عندما صحا العالم على فوز كبير لحماس في الانتخابات الفلسطينية.. هل هي حقبة جديدة على فلسطين والشرق الاوسط؟

فازت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم الخميس على حركة فتح التي تهيمن على السلطة منذ عقود في الانتخابات التشريعية الفلسطينية فيما يعتبر زلزالا سياسيا قد يدفن فرص احياء محادثات السلام مع إسرائيل.

وهذه النتيجة التي أحدثت هزة وأقرت بها فتح قبل اعلان النتائج الرسمية لن تقود بشكل تلقائي للاطاحة بالرئيس محمود عباس الذي يتزعم فتح وانتخب العام الماضي. لكنه قال إنه قد يقدم استقالته إذا لم يتمكن من مواصلة سياسة السلام.

ومع توقف مفاوضات السلام منذ عام 2000 قد يدفع فوز حماس ايهود اولمرت رئيس وزراء إسرائيل المؤقت لاتخاذ المزيد من الخطوات أحادية الجانب بعد الانسحاب من قطاع غزة العام الماضي لرسم الحدود النهائية على الاراضي الفلسطينية المحتلة التي يريد الفلسطينيون اقامة دولتهم المستقبلية عليها. وتعثرت محادثات السلام على مدى خمس سنوات.

وقال اسماعيل هنية القيادي البارز في حماس "فازت حماس بأكثر من 70 مقعدا في غزة والضفة الغربية الامر الذي يعطيها أكثر من 50 في المئة من الاصوات."

وفي غضون بضع ساعات من هذا التصريح الذي استند هنية فيه إلى نتائج أوردها ممثلو حماس في مراكز الاقتراع قدم رئيس الوزراء أحمد قريع العضو في فتح استقالة حكومته. وطلب منه الرئيس الفلسطيني البقاء كرئيس وزراء مؤقت.

وبموجب القانون الفلسطيني يمكن لأكبر حزب في المجلس التشريعي رفض اختيار الرئيس لمن يشغل منصب رئيس الوزراء وهو ما يعني فعليا ترك شكل الحكومة القادمة في يدي حماس.

وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين معلقا على فوز حماس ان الحياة لن تبقى على حالها واضاف أن الفلسطينيين صحوا يوم الخميس ليجدوا لون السماء مختلفا ودخلوا في حقبة جديدة.

ورفض مارك ريجيف المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية التعليق على ما وصفه أحد مسؤولي فتح بانه أمواج مد عاتيه.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي المؤقت ان اسرائيل لن تتفاوض على السلام بمقتضى خطة خارطة الطريق التي تدعمها الولايات المتحدة مع حكومة فلسطينية لا "تكافح الارهاب" وتنزع سلاح النشطاء.

وصنفت اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حماس التي نفذت نحو 60 هجوما انتحاريا في الدولة اليهودية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 باعتبارها جماعة ارهابية.

ويدعو ميثاق الحركة إلى تدمير إسرائيل لكن برنامجها الانتخابي لم يشر إلى ذلك كما احترم جناحها العسكري بدرجة كبيرة هدنة تفاوض عليها عباس في مصر مع ارييل شارون رئيس وزراء اسرائيل المريض قبل نحو عام.

وقال مسؤول بارز من فتح انه يبدو ان حماس حققت الفوز بتصويت احتجاجي على الفساد المستشري منذ سنوات في التيار الرئيسي والسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليه.

كما تعززت شعبية حماس بشبكة الاعمال الخيرية التي اقامتها في قطاع غزة والضفة الغربية.

وقال عادل الحلو (41 عاما) وهو صاحب متجر في غزة "حماس لم تفز لان الناس يحبونها بل لان الناس تنتقم من حكم فتح في الاعوام الماضية."

وعرض مسؤولون من حماس احتمال تشكيل حكومة ائتلافية مع فتح أو أحزاب أخرى وأكدوا التزامهم بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال الاسرائيلي ومعارضتهم للمفاوضات مع الدولة اليهودية.

وقال مسؤول من حماس مشيرا الى محادثات السلام "لا نرى من الضروري أن نضع أنفسنا وشعبنا في هذا الخندق المظلم الذي لن يحقق شيئا."

لكن مسؤولا بارزا من فتح قال يوم الخميس ان الحركة التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني ترفض الاشتراك في اي حكومة ائتلافية تشكلها حماس بعد فوزها في الانتخابات.

وجاء في بيان لحماس ان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي اتصل هاتفيا بالرئيس الفلسطيني مؤكدا الالتزام بالشراكة مع كل القوى الفلسطينية بما في ذلك "الاخوة في حركة فتح."

لكن جبريل الرجوب المسؤول الكبير في فتح رفض اي ائتلاف حكومي مع حماس التي ابدى عباس من قبل امله في ضمها الى التيار السياسي الرئيسي واقناعها بالقاء السلاح. وقال الرجوب لرويترز "لن نكون جزءا من حكومة تشكلها حماس." واستطرد قائلا "فتح ترفض المشاركة في حكومة ترأسها حماس وتطالب حماس بتحمل مسؤولياتها. فتح ستتصرف كمعارضة مسؤولة."

وأعلنت المفوضية الاوروبية بعد الاعلان عن فوز حماس انها ستعمل مع اي حكومة فلسطينية تلجأ الى السبل السلمية.

وقالت بريطانيا يوم الخميس ان حماس يجب أن تنبذ العنف وتعترف بحق اسرائيل في الوجود ان كانت تريد العمل مع المجتمع الدولي. وسُئل جاك سترو وزير الخارجية البريطاني عن كيفية رد العالم على فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية فقال "المجتمع الدولي يريد أن تبدي حماس رفضا ملائما للعنف وأن تعترف بوجود اسرائيل."

جاء ذلك خلال مقابلة أجراها تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أثناء زيارة سترو لتركيا.

وفي تصريحات منفصلة قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مؤتمر صحفي في لندن "يجب أن يكون من الواضح أننا لا نتعامل الا مع من ينبذون الارهاب. هذا فرق واضح.. هل يؤيدون الارهاب أو لا يؤيدونه."

وقال الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان يوم الخميس معلقا على فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية انه يتعين على أي جماعة تريد المشاركة في العملية الديمقراطية أن تنزع سلاحها.

جاء ذلك ردا على سؤال من خدمة رويترز التلفزيونية خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في مدينة دافوس بسويسرا عما اذا كان يجب على حماس نبذ العنف ان كانت تريد المشاركة في حكومة فلسطينية.

وقال عنان "أي جماعة تريد المشاركة في العملية الديمقراطية يجب أن تنزع سلاحها في نهاية الامر لان هناك تناقضا جوهريا في حمل السلاح والمشاركة في عملية ديمقراطية والجلوس في البرلمان. وأنا واثق أنها (حماس) تفكر في ذلك أيضا."

وقال عنان انه يتطلع للعمل مع حكومة فلسطينية منتخبة مضيفا أنه اتصل بالرئيس الفلسطيني لتهنئته على طريقة تنظيم الانتخابات التي جرت يوم الاربعاء.

وقال متحدث باسم عنان ان الامين العام "يرى أن هذه الانتخابات خطوة مهمة نحو اقامة دولة فلسطينية."

والامم المتحدة عضو في لجنة وساطة رباعية تضم أيضا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا واقترحت في عام 2003 "خارطة طريق" لتحقيق السلام في الشرق الاوسط تحدد الخطوات نحو اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل.

وعلى الرغم من ظهور مؤشرات في وقت سابق هذا الاسبوع على ان حماس قد تكون مستعدة لفتح حوار غير مباشر مع اسرائيل فقد عادت يوم الاربعاء لتؤكد نهجها المتشدد بالقول انها لن تغير ميثاقها ولن تلقي السلاح لكنها قالت انها تبحث امكانية تشكيل ائتلاف حكومي مع فتح.

وفي العالم العربي نظر الى فوز حماس على انه تعزيز لموقف من يفضلون الديمقراطية حتى لو كان الثمن الاطاحة بنظم حكم شمولية تتصدى لحركات معارضة اسلامية.

وكانت نتائج ثلاثة استطلاعات رأي للخارجين من مراكز الاقتراع قد توقعت فوزا بفارق ضئيل لفتح في التنافس على مقاعد المجلس التشريعي البالغ عددها 132 مقعدا. وبلغت نسبة المشاركة 78 بالمئة من بين 1.3 مليون ناخب فلسطيني.

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء أنه لن يتعامل مع حماس ما لم تعترف بوجود دولة اسرائيل. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن بوش قوله "في رأيي ان الحزب السياسي ينبغي له كي يكون حزبا سياسيا ان يدعو للسلام حتى يحافظ على السلام."

ونقلت الصحيفة عن بوش قوله "يمكنكم استنتاج الطريقة التي سأتعامل بها مع حماس اذا انتهى بها الامر الى وضع تتولي فيه المسؤولية. والاجابة هي لن نتعامل معكم الى ان تتخلوا عن رغبتكم في تدمير اسرائيل."

واتسمت الانتخابات بالنظام على الرغم من الفوضى المسلحة التي سادت الاراضي الفلسطينية في الاسابيع السابقة. وشارك 400 مرشح في الانتخابات التشريعية الاولى منذ عام 1996. ونشر نحو 900 مراقب اجنبي لمراقبة سير العملية الانتخابية على رأسهم الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر.

وانسحبت القوات الاسرائيلية من التجمعات السكانية بالضفة الغربية لتجنب أي اتهامات بالتدخل في الانتخابات.

بدورها قالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس يوم الخميس انه لا يمكن ان تكون هناك عملية سلام في الشرق الاوسط اذا رفضت حماس التي اشارت التوقعات الي فوزها في الانتخابات الفلسطينية الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود.

واضافت قولها امام منتدي دافوس الاقتصادي العالمي في اتصال عبر دائرة فيديو "لا يمكن ان تكون هناك عملية سلام اذا لم تكن ملتزما بحق شريكك في الوجود."

وقالت "واعتقد انكم ستسمعون المجتمع الدولي يتحدث بوضوح بشأن هذه المبادئ بالتحديد اليوم وغدا. ستكون هناك بعض الخيارات الصعبة امام من يضع الشعب الفلسطيني ثقته فيهم."

وقالت بريطانيا يوم الخميس ان حماس يجب أن تنبذ العنف وتعترف بحق اسرائيل في الوجود ان كانت تريد العمل مع المجتمع الدولي.

وسئل جاك سترو وزير الخارجية البريطاني عن كيفية رد العالم على فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية فقال "المجتمع الدولي يريد أن تبدي حماس رفضا ملائما للعنف وأن تعترف بوجود اسرائيل."

جاء ذلك خلال مقابلة أجراها تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أثناء زيارة سترو لتركيا.

وفي تصريحات منفصلة قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مؤتمر صحفي في لندن "يجب أن يكون من الواضح أننا لا نتعامل الا مع من ينبذون الارهاب. هذا فرق واضح.. هل يؤيدون الارهاب أو لا يؤيدونه."

ولكن ماذا يمكن أن يحدث بعد فوز حماس في الانتخابات؟

فيما يلي تقرير لرويترز فيه ردود اجاب على بعض الاسئلة المتعلقة بفوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وما تعنيه.

- لماذا حققت حماس هذا الاداء الجيد؟

جاء تأييد كبير للحركة من جانب فلسطينيين يحرصون على انهاء هيمنة حركة فتح التي قادت الفلسطينيين منذ أن ابرم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اتفاقات السلام المرحلية مع اسرائيل في أوائل التسعينات. وينظر لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس على أنها فاسدة ومنقسمة وبعيدة الصلة بالناس.

- هل ستشكل حماس حكومة ؟

ان عباس هو الذي يختار رئيس الوزراء لكنه يحتاج لتأييد أكبر حزب في البرلمان مما يترك فعليا تشكيل الحكومة الجديدة في أيدي حماس.

ويمكن لحماس نظريا بعد أن حصلت على أغلبية برلمانية ان تختار الحكومة بمفردها لكنها تفضل الائتلاف. ورئيس الوزراء لا يتعين بالضرورة أن يأتي من بين صفوف حماس.

ويقول مسؤولون من فتح أنهم لن يشاركوا في أي ائتلاف مع حماس. ويمكنهم اطالة المناقشات بشأن الحكومة الجديدة وترك حماس تتقرب من أحزاب صغيرة ومستقلين.

- ماذا يحدث للرئيس عباس ؟

عباس لا يتأثر بشكل مباشر لانه انتخب في عام 2005 لكنه قال في الفترة الاخيرة أنه قد يقدم استقالته اذا لم يتمكن من مواصلة جدول أعمال عملية السلام مع اسرائيل.

- هل ستواصل حماس القتال ؟

الحديث عن مقاومة إسرائيل سيستمر بالتأكيد لكن حماس احترمت بدرجة كبيرة هدنة على مدى نحو عام ولم تنفذ أي هجوم انتحاري منذ أغسطس اب عام 2004.

وسيكون من الصعب عليها السماح لجناحها العسكري (كتائب القسام) بشن مثل هذه الهجمات علنا في حين تقوم بدور في الحكومة وتحتاج لطمأنة المانحين.

لكن حماس ستتمكن الان من استغلال وضعها لرفض أي اقتراح بنزع سلاح النشطاء وهي العملية التي يتعين أن تبدأ بمقتضى خطة خارطة السلام التي تدعمها الولايات المتحدة.

- ماذا ستكون أولويات حماس؟

من المرجح أن تكون أولويات حكومة تهيمن عليها حماس هي القضايا الداخلية مثل حلا مشكلة الافتقار للامن والفقر والرعاية الصحية التي تمس بشكل مباشر حياة الفلسطينيين. وسيكون من المتوقع ان تشجع القيم الاسلامية المحافظة دون أن تفرضها بالقوة.

- ماذا سيحدث لعملية السلام؟

ليس هناك امكانية في المستقبل المنظور لانعاش المحادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية التي انهارت عام 2000.

وقالت حماس إنها لن تعترف بإسرائيل رغم أنها اشارت الى أن الحديث عن المفاوضات لن يكون "من المحرمات" إذا تخلى الاسرائيليون عن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وهو ما لن تفعله الدولة اليهودية. وسربت حماس فكرة إجراء اتصالات عن طريق طرف ثالث.

وقالت إسرائيل إنها لن تجري محادثات مع حماس إلا إذا تخلت الحركة عن سلاحها واسقطت من ميثاقها الدعوة لتدمير الدولة اليهودية.

وفي حين يمكن أن يتغير موقف حماس على المدى الطويل ليست هناك فرصة لتحول فوري في موقفها.

- ماذا ستفعل اسرائيل؟

في ظل غياب محادثات من المرجح أن تواصل اسرائيل خطواتها الاحادية لرسم حدود نهائية على الاراضي المحتلة بعد انسحابها من قطاع غزة العام الماضي.

واقترح رئيس الوزراء المؤقت ايهود أولمرت ذلك هذا الاسبوع في أول خطاب سياسي له منذ توليه السلطة من ارييل شارون الذي اصيب بنزيف في المخ يوم الرابع من يناير كانون الثاني الجاري. والمتوقع على نطاق واسع أن يفوز أولمرت في الانتخابات العامة المقررة يوم 28 مارس اذار المقبل.

والمسار المرجح للحدود هو مسار الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية بدعوى منع تسلل مهاجمين انتحاريين. ويصف الفلسطينيون الجدار بانه اغتصاب للارض ويقولون إنه يحرمهم من اقامة دولة قابلة للحياة.

- ماذا سيفعل الغرب؟

تستبعد واشنطن أي محادثات حتى تتغير حماس. وقال الاتحاد الاوروبي إنه لن يعمل سوى مع حكومة تستخدم الاساليب السلمية. والمساعدات الغربية أساسية لادارة السلطة الفلسطينية وأشارت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى انها قد تقطع إذا فازت حماس.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 27  /كانون الثاني/2006 - 26/ذي الحجة/1426