رحيل كوكب

في تأبين آية الله العظمى سماحة المرجع الراحل السيد أبي القاسم الكوكبي التبريزي (قد)

معتوق المعتوق*

 

بسم الله الرحمن الرحيم

  

أسلَمتَ جفنَكَ للسكينةِ والكَرى

 

 

ورَحلتَ تحمِدُكَ المسيرةُ والسُرى

 

تلك الثمانونُ التي أتعَبْتَها

 

 

ألقَت عصا تِرْحالَها بين الذُرى

 

حَمَّلتَها ما لم تُطِقهُ ولم تزل

 

 

ترنو لطيفِكَ في المنيَّةِ أصْحَرا
 

فترى يراعَكَ في الحياةِ جداولاً

 

 

وترى دواتَكَ في المنيةِ أبحُرا

 

مازالتِ الذكرى تهزُّ جَنانَها

 

 

فتُقيمُ مابين الأضالعِ منبرا

 

يتلو به القلبُ الكبيرُ حكايةً

 

 

 

عن راحلٍ وهَبَ الحقيقةَ مِزْبَرا

 

عن صاعِدٍ نحو البقاءِ وذِكْرُهُ

 

 

صلَّى على عُشِّ الخُلودِ ووكَّرا

 

عن واهبٍ منحَ العطاءَ وما اعتنى

 

 

أن يُحمدَ الفضلُ السخيُّ ويُشكَرا
 

عن مشعلٍ حملَ الضياءَ وهمُّهُ
 

 

أن يُزهِرَ الدربُ الطويلُ ويُقمِرا

 

وهبَ العلومَ سنينهُ ومُذِ انقضتْ

 

 

قامت تنوحُ لواهِبٍ نزلَ الثرى
 

اليومَ قد فقَدَتْ سمائيَ كوكباً

 

 

بين المدافِنِ والتُرابِ تكوّرا

 

 

***

 

إيهٍ، حملتُ بإثرِ نعشِكَ حسرةً

 

 

تأبى بأن تَرِدَ الهناءَ وتُصْدِرا

 

كيفَ الهَناءُ وذي السواعِدُ أسرَعت

 

 

بمن ابتنى مجدَ الحياةِ ليُقبَرا

 

كيفَ الهناءُ وذي المقابرُ تجتـبـي

 

 

دُررَاً من العِقدِ النضيدِ ليُنثَرا

 

ضاعت قوافِلُنا بموتِ حُداتِها

 

 

فكأنّما تمشي القوافِلُ للورا

 

هذي العمامةُ فوقَ نعشِكَ أعولَتْ

 

 

قم لي فقد ذبُلَ الربيعُ وأقفرا

 

قم وامنحِ "المستـنبطينَ مبانياً"

 

 

يُعلى بها صرحُ الفقاهةِ مُبهِرا (1)

 

قُم وامنح الفتـوى علومَكَ فهي ذي

 

 

كالطفلِ في البحر الخِضَمِّ تحيّرا

 

قم وامنح الحرفَ الكسيرَ بيانهُ

 

 

فجناحُهُ بشظى الرحيلِ تكسّرا

 

يا سيدي قم إنَّ "قُمَّاً" أعولَت

 

 

وبكى الغريُّ على سُراكَ وكَبَّرا

 

قد عُدتَ محمولاً على نعشِ الوَلا

 

 

فاهنأ رُقادَكَ بين ساداتِ الورى

 

 

***

 

يُهنيكَ نومُكَ ولتُذبنا أدمُعٌ

 

 

زفَّت رحيلَكَ وهي تندبُ حيدرا

 

يا سيّدي قد جاءَ من واساكُمُ
 

 

بـيـراعِهِ، وبدمعِهِ ولكم جرى

 

ما مرَّ ذكرُ ظُلامةٍ في سمعِهِ

 

 

إلاّ وغادَرت الجفونُ تصَبُّرا
 

فتراهُ إن ذُكِرَ الحسينُ تصعَّدت

 

 

زفَرَاتُهُ ودمُ الجفونِ تحدَّرا

 

يبكيه مُلقىً في الصعيدِ ونحوَهُ

 

 

تعدوا الثواكلُ ذهلاتٍ حُسّرا
 

تدعوا حِماها يا حُسينُ تهتَّكت

 

 

أستارُنا فبمن نلوذُ ومن تُرى

 

يحمي اليتيمةَ أو يذودُ عن الخِبا

 

 

والأفقُ من مزنِ اللهيبِ تمطَّرا

 

أشلاءُ صَحبِكَ في السنابِكِ عانقت

 

 

أشلاءَ وُلدِكَ في الخيامِ أما ترى؟
 

فرَّت تصايَحُ يا عليُّ بفاطِمٍ

 

 

أدرِكْ حريمَكَ (فالفؤادُ تفطَّرا)

 

يكفيكَ صبراً واللهيبُ بباكِمْ،

 

 

يكفي القعودُ فقد تفصَّمتِ العُرى

 

هذي النواظِرُ أقبَلتْ لوجوهَنا

 

 

والخدرُ عن خدرِ الفواطمِ أدبرا

 

يكفي فقد رَمَتِ الأكفُّ خدودَنا

 

 

بسهامِها ومضتْ تحُزُّ المنحرا

 

ضَجَّت وقَرَّت مذ رأتهُ يحوطُهُا
 

 

لكن بكى في موقِفٍ أشجى الورى

 

تدرون ما أبكى علياً عندَها؟

 

 

(جرتِ المدامعُ يوم شِمرٌ شَمَّرا)

 

 

(1) في إشارة لسفره الخالد "مباني الاستنباط"

 *تاروت-القطيف-21/11/1426هـ

maatouma@yahoo.com

 

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 27/كانون الاول/2005 -  24/ذي القعدة/1426