بازار الاختطاف في العراق: تساؤلات حول حقيقة اختطاف واطلاق سراح عالمة الاثار الالمانية

تشكل عملية اختطاف الرهائن الغربيين في العراق بازارا كبيرا وسوقا سوداء تثري العصابات وتجار المافيا المحليين والدوليين بالاضافاة الى المخابرات الدولية المتتشابكة علاقاتها، وبعض عمليات الاختطاف اثارت الكثير من الشكوك عن الادوافع والاسباب، فاختطاف الرهينة الفرنسي مؤخرا ومطالبة خاطفيه بانهاء الوجود الفرنسي الذي يعبر كثيرا اما عجهل او غباء خاطفيه او ان العملية مجرد بزنس. كما ان اختطاف عالمة الاثار الالمانية يثير شكوكا كبيرة حول اهداف هذه العملية خصوصا ان الحكومة الالمانية قد نبهت مواطنتها في عدم الذهاب الى العراق، وعلاقة المواطنة الالمانية ببعض الجهات الاسلامية، وظهورها على قناة الجزيرة. وهذا يستدعي ان تتصدى الحكومة العراقية لهذا الملف بقوة وايقاف بازار الاختطاف الذي حول العراق الى ساحة لابتزاز الحكومات الغربية.

فقد أثار الافراج عن سوزان اوستوف أول رهينة المانية تحتجز بالعراق العديد من التساؤلات التي تركت دون اجابات ومنها.. ما الذي فعلته المانيا لاطلاق سراح خبيرة الاثار (43 عاما).. وهل ستعود الى بلدها.

الشيء الوحيد الذي يبدو واضحا هو ان المانيا لن تشهد احتفالات حاشدة او ترحيبا يقوده رئيس البلاد مثلما حدث في دول مجاورة مثل فرنسا وايطاليا بعد اطلاق سراح رهائنهما الذين سبق احتجازهم بالعراق.

واتسم شعور الالمان باللامبالاة اكثر منه بالصدمة عندما اذيعت انباء خطف اول المانية على يد مسلحين في العراق يوم 25 نوفمبر تشرين الثاني. ويرى البعض انها السبب فيما حدث لانها لم تلتزم بالتحذيرات.

وخلال الاسبوع الماضي ناشدت شقيقة اوستوف الرأي العام الالماني ان يعبر عن تضامنه ولكن لم ينضم اليها سوى 350 شخصا في الاعتصام الذي قامت به بالقرب من بوابة براندنبرج الرئيسية في برلين مساء الاربعاء الماضي.

وبدا الاعتصام كظلال شاحبة للمظاهرات الحاشدة التي شهدتها فرنسا وايطاليا عندما كان مواطنون فرنسيون وايطاليون رهن الاحتجاز كرهائن في العراق.

ولم تقدم الحكومة الالمانية يوم الاثنين سوى تفاصيل شحيحة في اعقاب التصريح المفاجيء الذي اعلنه وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير يوم الاحد واعلن فيه ان اوستوف بخير في السفارة الالمانية ببغداد بعد انتهاء محنتها التي استمرت ثلاثة اسابيع.

ولا يبدو ان أحدا من أقاربها في بافاريا اتصل بها حتى صباح يوم الاثنين. وقال روبرت شقيق اوستوف لرويترز من منزله قرب ميونيخ إنه يعلم أنها في مطار بغداد في طريقها إلى المانيا ولكن ليس لديه اي تأكيد رسمي.

وفي الواقع فان اوستوف التي اعتنقت الاسلام وتعيش في العراق منذ أكثر من عشر سنوات لن تسارع بالعودة إلى المانيا.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية "هى تريد أن تقضي بضعة ايام مع ابنتها بعيدا عن الناس ولهذا فانها لن تعود على الارجح فورا إلى المانيا."

وقال في مؤتمر صحفي للحكومة الالمانية "ومع ذلك فاننا نفترض انها ستغادر العراق في المستقبل القريب."

وكانت اوستوف كرست حياتها للتنقيب عن كنوز العراق الثقافية ونادرا ما قامت بزيارة المانيا. ولم تراها والدتها منذ خمس سنوات. واوستوف أيضا لها ابنة تبلغ من العمر (12 عاما) وتعيش مع اصدقاء في بافاريا.

ولكن.. ماذا عن الدور الذي قامت به الحكومة الالمانية لاطلاق سراحها؟

قالت وزارة الخارجية في هذا الخصوص يوم الاثنين إن الحكومة والسفارة الالمانية شاركتا في عملية الافراج عن اوستوف لكن الوزارة امتنعت عن ذكر اي تفاصيل.

وقالت المستشارة انجيلا ميركل التي تولت السلطة قبل شهر ان الحكومة الالمانية لن تخضع "لابتزاز" الخاطفين ولكنها لم تعط اجابة واضحة حول ما اذا كانت المانيا مستعدة لدفع فدية.

ويقول خبراء أمنيون إن المانيا دفعت فديات للرهائن في الماضي وربما فعلت ذلك لاوستوف.

واعلنت الرهينة الالمانية السابقة سوزان اوستوف التي احتجزت في العراق مدة 24 يوما ان خاطفيها ليسوا "مجرمين" وارادوا الحصول على مساعدات انسانية للمناطق السنية.

وقالت اوستوف في مقابلة اجرتها معها قناة الجزيرة ان عناصر المجموعة المسلحة التي خطفوها طلبوا منها الا تخاف وان خطفها "له اهداف سياسية فقط".

وتعيش اوستوف منذ سنوات طويلة متنقلة بين المانيا والعراق للمشاركة في عمليات انسانية وقد اعتنقت الاسلام وتزوجت لفترة من عراقي وانجبت بنتا قبل ان تطلق منه. وقالت ان خاطفيها طلبوا منها الا تخاف واضافوا "نحن لا نؤذي النساء والاطفال وانت مسلمة". وتابعت "كنت سعيدة لانني لم اقع بايدي اشخاص مجرمين".

واضافت وهي تروي ما حصل لها "قالوا لي : +نحن لا نريد المال نريد ان تبني المانيا مستشفيات ومدارس في المثلث السني+ ما كانوا يريدونه هو طلب المال على شكل مساعدة انسانية". واضافت اوستوف ان خاطفيها هم "اشخاص فقراء" وقالت انها لا تلومهم لخطفها "لانهم لا يستطيعون دخول المنطقة الخضراء لخطف اميركيين".

وقالت انها اقامت مع خاطفيها في مكان نظيف وانهم "احسنوا معاملتها". الا انها كررت اكثر من مرة انه "تم بيعها" دون ان توضح ما تعني بذلك فيما اعربت عن صدمتها لان برلين لم تتصل بخاطفيها. وقالت "لم اصدق ان الالمان لم يقوموا باي اتصال" مع خاطفيها.

وقد اطلق سراح اوستوف اول المانية تخطف في العراق في 18 من الشهر الجاري ولا يزال الغموض يحيط بعملية خطفها واطلاق سراحها.

وذكرت الصحف الالمانية الشهر الماضي ان الخاطفين حددوا مهلة عدة ايام لكي تغير المانيا سياستها في العراق مقابل اطلاق سراح اوستوف.

من جهة اخرى قال روبرت اوستوف شقيق الرهينة السابقة في مقابلة مع الصحيفة الشعبية "بي زد" "اعتقد انه من المحتمل ان تعود (الى العراق) قريبا". واضاف "اذا فعلت ذلك فلا يسعني الا ان اشيد بهذه الخطوة". وقال "يجب ان يكون هناك اشخاص لمساعدة السكان (في العراق). يجب اعادة اعمار هذا البلد".

الا ان وزير الخارجية فرانك فالتز شتاينماير دعا من جهته الرهينة السابقة الى عدم العودة الى العراق وقال في تصريح صحافي "ادعو السيدة اوستوف الى اعادة النظر في خططها للعودة الى العراق".

واضاف "بعد الجهود المكثفة التي قدمها العديد من المعاونين طوال ثلاثة اسابيع والتي ادت في النهاية الى اطلاق سراحها لا استطيع ان افهم كيف ان السيدة اوستوف يمكن ان تضع نفسها مجددا في وضع خطير".

وكانت وزارة الخارجية الالمانية اشارت يوم السبت انها لن تمول بعد الآن اي مشروع انساني او تنموي يتطلب "اقامة اوستوف (في العراق)".

ونقلت أوستهوف عن أحد الخاطفين قوله "نبلغك الان بأننا قمنا بخطفك لسبب سياسي وسنبلغك لاحقا بما سيحدث.. لذا لا تخافي. نحن لا نأذي امرأة أو طفلا وأنت مسلمة."

وتابعت "كنت في غاية السعادة لاني عرفت أنني لست في أيدي مجرمين." وأدلت أوستهوف بتصريحاتها باللغة الانجليزية وكانت أجزاء منها غير واضحة.

وليس واضحا ان كانت أوستهوف تعتزم العودة الى العراق الذي غادرته الاسبوع الماضي الى مكان لم يكشف عنه لقضاء بعض الوقت مع ابنتها الصغيرة.

وبعد الافراج عنها اختارت عدم العودة الى ألمانيا التي لم تقم بها منذ سنوات طويلة.

وقالت أوستهوف التي كانت ترتدي أثناء المقابلة حجابا اسود غير مشدود باحكام ان الخاطفين دفعوها الى صندوق سيارة بطريقة وصفتها بأنها "أسلوب محترفين".

ولم يعرف بعد مصير سائقها. وقالت أوستهوف ان سيارة نقلتها الى منطقة قرب الحدود العراقية لكنها أعيدت بعد ذلك الى بغداد حيث أفرج عنها.

وأضافت "لم أكن في ظروف قاسية وقد عاملوني بشكل جيد... فهموا أنني أدرك محنة الشعب العراقي."

وفي مقابلة مع محطة تلفزيون (زد.دي.اف.) قالت الألمانية سوزان اوستوف جرت الثلاثاء وأُذيعت يوم الاربعاء "تم إبلاغي بوضوح بالجهة المعنية وهي بالأساس ..مجموعة تابعة لجماعة أبومصعب الزرقاوي."

ولم تقل اوستوف التي كانت تتحدث من الدوحة وهي ترتدي اليشمك ما السبب الذي تعتقد أنه وراء إطلاق سراحها.

وعندما سألها تلفزيون (زد.دي.اف.) ان كانت نيتها تتجه فعلا الى العودة للعراق أجابت قائلة "كذلك كذب ..أنا لدي شريط الكاسيت هنا..لم أقل ذلك أبدا..ما كنت لأجيب على مثل ذلك السؤال الاخرق والعرب لم يسألوه قط."

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 30/كانون الاول/2005 -  27/ذي القعدة/1426