يخسر العراق الذي يعاني بالفعل من هجمات المسلحين على أنابيب النفط،
ملايين الدولارات بسبب المهربين الذين يشحنون النفط إلى إيران ودول
خليجية أخرى تحت سمع وبصر بعض مسؤولي الحكومة. ويقول مسؤولو صناعة
النفط إن «عصابات» النفط أصبحت قوة نافذة في ظل فوضى العنف التي يشهدها
العراق إلى حد أنهم يرسلون كميات هائلة من الخام والوقود إلى الخارج من
دون أي خوف من الحكومة العراقية. ويزيد من حجم الخسائر سوء الإدارة
والمنافسة على النفوذ في وزارة النفط التي تعد مغنماً للساسة الذين
يواجهون محادثات صعبة لتشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات 15 ديسمبر
الماضي.
وفي هذا الصدد اعرب وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد عن قلقه
من تفشي الفساد في العراق وقال انه يشكل تحديا كبيرا للحكومة العراقية.
واضاف رامسفيلد خلال جلسة استماع امام لجنة القوات المسلحة في مجلس
الشيوخ «صحيح ان العنف والفساد والجريمة ما زالت تطرح مشاكل في العراق».
وكان رئيس هذه اللجنة السيناتور الجمهوري جون ورنر انتقد «المستوى
المتزايد للفساد والجريمة في العراق»و«الصعوبات التي تواجهها قوات
التحالف في تنفيذ عملياتها»في هذا الاطار. لكن رامسفيلد اوضح «لا اعرف
ما اذا كان ما يحصل هو ازدياد».واضاف «ما يزداد هو معرفتنا بهذا الفساد»
بسبب مهمات التفتيش الامريكية. وقال رامسفيلد «ان الفساد متفش تاريخيا
في هذا البلد، وهذا امر مسيء للديموقراطية ومن المهم التصدي له، على ان
يتم تقويم المسؤولين الجدد في العراق بالنظر الى عزمهم على مكافحة
الفساد». واعتبر تقرير برلماني امريكي نشر مطلع ديسمبر ان الفساد في
العراق «ليس مزمنا فقط لكنه منهجي ايضا».
من جهته، اخذ السيناتور الجمهوري جون ماكاين على الحكومة ادراج
نفقات العمليات في العراق وافغانستان في سياق النفقات الطارئة وليس في
موازنة وزارة الدفاع. وقال «لا اعرف كيف ما زلتم تسمون ذلك طارئا عندما
نعرف انه سيكلفكم كثيرا من الاموال خلال سنوات في ما يتعلق بالعراق».
وفي ما يخص قضايا الفساد أحالت المفوضية العامة للنزاهة بالعراق
ملفات 3 وزراء سابقين في حكومة اياد علاوي السابقة الى القضاء بعد ان
انتهت من تحقيقات في شكاوى ضدهم بالضلوع في عمليات فساد مالي واداري
خلال فترة عملهم حتى تتخذ السلطات القضائية اجراءاتها بشأنهم . وقال
راضي الراضي رئيس المفوضية في تصريح لصحيفة (الصباح) العراقية أن
الوزراء هم لؤي حاتم العرس وزير النقل وليلى عبد اللطيف وزيرة العمل
والشؤون الاجتماعية ومحمد مصطفى الجبوري وزير التجارة ..مشيرا الى ان
المفوضية ليست هي الجهة التي تصدر أوامر لالقاء القبض عليهم وانما تصدر
تلك الاوامر من مجلس القضاء الاعلى على خلفية دراسته للتحقيق الذي
أجرته مفوضية النزاهة في ملفاتهم. وأشارت الصحيفة الى ان المفوضية تحقق
حاليا في شكاوى قدمها مواطنون على هيئة دعاوى الملكية في احدى
المحافظات لتوفر أدلة مادية وخطابات رسمية ترجح وجود حالات من الفساد
الاداري واستغلال المناصب وتقاضي الرشاوى فيها . يذكر أنه سبق لمفوضية
النزاهة العراقية أن أعلنت تورط وزير الدفاع السابق حازم الشعلان في
قضايا فساد اضافة الى عدد من المسؤولين في حكومة إياد علاوي السابقة.
وفي سياق مشابه اصدر القضاء العراقي مذكرتي اعتقال ضد رئيس (كتلة
التحرير والمصالحة) النائب في الجمعية الوطنية المنحلة مشعان الجبوري
بعد اتهام جنده وجبهته (المفوضية العامة للنزاهة) بسرقة ملايين
الدولارات المخصصة لتوفير الحماية لانابيب النفط وطالب الشرطة الدولية
(الانتربول) باعتقال الجبوري مع ابنه «يزن» بعد فرارهما في البلاد.
وكانت جريدة (الصباح) الصادرة في بغداد نقلا عن (نيويورك تايمز) بأن
الجبوري اناط بشركة يديرها ابنة (يزن) مهمة تجهيز افواج الحماية بمؤن
ومواد غذائية لجنود بأسماء وهمية ينتسبون اليها فضلا عن حصوله على
رواتبهم الشهرية وتحويلها لمنفعة مجاميع الارهاب التي (اوهم) الجميع
بأن افواجه تعمل على مكافحتها وقالت (ان هناك نموذجا جديدا للفساد
المالي في العراق يتم عبره تحويل الموارد النفطية وموارد اخرى الى قوى
الارهاب).
وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجمات المستمرة للمسلحين في العراق
تعرقل عملية إعادة بناء البلاد وستكلف أكثر من 56 مليار دولار. في حين
قال المحقق العام لشؤون إعمار العراق، ستوارت بوين إن تكاليف إعادة
التعمير ستكون أعلى بكثير، لكنه لم يقترح رقما لها. وقال بوين إن
البنية التحتية للعراق متهالكة بشكل أسوأ مما كان متوقعا. وجاءت
تصريحات بوين في الوقت الذي قال فيه مدير مكتب المحاسبة الحكومي
الامريكي إن الهجمات ليست في تناقص.
وقال جوزيف كريستوف في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس
الشيوخ الامريكي إن الارقام التي رفعت عنها السرية مؤخرا تخالف
التصريحات السابقة من قبل مسؤولين أمريكيين وعراقيين قالوا فيها إن
العمليات المسلحة في العراق في انحسار. وأشار تقرير المكتب المحاسبي
إلى أن عدد الهجمات في ديسمبر/كانون الثاني الماضي ارتفعت بنسبة تصل
إلى 25 بالمئة مقارنة بشهر مارس/آذار من عام 2004. وسجل أعلى ارتفاع في
معدل الهجمات مؤخرا في شهر أكتوبر/تشرين الاول الماضي حيث وقع 3000
هجوم في الفترة التي جرى فيها الاستفتاء حول الدستور الجديد. ونسب
التقرير إلى ضابط بارز في الجيش الامريكي قوله إن "مستوى الهجمات يسير
في منحنى صعودا وهبوطا لان الجماعات المسلحة تعيد تسليح نفسها
والمهاجمة مجددا". ورغم أن تواصل الهجمات المسلحة يمثل السبب الرئيس
لارتفاع تكلفة إعمار العراق، فإن بوين قال إن من بين المشكلات الرئيسة
أيضا توفير الطاقة والمحروقات. وتقل كمية النفط والكهرباء التي تنتج في
العراق الان مقارنة بالوضع قبل غزوه بقيادة أمريكيا عام 2003. وقال
بوين إن ذلك سيؤثر على التكاليف المطلوبة من المجتمع الدولي لان البنك
الدولي والولايات المتحدة توقعا أن يتم تمويل نسبة كبيرة من مبلغ الـ
56 مليار دولار المطلوبة بين عامي 2003 و 2007 من عائدات النفط
العراقي.
وفي سياق مشابه اعلنت وزارة العدل الاميركية ان مسؤولا سابقا في
السلطة العراقية الموقتة التي تولت ادارة العراق حتى العام 2004 اعترف
بانه اختلس مع مسؤولين اخرين مليوني دولار مخصصة لاعادة اعمار البلاد.
واعترف الاميركي روبرت ستاين (50 عاما) الذي كان ملاحقا منذ منتصف
تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بتهمة تلقي رشاوى مقابل منح صفقات بذنبه لا
سيما بتهمة تبييض الاموال والفساد امام محكمة فدرالية في واشنطن.
وستاين الذي كان يتولى منصب امين صندوق لدى السلطة الموقتة اعتبارا
من كانون الاول/ديسمبر 2003 اعترف ايضا بانه "اختلس مع مسؤولين اخرين
مليوني دولار من الاموال المخصصة لاعادة اعمار العراق" كما اعلنت وزارة
العدل. واعترف من جهة اخرى بانه تلقى مع مسؤولين اخرين رشاوى تجاوزت
مليون دولار نقدا وعلى شكل سيارات ومجوهرات واغراض قيمة اخرى مقابل منح
عقود لاعادة الاعمار في الحلة بجنوب بغداد. وحسب وزارة العدل فان
عقوبته قد تصل الى السجن 30 عاما.وتم الكشف عن هذه القضية في تشرين
الثاني/نوفمبر بعد اعتقال رجل الاعمال الاميركي فيليب بلوم المكلف ثلاث
شركات تعمل في مجال اعادة الاعمار في العراق واتهامه بدفع مئات الاف
الدولارات الى مسؤولي السلطة الموقتة. وتم اتهام ايضا ضابطين من جنود
الاحتياط. والعقود التي منحت بواسطة ستاين تجاوزت قيمتها ثمانية ملايين
دولار بحسب اعترافاته. وبحسب تقرير رسمي نشر في كانون الثاني/يناير فان
السلطة الموقتة "لم تقم بادارة" اكثر من الفي عقد لاعادة الاعمار تبلغ
قيمتها 88,1 مليون دولار "بشكل صحيح". وقد تهدد حرب على صادرات القمح
بين استراليا والولايات المتحدة بخلاف سياسي بين الدولتين المتحالفتين
بعد مزاعم عن دفع رشا لنظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قدمتها
شركة ايه.دبليو.بي الاسترالية التي تحتكر تصدير القمح. ويشهد التحالف
الامريكي الاسترالي الذي تعزز اثناء غزو لعراق بقيادة الولايات المتحدة
عام 2003 تصدعات وسط خلاف بين أكبر مصدرين للقمح في العالم بشأن العراق
أحد أكبر أسواق الحبوب العالمية. وفي عام 2005 اتهم تحقيق أجرته الامم
المتحدة بشأن برنامج النفط مقابل الغذاء الذي توقف العمل به الشركة
الاسترالية المصدر الرئيسي للمواد الغذائية للعراق في التسعينات بدفع
222 مليون دولار لنظام صدام في اطار البرنامج. وتجري الحكومة
الاسترالية حاليا تحقيقا فيما اذا كانت ايه.دبليو.بي قد خالفت أي
قوانين استرالية في صفقات القمح مع العراق. وكشف التحقيق النقاب عن
وثائق للشركة تظهر انه تمت المبالغة في قيم عقود التصدير بإضافة "رسوم
نقل وخدمة" حصل عليها النظام العراقي. ونشرت وسائل الاعلام الاسترالية
يوم الخميس خطابا من رئيس لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الامريكي تحقق في
برنامج النفط مقابل الغذاء يطلب من سفير استرالي سابق لدى واشنطن تفسير
طلبه من اللجنة في عام 2004 تجاهل تقارير إعلامية عن دفع الشركة
الاسترالية رشا.
وقال نورم كولمان السناتور الجمهوري عن ولاية مينيسوتا في الرسالة
المؤرخة في شهر يناير كانون الثاني "أشعر بانزعاج بالغ من انكارك
الشديد.."
وقالت صحيفة سيدني مورنينج هيرالد إن كولمان بعث ايضا رسالة الى
السفير الاسترالي الحالي دنيس ريتشاردسون قال فيها ان هناك دلائل تشير
الى تواطوء مسؤولين استراليين في انشطة ايه.دبليو.بي. وتسببت الرسالتان
في رد فعل عنيف من جانب رئيس الوزراء جون هاوارد الذي اتهم كولمان
باساءة عرض الحقائق. وقال هاوارد للتلفزيون الاسترالي يوم الجمعة "تزعم
رسالته في الواقع ان دليلا قدم على تورط الحكومة. ذلك خطأ." وأضاف
"دعونا لا نندهش من موقف الامريكيين انهم يحمون بضراوة مصالحهم
المتعلقة بتجارة القمح."
وقال وزير الخارجية الكسندر داونر إن أي تلميح بأن الحكومة
الاسترالية كانت على علم بأي أنشطة غير قانونية لشركة ايه.دبليو.بي
يمثل "تشويها منافيا للعقل." |