البرت الابن الذي تخلص من ارث ابيه النازي وحلق في سماء الهندسة المعمارية

 باعتباره أحد أبناء أقرب مساعدي أدولف هتلر الذي قضي الكثير من طفولته في المنتجع الجبلي لهتلر يعرف البرت شبير أكثر من غالبية الالمان معنى ان يعيش المرء في ظل ماضي المانيا النازي.

وحمل البرت شبير اسم ابيه الذي كان اكبر مخططي هتلر ومهندسه المفضل ولكنه أُصيب بصدمة في سنوات الحرب حتى انه أنشأ لديه حالة من التلعثم القوى جعلت من الصعب عليه ان يتواصل مع الآخرين.

وقال في مقابلة خاصة"لم يكن بوسعي ان انطق جملة كاملة.. ربما كان السبب طفولتي. وهذه اللعثمة هي سبب تركي للمدرسة وتدربت على النجارة.. لو كنت تبني فانك لا يتعين عليك الحديث كثيرا."

واختار شبير في النهاية ان يسير على نهج والده المهني وأصبح مهندسا معماريا حيث حقق نجاحا مهنيا بتقديم عروض مجهولة لمشاريع الانشاءات.

والآن وهو في الواحدة والسبعين من عمره فانه تعلم كيف يتعايش مع الاسم الذي طارده طويلا كشاب ينمو في المانيا ما بعد الحرب والتي حاولت على مدى عقود ان تتصالح مع ماضيها النازي والحرب العالمية الثانية.

ويمكن لشبير ان ينظر الى الماضي الى مهنة شهدته وهو يصبح واحدا من أفضل المهندسين المعروفين في المانيا ومخطط مدن يحظى بالإشادة.

وشركة شبير التي تتخذ مقرها في مبنى مصنع سابق في ضاحية زاخينهاوسن الراقية في فرانكفورت تعمل الان في مشاريع في كل انحاء العالم.

واليوم يحاول شبير ان يقلل من أهمية اسم والده رغم انه يعترف بأنه شكل حياته.

وقال شبير" انا الابن الاكبر لذلك الاب ولا أرى أي سبب لاتخاذ اسم آخر. ولكن الاسم يقينا لم يساعدني. ربما هذا هو السبب في ان هذا المكتب اصبح لديه تركيز كبير على البيئة والديمومة والاعمار المتناغم بدلا من الهياكل المعمارية سابقة التصور".

ويضيف "ربما يشعر المرء انه مضطر بصفة خاصة الى الخروج بمعمار وتخطيط مدن انساني عندما يكون لديك مثل ذلك الاب. ان طموحي لعمل شيء من أجل الآخرين هو شيء يتعلق بالاسم."

وقضى شبير الذي بدأ والده خططا لبناء العاصمة الامبراطورية لهتلر والتي كانت ستحمل اسم "جيرمانيا" جزءا من طفولته في منتجع اوبرسلزبرج الجبلي الذي كان يقيم فيه الدكتاتور.

وانتقل الى شقة صغيرة في هايدلبرج عندما سجن ابوه 20 عاما في محاكمات نورمبرج لدوره كوزير للعتاد الحربي  واستعباد الملايين من اجل المجهود الحربي.

وتعرض زعم شبير الاكبر بانه لم يكن يعرف شيئا في ذلك الوقت عن المحرقة وهو الامر الذي نجاه من الاعدام للطعن على يد مؤرخين برهنوا على انه وافق على توفير مواد لتوسيع معسكر الموت في اوشفيتز. غير ان شبير الاصغر يحاول ان يظل خارج الماضي.

ويقول "انا لست شخصا يطيل التفكير في الماضي.. انا افضل التفكير في المستقبل."

وهو معارض قوي لخطط اعادة اعمار المزيد من المباني التي دمرت في الحرب مثل فرونكيرش في درسدن قائلا انها ليست لها مكان في المانيا الحديثة.

والكنيسة التي دمرها تماما قصف الحلفاء في عام 1945 اعيد بناؤها وجرى افتتاحها في اكتوبر تشرين الاول. غير ان شبير يرى ان المشروع يجب ان يظل استثناء.

وانتقد الخطط الخاصة ببناء المقر السابق للقيصر فيلهلم في وسط برلين.

وتخطط برلين لهدم قصر الجمهورية وهو مقر البرلمان السابق لالمانيا الشرقية لاعادة بناء نسخة من مقر القيصر البروسي الفخم الذي ظل في موقعه الى ان جرى هدمه في عام 1951.

وقال شبير "عندما يكون هناك شيء متروك يمثل جزءا من تاريخ المدينة فعليك ان تبقي عليه. ولكن مالم يكن هناك شيء.. ان نبرهن كما لو كنا نريد عودة القيصر فيلهلم ثانية هو امر سخيف.. جنون."وأضاف "ما الذي سيفعله قصر القيصر في المانيا الحديثة..لاشيء بالمرة."

كذلك انتقد شبير ايضا بشدة الاقتراحات فغ فرانكفورت باعادة بناء جزء من بلدتها القديمة التي دمرت في القصف.

ورغم انه ضد إعادة البناء فانه ينتقد قرار المخططين الالمان عشية الحرب العالمية الثانية بهدم الكثير من المباني القديمة فيما وصفه بانه اعتقاد معيب بانهم يمكن ان يخلقوا "مجتمعا جديدا"

وهذه السياسة الى جانب التدمير الذي احدثته القنابل حولت الكثير من المدن الالمانية التي كانت يوما ما جميلة الي مدن يصعب التعرف عليها.

وقال شبير" اولئك الذين كانوا في السلطة بعد الحرب العالمية الثانية قالوا ان التاريخ لا يهمنا..لم يكن فحسب تاريخ الرايخ الثالث.. بل انهم دمروا مباني كانت اكثر قدما.

واضاف" كانوا يأملون في خلق مجتمع جديد يمكن ان يشكله هذا المعمار ولكن الخطة لم تنجح. لم يكن هناك اعتبار كاف للماضي.. الناس لا يريدون العيش دون تاريخ."

وهدمت المانيا الغربية على وجه الخصوص الكثير من المباني التي دمرها القصف بسرعة بعد الحرب العالمية الثانية واقامت بسرعة مباني حديثة.

أما المانيا الشرقية الشيوعية فقد تركت الكثير من المباني المصابة بأضرار واقفة في البداية بسب الافتقار الى اعتمادات لهدمها. وجرى تجديد العديد منذ الوحدة.

ومع اقتراب مسيرتة العملية من نهايتها وضع شبير ماضيه وتلعثمه خلف ظهره.

وقال "المفارقة هي انني اليوم فقط اتحدث لرجال السياسة والموظفين والطلبة والاخرين ولم امسك قلما ابدا في يدي."

ولانه يسير على الخطوات المهنية لثلاثة أجيال من اسرته فهل يعتقد انه ورث من والده شيئا اثر على عمله.

ردا على ذلك يهز شبير كتفيه قائلا "امل الا يكون ذلك هو الحال."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 4/كانون الثاني/2006 -  3/ذي الحجة/1426