المؤتمر الدولي للثقافة والتنمية: الوعي الثقافي بالتراث سيؤدي إلى تحسين المستوى الاقتصادي

تناولت مناقشات المؤتمر الدولي للثقافة والتنمية -لذي عقد بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 20-22 يناير- عدداً من القضايا التي أكدت أن التنمية المستدامة هي التي تسد الاحتياجات الحالية للشعوب وتمهد لاحتياجات الأجيال القادمة معتمدة على الثقافة كقوة دافعة للتنمية، وقد أبرزت المناقشات بعض النقاط التي كان من أهمها أن التراث الثقافي كأحد وسائل التنمية لا يأخذ الاهتمام المطلوب وتنظر إليها الدول النامية بصورة سلبية حيث لا تحصل الثقافة والمؤسسات الثقافية على الدعم المادي اللازم الأمر الذي يؤثر سلباً على الوعي الثقافي والوحدة الوطنية في بعض الأحيان. وفي نفس الوقت أشارت المناقشات إلى أن الوعي الثقافي بالتراث سيؤدي إلى تحسين المستوى الاقتصادي للدولة مثلما حدث في بعض الدول التي اعتمدت على البضائع الثقافية الملموسة وغير الملموسة حتى أنها أصبحت تمثل 15% من الناتج القومي.

وفي أول الجلسات تحدث الدكتور عبد الحليم نورد الدين مدير مركز الخطوط بالمكتبة والأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار، انه لابد من أن ترفع الدولة الوعي الأثري بين الشعب إذا أرادت أن تحافظ على آثارها وتراثها المحسوس والذي يمثل جزء كبير من كيانها ووجودها كدولة وأفراد.

 كما تحدث الدكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات الذي اعتبر أن كلمة تراث تأتي من كلمة ورث والتي لا تطلق إلا على الأشياء الملموسة ولذا فإن من وجهة نظره لا يمكن أن يكون الميراث الثقافي شفهياً أو محسوساً، كما أشار إلى أن التنمية بكلمة لم تكن موجودة في الموروث الثقافي العربي بل كان لها بدائل مثل النهضة ثم العمران مثل كتاب ابن خلدون عن "العمران البشري وتطور المجتمعات" وأشار الدكتور زيدان انه لا يمكن لأي دولة أن تحدث نهضة أو تنمية دون أن تقوم بإحياء تراثها القديم ومن هذا الإطار انطلق الدكتور زيدان ليسرد عمل مركز ومتحف المخطوطات بالمكتبة ودوره الرائد في إحياء التراث العربي من خلال تحقيق العديد من المخطوطات العربية القديمة وهي مهمة يضطلع بها مركز المخطوطات قبل افتتاح المكتبة.

وقد تقدم للمؤتمر عدد كبير من الأوراق البحثية المميزة التي تناولت جوانب كثيرة من الموضوعات المتعلقة سواء بالتنمية أو الثقافة من بينها ورقة بحثية للأستاذ أحمد مرسي بعنوان "التراث اللامادي" تناول فيها تعريف التراث اللامادي ومجالاته وطريقة حفظه وصيانته وقد بدأ بحثه مشيراً إلى أن القوانين والاتفاقيات الدولية ركزت على الحماية القانونية والدولية للتراث المادي فحسب، الأمر الذي أدى إلى أن أصبح التراث غير المادي يتيما مهملا بالقياس إلى التراث المادي الذي، صيغت القوانين، وعقدت المعاهدات لحمايته من النهب، والحفريات غير القانونية، والمتاجرة به، ومن الانتهاك والتدمير في حالة نشوء نزاع مسلح. ومع بداية  عام 1973 بادرت منظمة اليونسكو، والمنظمة العالمية للملكية إلى دعم المبادرات التي تسعى إلى صون التراث الثقافي غير المادي وبحث كيفية حمايته، طبقا لمهام كل منهما، ويضيف البحث إلى انه وفي عام 1982 توصلت المنظمتان إلى مشروع قانون نموذجي يمكن الاسترشاد به في التشريعات الوطنية الخاصة بحماية أشكال التعبير الفولكلورية من الاستغلال غير القانوني ومن أضرار أخرى. وفي نوفمبر 1989، اعتمد المؤتمر العام لليونسكو توصية بشأن "الثقافة التقليدية والشعبية"، وعلى الرغم من أن التوصية لم يكن لها طابع إلزامي، إلا أنها أثارت الانتباه إلى هذه الثقافة، وأقرت أول مجموعة من القواعد الدولية الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي الذي أشير إليه بالعبارة السابقة، ومتطلبات صونها. لقد صدق مجلس الشعب المصري مؤخرا على الاتفاقية الدولية الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي، كما أن المشرع المصري كان قد أخذ بما ورد في مشروع القانون النموذجي لحماية الفولكلور، وضمنه الفقرة (7) من المادة (38) من قانون حماية الملكية الفكرية، الذي ينص على أن التراث اللامادي يتضمن الفولكلور الوطني، مثل التعبيرات الشفوية مثل الحكايات والأحاجي والألغاز والأشعار الشعبية وغيرها من المأثورات، والتعبيرات الموسيقية مثل الأغاني الشعبية المصحوبة بموسيقى، والتعبيرات الحركية مثل الرقصات والمسرحيات والأشكال الفنية والطقوس. التعبيرات الملموسة مثل منتجات الفن الشعبي التشكيلي، وبوجه خاص الرسومات بالخطوط والأولان والحفر والنحت والخزف والطين والمنتجات المصنوعة من الخشب، أو ما يرد عليها من تطعيمات تشكيلية أو الموزاييك أو المعدن أو الجوهر والحقائب المنسوجة يدويا وأشغال الإبرة والمنسوجات والسجاد والملبوسات، والآلات الموسيقية، والأشكال المعمارية.

 كما تقدم الأستاذ بسام جاموس بورقة بحثية ألقاها على الحضور تناولت الورقة "تطور المسكن في سورية: من المغارة إلى بداية العمارة"، جاء فيها قيام إنسان ما قبل التاريخ بالحياة داخل الكهوف في مداخلها ثم قسمها بجدران من الأغصان والجلود وأنشأ المواقد والمصاطب، ثم اخذ خطوة حضارية اخرى عندما استطاع التحرر من الاعتماد على الملاجئ الطبيعية وبنى لنفسه بيوتاً خاصة مكنته من العيش في الكثير من المناطق الجغرافية المكشوفة. لقد كانت البيوت الأولى عبارة عن أكواخ صغيرة وبسيطة من الأحجار والأغصان والجلود. في الفترة النطوفية التي تمتد بين (12000 – 1000) ظهرت أولى المساكن في الهواء الطلق وخاصة في مواقع جبل الكرمل وغور الأردن وكانت عبارة عن حفر وخنادق دائرية ذات جدران مدعمة لكن البيوت الحقيقية ظهرت مع ظهور القرى الزراعية الأولى وتحديداً مع مطلع فترة العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار (ppna) وظهور بدايات التنظيم الاجتماعي وممارسات الطقوس الشعائرية المتعددة. ينتقل البحث بعد ذلك إلى تعريف العمارة في العصر الحجري الحديث (8000 – 5000) سنة ق.م التي تميزت بتقسيمات واضحة للفراغات المعمارية، وظهور أنماط من الفراغات المعمارية تجسد وظائف اجتماعية ،وربما بدايات فراغ لممارسة طقوس شعائرية ،سيطرت الأشكال الدائرية على المساقط المعمارية بالإضافة لمساقط(سكنية الاستخدامات) مستطيلة بسيطة التقسيم ومن المواقع المهمة موقع الجرف الأحمر على نهر الفرات.

كما ألقى الأستاذ غزوان ياغي محاضرة وورقة بحثية بعنوان "المسح الأثري كجزء من مشروع مسح وتوثيق وتأهيل المباني الإسلامية في القطر السوري"، حيث أكد على انه على الرغم من غنى القطر العربي السوري بالعديد من المباني التاريخية التي تنتمي للعصور الإسلامية التي بدأت بالنسبة لسوريا بعد الفتح العربي الإسلامي لدمشق سنة 14هـ/635م فإن أغلب هذه المباني والعمائر الإسٍلامية بكل أنواعها، وتعدد وظائفها ( دينية، أو عسكرية، أو مدنية، )تعاني من الإهمال والتعدي الذي صار رغم الجهود التي بذلت من أهم الصفات الملتصقة بهذه العمائر وربما يعود ذلك لأسباب كثيرة من أهمها أن جلَّ هذه الآثار الإسلامية مازالت منتشرة في أماكنها داخل المدن القديمة التي لم تلبث في العصر الحديث أن جُبَّت داخل التطور العمراني الحديث لهذه المدن، هذا التطور الذي بدأ يلتهم الأحياء القديمة ويبدل ملامحها وروحها التراثية الأصيلة إلى قوالب جامدة من الحديد والإسمنت وذلك في عملية إبادة للأحياء والشرائح القديمة سواء منها الواقع داخل الأسوار بحجة الضرورات العمرانية والتطويرية أو خارج الأسوار بحجة حداثة هذه الأحياء، وقد تطرق البحث بين أوراقه إلى مشروع مسحي يهدف إلى توثيق المباني الأثرية في سوريا لتأهيلها، و تسجيل المباني والشرائح المعمارية ذات المميزات الأثرية الهامة والتي لم تكن مسجلة سابقاً، وكذلك إخراج بعض هذه المباني والشرائح الأثرية التي زالت عنها الصفة الأثرية من عدد الآثار الإسلامية، تحديد المواقع والمباني الأثرية الإسلامية المسجلة قديماً والمسجلة بعد هذا المشروع على خرائط ومخططات دقيقة، ومراسلة مديريات الخدمات الفنية في المحافظات من أجل إعطاء الأولوية لإعداد مخططات تنظيمية خاصة لهذه المناطق والأماكن، تراعى بها هذه المواقع الأثرية وحدودها ومناطق حمايتها، من أجل العمل على وضع برامج الترميم والصيانة اللازمة لإنقاذ هذه العمائر التي تشكل شواهد حضارية تراثية هامة، كما يهدف المشروع إلى إنشاء قاعدة بيانات متكاملة عن المباني الإسلامية في القطر العربي السوري، بحيث تكون نواة لإنشاء مركز توثيق للآثار الإسلامية ( العمائر والفنون) وربما يكون ذلك نواة لمركز علمي متخصص يعنى بمسح وتسجيل كافة أنواع التراث الثقافي الطبيعي في القطر مثلاً ( مركز التوثيق الحضاري ).

 كما تقدم من لبنان الأستاذ خالد تدمري ببحث حول "التراث الثقافي في لبنان بين حرب الماضي واعمار المستقبل"، والذي جاء فيه أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في محو الذاكرة التراثيّة والمعالم الأثرية اللبنانية أقلّها عبثيّة الإهمال، وأخطرها ما نتج عن الحرب والمصالح الخاصّة على حساب الثروة التراثية والبيئيّة للبلاد، وقد وضح البحث انه هناك عوامل ساعدت على ذلك منها تدني المستوى المعرفي المقدِّر لأهميّة التراث الثقافي للوطن جهة، في ظلّ تقصير رسمي تجاه التوعية العامّة للحفاظ على هذا التراث والضروريّ أساساً لمواجهة تلك التحديات السياسيّة والمصيريّة الصعبة التي مرّ بها، ومن جهة ثانية التشريعات والقوانين القديمة السائدة التي لا تزال مُعتمدة، والتي لا تراعي المحافظة على هذا التراث الثقافي والأثري والبيئي والنهوض به. وأشار الأستاذ تدمري في بحثه إلى أن وإن اختلال التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل في المجتمع اللبناني، من جرّاء الحرب التي استمرّت زُهاء ثمانية عشر عاماً، والتي أنتجت تردّداً في التصالح مع التاريخ واستيعاب الماضي بموضوعيّة وضياع الحاضر في توجّهاتٍ آنيّة قصيرة المدى مجرّدة من آفاق مستقبليّة. ويشير البحث إلى أن المشاريع التي يرعاها حاليّاً البنك الدوليّ لإحياء الإرث الثقافي قد تهدف في الأساس إلى تفعيل استراتيجيّات كهذه، شرط أن يتم العمل على استثمار ديناميكيّتها لخلق التوجهات المرجوّة للتجدد المديني وإعادة انصهار هذه المواقع التراثيّة في قلب المدن في عملية النمو المديني، وعدم الاكتفاء بالأعمال المحدّدة في هذه المشاريع. ويؤكد البحث انه لولا الوعي المتزايد لنخبة من المواطنين وصحوة بعض الجمعيات الأهلية في الآونة الأخيرة أمام جسامة نتائج تهميش المعطى التراثي، لكان موضوع التراث والبيئة مغيّباً كليّاً في المخطّطات المستقبليّة للمواقع الحضاريّة في لبنان.

وكان للباحثين المصريين تواجداً ملموساً يبرز احدها في البحث الذي قدمه الأستاذ محمد إبراهيم حول المحميات الطبيعية في مصر كأحد جوانب التراث الثقافي المصري الذي يجب أن يوضع تحت مجهر الاهتمام، مشيراً إلى أن فكرة صيانة الموارد الطبيعية والحفاظ على صحة العمليات البيئية في النظام البيئي هي في الواقع رد فعل صحي لما أوى إليه الانفجار السكاني والتكنولوجي السريع من تدمير للبيئة واستنزاف لمواردها تستهدف المحميات الطبيعية صون الموارد الطبيعية الحية والحفاظ على صحة العمليات البيئية في النظام البيئي وكذلك المحافظة على التنوع الوراثي في مجموعات الكائنات الحية التي تتفاعل في إطار النظام البيئي والمحافظة على قدرتها على أداء أدوارها وإجراء البحوث والدراسات العلمية والقيام بالأرصاد البيئية والتخطيط الإقليمي التنموي والمشاركة الشعبية والتعليم والتدريب والإعلام البيئي وكذلك السياحة ومحاولة تحقيق أرباح من الزيارات التي تتم لتلك المحميات وتعميق إدراك الإنسان للبيئات الزراعية والصحراوية والبحرية والساحلية والمياه العذبة وأنظمتها الايكولوجية وزيادة استخدامه لها وتوفير أشكال الترفيه والسياحة لكي يتمتع الجمهور بتلك الموارد الطبيعية في المنطقة وبمناظرها وتراثها الحضاري.

ويشير البحث إلى نجاح جهود الدولة في الآونة الأخيرة في وقف نزيف الأرض الزراعية وحماية أنواع كثيرة من الحيوانات البرية ، فإنه حينما يتعلق الأمر بمورد يتبين للدولة أهميته فإنها لا تألو جهداً في حمايته وفى صيانته مهما كلفها الأمر، مما يدل على أن قضية صيانة الموارد الطبيعية في مصر قضية رابحة بالرغم مما يكتنفها من صعوبات في الوقت الحالي ، ومن الواضح أيضاً أن الوعي الجماهيري له دور كبير في تذليل الكثير من هذه الصعوبات والمطلوب هو التوصل إلى الطريق السليم للوصول إلى عقل الجمهور وإلى قلبه . ولكن اكتساب ثقة الجمهور وتأييده لن يتأتى على المدى الطويل إلا عن طريق ارتفاع مستوى معيشته ومستوى تربيته وتعليمه وذلك فيما يخص القضايا البيئية فهذه أولويات لابد منها لحماية الحياة البرية في مصر .

إن أهداف إنشاء المحميات الطبيعية يتعدى مجرد صيانة الموارد الطبيعية إلى أن تكون هي نفسها مشاريع اقتصاديه تجاريه تعود بعائد مالي لا بأس به حتى تستطيع موارد هذه المحميات أن تسد بعض نفقاتها على الأقل. كما أن لهذه المحميات فوائد تعليمية وتربويه لن تستطيع المشروعات الإقتصادية العاجلة وغير المدروسة أن تقوم بها ، فهي إن كانت تنافس المحميات في استخدام الأرض المتاحة لها ، فلن تستطيع منافستها في فوائدها الإجتماعية لترقية أحوال المجتمع . ومعنى هذا أن تكون أبواب المحميات مفتوحة للجماهير وأن تفيض فوائدها المتعددة عليهم باستمرار وبتنوع حتى يدرك الجمهور فوائدها ويدافع عن بقائها وعن استمرارها وتنميتها.

وحول "تأثير السياحة على الإرث الثقافي" تقدم الأستاذ رمزي نجيب بورقة قيمة جاء فيها يتميز التراث العمراني المصري بطبيعة تكوينه الفريدة التي تعزى إلى تفاعل واندماج عدة طبقات تاريخية (بالإشارة إلى العصور التاريخية التي تنتمي إليها) ومكانية (بالإشارة إلى العلاقات المكانية التي قد تنشأ بين أنماط التراث في نفس السياق المكاني)، ويوضح البحث انه وبصفة عامة ونظراً للتغييرات العمرانية المتسارعة يعانى التراث العمراني في المدن المصرية من مشاكل حادة ومتعددة منذ عقود كثيرة. تتلخص هذه المشاكل في تأكل النسيج العمراني والاجتماعي التقليدي بالمناطق التراثية، والافتقار إلى الصيانة اللازمة للمباني بها، وانهيار بنيتها الأساسية، كما تأثرت سلبياً بالحراك الاجتماعي المستمر بهذه المناطق الذي أدى إلى إحلال السكان الأصليين بآخرين متنافرين في القيم الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية عن السياق الحضاري لهذه المناطق، وغياب اقتصاديات الحفاظ العمراني في المناطق التراثية واختفاء المرافق السياحية اللازمة، وقد أدت هذه المشاكل مجتمعة إلى تدهور العديد من المناطق التراثية التقليدية والتاريخية الهامة مثل بعض المواقع بوسط مدينة القاهرة ومواقع مختلفة بالقاهرة التاريخية وبمدينة الإسكندرية والأقصر أو اختفاء بعضها الأخر تماماًَ مثل مناطق كثيرة بحي الحسين بالجمالية وجنوب القاهرة والإسكندرية وأسوان وغيرها. وقد أوضح البحث بشكل عام مدى إمكانية قيام المبادرات الشعبية بدور فعال في عمليات الحفاظ على وتنمية مناطق التراث العمراني في مصر كمقابل هام للجهود الحكومية الرسمية المبذولة في هذا الشأن يمكن أن يقوم بتعويض القصور الناتج عن فشلها أو عدم كفايتها. وتقترح هذه الورقة أن تطوير اطر خاصة للشراكة المجتمعية من خلال المبادرات الشعبية في المناطق التراثية يمكن أن يسهم بدور كبير وهام في الحفاظ على وتنمية مناطق التراث الحضاري المصري، ويؤسس لدور رائد في الإصلاح العمراني لهذه المناطق. كما يرسى مفاهيم جديدة لأهمية مؤسسات المجتمع المدني وتعظيم دورها وتوسعة نطاق عملها إلى أفاق تنموية أكثر حيوية وحضارية.

من بين الأبحاث الهامة التي قدمت للمؤتمر بحث للأستاذ  لؤي محمود سعيد الباحث في مجال الآثار بعنوان "اثر التراث الحضاري الملموس على المجتمع المدني" الذي احتوى على العديد من النقاط المثيرة مثل ارتباط التراث بالفقر والفقراء حيث تضم غالبية المدن التاريخية تضم نسبة كبيرة من الفقراء وأن غالبية المراكز الحضارية العريقة في العالم والتي تضم أهم المواقع التراثية التي يقصدها السائحون تقع في دول فقيرة أو نامية، وقد أوصى البحث بإعداد ميثاق لدعم هذا المجال أهمها ضرورة صياغة فكر إقليمي لدول العالم النامي الفقير لصيانة التراث من خلال اعتماد معطيات التنمية المرتكزة على التراث على أسس إقليمية محلية تختلف من موقع لآخر، بالإضافة إلى تحديد عدد من مؤشرات التنمية التراثية التي يمكن معها تحديد مدى التقدم الملموس في المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأفراد والمجتمع، وأيضا إنشاء إدارات أو أجهزة تابعة للدولة للتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني.

وأخيرا من بين الأبحاث التي عرضت على المؤتمر بحث "مشاكل الآثار باليمن وتجربتها في عمليات الترميم" للدكتور عبد الرحمن الجار الله؛ والذي ذكر أن الآثار اليمنية تتعرض باختلاف عصورها للنبش والنهب وأشار إلى أن الهيئة العامة للآثار اليمنية تقوم بدور كبر في الحفاظ عليها ولكن هناك بعض العوامل التي تحول دون تأدية عملها منها ظروف البلد الاجتماعية والقبلية، ونقص الموارد المالية، بالإضافة إلى عدم كفاية الموازنة المرصودة للأعمال الأثرية والقصور في تأهيل الكوادر الأثرية. كما أوضح الدكتور جار الله انه في الفترة الأخيرة بدأت عمليات ترميم المعالم الأثرية بأيدي وطنية وانهي بحثه املآ بتضافر الجهود من قبل المؤسسات والمنظمات العربية والدولية لدعم العملية الأثرية سواء بالدعم المالي أو بالخبرات وإقامة الدورات والمؤتمرات.

شبكة النبأ المعلوماتية -اربعاء 25  /كانون الثاني/2006 - 24/ذي الحجة/1426