الاف الفلسطينيين مقيمون بصورة غير مشروعة في موطنهم

تذكر سعاد العامري في كتابها "شارون وحماتي" حصول كلبتها نورة على حقوق مدنية أكثر من صاحبتها لدى تسجيلها كحاملة لهوية القدس بينما قضت سعاد السنوات الاولى من عودتها الى الضفة الغربية دون هوية.

وتذكر العامري في كتابها الذي نشرته دار جرانتا البريطانية عام 2005 عندما سمح جندي اٍسرائيلي ل"نورة" بالدخول إلى القدس هي والسيارة دون سعاد بسبب الهويات. لكنها نجحت باقناعه أنها السائقة ل"نورة" حتى ضحك الجندي وسمح لهما بالمرور.

يعاني أكثر من 54 ألف فلسطيني يقيمون في المناطق الفلسطينية من مشكلة عدم امتلاك أي هوية شخصية العدد الضئيل منهم لم يسجل منذ الولادة والبقية يحملون جنسيات أجنبية و يقيمون بتأشيرات زيارة.

وصارت الهوية تقرر المصير اليومي للفلسطينيين على الحواجز الاسرائيلية المرابطة على مداخل المدن والقرى.

فيحرص من لا يحملون "هوية القدس" التي تعطى للمقيمين في القدس على الابتعاد عن الحواجز خوفا من التعرض للاعتقال أو الطرد إلى خارج المنطقة.

ويقول محمد (25 عاما) من غربي رام الله ان والده نسي تسجيل اسمه بالهوية بعد ولادته في المنزل وبذلك لم يسجل وجوده في أي وثائق رسمية. وترفض الحكومة الاسرائيلية باستمرار اصدار وثائق رسمية ليستطيع محمد ومئات مثله الحصول على هوية شخصية حيث لا يجد محمد أي وثيقة تثبت وجوده فلا يمتلك حتى شهادة ميلاد تدل على أسمه وتاريخه وقوميته.

ويؤكد محمد أنه يحاول اصدار هوية منذ 9 سنوات لكن الحكومة الاسرائيلية ترفض طلباته المتكررة. يجد هؤلاء الافراد أنفسهم أمام مستقبل مغلق فبعد انهاء المدرسة لا يستطيعون التقدم الى الجامعات أو فتح حسابات في البنوك أو حتى تحصيل رخصة للقيادة دون رقم هوية.

ومع وصولهم إلى جيل الشباب لا يستطيعون الزواج أو السفر داخل وخارج المناطق الفلسطينية. ولدى التوجه إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لا يلاقي أمثال محمد من يساعدهم فتعجز وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية عن تسجيل أي فرد دون موافقة الحكومة الاسرائيلية.

ويبقى الحل الوحيد هو تقديم طلبات "جمع الشمل" إلى وزارة الداخلية الاٍسرائيلية وهي عملية يمر بها من لديهم أقارب خارج المناطق الفلسطينية يودون العودة فيقدمون طلبا للحصول على هوية فلسطينية لكن مئات من الفلسطينيين يضطرون تقديمها لاقارب لهم بالداخل مثل محمد.

أما القسم الثاني ممن لا يحملون هويات فترفض إسرائيل تسجيل أكثر من 40 ألف من الفلسطينيين عادوا بجوازات سفر مختلفة الى الضفة الغربية وقطاع غزة خلال السنوات العشر الماضية بعد قيام السلطة الفلسطينية. ويقيم هؤلاء في الضفة وغزة على تأشيرات دخول تمنحها اسرائيل لهم.

ويضطرون للسفر إلى الخارج كل بضعة أشهر لينتظروا قرار اسرائيل بتجديد اشارات الاقامة أو عدمه. أما في حال عدم تجديد الاقامة يواجه هؤلاء تهديد الطرد الى خارج المناطق الفلسطينية لدى عثور الحكومة الاسرائيلية عليهم.

قالت سيدة تعيش ابنتها في رام الله بجواز سفر أمريكي "منذ ولادة ابنتي في أمريكا قبل 6 سنوات نضطر للسفر الى خارج البلاد 4 مرات كل سنة لتجديد تأشيرة الزيارة لها.. أنا أحمل هوية القدس ووالدها من الضفة لذلك يرفضون تسجيلها."

وجدت الام أن الحل الوحيد هو السفر الى الخارج وولدت ابنتها في الولايات المتحدة لتحصل على جواز سفر أمريكي. ومن هناك بدأت رحلة العائلة لتحصيل هوية الطفلة التي ولدت في التاسع من ديسمبر بغرفة رقم 48 وهي صدفة فالتاريخ هو ذكرى انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الاولى ورقم الغرفة هو عام النكبة الفلسطينية في القرن الماضي. وما زالت حتى الان دون هوية فلسطينية.

تواجه مئات من العائلات التي يحمل أحد الزوجين هوية فلسطينية والاخر هوية "القدس" مشكلة تحصيل هويات للابناء فيقومون بتسجيل نصف الابناء بهوية الام والنصف الاخر بهوية الاب.

تفاقمت المشكلة بالسنوات الاخيرة بعد تجميد وزارة الداخلية الاٍسرائيلية لكافة عمليات "جمع الشمل" للفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة الثانية عام 2000. وتلاه اصدار قرار رقم (1813) بقانون القومية والدخول الى اسرائيل في أيار عام 2002 الذي أوقف التعامل الاسرائيلي مع أي من طلبات جمع الشمل أو الاقامة للفلسطينيين.

وقال زياد الحموري المحامي من مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية "تمت اعادة تفعيل عملية جمع الشمل أيلول الماضي لكن باضافة بندين يصعبان العملية أكثر من ذي قبل."

ويفيد البند الاول بأن التقدم لجمع الشمل يسمح فقط للرجال بعمر أعلى من 35 عاما وللنساء أعلى من 25 عاما.

وينص البند الثاني على أن الموافقة على طلب جمع الشمل تتخذ بعد 5 سنوات من موعد التقديم وبتلك الفترة لا يسمح للمقدم التواجد داخل المنطقة. وقال الحموري "سيتعرض حوالي 200 ألف فرد في القدس واسرائيل لخطر سحب الهويات بعد انهاء الجدار الفاصل لان الحكومة الاسرائيلية تقوم بضم مناطق دون ساكنيها وتضع عقبات جديدة أمام مقدمي طلبات جمع الشمل."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء7   /شباط /2006 -8 /محرم الحرام/1427