انسداد أفق التغيير لمصلحة من؟

بسام محمد حسين

تؤكد المعطيات المباشرة أن قضايا الإصلاح الديمقراطي والتغيير المفترض قد أنتقل بفعل حزمة من الوقائع إلى مطابخ القرار البيت الرسمي العربي وبذلك تعود المنطقة العربية إلى سابق عهدها ثمة من يقرر مفاعيل الإصلاح وضرورته وتوقيته وجوانبه وحامله وما ينغص حقيقة هذه المحاولات، فانوس الحقيقة والكثير من استحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فعلى صعيد السياسي يرشح استمرار الأزمات المستعصية وذلك بالتضييق على الفكر التنويري والإصلاحي والديمقراطي وإضعاف روح المبادرة واستبعاد توسيع آليات المشاركة في القرار السياسي لتعود المنطقة العربية والإقصاء وقوننة حرية التعبير دوره الفاعل في تهميش القوى السياسية الديمقراطية لتخرجها مرة ثانية من أهم حقلها المجتمعي.

 ورغم أن المتغيرات الدولية والتي تدفع إلى المزيد من الانفتاح والانكشاف على الواقع السياسي العربي إلا أن هناك أكثر من سبب كانت نتيجته أن الإصلاح والتغيير لن يخرج من مطابخ القرار الرسمي والتقليدي وتحت مسميات وذرائع لا يفهم منها سوى الاستمرار في نهج استبعاد التغيير السياسي والتدخل في التحولات المفترضة وفق لأهداف ومصالح صناع القرار وبذلك ستظل المنطقة العربية من سماتها التضخم وتراكم الاستحقاقات والمزيد من التراجعات على كافة الصعد.

فعلى صعيد الاقتصادي ورغم ما قيل وكتب وشرح عن أهمية التنمية الإنسانية وضرورة الإصلاح الاقتصادي المعبر عنه باعتراف الجميع أن المنطقة العربية هي في حدود الكارثة، وعلى أعتاب أزمة عاصفة مردها البطالة والفقر والجوع والمرض، إلا أن لا زالت العمل بالهروب إلى الأمام من ضرورة المعالجة الجذرية قائمة وتشكل في صلب الواقع مؤشرات أن المنطقة العربية تنتقل من السيئ إلى الأسوأ وأن المنطقة العربية اقتصادها ومجتمعاتها هي في أهم مرحلة تتطلب الخروج الكامل من حالة التخلف المعمم وذلك عبر الاستخدام الأمثل للطاقات الإنسانية والعمل بدولة القانون وحقوق المواطنة وإفساح المجال للقوى السياسية والاجتماعية بأن تلعب دوراً في تحديد خياراتها ومستقبلها.

 والأهم في ذلك إشاعة ثقافة حقوق الإنسان واحترام الرأي الآخر ودعم ومؤازرة قوى الانفتاح والعدل والتسامح واعتماد الإنسان لثروة حقيقية حيث حقه في مجتمع يتوفر فيه العمل والضمانات المختلفة وتحقق فيه الكرامة الإنسانية وخاصة أن مجتمعنا العربي له من التجارب والخبرات أن أحسن استثمارها والعمل بها تشكل عامل إضافي وسند قوي لإحلال مجتمع العدل والحرية، ففي ميراثنا الإسلامي دعوات إصلاحية نذكر منها ما اجتهد به سماحة الإمام الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) في دعوته إلى الأمة الإسلامية الواحة حيث شخص الواقع الإسلامي بحكمة وبصيرة نادرة معللاً أسباب تخلف المسلمين وأمراضهم وأوضاعهم وكيفية الخلوص من واقع الحال.

لم يترك سماحته شأناً صغيراً أو هام لأوضاع الأمة الإسلامية إلا وترك اجتهاداً لو تم العمل به لشهدت منطقتنا حلاً جذرياً لكل البلاء الذي يحيط بأمننا من جميع الجهات إنها دعوى لكل القادة والمفكرين والمثقفين والمؤمنين بقضايا العدل والحرية والتقدم أن يتوقفوا عند المشروع الحضاري لسماحته حيث سيأتي يوماً ينصف آراءه ومواقفه باعتباره أسس لحقيقة إستراتيجية تنموية إنسانية فلسفية وثقافية علمية للأمة الإسلامية.

aboalibassam@gawab.com

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 17/كانون الثاني/2006 - 16/ذي الحجة/1426