
* المحرر الثقافي
للشعر دوحات تعلوها نضائد القصيدة الناجحة التي تسلب الألباب لذا
تراها وقد حفظتها الألسن بعد أن تكون قد حفرت في الذاكرة .
ومن ناحية فنية الشعر فإن حفظ الأبيات أو القصائد الكاملة لشاعر
ما(عن ظهر قلب) ميزة تكاد تكون خاصة للشعر المقفى مع استثناءات قليلة
لقصيدة النثر التي تجاوز عمر ولادتها النصف قرن، أي منذ أن بدأت نازك
الملائكة من العراق ونزار قباني من لبنان ينشرون قصائدهما اللامقفاة في
أواسط الأربعينيات بالنسبة (لنازك) وأواخرها.. بالنسبة (لنـزار).
والمتطلع إلى الشعر الذي يخلو من القافية أي المكتوب بطريقة النثر
يختلف من بلد إلى آخر ويمكن بهذا الصدد ان نحكم بشكل عام على كون الشعر
الغربي في عموميته فجا ولا يحمل سمات شعرية عميقة يمكن تسويغها
وتقريبها من النفوس المتذوقة الشعر. ونقاد الشعر غالباً ما يتجهون عند
تقييمهم لشعر شاعر ما أنهم الى إحصاء عدد المفردات في أعماله الشعرية
وحصيلتها كلما كانت أكبر فإنه يحظى بتأييد أكثر مع أن هذه الطريقة لا
ينبغي أن تكون المعيار الاول او الأخير في عملية تقييم الشعر لشاعر وما
ينسب له من قصائد إذا كان شاعراً راحلاً.
ومن بين أسماء عديدة من الشعراء تتجه أسماء منهم نحو منصات المجد
لتبقى قصائدهم خالدة فوقها مع الزمن والاهتمام بالشعر ليس مقصوراً على
العهود القديمة فحين يُسأل المرء المتابع عن شعراء الهند مثلاً يتبادر
إلى الذهن الشاعر طاغور(1861 – 1941م) الذي اشتهر بـ(الشعر الصوفي)
وسبق ان نال على بعض قصائده جائزة نوبل للآداب سنة 1913م وكان أحد أكثر
المقربين من المهاتما غاندي حتى قيل أنه مستشاره الخاص حيث اشترك معه
في وضع مناهج الإصلاح الوطني كهدف لا بد منه قبل الشروع بمجازفة معاداة
المستعمر سلمياً، ففي قصيدة له يحث على أن يكون للإخاء بين بني آدم
وحواء قيمة عُليا يقول:
على شواطئ الهند
حيث يلتقي الناس من كل الشعوب
تيقظ يا عقلي
أرسل تحياتي لرب الإنسانية
وفي غناء مهيب أنشد تسابيحي له.
وفي أيامنا المعاصرة لا يدري أحد إلا من يتابع شأن الثقافة الغربية
أن هناك منصباً يسمى(مستشار الشعر) ومقره في مكتبة الكونجرس الأمريكي
ومن أولويات مهام من يشغل هذا المنصب هو ترشيح الأعمال الشعرية الناجحة
التي تضاف إلى أرشيفها الواسع وهذا المنصب قد استحدث رسمياً لأول مرة
سنة 1985م وكان قد منح آنذاك لشاعر البيت الأبيض بواشنطن (روبرت بن
وارن Robert Penn Warren) لكن اي شاعر متملق لن يحظى بالوجدان العالمي
مطلقا. |