تواصل الجدل في لندن حول عدم تصدي الشرطة البريطانية للمتظاهرين
الذين دعوا الى القتل خلال التظاهرات التي جرت الجمعة في لندن احتجاجا
على نشر رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد في صحف اوروبية.
وقال الوزير المكلف شؤون ايرلندا الشمالية بيتر هين لهيئة الاذاعة
البريطانية (بي بي سي) ان هذه الشعارات والتصرفات "غير مقبولة اطلاقا
وغير مسموح بها".
واضاف "على الشرطة ان تتصدى بشكل قوي جدا لهؤلاء الاشخاص (..) لانه
اذا كانت حرية التعبير مقدسة فان التحريض على الارهاب وعلى عمليات
انتحارية تشكل انتهاكا واضحا للقانون".
في المقابل صرح عمر بكري فستق الزعيم السابق لحركة "المهاجرون"
المتطرفة التي حلتها السلطات البريطانية رسميا للبي بي سي من بيروت انه
ينبغي محاكمة واضع الرسوم الكاريكاتورية و"اعدامه" اذا ما ثبتت بحقه
تهمة الاساءة الى النبي محمد.
وقال "ان اي شخص يسيء الى النبي ينبغي معاقبته واعدامه. هذه هي
الشريعة الاسلامية". وتابع الداعية الاسلامي انه اذا لم تتخذ الحكومة
الدنماركية اي اجراء "فسيواجه هذه البلد عواقب اعماله".
ورفعت خلال تظاهرة شارك فيها المئات الجمعة الماضي امام السفارة
الدنماركية في لندن لافتات تدعو الى "قتل الذين يسيئون الى الاسلام"
و"قطع رأس الذين يسيئون الى الاسلام" وتحذر "اوروبا ستدفعين الثمن يوم
11 ايلول/سبتمبر خاص بك آت".
وظهر طالب في الثانية والعشرين من العمر خلال تظاهرة اخرى السبت في
لباس انتحاري وهو يرتدي سترة مماثلة لسترات منفذي العمليات الانتحارية.
ولم يتم اعتقال عمر خيام الذي برر نفسه الاثنين في صحيفة "ذي صن" مؤكدا
ان لباسه "قد يكون بدا استفزازيا بعض الشيء لكن هذا ليس مخالفا للقانون
في هذا البلد".
وكتبت "ذي اندبندنت" الاثنين ان "عدم الرد يعطي انطباعا بان بعض
المواضيع باتت اكثر تفجرا من ان تعالج بتطبيق القانون بصورة طبيعية".
وهو الرأي الذي اجمعت عليه الصحف البريطانية منتقدة سلوك الشرطة
البريطانية التي لم تلاحق احد حتى الان.
وبرر مسؤول في الشرطة البريطانية (اسكتلنديارد) صباح الاثنين متحدثا
للبي بي سي سلوك قوات الامن مؤكدا ان "الشرطيين حريصون بالدرجة الاولى
على الحفاظ على النظام العام".
وانتقدت الصحف البريطانية الاثنين الشرطة والسلطات البريطانية لعدم
تصديها للذين دعوا الى القتل خلال التظاهرات التي جرت الجمعة في لندن
احتجاجا على نشر رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد في صحف اوروبية.
ودعت صحيفة "ذي صن" التي تبيع اكثر من ثلاثة ملايين نسخة قراءها الى
ابلاغها بهوية متظاهرين نشرت صورهم وقد ظهر في صفحتها الاولى شاب يرتدي
ثياب انتحاري اعتبرت انه "كان يجدر اعتقاله على الفور".
وعنونت الصحيفة "تظاهرة الانتحاريين التي تثير اشمئزاز بريطانيا".
وتحت عنوان "اعطوا اسماءهم" نشرت الصحيفة صور متظاهرين يرفعون لافتات
كتب عليها "اقطعوا رأس الذين يسيئون للاسلام" و"اهزأ اليوم تموت غدا"
و"اوروبا ستدفعين الثمن العظماء الاربعة آتون" في اشارة الى العمليات
الانتحارية التي اوقعت 56 قتيلا في لندن في تموز/يوليو الماضي.
وامتنعت الصحف البريطانية جميعها عن اعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية
موضع الخلاف بينما دعا المتظاهرون امام السفارة الدنماركية في لندن
الجمعة الى "قتل الذين يسيئون الى الاسلام" وحذروا اوروبا من انها
ستعرف يوم 11 ايلول/سبتمبر خاصا بها.
وكتبت صحيفة "ذي اندبندنت" اليسارية ان "عدم الرد يعطي انطباعا بان
بعض المواضيع باتت اكثر تفجرا من ان تعالج بتطبيق القانون بصورة طبيعية
وهذا لا يخدم غالبية المسلمين المسالمين".
ورأت صحيفة "ذي غارديان" اليسارية انه "بعد ان فقد الوزراء
العماليون الكثير من التاييد بين الناخبين المسلمين من مصلحتهم الحزبية
الا يقدموا على اعمال يمكن استغلالها للوقوف ضدهم".
لكنها تابعت انه "لا يمكن لاي مجتمع ان يدع التهديدات التي صدرت
خلال مسيرة الجمعة تمر بدون ابداء رد فعل. يجدر توقيفهم وتوجيه تحذير
اليهم ووضعهم قيد المراقبة. وفي حال كان الامر ملائما يجب الا تتردد
السلطات في بدء ملاحقات بحقهم".
واكدت الصحيفة انه "يتم اعتقال عنصريين من البيض وملاحقتهم عن حق
لحملاتهم الداعية الى الحقد. يجب ان يواجه المتطرفون المسلمون بالقسوة
ذاتها عن اعمالهم التي لا تقل شناعة".
وكتبت صحيفة "ديلي تلغراف" اليمينية ان وزير الخارجية جاك سترو
وقائد الشرطة السابق لورد ستيفنز "ابديا استياء لتصوير محمد في
(الصحيفة الدنماركية) يلاندس بوستن اكثر منهما لكون اقلية صغرى في هذا
البلد تبدو مصممة على قتلنا جميعا".
وتحت عنوان "لماذا يعاملنا المتطرفون بازدراء؟" رأت الصحيفة "علينا
القول من باب العدل ان الشرطة اعتقلت شخصين بتهمة الاخلال بالنظام
العام لكنهما لم يكونا من المحتجين المسلمين بل كانا يشاركان في تظاهرة
مضادة وقد تسببا على ما يبدو بمشكلات برفعهما صورا لمحمد".
وفي وقت سابق تظاهر الآلاف امام البرلمان البريطاني لمعارضة تبني
النواب البريطانيين مشروع قانون مكافحة الكراهية الديني الذي يتم
التصويت عليه. وتطمح الحكومة التي تقدمت بمشروع القانون الى وضع
المجموعات الدينية على المرتبة نفسها من المجموعات العرقية فيما يتعلق
بالحماية من الجرائم العرقية.
وقد ادخل مجلس اللوردات البريطاني عدة تعديلات على المشروع الذي
تقدمت به الحكومة الا ان الوزراء لا يزالون يأملون بايجاد صيغة تمثل
حلا وسطا يحظى بتأييد اكثرية النواب، ما قد يسمح بجعل المشروع قانونا.
ويرى معارضو مشروع قانون مكافحة الكراهية الدينية انه وضع بطريقة
شمولية تتعارض مع مبدأ حرية التعبير وتضع لها حدودا جديدة، كما من
الممكن ان يتم من خلاله استهداف الفنانين بطريقة غير عادلة.
وقد صوت مجلس اللوردات باكثرية 149 صوتا العام الماضي على مشروع
قانون يسمح بصون حرية التعبير، ويحرص مشروع القانون هذا على ضمان عدم
ادانة اي كان بتهمة الكراهية الدينية الا اذا ثبت انه يهدف من خلال
اقواله وافعاله على "الدعوة الى الكراهية".
واقترح مجلس اللوردات ان يعاقب القانون "العبارات التي تشكل
تهديدا"، مستثنيا التي تتضمن "اساءة او اهانة". ويحاول بعض السياسيين
البريطانيين والفنانين والكتاب اقناع الحكومة والنواب بقبول التعديلات
التي ادخلها اللوردات على مشروع القانون.
ويعارض حزب المحافظين وحزب الديمقراطيين الاحرار كما بعض النواب من
حزب العمال مشروع القانون.
ويقول النائب العمالي بوب مارشال اندروز ان تأثيرات القانون بصيغته
الحالية "لن تكون على الدين فحسب، بل على الاطر العامة لحرية التعبير".
واشار النائب العمالي الى انه "لا يعلم عدد النواب الذين ينتمون الى
حزبه والذين سيصوتون لصالح القانون"، الا ان "الاوان سيكون قد فات حين
سيصحى هؤلاء"، حسب تعبير مارشال اندروز.
من جهته، اعتبر الناطق باسم حزب الديمقراطيين الاحرار لشؤون حقوق
الانسان ايفان هاريس ان "تصويت البرلمان يوم الثلاثاء هو بمثابة الفرصة
الاخيرة لحماية حرية التعبير". واضاف هاريس ان "حرية الكلام والجدل
والنقد وحتى التهكم، حين تفقد، نادرا ما يعود اعتمادها".
في المقابل، اعتبر وزير الظل لشؤون العدل، المحافظ دومينيك جريف ان
حزبه "سيحاول كل جهده ليعمل مع النواب في البرلمان على ازالة الفقرات
السيئة من مشروع القانون التي اعدته الحكومة". وحسب مشروع القانون الذي
اعدته الحكومة، قد تصل عقوبة خرق القانون الى السجن سبعة اعوام للذين
يحرضون على الحقد العرقي. ويتمتع السيخ واليهود بحماية كاملة يؤمنها
لهم القانون البريطاني لاقراره لهم بصفة "العرق"، بينما المسيحيين
والمسلمين وديانات اخرى لا تحظى بهذه الحماية لانها لا تتمتع بما
يصنفها اعراقا.
من جهة اخرى نظر مجلس اللوردات أعلى سلطة قضائية في بريطانيا يوم
الاثنين في مدى أحقية فتاة مسلمة في إرتداء الزي الإسلامي الكامل في
المدرسة.
وفي العام الماضي حصلت شابينا بيجوم التي كان عمرها 15 عاما في ذلك
الحين على حكم من محكمة الاستئناف ينقض رفض مدرستها السماح لها بارتداء
الجلباب.
وتطعن المدرسة وهي مدرسة دنبي الثانوية في لوتون الى الشمال من لندن
في حكم محكمة الاستئناف الذي قال ان هذا الحظر يمثل انتهاكا لحقوق
الانسان بالنسبة لبيجوم.
وأسعد هذا الحكم الذي صدر في مارس اذار 2005 الجماعات التي تمثل 1.6
مليون مُسلم في بريطانيا وجاء بما يتناقض مع النهج الفرنسي المتشدد في
التعامل مع هذه القضية.
وحظرت فرنسا كل الرموز الدينية في المدارس الحكومية بما في ذلك
الحجاب والقلنسوة اليهودية والصلبان الكبيرة.
وفي سبتمبر أيلول عام 2002 أعادت المدرسة بيجوم الى منزلها وطلبت
منها تغيير زيها بعد أن قررت ارتداء الجلباب.
وذكر محاموها أن رفض المدرسة السماح لها بحضور الدروس مرتدية الزي
الاسلامي يمثل انتهاكا لحقوق الانسان ويصل الى حد الاستبعاد غير
المشروع من المدرسة.
ومن المتوقع أن تستمر الجلسات التي يعقدها مجلس اللوردات أربعة
أيام. |