كيف قرأت الصحافة الغربية صعود حماس الى السلطة.. العنف والفساد وراء فوزها

 هذه بعض مارحته الصحافة الغربية من آراء حول انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية.

فقد قالت الـ فايننشال تايمز

اذا كان الانتصار المذهل، الذي حققته حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية الاخيرة، قد عقّد عملية البحث عن حل سلمي للصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي الا انه يشكل في نفس الوقت تحديا سياسيا اكبر يتمثل في التساؤل التالي: كيف يمكن التعامل مع موجة المد الاسلامي التي توشك ان تجتاح الشرق الاوسط والعالم الاسلامي؟

من الواضح، وعلى عكس الاعتقاد الشائع المستمر منذ العقد الماضي، ان للصحوة الاسلامية جذورا عميقة في المنطقة، ولقد تبين في الفترة الاخيرة ان السياسة الغربية في العراق وازاء اسرائيل او التي تدعم الحكام الطغاة الفاسدين الذين ينكرون حقوق شعوبهم، هي التي ساعدت الاسلاميين في بروزهم سياسيا.

وما فوز حماس الساحق في الانتخابات الاخيرة الا احدث مثال على ذلك.

وقالت صحيفة الصنداي تايمز: ان الكثير من الدلائل تشير الى ان حماس "قد تغيرت بشكل ايجابي"،فمن جهة فوزهم في الانتخابات يشير الى تحولهم الى الاتجاه السياسي، ومن جهة ثانية لا زالوا ملتزمين بالهدنة غير الرسمية مع اسرائيل وهم يعرضون وقفا لاطلاق النار كمدخل الى عملية سلمية قد تؤدي الى انهاء النزاع.

"لا تلوموا بوش"

وحاول كون كوجلين الكاتب  في صحيفة الصنداي تلغراف حل لغز فوز حماس في الانتخابات التشريعية بقوله: ان الكثير من التحليلات تلقي باللوم على الرئيس بوش لانه "خذل" السلطة الفلسطينية العلمانية مما أدى الى تقوية شوكة حماس. معتقدا ان الرئيس الراحل ياسر عرفات يتحمل المسؤولية في صعود حماس. حيث الوضع الاقتصادي السيء للفلسطينيين بالرغم من ملايين الدولارات التي تتدفق على السلطة الوطنية الفلسطينية. بالاضافة الى عجز عرفات عن التوصل الى اتفاقية سلام مع اسرائيل ، واستمرار معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، كسبب اخر لصعود نجم حماس.

وقالت صحيفة الأوبزرفر  في تقرير من بيتر بومونت مراسل الصحيفة في رام الله: انه سيترتب على حماس اختيار الوجه الذي ستظهر به على الملأ: هل تركز على صور الملثمين ومطلقي صواريخ القسام، ام الادارييين الاكفاء الذي نالوا اعجاب الفلسطينيين.

ويقول الكاتب ان كلا الوجهين كان حاضرا في نابلس يوم الانتخابات، حيث جلس بعص الشخصيات المهذبة أمام صناديق الاقتراع في مخيم بلاطة يوجهون الناخبين بأدب، ولكن كانت وراءهم ملصقات عليها صور المقاتلين.

وقد بدا هذا التناقض واضحا في زيارة الى مكتب رئيس بلدية نابلس عدلي رفعت يعيش، فبرغم الشخصية الجذابة والانجليزية السليمة، واشارته الى ان له اصدقاء بين الاسرائيليين، الا ان الحقيقة ان يعيش وصل الى رئاسة البلدية بدعم من حماس، وهو كان ينسق مع الاسرائيليين كرئيس للبلدية لتسيير الأمور اليومية لسكان مدينة نابلس، وهو لا يرى مانعا من أن تقوم حماس بنفس الشيء لتصريف شؤؤون المواطنين.

وتعتبر صراحة يعيش استثنائية من حيث اعترافه من انه لا مفر من أن تقوم حماس بالتنسيق مع السلطات الاسرائيلية لتسيير شؤون المواطنين الفلسطينيين، وهذه قضية يتجنب الخوض فيها العديدون من قادة حماس.

وقالت الصحيفة ان هناك اشادة بالانتخابات الفلسطينية، من حيث انها جرت بشكل ديموقراطي وسلمي، وفي نفس الوقت ان حماس انتخبت من خلال عملية ديموقراطية بينما هي "منظمة ارهابية".

ويتفهم كاتب التعليق صدمة الولايات المتحدة من أن تكون الديموقراطية التي شجعتها وتغنت بها قد أتت بمن لا ترغب الولايات المتحدة برؤيتهم في السلطة، واشتراطها على حماس "نبذ الارهاب" كشرط للتعامل معها.

ويختم الكاتب تعليقه بالقول: "لقد كسب وعد بحياة أفضل قلوب وعقول شعب محتل".

فوز حماس يعد بأوقات مضطربة في الشرق الأوسط"

وقالت الصحيفة النمساوية الليبرالية ستاندارد: إن  السلطة الوطنية الفلسطينية الفاسدة وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي لا يكف عن ضخ الأموال إلى رام الله دون تحديد مسبق لمعالم وخصائص الحكومة الجيدة هما المذنبان في فوز الحركة الإسلامية بالانتخابات. ولا تستثني الصحيفة الحكومة الإسرائيلية من تحمُل المسؤولية، قائلة إنها (إسرائيل) قدمت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية الثمانينيات الدعم لـ "حماس" ولهذا فإنها تتحمل أيضا جزء من مسؤولية فوزها بالانتخابات.

وقالت الإسبانبة اليومية "إل باييز: إن فوز "حماس" الذي يَعد بأوقات مضطربة في الشرق الأوسط "استُقبل بفرحة وتصفيق في جميع أرجاء العالم الإسلامي من إندونيسيا إلى المغرب،" مضيفة أن المسرح السياسي الإسرائيلي فقد بدخول شارون المستشفى أحد شخصياته المهمة وبفوز "حماس" جاء "لاعب" مهم آخر إلى الساحة ، الأمر الذي سيجعل الأمور تزداد تعقيدا.  

اما الصحيفة الألمانية اليسارية "تاغس تسايتونغ" (تاتس Taz) فقد علقت على الانتخابات الفلسطينية بالقول:  " لقد كانت الانتخابات الفلسطينية الأعدل والأكثر ديموقراطية من بين الانتخابات التي أجريت في العالم العربي حتى الآن. ومن حق الفلسطينيين الآن أن يقولوا  إن إسرائيل لم تعد الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وهذه الانتخابات نجاح لا مثيل له لبلد محتل ومصدوم. لكن مع هذا فحماس ليست القاعدة بل على العكس فحماس هي المنظمة التي يمكن توقع أفعالها من بين كافة المنظمات الإسلاموية، كما أنها أكثرهن تلائما مع الأحداث، وإذا أرادت حماس أن تكون ذات قدرة سياسية دولية فعليها الآن أن تبين هذا بالأفعال لا بالأقوال. "

من جانبها، تقول الصحيفة البلجيكية "دي مورغن" (De Morgen) إنه عندما تتشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة، فإن "الأقنعة ستسقط وليس فقط بخصوص العلاقة مع إسرائيل، بل أيضا بخصوص التغييرات التي ستشهدها حياة الفلسطينيين وكل ما يحيط بها، إذ أن "حماس" تريد تأسيس دولة إسلامية ستكون فيها الشريعة الإسلامية لها الكلمة الأولى والأخيرة."

وقالت اليومية الباريسية "لي فيغارو" (Le Figaro) بأن الولايات المتحدة "لا تريد التعامل مع منظمة تعتبرها إرهابية مثل "حماس". وتتهكم الصحيفة على هذا القرار بالقول "شيء جيد"، متسائلة، "ربما كان على الإدارة الأمريكية أن تضع شروطا لمشاركة الإسلاميين في الانتخابات، ولكن الأوان فات الآن."

أما  الألمانية " دير تاغس شبيغل" ( (Tagesspiege فقد قالت:" لقد كانت أيضا منظمة التحرير الفلسطينية في يوم من الأيام منظمة إرهابية، لكن الوصول إلى السلطة يحدث تغييرا ويقوي الإحساس بالواقع. و نتائج الانتخابات يجب أن تقبل بل وأن تحترم. قبول لا يعني تأييدا كما يجب إفهام حماس بشكل واضح ومحدد ما هي شروط العمل المشترك. ومن لا يعد بالتخلي عن أعمال العنف ضد المدنيين، يضيع حق الحصول على مساعدات مالية تقدر بالملايين من الاتحاد الأوروبي."

وتبدو الصحيفة اللندنية "تايمز" (Times) قلقة أيضا مما سيحمله المستقبل لمنطقة الشرق الأوسط، متسائلة كيف سيتصرف العالم الآن؟ الدول العربية تقول إن حماس ستعتدل الآن ويجب على الجميع أن يعاملها كبقية الأحزاب التي تفوز بالانتخابات. أما الغرب ـ تضيف الصحيفة ـ الذي يحاول نشر الديمقراطية في المنطقة، فإنه سيضطر لقبول نتيجة الانتخابات رغم أنه لا يستحسنها، ولكن بشرط ألا تبقى "حماس" تمارس الإرهاب وفي الوقت ذاته السياسة، على رأي وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس.

أما اليومية الإيطالية "كوريير دي لا سيرا" فإنها تتوقع أن يقع الأوروبيون في مأزق مُتفاقم، قائلة إنه "لا يمكن الآن تجاهل حماس كقوة سياسية، ولكن يجب عليهم ألا يتعاملوا مع الحركة وفقا للسياسة الأوروبية الدبلوماسية التقليدية "قدم ولا تطالب"، بل يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل مع حماس بحزم ولا يتسامح مع ممارسات الكراهية والعنف والإرهاب."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 1  /شباط /2006 - 2/محرم الحرام/1427