 
قالت ايران التي تخوض مواجهة نووية مع الغرب انها بدأت تحويل
أموالها الموجودة في حسابات بالخارج لحمايتها من عقوبات محتملة للامم
المتحدة واستعرضت قوتها النفطية باقتراح ان تخفض اوبك انتاجها.
وقال مسؤول ايراني رفيع طلب الا ينشر اسمه لرويترز "نعم ايران بدأت
في سحب أموال من بنوك أوروبية وتحويلها لبنوك أخرى في الخارج."
وكان قد نقل عن ابراهيم شيباني محافظ البنك المركزي تصريحات ادلى
بها في وقت سابق يوم الجمعة وقال فيها إن إيران بدأت نقل أموالها
الموجودة في حسابات بالخارج.
لكنه تفادى الرد على سؤال هل ستذهب تلك الاموال الى حسابات في اسيا.
واعترى التوتر اسواق المال كرد فعل على الغموض الذي يكتنف الحسابات
الخارجية الايرانية والتي تقدر بأكثر من 30 مليار دولار مما ساعد على
ارتفاع سعر النفط الى اعلى مستوى له منذ اربعة اشهر فوق 68 دولارا.
وهبطت أسعار الاسهم الامريكية كما تراجع الدولار أمام اليورو
والفرنك السويسري الذي يعتبر ملاذا آمنا.
واعتبرت الولايات المتحدة التحرك بأنه عمل يدل على العزلة.
وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "اعتقد أنه
مؤشر على أن ايران تعزل نفسها لمدى أبعد عن بقية العالم."
ورغم أن الدول التي لن تلتزم بتطبيق العقوبات المفروضة من الامم
المتحدة ستخاطر بالتعرض لادانة دولية فان خبراء ماليين قالوا إن بعض
الدول الاسيوية بينها اندونيسيا وماليزيا وتايلاند تفتقر إلى آليات
رقابة مصرفية قوية.
وهذا يمكن أن يسمح لايران بوضع احتياطياتها في شركات واجهة وتفادي
التدخلات الحكومية.
وقال محللون إن سويسرا ولبنان تمثلان ايضا وجهة محتملة للاموال
الايرانية.
وتريد الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي أن تحيل الوكالة الدولية
للطاقة الذرية ملف ايران لمجلس الامن في اجتماعها الطاريء المقرر عقده
في الثاني من فبراير شباط المقبل لفرض عقوبات محتملة ضدها.
ورغم ذلك فان اتخاذ إجراء سريع ليس أمرا مرجحا.
وحثت روسيا والصين والهند وكل منها لها مصالح تجارية رئيسية في
إيران على عدم التسرع.
وقال دبلوماسيون يوم الجمعة إن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية
محمد البرادعي رفض طلبا أوروبيا للاسراع باصدار تقرير حول انشطة ايران
النووية ليكون جاهزا قبيل اجتماع طاريء لمجلس محافظي الوكالة في الثاني
من فبراير شباط المقبل.
وقال مسؤولون مقربون من الوكالة ان البرادعي يشعر أيضا بان الغرب
يتصرف بتعجل في مسعاه الرامي الى احالة ملف ايران الى مجلس الامن .
وقال دبلوماسيون إن البرادعي رفض الطلب لانه وعد الايرانيين بان
أمامهم فرصة حتى انعقاد الجلسة العادية القادمة لمجلس المحافظين في
السادس من مارس اذار للوفاء بمطالبه المتعلقة بمنح وصول افضل لمفتشي
الوكالة الى مواقع نووية والاطلاع على وثائق.
وتقدم مشرعون بمشروع قرار لمجلس الشيوخ الامريكي يدعو الوكالة
الدولية للطاقة الذرية لاحالة الملف الى مجلس الامن كما يحث روسيا
والصين على دعم المساعى المبذولة في هذا الصدد.
وشددت الهند وهي قوة نووية ولديها علاقات وثيقة مع واشنطن وصداقة
قديمة مع ايران على ضرورة اجراء المزيد من المحادثات بين طهران والدول
الاوروبية الثلاث فرنسا والمانيا وبريطانيا.
واوقف ثلاثي الاتحاد الاوروبي المفاوضات الاسبوع الماضي بعد ان
ازالت ايران اختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن معدات تخصيب
اليورانيوم واستأنفت برنامجا معلقا للابحاث النووية. ويقول مسؤولون
امريكيون واوروبيون انه لا يمكن العودة للمفاوضات اذا لم ترجع طهران عن
هذه الخطوات.
وتقول ايران التي تسعى لتجنب فرض عقوبات دولية ا ن برنامجها النووي
لاغراض سلمية تماما.
ويشير الحديث عن تحويل الاموال الايرانية في الخارج الى ان ايران
تأخذ التهديد بفرض عقوبات عليها بشكل جدي .
وتذكر ايران المهددة باحالة ملفها لمجلس الامن الدولي لاحتمال فرض
عقوبات عليها بمرارة تجميد أصولها في الولايات المتحدة بعد فترة وجيزة
من قيام الثورة الاسلامية عام 1979. ولاتزال هذه الاصول محل نزاع.
ولكن خبير مالي يقول ان فرض عقوبات مسألة معقدة.
وقال الخبير الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه "توجد انظمة عديدة في
العالم تفتقر للقدرة او الامكانية على تجميد اصول حتى لو كان لديها
الارادة السياسية لتفعل ذلك."
وبغض النظر عن الملاذ الامن المحتمل في اسيا فان ايران ربما يكون
بوسعها ايجاد بعض الملاذات في اماكن اخرى.
وقال فيكتور كومراس المسؤول السابق بوزارة الخارجية الامريكية ان
طهران متحالفة مع حزب الله في لبنان والذي يسيطر على بعض البنوك مما
يجعل من هذا البلد وجهة اخرى محتملة للارصدة الايرانية.
ورحبت البنوك السويسرية بتحويل الاموال من ايران وقال محللون ان
سويسرا وجهة محتملة للاموال الايرانية.
وقامت ايران باستعراض قوتها النفطية واقترحت خفض انتاج منظمة اوبك
بنحو مليون برميل نفط يوميا قائلة ان الاسواق بها فائض من الانتاج.
ومع ذلك فانه من غير المرجح ان تجري اوبك تخفيضا في انتاجها في
اجتماع نهاية الشهر.
ويشعر معظم التجار بالقلق من جراء نقص فائض الطاقة الانتاجية وطائفة
من المخاطر السياسية اكثر من خوفهم من اي تخمة في المعروض.
وايران هي رابع أكبر مصدر للنفط في العالم وثاني اكبر منتجي أوبك.
ويمثل النفط 80 بالمئة من عائدات صادراتها التي ارتفعت خلال العامين
الماضيين.
وتخشى الاسواق ان تهدد ايران بالرد على اي عقوبات بحجب صادراتها من
الخام الامر الذي سيبقي الاسعار مرتفعة او قد يزيدها ارتفاعا.
ودفعت المخاوف المتعلقة بايران أسعار النفط الخام الامريكي للارتفاع
فوق مستوى 67 دولارا للبرميل اليوم الجمعة وهو أعلى مستوى له في نحو
اربعة أشهر.
وقال حسين كاظمبور مندوب ايران لدى منظمة اوبك لوكالة انباء مهر ان
خفض الانتاج مطلوب لان الاسواق بها فائض في المعروض النفطي يبلغ حوالي
مليوني برميل يوميا الامر الذي قال انه قد يتسبب في انهيار سعر النفط
في الربع الثاني للعام.
ويشعر معظم التجار بالقلق من جراء نقص فائض الطاقة الانتاجية وطائفة
من المخاطر السياسية اكثر من خوفهم من اي تخمة في المعروض.
وحثت الصحافة الصينية المملوكة للدولة ايران على ايقاف ابحاثها
النووية والعودة الى المفاوضات مع ثلاثي الاتحاد الاوروبي بريطانيا
والمانيا وفرنسا لكنها حذرت من مغبة احالة ملف طهران الى مجلس الامن.
وقالت صحيفة تشاينا ديلي في افتتاحية "يجب ان تبقى المفاوضات خير
بديل لان العقوبات ستعكر المياه." واضافت انه يجب على ايران ان تعود
الى المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي.
وكان ثلاثي الاتحاد الاوروبي اوقف المفاوضات الاسبوع الماضي بعد ان
ازالت ايران اختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن معدات تخصيب
اليورانيوم واستأنفت برنامجا معلقا للابحاث النووية. ويقول مسؤولون
امريكيون واوروبيون انه لا يمكن العودة للمفاوضات اذا لم ترجع طهران عن
هذه الخطوات.
وقال تشاينا ديلي "الاجماع الدولي جلي ومهم وهو انه يجب على ايران
ان تستجيب للجهود الدبلوماسية للمجتمع الدولي."
وارتفعت أسعار خام برنت مزيج القياس الاوروبي والخام الامريكي
الخفيف لليوم الرابع خلال خمسة أيام يوم الجمعة بعد أن أضيف تهديد
تنظيم القاعدة بشن هجمات على الولايات المتحدة للمخاوف المتعلقة بتأمين
الامدادات في ايران ونيجيريا.
وقال متعامل "انه عامل الخوف" وأضاف "السوق حساسة جدا لكل ما يمكن
أن يدفع الاسعار للارتفاع."
وقال ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي يوم الخميس ان ارتفاعا في
اسعار النفط الخام "محتمل جدا" لدى تعامل الولايات المتحدة وأوروبا مع
طموحات ايران النووية.
وتعي إيران جيدا أهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي عموما
والاقتصاديات الغربية بوجه خاص. ولعل ذلك هو مبعث تعنت طهران مع
المجموعة الدولية وتحديدا مع الترويكا الأوروبية وإتباعها أسلوب
المراوغة الذي يتمثل في الجلوس حينا الى طاولة المفاوضات والتهديد
أحيانا كثيرة بوقف هذه المفاوضات ثم العودة الى استئناف الأبحاث
النووية. هذا النوع من المفاوضات الماراثونية يعكس إدراك كلا الطرفين
لحاجته للآخر انطلاقا من أرضية "المصالح المشتركة". الرئيس الإيراني
احمدي نجاد عبر عن ذلك صراحة قبيل اجتماع وزراء خارجية دول الترويكا
الأخير حينما ذكرهم بلهجة تحمل نبرة تهديد بقوله: "إنهم في النهاية
يحتاجون إلينا أكثر مما نحتاج إليهم". ويبدو أن الرئيس واع تماما لحاجة
الغرب عموما الى النفط والغاز والسوق الإيرانية. وكان وزير الطاقة
الإيراني قد لمح الى ان إحالة ملف بلاده الى مجلس الأمن من شأنها ان
تساهم في رفع أسعار النفط المرتفع أصلا.
ولكن هل تتحمل سوق النفط العالمية التنازل عن حصة ايران البالغو 2,6
مليون برميل يوميا؟
يعتقد الكثير من الخبراء بان فرض عقوبات اقتصادية تتضمن منع تصدير
النفط الإيراني غير واقعي وغير متوقع أصلا. واذا ما حصل ذلك، فانه
سيكون بالنسبة للدول الصناعية الغربية كمن يقطع شريان وريده بنفسه، حسب
تعبير يوخن كلاوسنيتزر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى غرفة التجارة
والصناعة الألمانية. فعدم تصدير النفط الايراني سيحدث عجزا في السوق
العالمية يقدر بـ 2.6 مليون برميل يوميا، وهو حصة إيران من تصدير النفط
التي حددتها منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك. وهذا يعني ارتفاع في
أسعار النفط في الأسواق العالمية الى حوالي ثلاثة أضعاف عما هي عليه
الآن، وذلك حسب تقديرات المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (دي اي
دبليو)، لاسيما وان الدول المصدرة الكبرى مثل روسيا والسعودية قد بلغت
طاقتها التصديرية القصوى. |