مراكز الأبحاث ثينك تانكس ودورها في صنع السياسة الأمريكية حيال العرب في 2005

تلعب مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة دورا كبيرا في تشكيل السياسية الخارجية الأمريكية، ويطلق عليها مصطلح "ثينك تانكس“ Thinks Tanks. وتقوم هذه المراكز البحثية بإمداد صانعي السياسية الأمريكية ووسائل الإعلام بتحليلات ودراسات تتعلق بكل القضايا الهامة، مما يجعلها لاعبا هاما في تحديد أولويات القضايا الإستراتيجية التي تواجه الولايات المتحدة. وتشارك المراكز البحثية كذلك في تحديد المسارات التي يجب أن تسلكها الحكومة الأمريكية في تعاملها مع هذه القضايا.

يلقي هذا التقرير الذي نشره تقرير واشنطن الضوء على أهم إصدارات مراكز الأبحاث الأمريكية خلال عام 2005 ومن هذه المراكز والمؤسسات:

1  مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية Center for Strategic and International Studies-CSIS

"تغير حسابات الولايات المتحدة في اعتمادها علي مصادر الطاقة في الشرق الأوسط" “The Changing Balance of US and Global Dependence on Middle Eastern Energy Exports”

وتشير الدراسة إلي أن ارتفاع أسعار مصادر الطاقة العالمية جعلت دول الشرق الوسط البترولية تتمتع بوفرة في دخلها القومي الإجمالي، بما قد يسمح باستثمار أجزاء كبيرة من هذا الدخل الإضافي في بنية استخراج موارد الطاقة من بترول وغاز طبيعي بما سيؤدي لاحقا إلي زيادة الإنتاج العالمي.

وتعرض الدراسة تفصيلا لكل دولة علي حدة من حيث الخطط الموضوعة لزيادة الإنتاج علي المدى القصير عام 2010، والمدى المتوسط عام 2015، والمدى الطويل عام 2025.

وتوقعت الدراسة عودة أسعار برميل البترول لتستقر بين معدل 25$ و27$ للبرميل. وتتوقع منظمة معلومات الطاقة EIA أن يصل معدل استهلاك البترول إلي 39% من إجمالي المستهلك من مصادر الطاقة العالمية خلال السنوات الخمسة القادمة. وخلال الفترة الممتدة حتى عام 2015 ستكون الولايات المتحدة والقوي الصاعدة في أسيا (الهند والصين) مستهلكة لما يقرب من 60% من إجمالي الزيادة في استهلاك الطاقة العالمي.

2  مؤسسة راند   Rand ودراستها توصي بدولة فلسطينية:

حددت مؤسسة راند عددا من الدراسات الهامة منها ما بدأ العمل فيه بالفعل ومنها ما سيبدأ في المستقبل القريب وأبرز هذه الدراسات التي صدرت عام 2005 دراسة توصى بعنوان "المساعدة علي إقامة دولة فلسطينية ناجحة". والدراسة تعمل علي الإجابة علي التساؤل الآتي: "ما هي الشروط الواجب توفرها لقيام دولة فلسطينية دائمة؟". وقد قدم "المركز" توصياته في هذا الصدد من خلال ما نشر في تقريرين عن هذه الدراسة هما: "بناء دولة فلسطينية ناجحة" و"القوس: هيكل رسمي للدولة الفلسطينية"، حيت عالجت التوصيات مسألة خلق هيكل ناجح وقابل للتطبيق عملياً للدولة الفلسطينية. وأفاد البحث أن احتمال بقاء الدولة الفلسطينية يزيد قوة إذا توفر لها قدر كبير من سلامة الأراضي، والحدود المفتوحة، والأمن الكافي، سواء بداخلها أو لجيرانها.

3  معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy  ودراستها:

"الأمن‏،‏ الإصلاح،‏ والسلام‏:‏ الأعمدة الثلاثة للاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط"

أصدر المعهد تقريره الذي يصاحب وصول إدارة جديدة للبيت الأبيض ليكون بمثابة دليل لها في سياساتها في منطقة الشرق الأوسط. والتقرير الذي يصدر كل أربع سنوات، ويشتهر التقرير بنفاذه إلي دوائر صناعه القرار في البيت الأبيض وخارجه‏.

ويتناول تقرير هذا العام التحديات التي تواجه سياسات الولايات المتحدة في الشرق الوسط في هذه الفترة التاريخية الهامة. ويطالب التقرير بتكامل الإستراتيجية الأمريكية التي يري ضرورة بنائها علي ثلاثة أعمدة أساسية:

الأمن هو العامل الأكثر أهمية ويتطلب سرعة التعامل الجدي مع هذه القضية الخطيرة، إلا أن التقرير يشير إلي أن الأمن وحده غير كافي. وإذا أرادت الولايات المتحدة محاربة التهديدات الأمنية فقط (إرهاب، تهديد لتدفق النفط، مخاطر علي إسرائيل) الصادرة من الشرق الأوسط، وبدون أن تنظر في أسبابها وما يروج لها، فعلي الإدارة الأمريكية أن تساعد علي تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تؤدي إلي ظهور هذه التهديدات. لذلك يدعو التقرير إلي تبني الإدارة الأمريكية خطط تهدف إلي تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في دول الشرق الأوسط وتعمل علي تحقيق عملية السلام بين العرب وإسرائيل.

ويرأس المعهد دينس روس المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط، والمستشار السابق للرئيس بيل كلينتون فيما يتعلق بعملية السلام العربية الإسرائيلية.

4  معهد الشرق الأوسط Middle East Institute

A Turning Point for Libya and the United States Libya after 35 years  ودراستها:

ليبيا بعد 35 عاما ... مرحلة حاسمة في العلاقات الليبية الأمريكية

أصدر معهد الشرق الأوسط تقريرا عن العلاقات الليبية-الأمريكية في ظل التغيرات في سياسة ليبيا الخارجية عبر السنوات الماضية والتي كان من أهمها موافقة الحكومة الليبية على إنهاء محاولتها للحصول على أسلحة دمار شامل، إلى جانب قرار الحكومة الليبية على دفع تعويضات لأسر ضحايا رحلة بان آم (PAN AM #103). كتب التقرير نائب مساعد وزير الخارجية السابق ونائب رئيس معهد الشرق الأوسط حاليا ديفيد ماك David Mack بعدما قام بزيارة أخيرة لليبيا.

وعن العلاقات الليبية-الأمريكية ناقش التقرير ثلاثة عقبات أساسية تعوق عملية الانفتاح في هذه العلاقة:

 1-استمرار وجود ليبيا على لائحة الإدارة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب رغم التطورات السابقة.

 2-فشل الحكومة الأمريكية حتى الآن في فتح مكتب استخراج تأشيرات سفر من ليبيا للولايات المتحدة، وهنا أوضح ماك أن هذا التأخير تسبب في إعاقة التعاون الليبي-الأمريكي في المجال الثقافي والتجاري والسياحي.

3 أخيرا غياب تمثيل دبلوماسي على مستوى السفراء بين واشنطن وطرابلس.

ويقول السفير ماك إن تحسين العلاقات الأمريكية-الليبية يعد نجاحا مهما للدولتين، حيث استطاعت كلتا الدولتين الحصول على أرباح اقتصادية وإستراتيجية مهمة. وحذر التقرير من العواقب السلبية الناتجة عن أي تأخير أو إهمال من إي الطرفين وفي هذا الضوء أستعرض ماك توصياته للحكومة الأمريكية للفترة القادمة في العلاقات الأمريكية-الليبية وتضمنت الاقتراحات النقاط التالية:

أولاً: تحديد موعد لبدء استخراج تراخيص السفر للولايات المتحدة من ليبيا والإعلان عن هذا الموعد للحكومة و الشعب الليبي.

ثانياً: تقديم وعد لليبيا بأن الولايات المتحدة ستبحث بجدية حذفها من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.

 ثالثاً: تعزيز الحوار الليبي-الأمريكي في قضايا الإصلاح الاقتصادي والسياسي داخل البلاد وحث ماك على أهمية استعداد الإدارة الأمريكية للاستماع للآراء الليبية في أطار هذا الحوار.

رابعاً: مساندة مؤسسات تمثيل القطاع الخاص الليبي بالولايات المتحدة (وكذلك تمثيل القطاع الأمريكي بليبيا) لدعم التفاهم ما بين الحكومات ورجال أعمال والمستثمرين الأجانب في كلا البلدين.

5  مجلس العلاقات الخارجية Council of Foreign Relations

A New Beginning: Strategies for a More Fruitful Dialogue with the Muslim World  ودراستها:

   بداية جديدة: إستراتيجيات جديدة لحوار بناء مع العالم الإسلامي

أصدر مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن تقرير عن نظرة المجتمع الإسلامي تجاه الولايات المتحدة. والتقرير خلاصة لعدة أبحاث ومقابلات مع مختلف الفئات أجراها معدي التقرير في ثلاثة بلدان هي مصر والمغرب وإندونيسيا. وتدل نتائج هذا البحث الميداني الذي جرى العام الماضي على أن مشاعر الرأي العام تجاه الولايات المتحدة في البلدان الثلاثة قد تدنت بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وبداية الحرب ضد الإرهاب والحرب العراقية. ويقول التقرير إن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل يعد أحد العناصر الأساسية المكونة للإحساس العام بالازدواجية الأمريكية داخل الوطن العربي، كما يعد أحد الأسباب المهمة لتدهور صورة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي. كما أوضح كاتبي التقرير أن المحطات الفضائية كقناة الجزيرة وغيرها قد قوت المشاعر العدائية تجاه الولايات المتحدة بسبب انتقادها للسياسات الأمريكية. أما عن القنوات الإخبارية الممولة من الحكومة الأمريكية فيقول التقرير أن ليس هناك من يتابع إرسال مثل هذه الوسائل بجدية. ولذلك ليس من الغريب أن معظم المشاركين في مقابلات البحث يعتقدون أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو السيطرة على العالم أكمله.

السياسة الأمريكية تحت المنظار في المؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط

ما هو مستقبل العلاقات الأمريكية السورية؟ هل تستطيع الولايات المتحدة النجاح في حملتها ضد الإرهاب العالمي رغم تدني مصداقية واشنطن في أعين المجتمع الدولي؟ هل منطقة الشرق الأوسط قادرة علي تلبية الاحتياجات النفطية للعالم الصناعي مع تزايد الطلب الصيني والهندي؟ وماذا عن الصراع العربي الإسرائيلي وما مصير جهود دعم السلام بالمنطقة؟ وإلى أين يتجه العراق؟

شكلت كل هذه الأسئلة وغيرها محاور النقاش بالمؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط the Middle East Institute الذي عقد الأسبوع الماضي على مدار ثلاثة أيام بنادي الصحافة القومي بالعاصمة الأمريكية. ولعل المناقشات والحوارات التي جرت في إطار هذا الحدث الكبير تدل على التحولات الجارية بخصوص رؤية مجتمع واشنطن السياسي تجاه منطقة الشرق الأوسط وتصوره لكيفية التعامل مع التغيرات الراهنة بالمنطقة. وضم هذا الحدث حشدا كبيرا من الحاضرين والمتحدثين من بينهم شخصيات بارزة في عالم السياسة والأعلام والأفكار. وسنقدم من خلال التقرير التالي لمحة سريعة لوقائع المؤتمر الذي يعقد في خريف كل عام لتقييم أهم التطورات في منطقة الشرق الأوسط والسياسة الأمريكية تجاهها.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 9/كانون الثاني/2006 -  8/ذي الحجة/1426