سؤال يفرض نفسه :
هل نتائج الإنتخابات تعكس الرصيد الشعبي للمرشح دائماً وبالضرورة أم
أنها تعكس الأداء الإنتخابي المرشح؟
إذا كان الأصلح للدمقراطية يتمثل في أن تعكس نتائج الإنتخابات
الرصيد الشعبي لكلّ مرشح من المرشحين، وذلك لكي تفرز الإنتخابات
برلماناً يعكس بدوره ــ وإلى حد مقبول ــ الواقع السياسي القائم في
المجتمع، ومن ذلك الواقع ضرورة إشراك أكبر من الشرائح والكيانات
والتجمعات في العملية السياسية، ومن ثمّ في البرلمان، وطبقاً لنتائج
الإنتخابات، وبعيداً عن المساوات والمقايضات المتناقضة مع الآراء التي
أودعها المقترعون في صناديق الإقتراع...
أجل إذا كان ذلك هوالأصلح ولاسيما في الديمقراطيات الفتية، وكان هو
الهدف لتكريس الديمقراطية فلا مناص من البحث عن آليات ووسائل تجعل
نتائج الإنتخابات وبشكل يعكس الواقع السياسي القائم في المجتمع أكثر
مما يعكس أداء المرشح في الحملة الإنتخابية وإمكاناته الذاتية المختلفة،
وذلك بتعزيز تكافؤ الفرص في الموارد المختلفة، ومنها الموارد
الإقتصادية، مع عدم الإقتصاد على تكافؤ الفرص في التشريح فقط، كي تشمل
إعادة هيكلة الموارد كلّ الموارد أو أكثرها على أقل تقدير، فعدم تكافؤ
الفرص في الموارد، وكما هو في المواقع الإستراتيجية، وكما هو أيضاً في
التباين الشديد في القدرة في المساومة أوفي المعرفة الخاصة باللعبة
السياسية، والعملية الإنتخابية يقود إلى صياغة نتائج الإنتخابات بشكل
لا يعكس الواقع السياسي الحقيقي القائم في المجتمع، وبالتالي يمكن
القول بأن الفوز أو خسارة هذا المرشح أو ذلك لا يعكس دائماً وبالضرورة
حجم الرصيد الشعبي لذلك المرشح.
ومن هذا المنطلق يميل الكثير من الأخصائيين في هذا المجال الى
الإعتقاد بأن الاحتمالات طويلة الأمد الخاصة بالديمقراطية معرضة للخطر
على نحو أكثر جدية بفعل عدم المساواة في الموارد والمواقع الإستراتيجية
والقدرة على المساومة التي لا تنشأ من الغنى والوضع الإقتصادي فقط، بل
من المعرفة الخاصة ايضا.
وعليه فالنتائج الإنتخابية يمكن أن تكون مرآة لأكثر من عامل واحد،
ولا تعكس دائماً وبالضرورة وفقط حجم الرصيد الشعبي للمرشح، فإذا كان
المرشح يمتلك الرصيد الشعبي المطلوب للفوز، واشتركت قاعدته الشعبية في
الإقتراع، وكان أداءه متقناً، وكانت الإمكانات والمواقع الإستراتيجية
المؤثرة في الإقتراع ــ بما في ذلك إمكانات القدرة على المساومة
والمعرفة الخاصة ــ موزعة بصورة متكافئة، وكانت الخروقات في الإقتراعات
متوزعة ــ على الجميع ــ وفي الحد المقبول عند الخبراء وذوي الإختصاص،
وكان النظام الإنتخابي وتطبيقه بدوره عاكساً للرصيد الشعبي كالمرآة
العادية وليس كالمرآة المقعرة التي تعكس الأجسام بحجم أصغر، أوالمرآة
المحدبة التي تعكس الأجسام بحجم أكبر، وكانت...،عند ذلك فقط يمكن القول
بأن نتائج الإنتخابات تعكس الرصيد الشعبي الواقعي للمرشح وإلى حد كبير
نسبياً، وإن تلك النتائج تفرز برلماناً يعكس الواقع السياسي الحقيقي
القائم في المجتمع والى حد بعيد نسبياً ليساهم كل ذلك في التقريب بين
النخبة والجماهير من جهة وفي تصحيح مفهوم العمل الحزبي من جهة ثانية
بما يبعد الأحزاب والكيانات من النظرة الحزبية الضيقة والفئوية ويدفعها
ويساعدها لدمقرطة العمل الحزبي داخل الأحزاب والكيانات، والذي يشكل حجر
الزاوية في الممارسة الديمقراطية، وبذلك فلا حاجة لإعمال التوازن
القسري في البرلمان وخلافاً للإستحقاق الإنتخابي، وبالرجوع الى التوافق
والمحاصصة والطائفية، ولا مبرر لتبادل الإتهامات والمس بارادة الشعب
وخياره الديمقراطي، والتمادي في ذلك لتسمية خروقات النزاهة والدعاية
الإنتخابية (في ظلِّ الديمقراطية الفتية وغياب الأحزاب بالمفهوم
الحقيقي) بالتزوير الكبير المروع لإستحصال تنازلات لا محل لها في فجر
العراق الجديد.
*معهد الإمام الشيرازي الدولي
للدراسات – واشنطن
Siironline.org |