
غطت جموع هائلة قدرت بنحو 2,5 مليون حاج الاثنين جبل عرفات في يوم
الوقفة الكبرى وذلك لقضاء الركن الاعظم من اركان الحج في يوم عرفة.
وارتفعت اصوات الوف مؤلفة بلهجات متعددة تردد "لبيك اللهم لبيك لبيك
لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" في موكب
ايماني مهيب لتتردد تلبيتهم من فوق الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 250 مترا
عن سطح الارض بين الجبال المحيطة بعرفات.
واندفعت جموع الحجاج الذين اتوا من كل انحاء العالم من نحو 177 دولة
رجالا ونساء شيوخا وشبابا في لباس الاحرام والسنتهم تلهج بالدعاء وطلب
المغفرة وتردد بلا توقف التلبية في خشوع.
وقالت وكالة الانباء السعودية ان "عملية انتقال حجاج بيت الله
الحرام من منى الى عرفات تمت بسهولة وانسيابية".
وانتشر الالاف من عناصر الامن السعودي في المنطقة اضافة الى عشرات
الطواقم الطبية وعدد كبير من عمال النظافة الاسيويين.
وتم تجنيد حوالي 60 الفا من عناصر الامن والصحة لمواجهة متطلبات
موسم الحج لهذه السنة.
وازدحمت جوانب الطرق بالحجاج الذين جلس بعضهم لأخذ قسط من الراحة
بعد رحلة المساء من منى.
ودعا العديد من الحجاج المتشحين بملابس الاحرام البيضاء لنصرة
المسلمين في الاراضي الفلسطينية وفي العراق. كما ترحموا على 76 شخصا
قتلوا في انهيار نزل بمكة يوم الخميس الماضي.
كما عبر الحجاج عن أملهم في حج امن بعد انهيار النزل والتحذيرات من
احتمال انتشار سلالة فتاكة من مرض انفلونزا الطيور.
وقالت سعيدة (47 عاما) من جيبوتي وهي تجلس في الظل على جانب الطريق
اتقاء لحرارة الشمس "أصبت بنزلة برد وأدعو الله ان يشفيني وأرجو ألا
تكون انفلونزا الطيور."
وحذر خبراء طبيون من أن الحشود الكبيرة قد تهيء الظروف المواتية
لانتشار انفلونزا الطيور.
وتقول المملكة العربية السعودية انها انفقت 25 مليون ريال (6.7
مليون دولار) على توفير امدادات من دواء تاميفلو الذي يمكنه الحد من
شدة المرض اذا أعطي للمريض خلال الايام الاولى من ظهور الاعراض عليه.
وقالت ثريا (38 عاما) من اندونيسيا "لا أخشى من انفلونزا الطيور هنا
... لكني أخشى منه في بلدي." وأضافت "هناك احتمال أن ينقله أحد الى هنا
لكن الله هو الحافظ."
ولا ينتقل الفيروس الى الانسان الا عن طريق التعامل عن قرب مع
الطيور المصابة.
وقال الياس انور وهو داعية اسلامي من الولايات المتحدة جاء لاداء
الحج للمرة الثانية "لم أتردد في الامر" خوفا من المرض.
ونشرت السعودية 60 الفا من قوات الامن في محاولة لتجنب عمليات
التدافع أو أي هجوم قد يشنه متشددون.
وقالت عفاف (30 عاما) من جيبوتي "ادعو من أجل حج آمن وباليُمن
والبركة لجميع المسلمين خاصة في العراق وفلسطين." وأضافت "أدعو الله
كذلك أن يدخل المساكين الذين صعدت أرواحهم في انهيار النزل في زمرة
الشهداء."
وسبب انهيار النزل حرجا للسعودية التي تعمل على توفير سبل الراحة
لنحو 2.5 مليون حاج كل عام. وتعهدت المملكة بالتحقيق لمعرفة سبب
الانهيار وقال الملك عبد الله ان الناجين سيكملون الحج على نفقة
الدولة.
وكان الحج قد شهد مآسي أُخرى في الأعوام القليلة الماضية ففي عام
2004 توفي نحو 250 حاجا في تدافع أثناء رمي الجمرات.
ونظمت الحكومة مداخل لموقع رمي الجمرات في منى حيث يقيم الحجاج
ثلاثة أيام اعتبارا من يوم الثلاثاء ووعدت بازالة الخيام التي يقيمها
الحجاج هناك دون تصريح.
واثناء الليل سيتحرك الحجيج من عرفات عائدين الى منى لرمي الجمرات
الذي يبدأ يوم الثلاثاء مع أول أيام عيد الاضحى.
من جهة اخرى وكما جرت عليه العادة سنويا تم صباح يوم الاثنين
استبدال كسوة الكعبة المشرفة بكسوة جديدة بلغت كلفتها عشرين مليون ريال
(5,33 ملايين دولار).
وكان الحجاج بدأوا الاحد اداء فريضة الحج بقضاء يوم التروية في وادي
منى. وينفر الحجاج مع مغيب شمس الاثنين الى المزدلفة ويبيتون ليلتهم
فيها.
وصباح الثلاثاء اول ايام عيد الاضحى المبارك يتوجه الحجاج الى منى
مرة اخرى في اول ايام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات ثم نحر الاضاحي قبل
الطواف بالكعبة المشرفة (طواف الافاضة) ثم الحلق او تقصير الشعر.
وبلغت كمية المياه التي استهلكها مئات الاف الحجاج الاثنين في مشعر
عرفات مائة الف متر مكعب. وقالت وكالة الانباء السعودية "بلغت كميات
المياه التي استهلكها ضيوف الرحمن بمشعر عرفات اليوم 100 ألف متر
مكعب".
من جهة اخرى نقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة التجارة والصناعة
السعودية ان اصحاب المخابز في كل من مكة المكرمة وجده سارعوا لتأمين
كميات إضافية كبيرة من الخبز بلغت حوالي 429 الف رغيفا لتعزيز المباسط
والمحلات التجارية بالقرب من مسجد نمرة بعرفات.
وتعمل السلطات السعودية اضافة الى تلافي حالات التدافع التي تسببت
في موسم سنة 2004 في وفاة 251 شخصا وفي 1990 في مقتل 1426 شخصا على
الوقاية من اي امراض معدية او اي هجمات ارهابية.
وتشير تقديرات رسمية الى ان عدد الحجاج بلغ هذه السنة حوالي 2,5
مليون حاج بينهم 1,557 مليون حاج قدموا من خارج السعودية. |