الكتاب:
موسوعة الحضارة العربية الإسلامية (3)
التأليف: مجموعة باحثين
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت
– لبنان)
الأوليات: الطبعة الأولى 1995م / (580) صفحة
من القطع المتوسط
بقلم د. علي عبد القادر وضمن عنوان مادته (الفقه الإسلامي – القضاء
والحسبة) نقرأ في الفقرة 1:
يمثل الفقه الإسلامي الروح الإسلامية أصدق تمثيل، كما يمثل لنا
التفكير الإسلامي وطريق الحياة في الإسلام، ذلك أن الفقه الإسلامي لم
يتأثر بمؤثرات أجنبية، بخلاف علم الكلام الذي تأثر بالفلسفة والمنطق
واشتملت أبحاثه على مباحث لا تمت إلى الإسلام بصلة، والأسس الإسلامية
الموجودة فيه في غاية البساطة، أخرجها عن بساطتها ما دخل علم الكلام من
أبحاث ما وراء الطبيعة وغيرها. بخلاف الفقه الذي يقوم على القرآن
والسنة، وينبع من حياة الناس ومعاملاتهم.
والفقه يشمل الواجبات الدينية والأوامر الإلهية التي تقعد حياة
المسلم في كل النواحي فهو يتناول على قدم المساواة ما يتعلق بالعبادات
والقواعد السياسية والقانونية التي تمثل جزءاً من القواعد الدينية
والأخلاقية، فهو يتناول حياة المسلم كلها دينية أو دنيوية... وقد تطور
في الأزمنة المتعاقبة إلى بناء كامل لكل العلاقات الإنسانية وألبس كل
ذلك ثوب الفقه والتشريع، ومن هنا بقيت أهميته حتى إلى الوقت الحاضر، من
حيث أنه يمثل الكفاح بين المحافظين والمجددين، وبين هؤلاء المتمسكين
بالقديم وهؤلاء الذين يريدون تطوير الحياة الإسلامية بما يتفق مع العصر
الحاضر، ومن هنا كانت حركات الإصلاح الإسلامي تبتدئ من الفقه، فهو يمثل
عند دعاة الإصلاح الإسلامي التاريخين وهم يريدون مراجعة هذا الفقه
ليصلوا إلى نظام مرن عملي مطابق للحياة العملية في هذه المرحلة التي
تطغى فيها المدنية الغربية، وتغزو حياة المسلمين وقوانينهم القديمة
التي يمثلها الفقه.
ومن فقرة (الحسبة) نقرأ:
المادة التي أخذ منها اسم الحسبة تدل على العدد والإحصاء، والحسبة
هي فعل ما يحتسب، ومن ذلك قولهم احتسب أجره عند الله بمعنى أدخره عنده،
وهي عند الفقهاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفعل ذلك مما يحتسب
فاعله عند الله، وقد جاء ذلك في آيات كثيرة في القرآن فمن ذلك قوله
تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر) آل عمران 104... كما وردت في ذلك أحاديث كثيرة، قال رسول الله:
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع
فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) الاحياء للغزالي ج2 ص277.
و بقلم اللواء جمال محفوظ ومن خلال عنوانه (فن الحرب عند العرب في
الجاهلية والإسلام) نقرأ في الفقرة 1.. (البيئة العربية والحرب):
العربي محارب بطبعه، تأصلت فيه حاسة الحرب بحكم الظروف الجغرافية
والاجتماعية والاقتصادية لشبه الجزيرة العربية، وكان للتركيب الاجتماعي
والسياسي لعرب شبه الجزيرة أثره في تشكيل تلك الحاسة لدى كل من عرب
البادية وعرب القرى والممالك.
أما عرب البادية فهم كما يقول ابن خلدون:
(وأهل البدو لتفردهم عن المجتمع، وتوحشهم في الضواحي، وبعدهم عن
الحامية، وانتباذهم عن الأسوار والأبواب، قائمون بالمدافعة عن أنفسهم،
لا يكلو منها إلى سواها، ولا يتقون فيها بغيرهم، فهم دائماً يحملون
السلاح، ويتلفتون عن كل جانب في الطرق.... ويتفردون في القفر والبيداء
مدلّين ببأسهم واثقين بأنفسهم، قد صار لهم البأس خلقاً، والشجاعة سجية
يرجعون إليها متى دعاهم داعٍ، أو استنفرهم صارخ)
و بقلم د. قاسم عبده قاسم عبر مادته (أثر الحروب الصليبية في العالم
العربي سكانياً – اجتماعياً – سياسياً) نقرأ في الـ(مقدمة):
يميل غالبية المؤرخين إلى تصوير الحروب الصليبية على أنها العامل
الأساسي في التغيرات التي طرأت على أوروبا والشرق منذ القرن الحادي
عشر. وفي تصورنا أن الحروب الصليبية كانت تعبيراً عن هذه التطورات
والمتغيرات التاريخية أكثر من كونها سبباً في حدوثها، فالحروب الصليبية
تطور هام في تاريخ العصور الوسطى حقاً، بيد أنها كانت في أساسها
تعبيراً عن أنماط من التفكير والسلوك في كل من أوروبا والشرق آنذاك.
ولا يعني هذا أنه لم تكن لهذه الحروب الطويلة تأثيراتها الإيجابية على
مجرى التطور الأوروبي أو إفرازاتها السلبية على العالم العربي، فإن مثل
هذا القول يذهب بنا بعيداً عن الصواب. ولكن هذه التأثيرات لم تكن من
القوة بحيث تغير من اتجاه التطور في المجتمع، ونظم الحكم، والاقتصاد،
والثقافة بشكل جذري.
ويمكن تفسير ذلك في ضوء الحقيقة القائلة بأن دور المجتمع الأوروبي
في هذه الحروب لم يتعد دور الظهير المساند للكيان الصليبي الذي نجحت
الحملة الأولى في زرعه فوق الأرض العربية.
وتحت عنوان (المؤسسات الاجتماعية في الحضارة العربية) نقرأ هذا
التلخيص:
تتصف الحضارة العربية الإسلامية بأنها حضارة إنسانية مرنة بلغت
الحياة الاجتماعية فيها أقصى ما يمكن أن تبلغه في مجتمع من رقي ونضج.
وقد ساعدت على ذلك عدة عوامل... لها جذورها الحضارية القديمة، وعرفت
ألواناً من النشاط الاجتماعي في تأريخها القديم، شهدت عليه المنشآت
الاجتماعية التي رأى العرب كثيراً من بقاياها وآثارها قبل الحمامات
والمسارح وغيرها. |