يتمسك بعض الاوربيين بحرية التعبير ويعتبرونها من مقدسات علمانيتهم،
بينما يرى آخرون ومنهم المسلمون ان الحرية لها حدود ولايجوز انتهاك
المقدسات باسم حرية التعبير.
يقول الخبير الديني الكاثوليكي بيار ايمونيه ان نشر الرسوم الساخرة
من الرسول الكريم يشكل "فضيحة" مشددا على ان "حرية التعبير لا تمنح
الاعلام عمل ما بدا له".
واضاف ان "حرية التعبير يجب الا تكون مسألة مطلقة انما يجب ان تحترم
حقوق الانسان وتأتي المعتقدات الدينية ضمن هذه الحقوق مؤكدا ان على
الدول ان تمنع مثل هذه الامورالتي تثير الرأى العام".
واكد المفكر الاسلامي السويسري زيدان ميريبوت ان "اكثر المسلمين
تحررا لديهم احترام كامل للنبي صلى الله عيله و سلم وعليه فان كل
المسلمين يشعرون بالاساءة الى الاسلام من نشر هذه الصور".
ونشرت صحيفة (لو ماتان) تصريحات للمفكر الاسلامي طارق رمضان الذي
طالب بالاحتكام الى الحكمة في مثل هذه القضايا التي تلهب مشاعر
المسلمين.
واضاف ان مثل هذه الصور الكاريكاتيرية تعطي انطباعا للعالم الاسلامي
بان الغرب يبيح كل شئ فيما يتعلق بالاسلام وان هذا الامر يشكل اساءة
مؤكدة لكل المسلمين.
وندد كردينال في الفاتيكان يوم الجمعة بالرسوم الكاريكاتورية التي
نشرتها صحف اوروبية للنبي محمد قائلا ان السخرية التي تجرح مشاعر
الجماعات واقدس رموزها مسيئة.
واضاف الكردينال اشيلي سيلفستريني وهو دبلوماسي متقاعد في الفاتيكان
كانت له تعاملات كثيرة مع الدول العربية لصحيفة ايطالية انه يتعين على
الثقافة الغربية ان تعرف حدودها.
واضاف ان "الحرية فضيلة عظيمة لكن يتعين ان تتسم بالمشاركة والا
تكون احادية الجانب."
ومضى يقول لصحيفة كورييري ديلا سيرا ان "حرية السخرية التي تؤذي
مشاعر الاخرين تصبح اساءة ونحن لا نتحدث هنا عن شيء اقل من مشاعر شعوب
بالكامل رات رموزها العليا (يتم التعرض لها)."
وقال سيلفستريني انه ليس للمجتمع العلماني عذر في الاساءة للرموز
الدينية او الرب.
واضاف "يمكن للفرد ان يتفهم السخرية من كاهن ولكن ليس من الرب.
وعندما يتعلق الامر بالاسلام يمكن للفرد ان يتفهم السخرية من عادات
وسلوك ولكن ليس من القران أو الله او النبي."
وقال سكرتير عام الامم المتحدة كوفي عنان ان حرية الصحافة "لا يجب
ان تعبر الخط الاحمر الذي يفضي الى عدم الاحترام" وذلك في اطار اهتمامه
بالجدال الساخط الذي اثاره نشر احدى الصحف الدنماركية رسومات
كاريكاتورية مسيئة للغاية بحق شخص الرسول الكريم (ص) ولمشاعر المسلمين
ومقدساتهم.
وقال بيان صحافي اصدره المكتب الاعلامي للسكرتارية ان عنان "يؤمن
بضرورة ممارسة حرية الصحافة دائما بطريقة تحترم بالكامل المعتقدات
الدينية ومعتقدات كافة الاديان".
واضاف البيان ان عنان يؤمن كذلك "باهمية تجاوز سوء الفهم والعداوات
بين شعوب مختلف المعتقدات والتقاليد الثقافية عبر الحوار السلمي
والاحترام المتبادل".
وتتصاعد مشاعر ساخطة تعم العالم الاسلامي بعد ان تجاوزت الصحيفة
الدنماريكية المعنية بكثير ذلك الخط الاحمر الذي تحدث عنه عنان واساءت
للغاية لمعتقدات المسلمين وسط جدال لا تزال تتدعياته تتصاعد.
وقالت صحيفة التايمز انه "لا يمكن لاتباع دين يعتبر نشر صور للنبي
نوعا من الوثنية ان يقرروا فرض الامر نفسه على أي شخص آخر وفي كل
الظروف".
واضافت الصحيفة "ان ربط النبي بتفجيرات انتحارية يزعم انها ترتكب
باسمه هو دعوة لاثارة الفتنة". وتابعت التايمز انها "كانت ستتحفظ على
نشر رسم للمسيح مرتديا زيا نازيا لان اتباع هتلر ارتكبوا جرائم بشعة
باسم المسيحية".
وتقول صحيفة الاندبندنت "لا شك في ان الصحف يجب ان يكون لها حق نشر
الرسوم التي يراها بعض الناس مستفزة، وفي المجتمعات الحرة من الطبيعي
ان تكون حرية الحديث وغيرها من انواع التعبير مصانة".
وتضيف الصحيفة "لكن من المهم التمييز بين امتلاك الحق واستخدامه، اذ
ان رئيس تحرير صحيفة فرانسوا سوار كان لديه الحق في اعادة نشر الرسوم
التي تسيء الى النبي محمد والتي سبق ان اثارت جدلا في الصحف
الدنماركية". لكن من خلال قيامه بذلك، ، فانه "كان يرمي الوقود على
لهيب نيران يظهر بوضوح انها تتحول الى حريق دولي".
وتقول الفايننشال تايمز" ان مسألة الرسوم المسيئة للنبي تحولت الى
خلاف دولي اثار اخطر نزاع ثقافي مع العالم الاسلامي منذ قضية سلمان
رشدي.
وقالت الصحيفة تحت "اللعب بالنار" ان حرية الحديث هي احدى اهم
الحريات في المجتمعات الغربية، لكن هذه الحرية، ليست مطلقة "فلا يحق
مثلا لشخص ما ان يصرخ "حريق" وسط مسرح مزدحم".
وقالت صحيفة "الديلي تلجراف" ان "حرية جرح المشاعر في اطار القانون
تمثل ركنا اساسيا من اركان حرية التعبير، والمسلمون الذين اختاروا ان
يعيشوا في الغرب يجب ان يتقبلوا ان لدينا الحق في التعبير عن قيمنا".
وتضيف "المسلمون يجب ان يقبلوا الاعراف السائدة في الثقافة التي
تبنوها ومعظمهم يفعل ذلك، اما المسلمين الذين لا يمكنهم ان يتسامحوا مع
النقاش المفتوح والمحموم في الغرب فانهم ربما لم يحسنوا اختيار الثقافة
التي يعيشون فيها".
بدوره اعلن الفاتيكان في اول تعليق على الجدل الذي اثاره نشر رسوم
كاريكاتورية للنبي محمد ان الحق في حرية التعبير لا يشمل الحق في
"اهانة" المعتقدات الدينية داعيا الى توفير جو من الاحترام المتبادل.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان جواكين نافارو-فالس في بيان ان
"التعايش بين البشر يتطلب جوا من الاحترام المتبادل من اجل تشجيع
السلام بين الانسان والدول". لكنه اضاف ان حرية التعبير لا تعني "الحق
في اهانة المشاعر الدينية للمؤمنين".
وهذا اول رد فعل للفاتيكان على الازمة التي خلفها نشر رسوم
كاريكاتورية تظهر النبي محمد في عدد من الصحف الاوروبية ما اثار ردود
فعل غاضبة في العالم الاسلامي. |