اصدارات جديدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2006

 صدرت عن دار "شرقيّات" بالقاهرة مجموعة قصصية بعنوان "قتْل الأرانب" للقاص الإنجليزيّ جون ريفنسكروفت الحائز على لقب "كاتب العام" في لندن عام 2004. المجموعة ترجمة وتقديم الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت التي قامت بتصميم الغلاف مستعينةً بلوحة رسمها صغيرها مازن نبيل (12عامًا).

تقع المجموعة في اثنتي عشرة قصةٍ متباينة الطول والتوجّه والتقنية الفنية، وإن ظلَّ خيطٌ مضمونيٌّ واحد يربط بينها ويتجلى عبر السرد على أنحاء متنوعة ماديةً تارة وفلسفية أو معنوية تارة أخرى. تيمة "الفقد". فقد الهوية، فقد المستقبل أو الماضي، فقد الحبيب، فقد اليقين هي التيمة التي يبرع القاص في استلهامها والتعامل معها عبر قصّه، كما يجيد استلهام وتوظيف النظريات العلمية في أعماله لينسج بنيته الدرامية في وشيجة بديعة تضفّر العلم بالأدب حسبما تذهب المترجمة في مقدمتها. في تصديره الترجمة العربية للمجموعة يتوجه المؤلف بكلمة لقارئه العربيّ بعنوان "ما يوحّدنا أهم" كتبها إثر تفجيرات لندن في يوليو الماضي قائلا:  "إن البشر سواءٌ في كل أركان الأرض، بصرف النظر عن موقعهم، وجنسهم، وعِرقهم، ودينهم. يجب في النهاية أن نتعلم الدرسَ الجليَّ في ذاته: إن ما يوّحدنا أهمُّ بكثير جدًّا مما يشتتنا ويقسّمنا. ...، يجب أن نعمل على الاحتفال بحقيقة أننا مخلوقات غير مكتملة، سوى أننا جميعنا نتشارك في شيء أهم: الإنسانية. لو أخفقنا في عمل هذا، سيلوح المستقبل موحشًا بالفعل. من أجل ذلك يجب ألا نخفق". المؤلف ولد عام 1954 ويعمل محررا لمجلة "كادينزا" البريطانية. فازت قصصه بالعديد من الجوائز الأدبية من بينها جائزة الكومنولث. والمترجمة شاعرة لها حتى الآن ثمانية إصدارات ما بين الشعر والترجمات كان آخرها كتاب " جيوبٌ مثقلة بالحجارة ورواية لم تُكتب بعد" عن فرجينيا وولف صدر عن المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر عام 2005 ، وآخر دواوينها "فوق كفِّ امرأة" عن الهيئة العامة للكتاب بمصر عام 2004.

كما صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 38 " رواية جديدة للكاتب السوري المقيم في أمريكا حسين سليمان تحت عنوان ينزلون من الرحبة عن دار " رامة" للنشر والتوزيع في مصر. الرواية تصوّر باطنيّ للعالم البدئي والعالم الجديد، أي عالم ما قبل النزول من رحم الغيب، فرؤيتها للوجود تخاصم الميثولوجيا الموروثة وتؤسس بناءً آخر لرموز العالم. فهنا "حوّاء"  أو "خود" كما أسمتها الرواية لم ترافق آدم/ "سنان" في رحلة الهبوط  كما وصلنا عبر الموروث، بل آثرت البقاء وحيدةً مع ابنها النبي وملهم الراوية "رطب" كي يرقبا سويًّا تشكّل وبناء العالم الجديد من وراء أسوار قلعة "الرحبة". تكرّس الرواية فكرة الحب الضائع الذي انتقل لرطب من قِبَل حبيبته الجنية "هجع". وهو الحب الذي لم يتلوث بالجنس أو بالنوع، لكنه ليس بالحب العذري، ولهذا سيكون حضور الأخت/سارة طاغيًا كمرافق حميم للراوية طوال رحلته وتحولاته، وسوف تظهر خلال هجرته باسم "سيرا". حضور الأخت "الأمومي" يتزامن مع حضور رطب، ومحور الراوية يناقش كيفية التعامل مع العالم. ثمة إسقاطات سياسية تشير إلى أحداث الثمانينيات  في سورية ، وهي التي تسببت  في هجرة المؤلف إلى أمريكا. وتزامنت تلك الهجرة مع "هوريكين" عاصفة "آليشا" عام 1983 في هيوستن. وتلمح الرواية كذلك إلى طبيعة الحياة في المهجر من المنظور الباطني أيضا.  الأحداث في الرواية لا يمكن اعتبارها ضمن النسق الدرامي المألوف حيث الزمن مهشم ومنتثر بين لحظةٍ موغلة في عمق التاريخ وبين اللحظة الراهنة.  ورغم حضور المونولوج الداخلي وتيمات تيار الوعي عبر السرد إلا أن الحدث ينطلق عبر بنى سردية متعددة ويستنطقه راويتان: المؤلف ذاته، الذي يحطّم الحائط بينه وبين المتلقي كي يورطه في النص، وصوفي، الراوية الأساس. ولذلك لن نجد خطًّا أحداثيًّا منتظما عبر الزمن، حيث الحدث يولد ويموت في الوقت ذاته، من دون تواصل ولا امتداد. إنها فورة الحياة التي لا يعرف لها بداية أو نهاية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 24  /كانون الثاني/2006 - 23/ذي الحجة/1426