بعد الأحداث الأخيرة هل العراق على شفا حرب اهلية؟

قال اكبر قائد عسكري في العراق يوم الجمعة بعد واحد من اكثر الايام دموية منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين ان موجة العنف التي شهدتها البلاد هذا الاسبوع "امر شاذ" وان العراق ليس على شفا حرب اهلية.

وقال الجنرال جورج كيسي لشبكة (سي.ان.ان) التلفزيونية "اعتقد ان هذا المستوى الذي رأيناه من العنف امر شاذ. نشهد هذه الفورات بين فترة واخرى."

وكان هجومان انتحاريان في كربلاء والرمادي يوم الخميس قد اسفرا عن مقتل اكثر من 120 عراقيا. كما قتل 11 جنديا أمريكيا في اربع هجمات للمسلحين.

وقال كيسي "أعتقد ان تلك الهجمات في الايام الماضية يهدف بها المقاتلون الاجانب والعراقيون الذين يساندونهم الى اثارة توتر طائفي خلال فترة حساسة اثناء تشكيل الحكومة. لكنني لا اعتقد أنه (العراق) على شفا حرب أهلية."

وجاءت تصريحات كيسي الموجود في واشنطن للقاء الرئيس الامريكي جورج بوش وقادة وزارة الدفاع (البنتاجون) مختلفة عن اخرى أدلى بها يوم الثلاثاء الماضي سلفه في المنصب حتى عام 2004 الليفتنانت جنرال ريكاردو سانشيز.

وكانت صحيفة "ستارز اند ستريبس" المعنية بالشؤون العسكرية نقلت عن سانشيز قوله لجنود امريكيين يستعدون للتوجه إلى العراق في احتفال بمدينة هايدلبرج الالمانية ان "البلد على شفا حرب أهلية."

ودعا كبار الزعماء الدينيين والسياسيين الشيعة يوم الجمعة إلى ضبط النفس بعد أن طالب بعض الشيعة بالانتقام من المسلحين الذين يغلب عليهم العرب السنة والذين يحملونهم المسؤولية عن هجوم الخيمس الانتحاري في مدينة كربلاء.

ويمثل الشيعة 60 في المئة من الشعب العراقي لكنهم عانوا الاضطهاد من الاقلية من العرب السنة في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين الذي مارس القمع ايضا تجاه الاكراد العراقيين. ويتوقع ان يهيمن الاسلاميون الشيعة على الحكومة الجديدة.

وسعى كيسي إلى التهوين من شأن العنف الذي شهده العراق هذا الاسبوع.

وقال "لا يمكن ان نسمح لما حدث في الايام القليلة الماضية بصرف الانتباه عن التقدم الذي تحقق خلال العام الماضي. هذا هو ما يريده الارهابيون."

وادلى العراقيون باصواتهم في 15 ديسمبر كانون الثاني الماضي في انتخابات تشريعية مهدت الطريق إلى تشكيل حكومة جديدة لفترة ولاية كاملة.

وقياسا بعدد الوفيات بين صفوف القوات الامريكية يتضح ان مستوى اعمال العنف التي يشنها المسلحون ظل متسقا في العامين الماضيين. ففي عام 2004 قتل 848 جنديا أمريكيا بينما قتل 846 جنديا في عام 2005.

وشهد يوم الخميس مقتل 11 جنديا أمريكيا وهو أكبر عدد من القتلى في صفوف العسكريين الامريكيين في العراق منذ الأول من ديسمبر كانون الاول. وبذلك ارتفع عدد القتلى الامريكيين منذ بداية الحرب في مارس آذار عام 2003 إلى 2193 قتيلا.

وتنبأ الميجر جنرال ستيفن جونسون من مشاة البحرية الامريكية الذي يقود قوات في اكثر المحافظات العراقية عنفا بتراجع اراقة الدماء خلال العام الحالي وقال ان عمليات عسكرية شهدتها محافظة الانبار في الاونة الاخيرة "اخرجت التمرد عن مساره."

وقال جونسون للصحفيين في البنتاجون من العراق ان اعمال المسلحين ستستمر "إلى أن يتاح الوقت لتطور العملية السياسية."

واضاف "اعتقد انكم سترون خلال العام القادم تراجعا في العنف .. فكما تعلمون هناك بدائل لم تكن متاحة من قبل."

وقال جونسون إن عمليات ملاحقة المسلحين في غرب محافظة الانبار في الاونة الاخيرة الحقت بهم الضرر. واضاف "اعتقد اننا في اخر العمليات في الانبار خاصة في وأدي الفرات الغربي اخرجنا المتمردين عن مسارهم."

وذكر جونسون أن الهجوم الانتحاري الذي وقع يوم الخميس واستهدف مجندين في الشرطة بمدينة الرمادي السنية بغرب العراق يحمل "كل بصمات" فرع تنظيم القاعدة في العراق لكنه اضاف انه لا يوجد دليل يؤيد هذا الاستنتاج.

من جهتها قالت شبكة ان بي سي التلفزيونية الامريكية يوم الجمعة ان بول بريمر الذي قاد سلطة الاحتلال المدنية الامريكية في العراق بعد غزوه في عام 2003 اعترف بان الولايات المتحدة لم تكن تتوقع التمرد في هذا البلد.

وسرد بريمر الذي اجرت الشبكة مقابلة معه فيما يتعلق بنشر كتابه عن العراق تفاصيل قرار حل الجيش العراقي بسرعة بعد الوصول الى بغداد وهي خطوة يعتبرها خبراء كثيرون سوء تقدير كبيرا.

وقالت الشبكة في نشرة اخبارية انه عندما سئل بريمر عمن الذي ينحى باللائمة عليه في التمرد العراقي الذي تلا ذلك والذي قتل فيه الاف من العراقيين والامريكيين فقال "لم نتوقع حقيقة حدوث التمرد."

واضافت الشبكة التي لم تنشر نسخة من المقابلة ان تصريحات بريمر اشارت الى ان"تركيز الحرب كان في المكان الخطأ."

ومن المقرر نشر الكتاب"عامي في العراق..النضال لبناء مستقبل الامل" "My Year in Iraq: The Struggle to Build a Future of Hope" يوم الاثنين . وستذاع المقابلة ليل الاحد.

وقال بريمر ايضا انه كان يشعر بقلق عميق بشأن قتال المسلحين "واصبح قلقا على نحو متزايد بشأن حملة البنتاجون لتقليل عدد القوات الامريكية في العراق بحلول ربيع 2004."

وقال بريمر انه اثار قلقه بأن الاعداد ونوعية القوات مع الرئيس جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار المسؤولين العسكريين .

ولكنه ابلغ ان بي سي انه كان هناك اتجاه من جانب اشخاص في وزارة الدفاع الامريكية لتضخيم قدرة القوات العراقية وقال"شعرت أنه من غير المحتمل ان يكون لدينا قوات مدربة بشكل احترافي للسماح لنا بسحب القوات الامريكية في ربيع 2004 ."

وسئل عما اذا كان يعتقد انه فعل كل شيء يمكن ان يفعله في العراق فقال بريمر "اعتقد انني فعلت كل شيء استطيع أن افعله..الرئيس في النهاية مسؤول عن اتخاذ القرارات."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 8/كانون الثاني/2006 -  7/ذي الحجة/1426