أفضت
مؤخرا نتائج انتخابات رئاسة مجلس الوزراء في العراق عن اختيار الدكتور
ابراهيم الجعفري لهذا المنصب من قائمة الائتلاف العراقي الموحد.
وفي نظرة متفحصة للمهام الملقاة على عاتق الجعفري سوف نكتشف انها هي
ذاتها التي رافقت رئاسته لمجلس الوزراء في الحكومة الانتقالية السابقة،
وبكلمة اخرى ان ماكان يعانيه المواطن العراقي قبل سنة او سنتين هو نفسه
الذي يعاني منه الآن، ولعل قضية الأمن تقف في صدارة هذه المهمات ناهيك
عن معالجة الفساد الاداري الذي أخذ طابعا منهجيا ومدروسا في اجهزة
الحكومة العراقية كما يقول رامسفلد وزير الدفاع الامريكي في معرض حديثه
عن اوضاع العراق الحالية، ثم تأتي مهمات اخرى كمعالجة البطالة وإعادة
الروح الى الخدمات الاساسية(الميتة) وانعاش الاقتصاد ورفع المستوى
المعاشي للفرد العراقي وغيرها، وبنظرة متفحصة أيضا سنجد انها مهمات
جسيمة تتطلب وضع برنامج دقيق ينطوي على معالجات( حاسمة) لا تقبل
التأجيل او التبريرات التي كانت تطلق في عهد الحكومة الانتقالية
الماضية التي رأسها الدكتور الجعفري، واذا كان البعض يتلمس عذرا هنا او
هناك للحكومة السابقة بسبب قصر مدتها( سنة من بينها ثلاثة أشهر
استغرقتها تشكيلة الحكومة) فإن السنوات الأربع القادمة لا تقبل الحجج
والاعذار مهما كان نوعها او مصدرها لأنها مدة طويلة وكافية لإحداث
تغييرات جذرية في الحياة العراقية، ولعلها فرصة ذهبية للقادة السياسيون
في العراق لكي يعبروا عن (وطنيتهم الحقة) من خلال جدارتهم في ردم الهوة
الساحقة التي تفصل بين واقع المواطن العراقي الحالي وبين الاحلام
الكبيرة التي بناها في خياله في حالة زوال النظام الدكتاتوري السابق،
ولكن مابالك وحال العراقيين يزداد سوءا في الجوانب التي ذكرت آنفا.
اننا ننظر الى خطوة إنتخاب الدكتور الجعفري لرئاسة ثانية لمجلس
الوزاء بعين الأمل ونعتقد انها خطوة صحيحة أقدمت عليها قائمة الائتلاف
العراقي الموحد، لكن الامر الجوهري الذي يكمن في طبيعة هذه الخطوة
يتعلق بمدى النجاح او الاخفاق الذي سيرافق الاداء الحكومي للسنوات
الاربع القادمة وهذا السقف الزمني المحدد بهذه المدة وطريقة ادارة
الحكومة الدائمة لمؤسساتها هما وحدهما من سيبرهن على ان الساسة الجدد
لهم القدرة على بناء عراق مختلف وان العراقيين يغذون الخطى قدما نحو
جادة الصواب. |