من المساجلات اللفظية بين برزان التكريتي
والقاضي رؤوف عبد الرحمن، رئيس الهيئة القضائية، خلال مناقشة الشهود
الثلاثة، الذين ركزوا في شهاداتهم على ان ما يعرفونه عن ملف مجزرة
الدجيل، ليس ما شاهدوه بأنفسهم، بل استمعوا بتفاصيل ذلك من اطراف
مختلفة. وقرر رئيس المحكمة تأجيل اعمالها الى نهاية شهر فبراير الجاري،
وساد الجلسة منذ لحظاتها الاولى جلبة وضوضاء من قبل المتهمين وعلى
رأسهم برزان التكريتي الذي هتف بحياة «حزب البعث» في حين كان طه ياسين
الجزراوي نائب الرئيس السابق يهتف الله اكبر!!.
واعترض طه ياسين على اجباره على حضور الجلسة دون وجود محاميه وتساءل
عن المبرر القانوني الذي يجيز للمحكمة ذلك.
ووصف المتهم طه الجزراوي، المحكمة التي تحاكمهم بانها"حكم قرقوش" في
اشارة الى عدم احترام رغبات المتهمين.
ورد القاضي بقوله انه تم تشكيل هيئة دفاع عن المتهمين من قبل
المحكمة بعد غياب محاميهم وذلك الى حين توكيل المتهمين محامين عنهم.
وقال برزان، ان جهاز المخابرات الذي كان يرأسه لم يكن له اي دور في
اعتقال عوائل حادثة الدجيل. واضاف امام المحكمة"ان هذا الموضوع من
اختصاص مديرية الامن العامة وهي التي قامت باعتقال هذه العوائل».
ونفى الشاهد الاول الذي لم يذكر اسمه مدليا بشهادته من خلف ستار وهو
موظف في جهاز المخابرات السابق «ليس لدي شيء اقوله عن الحادث لانني
موظف صغير ولم اكن ضمن الذين ذهبوا الى الدجيل من جهاز المخابرات».
وقال في رده على اسئلة رئيس هيئة الادعاء العام «لم يسبق لي العمل في
الحاكمية ولذلك لا اعرف تفاصيل عنها»، واشار الشاهد الى «ان عملية
الاستدعاء في حادث الدجيل شملت عددا كبيرا من موظفي جهاز المخابرات».
واضاف «انني كنت خفرا في نفس اليوم الذي حصل فيه حادث الدجيل اذ تم
استدعاء موظفي الجهاز لواجب لم اكن اعرفه وقد عرفت به بعد عودة الفريق
الذي كلف بهذا الواجب».
ورفض الشاهد الثاني فاضل صلفيج العزاوي «دبلوماسي سابق»، وهو ابن
خالة كل من المتهمين صدام وبرزان، الادلاء بشهادته عن قضية الدجيل.
وقال لدى حضوره امام المحكمة «ارفض الشهادة في هذه القضية لاني لست
طرفا فيها ولا املك اية معلومات او تفاصيل بشأنها»، واضاف«انني كنت
سفيرا للعراق في الاتحاد السوفييتي اثناء وقوع حادثة الدجيل».
كذلك نفى الشاهد الثالث حامد يوسف حمادي"وزير الثقافة الاسبق"علمه
بقضية الدجيل، وقال"لم اسمع بهذه القضية مطلقا وانما عرفت بها من خلال
خبر بثته الاذاعة الايرانية باللغة الفارسية عن تصدي مجموعة من
المسلحين لرئيس الجمهورية في منطقة الدجيل». واضاف «اعتقد ان عدم
الاعلان عن هذه القضية في وسائل الاعلام العراقية الرسمية في ذلك الحين
هو بسبب الحرب التي كانت دائرة انذاك بين العراق وايران اذ ان الاعلان
عنها ربما يؤثر على سير الحرب». وقال حمادي «لا اعرف شيئا عن اللقاءات
الخاصة التي يجريها رئيس الجمهورية مع قادة الاجهزة الامنية ولا احضر
هذه اللقاءات الا اذا استدعيت من قبل رئيس الدولة». وبين في شهادته «ان
عملي الرئيس هو حضور اللقاءات السياسية لرئيس الجمهورية ولقائه مع
المواطنين وعائلات الشهداء وهذا يأخذ 80 % من وقتي و20 % الباقية مخصصة
لتقديم البريد الروتيني الى رئيس الجمهورية"».
و اكد حمادي انه سمع من فتاح الشيخ في المعتقل"ان طه ياسين رمضان
كان يرأس اللجنة التحقيقية المكلفة بالتحقيق مع المتهمين في قضية
الدجيل"، واضاف"ان وضاح الشيخ المدير في جهاز المخابرات السابق هو الذي
ابلغه بذلك في التوقيف". ورفض المتهم طه ياسين الجزراوي، ما جاء في
شهادة حمادي، وشارك المتهم صدام حسين في نفي هذه التهمة عن الجزراوي
مشددا على انه لم يكلفه بتشكيل هذه اللجنة .
هذه بعض المشاهد التي ابرزت طغيان صدام وعوانه وهم في السجن، فماذا
كانوا يفعولن وهم خارج السجن وبيدهم كل ادوات القوة والقمع...! |