حماس تحتفل والمعارضون انها سوف تحاول تطبق الشريعة

تعانق انصار حماس في الشوارع واطلقوا الاعيرة النارية في الهواء ووزعوا الحلوى يوم الخميس مع احتفالهم بالفوز في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

وبالنسبة لاعضاء حركة فتح التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان لخبر الهزيمة وقع الصاعقة وقابلوه بحالة من عدم التصديق والخوف.

وفي الضفة الغربية قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ان حياة الفلسطينيين لن تعود الى ما هي عليه فقد استيقظوا يوم الخميس ليجدوا لون السماء مختلفا.

وفي قطاع غزة معقل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تستهدف تدمير اسرائيل تدفق الالاف من انصار حماس للشوارع احتفالا بالنتيجة.

وصاح احد انصار حماس مطلا من نافذة سيارة "ينبغي ان يكون محمد ضيف وزير دفاعنا." في اشارة الى الزعيم العسكري لحماس وهو الاول على قائمة المطلوبين الاسرائيلية.

ولوح النشطاء باعلام حماس. وقال بعضهم وهم يتعانقون "مبروك.. والنصر للاسلام."

وقال صالح أحمد (18 عاما) "جاء دورنا لتولي القيادة الان.. ان الذي ضحوا بدمائهم للدفاع عن شعبهم سيبذلون قصارى جهدهم لخدمتهم."

وفي شتى انحاء الاراضي الفلسطينية قال انصار حماس وخصومها ان فتح هي التي جلبت الهزيمة لنفسها.

وقال أحمد عيسى المقيم في مخيم قلندية بالضفة الغربية "السلطة لم تلب احتياجات الشعب ولذا كان لزاما ان تسقط."

وقال موسى وهو رجل أعمال من بيت لحم ان السلطة الفلسطينية "أخفقت وكانت فاسدة.. ولذلك فلنر ما ستفعله حماس."

ومنذ وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في عام 2004 شهدت حركة فتح نزاعات بين الحرس القديم المتهم بالفساد من ناحية والقيادات الشابة والمسلحين من ناحية ثانية سعيا للحصول على النفوذ.

وزادت شعبية حماس بسبب سياساتها المناهضة للفساد والاعمال الخيرية التي تقوم بها بالاضافة الى الهجمات الانتحارية التي تشنها واستهدافها تدمير اسرائيل.

وعلى الرغم من ان حماس رفض القاء السلاح او التفاوض مع اسرائيل توقع بعض الفلسطينيين ان تغير الجماعة موقفها عند وصولها للسلطة.

وقال عادل الحلو (41 عاما) وهو صاحب متجر في غزة "ستسير (حماس) وفقا لنفس النهج الذي سلكه سابقوهم.. ستستمر عملية السلام."

وقال أسامة حلاف الذي يملك مطعما في رام الله انه يشك في ان تحاول حماس فرض معتقداتها الدينية على الاخرين.

واضاف حلاف وهو مسيحي "انهم لا يريدون ان يخسروا التأييد."

حيث تبرز مخاوف من ان تطبق حماس احكاما مشددة في الضفة الغربية اذ يمزح عامل البار باسم خوري قائلا "اليوم موسيقى وغدا اسلحة" وهو يخلط مزيجا من الخمور في احدى الحانات بمدينة رام الله بالضفة الغربية.

وتكتظ الحانات والنوادي الليلية في سائر ارجاء مدينة رام الله بالرجال والنساء الذين يتجمعون في المساء وهم يرتدون الملابس الانيقة للاستمتاع بتناول الاطعمة والمشروبات وسماع الموسيقى الصاخبة. ورام الله هى مركز السياسة الفلسطينية وتوصف بانها واحدة من اكثر المدن تحررا في الشرق الاوسط.

والخمور متاحة على نطاق واسع ومن المألوف رؤية النساء اللاتي يرتدين الجينز والاحذية ذات الكعوب العالية في سائر انحاء المدينة مثل رؤية النساء اللاتي يرتدين الحجاب التقليدي.

ومع مرور الوقت ببطء يتركز الحديث على الموضوع الساخن وهو: هل سيقود الفوز الساحق لناشطي حماس في الانتخابات الفلسطينية الى انهاء هذا النمط الحر من الحياة؟

ويقول خوري "اذا اعلنوا دولة اسلامية على غرار ايران فانني اتوقع ان يتم حظر الخمور واختفاء هذه الاماكن (الحانات والنوادي الليلية)."

وينتاب شعور بالقلق حتى من منع الموسيقى اذا قررت حماس فرض نمط اسلامي محافظ بينما يخشى البعض من اندلاع اعمال عنف بين ناشطي حماس ومسلحين من حركة فتح التي كانت لها الهيمنة لسنوات طويلة.

ويقول وسام وهو صاحب محل يمارس التجارة في المشروبات الروحية والجعة "بعض الناس لديها مخاوف. واخرون ليس لديهم. لا نعرف ماذا سيحدث ولكنني اشعر بان الامور ستكون على ما يرام مع حماس."

ولم تعلن حماس التي فوجئت مثل الجميع على ما يبدو بفوزها الساحق في الانتخابات كيف ستعمل على انسجام ايديولوجيتها الاسلامية مع سلطتها السياسية التي نالتها مؤخرا.

ويقول البعض ان تولي حماس مقاليد الامور سيكون له اثر على المواقف والاراء المتحررة للسكان الفلسطينيين في رام الله.

وقالت ديالا سقف الحيط من سكان رام الله "مع فوز حماس ستكون النساء اكثر تحفظا فيما يرتدينه حتى اذا لم يفرضوا اي قانون."

ولا يحتاج الفلسطينيون في الضفة الغربية سوى النظر الى مواطنيهم في غزة لادراك ان النمط الاخلاقي الاسلامي المحافظ يمكن تطبيقه ما بين عشية وضحاها.

واحرق متشددون اسلاميون شبان في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 حانات وفنادق تقدم الخمور في غزة. وحطموا زجاجات الخمور في الشوارع.

اما الحانة الباقية في غزة وهى نادي الامم المتحدة الذي يفتح ابوابه للغرباء فقط فقد تعرض للقصف في ليلة راس السنة ولم يفتح منذ ذلك الحين.

وردد فلسطينيون يشعرون بالقلق من تأييد حماس لتطبيق صارم للشريعة الاسلامية نفس النداءات الدولية التي تطالب حماس بالاعتدال في موقفها بشأن التعايش السلمي مع اسرائيل والكفاح المسلح.

ويقول نديم خوري وهو منتج للجعة "اما ان تصبح حماس اكثر تشددا بشان ما نفعله او تصبح اكثر اعتدالا فيما يتعلق ببناء دولة فلسطين."

ويبحث خوري حاليا ما اذا كان سيبدأ في تشغيل خط انتاج للجعة الخالية من الكحول.

واستقبلت أغلبية الفلسطينيين في مدينة رام الله أنباء فوز حماس في الانتخابات التشريعية بروح المفاجأة والامل نحو تغيير جذري على الساحة السياسية والداخلية بينما تمسكت الاقلية بتخوفات مما هو ات.

وقال محسن ياسين (27 عاما) موظف أمن "نحن كشعب فلسطيني بحاجة الى تغيير واصلاح ونتمنى أن تقوم حماس بهذا الدور."

وبينما انتشرت سيارات تزين بأعلام حماس الخضراء بالشوارع انشغل أنصار حركة فتح في جلد الذات وتحميل قيادتهم المسؤولية عن تلك النتائج.

قالت ايمان زايد (25 عاما) معلمة "لقد اخترنا حماس لانها الافضل وان شاء الله تقوم بتحسين الوضع الراهن واتخاذ قرارات سليمة".

وقال ونيس أبو صفا (27 عاما) مهندس كومبيوتر "هذا هو اختيار أغلبية الشعب الفلسطيني. لكن حماس ستجد صعوبات كبيرة أمامها لان الوضع الان سيء جدا. فالبطالة ضخمة جدا و لن تتمكن حماس من ازالتها بالسهولة التي تتوقعها."

لكن مواقف حماس السياسية التي كانت عبرت عنها مسبقا أثارت جوا من القلق بين أقلية من أهالي المدينة.

وقال رياض القدومي (17 عاما) طالب مدرسة "فوز حماس سيغير الحياة الفلسطينية وليس الى الاحسن."

ويقول المستقلون عن الحركتين السياسيتين الاكبر فتح وحماس بأن النتيجة هي خيار الديمقراطية وعلى من يدخل في الانتخابات أن يتحمل النتائج التي تأتي بها.

وقال أمين النوباني (65 عاما) "هذا تعبير الشعب وسوف ننتظر لنرى ماذا تأتي به حماس في المجلس التشريعي."

قالت تالا أبو رحمة (21 عاما) طالبة جامعة " هذه النتيجة لا تأتي بالتفاؤل لكن فوز حماس قد يكون رسالة لفتح لعلها تخرج من المشاكل الاخيرة التي مرت بها. و يبقى هذا هو قرار الشعب الفلسطيني."

ويبقى ابعاد فتح عن الهيمنة على الحكم أمل البعض و هم بانتظار قوة جديدة قد تخرج المناطق الفلسطينية من المتاهة السياسية والاقتصادية التي وقعت فيها منذ اندلاع انتفاضة الاقصى عام 2000.

قالت ملاك زيداني (28 عاما) موظفة "لقد انتخب الناس حماس لاجل معاقبة فتح".

و يخيم جو من الترقب الحذر على أهالي رام الله مما قد ينتج من مشادات بين الحركتين الاكبر فور اعلان النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 29  /كانون الثاني/2006 - 28/ذي الحجة/1426