ضياع أموال اعمار العراق بين الفساد والمقامرة الامريكية

يرى المراقبون ان البنية التحتية العراقية لا تزال غير موثوقة، وفي هذا الصدد، كشف تقرير أمريكي عن أن مبالغ كبيرة من الاموال التي خصصت لعمليات إعادة الاعمار في العراق تم تكديسها في أدراج وخزائن، وصرف بعضها دون إيصالات والمقامرة ببعضها. ورسم التقرير المحاسبي، الذي أعده محققون عينهم الجانب الامريكي، صورة لكيفية إهدار ملايين الدولارات بإساءة استخدامها وتخصيصها.

وأدى غياب الاشراف في إحدى الحالات إلى نتائج مأساوية، عندما تحطم مصعد أحد المستشفيات بعد أن كان يفترض إصلاحه، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.

وقال التقرير إن التخطيط الامريكي لما بعد الحرب كانت تقيده رغبة في السرية.  وأوضح التقرير، الذي أعده المحقق العام المسؤول عن ملف تعمير العراق، أنه لم يكن هناك إعداد تفصيلي ومعلن حول إعادة إعمار العراق قبيل الغزو عام 2003 من أجل" تجنب ترسيخ الانطباع بأن الولايات المتحدة قررت بالفعل التدخل" العسكري في البلاد.

ورغم ذلك فإن الولايات المتحدة خصصت مليارات الدولارات لاعادة تعمير العراق، وتم توفير مبالغ كبيرة من خلال بيع النفط العراقي.  وقال التقرير إن مبالغ كبيرة قد صرفت دون أي إجراءات محاسبية. وكشف المحققون عن أن أحد المسؤولين احتفظ بمبلغ مليوني دولار في خزينة بالحمام، فيما يزعم أن آخر قام بسرقة 100 ألف دولار من مخبأ غير آمن لاحد زملائه لتسوية سجله المالي. وقد تم تسليم أموال لتنفق على مشروعات دون كتابة أي عقود رسمية أو إشراف على الاعمال التي يتم تنفيذها، بحسب التقرير.

وأشار التقرير إلى وجود أخطاء أو مخالفات في أكثر من 2000 عقد خاصة بمشروعات إعادة التعمير. وبمقتضى أحد هذه العقود حصل مقاول على 100 ألف دولار لتجديد مسبح أوليمبي. وقد تحقق الامريكيون من إنجاز العمل بشكل كامل، لكن تبين في وقت لاحق أن المقاول قام فقط بتلميع المنشأة التي عثر على أنها تحتوي عيوبا. ولم يستخدم حوض السباحة منذ ذلك الوقت. وقيل إن أحد المساعدين العسكريين الامريكيين خسر حوالي 60 ألف دولار في المقامرة خلال مرافقته الفريق الاولمبي العراقي إلى الفلبين.

وكانت نتائج سابقة توصل إليها فريق التحقيق ذاته قد أسفرت عن توجيه تهم بالفساد لاربعة أمريكيين.

وكان مدير مكتب ادارة اعادة اعمار العراق (ارمو) ومدير الادارة الاستراتيجية والشؤون الاقتصادية في السفارة الامريكية دانيال سبكهارد قد اعلن سابقا ان عملية اعادة اعمار العراق مرتبطة بالوضع الانتقالي الذي يشهده هذا البلد.

وقال سبكهارد في مؤتمر صحفي تناول موضوع اعادة الاعمار ان الولايات المتحدة وشركائها في التحالف يدعمون العراق في هذه الفترة الانتقالية لبناء المؤسسات الديمقراطية وتعزيز احترام القانون وتنمية الاقتصاد وتوفير الخدمات اللازمة للشعب العراقي.

واكد ان عملية اعادة الاعمار مستمرة معربا عن اعتقاده بان يكون للدول المانحة الاخرى دور كبير في دعم اعادة اعمار العراق موضحا بان صندوق النقد الدولي وافق على اعطاء قرض بقيمة 680 مليون دولار للعراق لتنفيذ اصلاحات اقتصادية.

واشار سبكهارد الى ان البنك الدولي وافق مؤخرا على اول قرض له للعراق منذ اكثر من 30 سنة مضيفا انه يجب الاعتراف بوجود تحديات كبيرة لا تزال امام الجميع وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لضمان تحقيق النمو الاقتصادي والازدهار.

واوضح ان الولايات المتحدة انفقت حتى الان 7ر17 مليار دولار من اصل 21 مليار دولار خصصها الكونغرس الامريكي للعراق مشيرا الى ان هذه الاموال استخدمت في تدريب وحدات الشرطة والامن العراقي والمساعدة في دعم المؤسسات الحكومية وتدريب المدرسين واعادة فتح المدارس وتقوية الجهاز القضائي واعادة تأهيل البنى التحتية والصناعة النفطية.

بدورها قالت صحيفة نيويورك تايمز ان الجهود الامريكية لاعادة اعمار العراق بتكلفة 25 مليار دولار أعاقها منذ البداية نقص عدد الموظفين المطلوبين والافتقار للخبرة الفنية والخلافات الداخلية البيروقراطية واحاطة المشروعات بالسرية وارتفاع النفقات الامنية.

وهكذا ضاعت أموال تعمير العراق مابين المقامرين الامريكيين واللصوص من العراقيين الذين لم يفكروا قط إلاّ بأنفسهم.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 30  /كانون الثاني/2006 - 29/ذي الحجة/1426