من مكتبة النبأ: التربية بضرب الأمثال

الكتاب: التربية بضرب الأمثال

المؤلف: عبد الرحمن النحلاوي

الناشر: دار الفكر المعاصر (بيروت – لبنان)

الأوليات: الطبعة الأولى  1419  هـ - 1998م

   (128) صفحة من القطع الكبير

 

(ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً)

الكهف: 18/ 54.

من محتوى (المقدمة) نعيش مع هذه السطور:

فطر الله الإنسان على الجدل والمناقشة وطلب البرهان، وميزه بذلك على سائر المخلوقات، وقد أنزل الله في كتابه العزيز علاجاً لما فطر عليه الإنسان، فصرف له الأمثال ونوعّها، حتى شملت كل ما يحتاج إليه من الهداية والبراهين، للوصول إلى الحقيقة والاقتناع بها. وقد أشار المولى جل جلاله، إلى ذلك في قوله تعالى: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل، وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً) الكهف: 18/54.

ولم تقتصر الأمثال القرآنية على إرواء الحاجة الإنسانية الملحة إلى البرهان والجدل، بل عملت على توجيه هذه الحاجة وتربية الإنسان على أن يجادل في سبيل الوصول إلى الحق، وأن يجادل ليبرهن برهاناً مجدياً قويماً، لا أن يجادل جدلاً فارغاً عقيماً، لمجرد التحدي والمراء،...

ثم إن المثل القرآني يربي الانفعالات بما يعقده من موازنات بين ما يثير الانفعال... وبين ما يهدف إليه المثل من إذكاء الهمة نحو عمل الخير... والواجبات الاجتماعية، فيصبح السلوك المطلوب الذي سيق المثل من أجل تربية الإنسان عليه محبباً للنفس... ويصبح السلوك السيء الذي سيق المثل ليرينا على تجنبه... لاقترانه بالانفعالات المنفرة، وهكذا يربي المثل القرآن انفعالاتنا وعواطفنا، أي يربي وجداننا تربية أخلاقية، فيرقى بها إلى محبة الحق والخير والرغبة فيه والتضحية من أجله، وإلى كراهية الشر والباطل والنفور منه والابتعاد عنه حين يشبّه بالأشياء التافهة كبعض الحشرات أو كبعض الحيوانات البليدة، أو بالأمور المؤدية إلى الخسران والبوار...

فالتربية بالأمثال القرآنية والنبوية طريقة تربوية قائمة بذاتها، توظف العقل والوجدان وتربيهما...

ومن محتوى الفصل الأول (التعريف بأمثال القرآن الكريم وتحليل المثل إلى مراحله التربوية فتعايش مع هذه الكلمات من عنوان فرعي هو (المعنى اللغوي):

قال الراغب الاصفهاني في (مفردات غريب القرآن):

أصل المثول: الانتصاب، يقال: مثل الشيء أي: انتصب وتصوّر...

ثم قال: والمثل عبارة عن قول في شيء يشبه قولاً في شيء آخر، بينهما مشابهة، ليبين أحدهما الآخر وبصوّره... والمثل يقال على وجهين:

أحدهما بمعنى المثل نحو شَبَه وشَبَهْ، قال بعضهم وقد يُعبر بهما عن وصف الشيء نحو قوله تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) محمد: 47/15. أي صفتها هكذا. فهذا هو الوجه الأول للمثل عند الاصفهاني وهو الشبه والصفة عموماً.

والوجه الثاني ما قاله الأصفهاني: والثاني عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان – وهو – أي المثل – أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن السند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط، والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية فقط، والشكل يقال فيما يشاركه القدر والمساحة فقط، والمثل عام في جميع ذلك، ولذلك لما أراد الله نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى 42/11.

وفي محتوى الفصل الثالث (أهم أهداف الأمثال القرآنية) نقرأ في الـ(تمهيد) ضمن فقرة 1- الأهداف الاعتقادية وفي جزئية (أ) هذا النص:

البرهان على وجوب توحيد الله بالعبادة...

ضرب المثل بقصة أو حادثة تبين قدرة الله على الإحياء بعد الموت.

وثم نقرأ إثر عبارة (شرح أهم الأهداف السلوكية:

أ- استخدام السمع والبصر والعقل لمعرفة الحق والابتعاد عن التقليد الأعمى....

ب- تربية الصدق والصراحة والثبات على الحق والابتعاد عن النفاق.

ح- تربية الإنسان على شكر الله على نعمه والتحذير من كفرانها....

د- تربية الإنسان على الإخلاص في أعماله وقصد مرضاة الله بها...

هـ- تربية الإنسان على العمل بالعلم...

و- تربية الإنسان على البذل والعطاء في سبيل الله.

ز- التربية على التزام آداب التصدّق والعطاء كالتواضع وعدم الرياء.

ومن فقرة (أهداف عامة) نقرأ:

أ- صرف الناس عن الجدل بالباطل إلى تأييد الحق.

ب- التذكير بسنن الله في الأمم الماضية لأخذ العبرة منها.

ج- الترغيب في الجنة والعمل الصالح المؤدي إليها.

ومن حقل (أهداف التربية بالأمثال) نقرأ ضمن فقرة (تمهيد):

إذا استقرأنا أمثال القرآن الكريم وجدناها جميعاً تهدف إلى البيان والإيضاح، والبرهان على الحق، وعلى وجوب إتباعه، وإلى بيان النتائج الطيبة الناجمة عن ذلك، ولكن البيان والبرهان ودقة التصوير، هذه الأمور تصبح بدورها وسيلة إلى أهداف سلوكية أو اعتقادية، تقوم عليها الحياة والسعادة النفسية والاجتماعية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 2/كانون الثاني/2006 -  1/ذي الحجة/1426