كتاب (الحركات السرية في الاسلام): دعوة للتخلص من الاسلام التخديري المبرر لحكم العسكر

في رأي كاتب مصري مهتم بالتراث الاسلامي والحركات المناوئة للسلطة في التاريخ العربي أن هجمات 11 سبتمبر أيلول ليست إلا إحدى ثمار ما وصفه بالتطرف الديني في العالم العربي.

وقال أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس محمود اسماعيل إن "تعاظم ظاهرة التطرف الديني داخل العالم العربي وتطاولها على الصعيد العالمي أفضى الى أحداث سبتمبر المشؤومة وما ترتب عليها من ردود فعل غربية خصوصا في الولايات المتحدة الامريكية." وأضاف في كتابه (الحركات السرية في الاسلام) أن ردود الفعل الغربية تستهدف الاساءة الى الاسلام بأكثر من وسيلة وتطمح الى محو الهوية العربية الاسلامية حتى تستبدل بها النموذج الحضاري الغربي.

وقال المؤلف إن العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة ينتهج خطوات تسعى الى إحداث الفرقة تمهيدا للتدخل العسكري حيث تحولت "الحرب الثقافية الى حرب عسكرية أفضت الى احتلال أفغانستان والعراق والطموح إلى غزو دول أخرى كايران وسوريا."

وقادت أمريكا عقب هجمات سبتمبر أيلول 2001 حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يؤوي تنظيم القاعدة في أفغانستان. كما احتلت العراق وأنهت حكم الرئيس السابق صدام حسين منذ سقطت بغداد في التاسع من ابريل نيسان 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع.

وقال اسماعيل إن الطبعة الاولى من كتابه صدرت في مطلع السبعينيات "إثر عمل بطولي قام به مناضلون فلسطينيون إبان دورة ميونيخ الاولمبية عام 1972. هذا العمل البطولي العظيم الذي صورته الدعاية الصهيونية والامبريالية على أنه عمل إرهابي كان حافزي على كتابة هذا الكتاب لابرهن على مشروعية العنف الثوري بالنسبة للشعب الذي سلبت أرضه وطورد وحوصر عالميا وعربيا وجرى تشويه نضاله داخل وخارج فلسطين."

وانتقمت إسرائيل لمقتل 11 من رياضييها خلال مشاركتهم في دورة ميونيخ الاولمبية حيث لاحق جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) عددا من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية وتقول إحدى الروايات إن العدد النهائي للقتلى بلغ 18 فلسطينييا.

وطرحت دار رؤية بالقاهرة هذا الشهر الطبعة السادسة من كتاب اسماعيل (الحركات السرية في الاسلام) الذي يقع في 271 صفحة متوسطة القطع.

ويتضمن الكتاب فصولا منها (الخوارج: من العنف الثوري الى الدعوة السرية المنظمة) و(المعتزلة: بين النظر العقلي والعمل السياسي) و(القرامطة: تجربة اشتراكية رائدة). وأشار المؤلف الى أن في التاريخ العربي تراثا ثوريا لقوى معارضة انتهجت أسلوب العمل السري المنظم تمهيدا للثورة الاجتماعية وهي رؤية تتناقض مع المناهج التي وصفها بالتقليدية "التي حولت هذا التاريخ الى أساطير وغيبيات وكرامات ومعجزات ومآثر ومناقب." وأضاف أن الرؤية السلفية الاحادية للتراث يجب أن تطرح جانبا "لتحل الرؤية الشمولية التي تنظر الى تراث السلطة والمعارضة باعتباره كلا لا يتجزأ. آن الاوان لاحياء ثورة الخوارج وعدالة الشيعة وعقلانية المعتزلة باعتبارها تعبر عن الجانب التراثي المشرق الذي يجب الامساك بخيوطه... آن الاوان لوضع ابن رشد وابن خلدون مكان (أبي حامد) الغزالي وابن تيمية. "آن الاوان لحركة إصلاح ديني تحرر التراث العربي الاسلامي من أسار كهنة الازهر (بمصر) وجامع الزيتونة (بتونس) وجامعة القرويين (بالمغرب). آن الاوان لتقديم الاسلام التثويري أيديولوجية للبرجوازية والكادحين مقابل الاسلام التخديري المبرر لحكم العسكر وطواغيت الثيوقراطية المتطرفة."

ووصف قوى السلطة في التاريخ الاسلامي بأنها كانت ضارية في قمعها الثورات الجماهيرية المطالبة بعدالة الاسلام كما كانت كتابات السلف في معظمها "تتواتر على تبرير النظام الملكي الهرقلي الاموي والحكومة الكسروية العباسية وتحمل بلا هوادة على الحركات والثورات الاجتماعية المعارضة وتصورها سياسيا على أنها فتنة ضد أولى الامر واجتماعيا على أنها كفر وزندقة من الناحية الدينية." وأشار الى أن الصورة الراسخة عن قوى المعارضة في التاريخ الاسلامي "شوهاء زائفة تمثل وجهة نظر اليمين... معظم المؤرخين الرسميين كانوا سني المذهب موالين للسلطة سياسيا."

وقال اسماعيل إن مراجعة التراث العربي الاسلامي ضرورة للكشف عن الهوية الحضارية للمجتمع وتمهيد الطريق أمام مشروع نهضوي معرفي مضيفا أنه "في غياب المشروع القومي النهضوي والخواء الايديولوجي تعاظم خطر التطرف الديني والمذهبي ليشكل أخطبوطا يهدد وجود الدولة الوطنية والمجتمع المدني ويتغلغل في العالمين العربي والاسلامي بعد أن اكتسى طابعا دوليا."

ولاسماعيل كتب منها (التراث وقضايا العصر) و(إشكالية المنهج في دراسة التراث) و(المهمشون في التاريخ الاسلامي) و(فكرة التاريخ بين الاسلام والماركسية).

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 12   /شباط /2006 -13 /محرم الحرام/1427