
ذكر مركز ابحاث بريطاني في تقرير نشر اخيرا ان الاف العسكريين ومئات
المدنيين سيقتلون اذا شنت الولايات المتحدة ضربة جوية على ايران لمنعها
من تطوير اسلحة نووية.
وقال التقرير الذي اعده مركز ابحاث اكسفورد المستقل ان اي قصف
لايران من قبل القوات الامريكية او حلفائها الاسرائيليين سيكون جزءا من
هجوم مباغت على سلسلة من المنشات تشمل مناطق مدنية لن يكون الايرانيون
مستعدين له.
وقال بول روجرز الاستاذ بجامعة برادفور الذي اعد التقرير "اعتقد ان
نسبة المخاطرة ستكون مناصفة على الاقل في اي ازمة حقيقية قد تنجم عن
عمل عسكري قبل نهاية العام القادم." وقال لرويترز "هناك دائما امكانية
ان يفعل الاسرائيليون ذلك. لا اعتقد انه يمكن استبعاد ذلك."
وقال "بالنسبة للاسرائيليين فانه من غير المقبول على الاطلاق ان
تحقق ايران اي تقدم في اتجاه الحصول على اسلحة نووية."
وقال التقرير ان اي هجوم قد يؤدي في نهاية المطاف الى مواجهة طويلة
الامد تشمل الكثير من الدول الاخرى في المنطقة وقد يعني اغلاق الخليج
وربما يؤثر بشكل "هائل" على اسعار النفط فضلا عن تحفيز متشددين
اسلاميين على شن هجمات جديدة على مصالح غربية.
وقال التقرير "اي هجوم عسكري امريكي على البنية الاساسية النووية
لايران سيكون بداية لمواجهة عسكرية طويلة." وقد تشمل هذه المواجهة
العراق واسرائيل ولبنان بالاضافة الى الولايات المتحدة وايران فضلا عن
امكانية تورط دول الخليج العربية ايضا. وقال التقرير "من المتوقع ان
يكون عدد القتلى العسكريين في الموجة الاولى من الهجمات ضد ايران
بالالاف."
واضاف "القتلى في صفوف المدنيين سيكونون بالمئات على اقل تقدير."
وتابع "اذا تطورت الحرب الى نزاع اوسع نطاقا اما بسبب ضربة وقائية او
رد من جانب ايران فان عدد القتلى والجرحى سيكون اعلى كثيرا."
وتشتبه الدول الغربية في ان ايران تهدف سرا الى انتاج قنبلة نووية.
وتقول طهران ان منشاتها النووية لا تهدف الا الى توليد الكهرباء. وقالت
واشنطن واسرائيل انهما تفضلان حل الخلاف بالطرق الدبلوماسية وان لم
تستبعدا العمل العسكري. وقال التقرير ان اي هجوم من جانب الولايات
المتحدة او اسرائيل على ايران سيحفز ايران على العمل باسرع ما يمكن نحو
تطوير خيار عسكري نووي. وقال ان القوات الامريكية المقيدة بالفعل
بالعراق سيكون لها عدد محدود من الخيارات العسكرية عند التعامل مع
ايران وسيتعين عليها الاعتماد بشكل كامل تقريبا على القوة الجوية
والبحرية. واي هجوم سيكون له "اثر وحدوي قوي داخل ايران." ويدعم حكومة
طهران ويعني ان اي علاقة امريكية مع ايران في المستقبل ستقام على العنف.
وخلص التقرير الى ان اي رد عسكري على الازمة سيكون "خيارا خطيرا على
وجه الخصوص ولا يتعين النظر فيه أكثر من ذلك."
ووسط هذه التكهنات تصر ايران بتحد على أن عقوبات اقتصادية يحتمل ان
تفرضها الامم المتحدة ستضر الاقتصادات الغربية الصناعية بدرجة أكبر مما
ستعوق طهران لكن دبلوماسيين وخبراء اقتصاد يعتقدون أن هذا التظاهر
بالشجاعة قد يتضح أنه في غير محله. وقال دبلوماسيون ومحللون انه لم
تظهر بعد "خطة" عقوبات لكن اقتصاد ايران يبدو عرضة لخطر فرض حظر على
واردات البنزين والمكونات الصناعية والتسهيلات المصرفية.
واتفق الاعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الامن على أن يرفع اجتماع
مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا حول ايران الى مجلس
الامن حيث تواجه طهران عقوبات محتملة بسبب برنامجها النووي. وتنفي
ايران رابع أكبر مصدر للنفط في العالم الاتهامات الامريكية بأنها تنتج
أسلحة نووية سرا وحذر وزير الاقتصاد الايراني داود دانش جعفري من أن
العقوبات قد يكون لها اثار سلبية على الدول المستوردة للنفط التي
ترعاها وقال حميد رضا اصفي المتحدث باسم وزارة الخارجية ان العقوبات
ستضر الاتحاد الاوروبي أكثر من طهران.
وقال سفير غربي في طهران "مسؤولو وزارة التجارة هنا أخبروني أن
العقوبات الوحيدة التي ستكون مؤثرة هي على النفط لكن أحدا لن يخاطر
بذلك في ظل أسعار يحتمل ان تتجه صعودا الى 100 دولار للبرميل."
وقال على انصاري المحلل السياسي في جامعة سان اندروز في اسكتلندا ان
استراتيجية ايران بشأن العقوبات هي اثارة المخاوف من صدمات قصيرة الاجل
لافزاع الغرب. وقال "يعتقدون أن الغرب يفتقر للشجاعة لذا يقولون ان
أسعار النفط ستصعد وأسواق الاسهم ستنهار. لكن في الاجل المتوسط الى
الطويل يبدو الاقتصاد الايراني عرضة" للخطر.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الاوروبي ان نقطة ضعف ايران هي احتياجها
الهائل للبنزين المستورد. وفي ظل نقص طاقتها التكريرية تستورد ايران
بين 40 في المئة و50 في المئة من اجمالي استهلاك يومي يتراوح بين 60 و
70 مليون لتر بنزين. ويجري بيع البنزين المدعم بسعر زهيد يبلغ عشرة
سنتات للتر والوقود الرخيص يعتبر حقا قوميا في ايران. ولرفع أسعار
الوقود تأثير تضخمي فوري على أسعار الغذاء والسلع المنزلية. وقال
دبلوماسي اخر من الاتحاد الاوروبي ان أي حظر على واردات الوقود قد يطلق
شراراة اضطرابات اجتماعية خطيرة. وقال "نعم.. أناس غاضبون قد يخرجون
الى الشوارع. لكن من سيستهدفون. النظام أم نحن."
وقال دبلوماسيون ان المرحلة الاولى من العقوبات ستكون على الارجح من
النوع الذي فرض على زيمبابوي بفرض قيود على سفر الساسة الايرانيين
لكنهم اقروا بأن هذا النوع سيكون رمزيا. والخطوة التالية قد تكون
عقوبات مالية. وقال خبير اقتصادي في لندن يرصد الاقتصاد الايراني "تعتمد
ايران بشكل غير عادي على التمويل." وينمو قطاعا صناعة السيارات وبناء
السفن الايرانيان بوتيرة اسرع من قدرة البنوك المحلية على ملاحقتها.
ولكي يعمل هذان القطاعان فانهما يعتمدان على القروض الاوروبية. وتضم
قائمة البنوك التي تقدم تلك القروض اتش.اس.بي.سي وبي.ان.بي باريبا
ودويتشه بنك وكومرتسبنك وستاندرد شارترد ورويال بنك اوف سكوتلاند. لكن
بعضها بدأ يبدي الحذر. وقال بنك يو.بي.اس السويسري انه سيتوقف عن
مزاولة أنشطة في ايران لان المناخ التجاري يبدو غير جاذب. وقال بنك
كريديه سويس انه لن يقدم قروضا لعملاء ايرانيين جدد. وأضاف الخبير
الاقتصادي الذي طلب عدم ذكر اسمه "حتى اذا تحرك الاتحاد الاوروبي
احاديا على الصعيد المالي فان هذا قد يكون له تأثير ما."
وقال سعيد ليلاز المحلل الذي عمل في أحد فروع أكبر منتج للسيارات في
ايران ان صناعة السيارات التي يعمل فيها عشرات الالاف من الايرانيين قد
تتلقى ضربة موجعة حال فرض حظر على مكونات السيارات. وقال "تأثير
العقوبات على صناعة السيارات سيكون بالغ الضرر. ففي ظل العقوبات ستضطر
صناعة السيارات للعودة الى طرز قديمة." وتوقف انتاج أشهر سيارة محلية
الصنع وهي بايكان العام الماضي. وتحولت ايران الان الى مركز انتاج
لشركات صناعة سيارات عالمية مثل بيجو ورينو وهيونداي وفولكسفاجن.
وقال كل من مسؤولي الحكومة الايرانية والبنك المركزي انهم يعتقدون
أن احتمال فرض عقوبات أمر مستبعد الى حد كبير نظرا لوضع ايران في
التجارة العالمية. وقال الاقتصادي الذي يعمل في لندن "فيما يتعلق
بالروابط التجارية غير النفطية مع ايران لا أعتقد أن أي دولة لديها شيء
كبير لدرجة تهتم معها بفقده."
ولشركات النفط العالمية تواجد صغير نسبيا في ايران مقارنة مع بقية
عملياتها العالمية. |