تشومسكي يرى بأن الحرب على الارهاب ادت الى تجديد الحرب الباردة

يحظى المفكر الامريكي نعوم تشومسكي في العالم العربي بمكانة بارزة ليس لانه من أشهر المعادين للسياسة الخارجية لكل من بلاده وإسرائيل وانما لكونه ضميرا حيا في عصر يرى كثيرون أنه يفتقد الى شجاعة الباحث المستقل.

تشومسكي القادم من علم اللغة حيث تخصصه الدقيق هو النحو التوليدي حدد في مواقف كثيرة المكان اللائق بالمفكر القادر على طرح أسئلة حتى في أحرج المواقف حتى أنه دعا الى فهم الاسباب التي أدت الى هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 قبل هدوء الغبار الناتج عن انهيار برجي مركز التجارة العالمي.

كما لايزال يواصل انتقاداته لسياسة الرئيس الامريكي جورج بوش في العراق منذ شنت الولايات المتحدة حربا في مارس آذار 2003 بحجة اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين واحتلت البلاد في التاسع من ابريل نيسان من العام نفسه.

وجمعت المترجمة المصرية لبنى حسن صبري بعض مقالات تشومسكي (78 عاما) من موقعه على الانترنت في كتاب عنوانه (في تفسير مذهب بوش ومقالات أخرى) صدرت ترجمته العربية عن المجلس الاعلى للثقافة بمصر في 190 صفحة من القطع الكبير.

ويرى تشومسكي أن الحرب على ما تطلق عليه أمريكا مصطلح الارهاب أدت الى آثار منها "تجديد الحرب الباردة في ظل وجود قوى نووية أكثر من التي كانت موجودة في أي وقت مضى ومع تزايد المناطق القابلة للاشتعال في مختلف أرجاء العالم."

وسخر من الذرائع التي واصلت واشنطن إعلانها لتبرير غزو العراق مشيرا إلى أن "السبب الواضح لغزو العراق مازال يجري تجنب إعلانه بشكل فج وهو اقامة أول قاعدة عسكرية أمريكية آمنة في دولة عميلة في قلب أكبر مصدر للطاقة في العالم."

وقال إن الحرب على العراق "أثارت عمليات ارهابية في مختلف أرجاء العالم... أصبح العراق نفسه ملاذا آمنا للارهاب لاول مرة وشهد أول هجمات انتحارية في تاريخه منذ عمليات القتل التي كانت تقوم بها طائفة الحشاشين في القرن الثالث عشر.

"يمكننا أن نساعد طليعة الارهابيين باستخدام العنف... أعمال العنف تثير ردود فعل عنيفة تهدد بكارثة."

وقال إن الرؤساء عادة يكون لهم مذاهب "لكن بوش الثاني هو أول رئيس له رؤى كذلك. والاقوى بين هذه الرؤى والتي يتم تضخيمها بعد التخلي عن جميع الذرائع التي سيقت لغزو العراق هي رؤية إقرار الديمقراطية في العراق والشرق الاوسط. وبحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 اعتبرت هذه الرؤية هي الدافع الحقيقي للحرب."

وأضاف أنه يتعين أن "نفترض أن قادتنا كاذبون بارعون فقد اختاروا أثناء تعبئتهم البلاد للحرب أن يعلنوا أسبابا مختلفة تماما. والسلامة العقلية وحدها تقتضي التشكيك فيما يوردونه ليحل محل الذرائع التي انهارت."

ولم ينس تشومسكي أن يذكر القارئ بأن بلاده كانت منذ فترة طويلة "مأوى لمجموعة من المارقين الذين تؤهلهم أعمالهم لوصف إرهابيين ويتعارض وجودهم مع المبادئ الامريكية المعلنة... في عام 1989 أصدر الرئيس (جورج) بوش الاول عفوا عن أورلاندو بوش أحد أخطر الارهابيين المناهضين (لسياسة الرئيس الكوبي فيدل) كاسترو والمتهم بتدبير تفجير طائرة كوبية في عام 1976. الاشخاص الذين يعتبرهم مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل إرهابيين خطرين يعيشون أحرارا في الولايات المتحدة ومستمرين في التامر وتنفيذ الجرائم."

ويضم الكتاب مجموعة مقالات متفرقة لكنها تصب في مجرى واحد. وتعمدت المترجمة لبنى حسن صبري أن تسجل تاريخ كتابتها حتى لا يظن القارئ أن تشومسكي يدعي الحكمة بأثر رجعي.

ففي مقال بتاريخ 12 سبتمبر 2001 وهو اليوم التالي للهجمات قال تشومسكي انها عمل وحشي "لكنه لا يرقى من حيث عدد الضحايا لمستوى العديد من الاعمال الوحشية الاخرى مثل قصف الرئيس الامريكي (السابق) بيل كلينتون للسودان دون حجة يعتد بها وتدمير نصف امداداته من الادوية وربما قتل عشرات الالوف."

وفي استعراضه لمفهوم الارهاب وتطبيقاته قال إن "الطغاة العسكريين في أمريكا الجنوبية قادوا عهدا من الارهاب بمساندة أمريكية."

وقال إن "أسوأ عمل وحشي منفرد هو الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 الذي سقط فيه نحو 20 ألف قتيل ودمرت أغلب أرجاء البلاد بما فيها بيروت. ومثل الغزوين الوحشيين المدمرين للثنائي (رئيس الوزراء الراحل اسحق) رابين و/رئيس الوزراء الاسبق شمعون/ بيريس في عامي 1993 و1996 لم يكن غزو عام 1982 ينطوي على الدفاع عن النفس. وصاغ رئيس الاركان رفائيل ايتان بشكل عابر موقفا مشتركا عندما أعلن أن الهدف هو القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية كشريك مرشح للمفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن أرض إسرائيل. وهو استعراض حرفي للارهاب كما يعرف رسميا."

كما استعرض تشومسكي عمليات استهدفت بها إسرائيل دولا عربيا قائلا إن الولايات المتحدة شاركت فيها بشكل مباشر ومنها ما جرى في عام 1985 الذي اعتبره عام ذروة الوحشية والتطرف وفيه فجرت وكالة المخابرات المركزية الامريكية سيارة ملغومة في بيروت وأدت الى مصرع 80 وجرح 205 وقصف بيريس لتونس "الذي أسقط 75 قتيلا والذي عجلت به الولايات المتحدة وأشاد به وزير الخارجية (الامريكي الاسبق جورج) شولتز وأدانه مجلس الامن الدولي بالاجماع باعتباره عدوانا مسلحا."

ولتشومسكي دراسات حول الشرق الاوسط منها (السلام في الشرق الاوسط) و(إرهاب القراصنة وإرهاب الاباطرة قديما وحديثا) و(الثالوث الخطر.. الولايات المتحدة-اسرائيل والفلسطينيون) و(11 سبتمبر).

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنین 6  /شباط /2006 - 7/محرم الحرام/1427