اللهم اغفر للدانمركيين فإنهم لا يعلمون

حسين ابو سعود

من خلال مطالعة المقالات التي كتبت حول الإساءة للمقام النبوي الشريف نجد التضارب في الآراء واضحا غير أن اصح ما قيل في هذا الشأن هو ان الدانمركيين خاصة وغير المسلمين عامة لم يعرفوا النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم معرفة حقيقية  وما وصل إليهم  مجرد صورة مشوهة لهذا الرجل العظيم، واللوم في ذلك يقع أولا وأخيرا علينا جميعا كدول ومؤسسات  وعلماء وأفراد لتقصيرنا في توصيل الصورة الحقيقية  لنبي الرحمة والسلام إلى العالم، فهم يعرفون الرسول  محمد ( ص) من خلال أتباعه الذين تفرقوا وكانوا شيعا، ومن خلال  الخلاف الدموي بين السنة والشيعة على مر العصور، ومن خلال الملا عمر وأسامة بن لادن والزرقاوي، إنهم يتصورون  بان من قاموا بتفجير قطارات  المترو في لندن وإحراق الكنائس في العراق ومهاجمة المساجد في باكستان وقتل رجال الأمن في السعودية وتفجير الأماكن السياحية في اندونيسيا هم من أتباع محمد وإنهم ينفذون تعاليمه من خلال هذه الممارسات، وهم يتصورون بان محمدا هو  نبي لأمة مشتتة يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا.

انها المظلومية الكبرى لأعظم شخصية ظهرت في التاريخ، يدعو الى المحبة  فندعو الى الكراهية ويدعو الى الوحدة  وندعو الى التفرق والتشتت، ويدعو الى المجادلة  الحسنة فندعو الى تكفير المخالفين وإباحة قتلهم وسلبهم، ونحن كأمة  أول من ظلم محمدا بالارتداد على الأعقاب وقتلنا الخليفة الثاني والثالث والرابع والحسن والحسين وممارستنا القتل في العهد الأموي والعباسي ومازلنا  نقتل بعضنا في بلداننا وما يحدث في العراق نموذج حي على ظلمنا لأنفسنا ولشريعتنا ولصاحب الشريعة، فهذه بلداننا تزخر بكل ما يؤذي محمدا ( ص) فهذه موجات الفساد والخلاعة والسفور والقمار والربا والخمور تنبئ بأننا لاننتمي الى محمد الطهر والنقاء والفضيلة، نحن أول من أسأنا الى محمد (ص) بالكذب عليه ووضع الأحاديث عنه و هذه كتبنا تزخر بالموضوعات والضعيف من الأحاديث والروايات، فنحن لم نُرض الرسول ولم نتمسك بشريعته، فهل أمرنا الرسول بالتشتت والانقسام الى مئات الفرق والملل والنحل ؟

وهل أمرنا الرسول باستهداف المدنيين العزل والأبرياء  دون تفريق بين الرجال والنساء والأطفال من خلال عمليات التفخيخ والتفجير؟

هل أمرنا الرسول (ص)باختطاف الصحفيات الأجنبيات أو العاملات في الهيئات الخيرية العاملة في المناطق المنكوبة ؟

فلماذا لا نرفع الصوت عاليا باستخدام جميع وسائل الإعلام من فضائيات وصحف وسفارات بالبراءة من مرتكبي هذه الفظاعات واطلاع العالم على حقيقة الرسول محمد(ص) ونشر سيرته العطرة بلغات العالم المختلفة والتركيز على جوانب الرحمة  في شخصيته المباركة، ونُعلم العالم بأننا   لسنا ضد الكنائس لأننا لا نفرق بين احد من رسل الله ونؤمن بجميع كتبه ورسالاته.

وعلى أي حال فان رد فعل الأمة الإسلامية يبشر بخير، وقد وصلت الرسالة الى الذين أساءوا الى المقام النبوي الشريف والى كل من تسول نفسه في تكرار الإساءة في المستقبل وكم كنا نتمنى لو كانت الاحتجاجات سلمية بعيدة عن العنف المتصنع، خاصة وان الحملة  على الأنبياء والصالحين ليست جديدة ولن تكون الأخيرة وستظهر الأصوات النشاز ما بقي الليل والنهار لتنال من الأنبياء الأخيار.

وبعد هذا الدرس القاسي على الدول التي فيها مساحة واسعة من الحرية ان تفرض بعض القيود على الحريات التي تستهدف حريات الآخرين وتمنع الإساءة الى الرموز المقدسة لاسيما ان هذه الإساءات قد تحقق مكاسب فردية لمرتكبيها إلا أنها تسبب أضرارا بالغة تنتشر كما النار في الهشيم، وإلا ما ذنب أصحاب مصانع الألبان والاجبان لكي تتضرر تجارتهم بإساءة يرتكبها صحفي مغمور يبحث عن الشهرة الرخيصة، ويمكن لهذه الدول الاستفادة من الخبرة البريطانية في هذا المجال حيث نجحت الى حد كبير في ترسيخ احترام العقائد لدى مواطنيها والمقيمين على أراضيها .

وارى بان هذه الضارة يمكن ان تكون نافعة لو انبرى علماء المسلمين في مكة وقم والنجف والقاهرة ومسقط وصنعاء لدراسة  ما حدث والاستفادة منها من خلال تشكيل مجلس أعلى لعلماء المسلمين من  جميع المذاهب الإسلامية وعقد اجتماعات منتظمة لتقديم الصورة الحقيقية للإسلام الى العالم

فيا أيها العالم:

اعلموا أن محمدا يعني المحبة والمحبة والمحبة،

وان محمدا يعني الرحمة والرحمة والرحمة .

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء7   /شباط /2006 -8 /محرم الحرام/1427