عقد في مدينة بون الألمانية المؤتمر السنوي الأول للمركز العراقي
الألماني تحت شعار(لنعمل معا من أجل مستقبل الجالية العراقية في
ألمانيا) والذي شارك فيه أعضاء من البرلمان الألماني وممثلوا الأحزاب
الألمانية ومسؤولون حكوميون من مقاطعة ولاية نورد راين وستفاليا ورئيس
مجلس إندماج الأجانب وممثلون عن المنظمات المعنية بالمهاجرين
واللاجئيين وجمهور غفير من الجالية العراقية وذلك في العاشر من الشهر
الجاري.
وأبتدا الدكتور فرنسيس قليته عضو مجلس إدارة المركز العراقي
الألماني الجلسة الأولى التي كانت باللغتين الألمانية والعربية بكلمة
ترحيبية ورسالة تضامن مع الرهينة الألمانية سوزانا أوستوف وعائلتها
بأسم المؤتمرين والجالية العراقية في ألمانيا مؤكدا على أهمية الدور
الذي تقوم به الحكومة الألمانية في مساعدة العراق والعراقيين في مجالات
عديدة داعيا الحكومتين والشعبين الى مزيد من الإهتمام بتطوير العلاقات
الثنائية.
وفي كلمته الإفتتاحية حيا الكاتب والإعلامي محمد محبوب مدير المركز
العراقي الألماني المشاركات والمشاركين في المؤتمر معبرا عن أمتنانه
للمشاركة الواسعة من قبل الجالية العراقية نساءا ورجالا , كما عبر عن
شكره لإعضاء البرلمان الألمان وممثلي الأحزاب الألمانية والعراقية
والمسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات الألمانية والعراقية والضيوف
كافة الذين حرصوا على المشاركة في المؤتمر , مؤكدا على أهمية هذه
اللقاءات في تطوير فرص اندماج وتعايش وتكامل المهاجرين واللاجئين
العراقين في إطار المجتمع الألماني من خلال الفعاليات الثقافية
والاجتماعية والسياسية داعيا الى حوار مفتوح وشفاف حول مستقبل اللاجئين
العراقيين في ألمانيا , حوار يؤدي الى معالجة إنسانية وموضوعية بعيدا
عن الأساليب القسرية والضغط النفسي.
وفي محاضرة له حول الجالية العراقية في ألمانيا قال الدكتور حامد
السهيل أستاذ علم الإجتماع وعضو مجلس إدارة المركز العراقي الألماني ,
يتوزع العراقيون والذين يبلغ عددهم وفقا لإحدث إحصائية 78,782 بما في
ذلك الذين يحملون الجنسية الألمانية على جميع الولايات الألمانية ولكن
بكثافة متباينة حيث يتركزون في الولايات الغربية بنسبة 93,9 % , في حين
لاتتجاوز نسبتهم في الولايات الجديدة
( ألمانيا الشرقية ) سوى 6,1 % بعدد أجمالي قدره 4,821 .
وأوضح ان ولاية نورد راين وستفاليا تمثل المرتبة الأولى حيث يقطن
فيها 19,842 عراقي وعراقية ويشكلون حوالي ربع العدد الأجمالي للعراقيين
في ألمانيا , وفي المرتبة الثانية ولاية بافاريا حيث يبلغ عددهم 19,072
ويشكلون نسبة 24,2 % , وتأتي ولاية بادن فورتمبرغ في المرتبة الثالثة
بعدد 10,574 وتبلغ نسبتهم 13,4 % , مؤكدا إن معظم العراقيين يقيمون في
في الولايات الثلاثة المذكورة حيث يبلغ عددهم 54,488 نسمة ويشكلون نسبة
69 % من أجمالي العدد في عموم ألمانيا , أما الولايات الغربية الأخرى
وعددها سبعة فيشكلون نسبة 25 % فقط.
وأضاف الدكتور السهيل مع إن العراقيين حديثو عهد بالهجرة واللجوء
فإنهم يمثلون اليوم أكبر جالية قياسا بالجاليات العربية حيث يأتي
المغاربة بالمرتبة الثانية 65,002 , يليهم اللبنانيون 40,908 ,
والسوريون 27,429 , والتونسيون 22,429 , موضحا إن العراقيين يمثلون
المجموعة العمرية الأحدث سنا قياسا الى الجاليات الأجنبية كافة , حيث
لا يتجاوز الكبار فيهم ( 50 فمافوق ) نسبة 4,9 % فقط , وهذا يعني إن
العراقيين مجموعة شابة ومنتجة في عمر الدراسة والعمل وليس عبئا على
دافع الضرائب.
وأستعرض في محاضرته الكثير من الجوانب ذات الصلة بالجالية العراقية
في ألمانيا مثل سمات البناء الإجتماعي , التكوين العلمي والمهني ,
قضايا اللاجئيين , عملية التأقلم والتكامل, اللغة الألمانية وبرامج
التكامل , الإضطراب والتنوير , المدرسة والتلميذ المهاجر , الثقافة
وحاملي الثقافة , الأعلام الألماني والمهاجرين وأخيرا دور المركز
العراقي الألماني في تفعيل عملية التأقلم والتكامل للعراقيين في
المجتمع الألماني.
وقالت السيدة أندريا ميلتز رئيسة لجنة الهجرة في برلمان ولاية نورد
راين وستفاليا وممثلة حزب الإتحاد المسيحي الديمقراطي , الإندماج
لايتحقق بإرادة طرف واحد وإنما يتعين أن يتعاون طرفا المعادلة ,
المجتمع الألماني حكومة وشعبا من جهة , والمهاجرون من جهة أخرى , وأنا
أنظر الى مؤتمركم هذا بصفته تعبير عن رغبتكم بالتعايش والإندماج في
المجتمع الألماني ونحن نتعاون مع المركز العراقي الألماني وسوف نعمل
على توفير الدعم اللازم له لتنفيذ برامجه في المجال.
وأوضحت السيدة ميلتز إن الإعلام الألماني مازال رهن الصورة النمطية
حول الأجانب , وهذا الموضوع قيد البحث في مؤسسات البرلمان والحكومة ,
وهو موضوع معقد كثيرا , ولكني أعتقد إنه كلما كنتم منظمين أكثر سيكون
تأثيركم أقوى على وسائل الإعلام سواء في تغيير هذه الصورة النمطية أو
تفعيل دوره في أوساط المهاجرين , مؤكدة على أهمية إن يطرق المهاجرون
أبواب الإعلام الألماني , لا أن ينتظرون المبادرة منه.
وقال السيدة ريناتا هندريكس عضو البرلمان الألماني والناطقة بأسم
الحزب الديمقراطي الإشتراكي لشؤون المهاجرين مخاطبة المؤتمرين
العراقيين , أنتم مجموعة مهاجرين جيدة من ناحية الـتأهيل العلمي
والمهني وتحترمون الى حد كبير القوانيين السائدة , ولكنكم تحتاجون الى
من يصغي أليكم , وهو مافعلناه مع المركز العراقي الألماني وسوف نستمر
في التعاون معه , والخطوة الأولى على طريق الإندماج والتكامل هي تعلم
اللغة الألمانية والإهتمام بتطوير المستوى العلمي لإطفالكم , مؤكدة على
أهمية تعلم الأمهات اللغة الألمانية.
وعبرت السيدة هندريكس عن تفهمها للمشاكل التي تعاني منها الجالية
العراقية ووعدت بالعمل على مناقشتها داخل البرلمان ومع الحكومة من أجل
تذليلها وأكدت على أهمية أحترام قيمة العمل والمساهمة الجادة في
المجتمع الألماني , وأشارت مخاطبة المؤتمرين الى أهمية مخاطبة وسائل
الإعلام الألمانية في طرح مشاكلكم وسوف تصغي لكم كلما وجدتكم مهتمين
بصورة جادة بقضاياكم , ماتقومون به في المركز العراقي الألماني أمر جيد
ونأمل أن تتعاونوا وتواصلوا العمل بدون إنقطاع.
ومن جهتها السيدة إيزابيلا هاوسمان ممثلة حزب الخضر الألماني وتترأس
مؤسسة لمساعدة المهاجرين واللاجئيين عبرت عن شكرها للمركز العراقي
الألماني وتأثرها بما يقوم به من فعاليات كبيرة حيث نفذ ستة نشاطات
مهمة وخلال وقت قصير , موضحة إنه ليس من المألوف أن يتولى الأجانب زمام
المبادرة ويقوموا بتنظيم أنفسهم.
كما عبرت السيدة هاوسمان عن فخرها بما قام به حزب الخضر في المشاركة
في النقاش حول قضايا المهاجرين ولاسيما قانون الهجرة الجديد , مؤكدة إن
ألمانيا تمارس اليوم وللمرة الأولى منذ خمسين عاما أجراءات عملية
لتفعيل مشاركة الأجانب في المجتمع الألماني , وقالت إنها كعضو في
البرلمان وخلال سبع سنوات استطاعت أن تقدم الكثير من أجل المهاجرين
واللاجئين كما إنها عملت من أجل أن يتمتع الأجانب بحق الجمع بين
جنسيتين مؤكدة إن العراقيين بالذات يستحقون ذلك لأنهم أثبتوا أهليتهم
لحمل جوازين من خلال الجمع بين ولائين لألمانيا والعراق في آن واحد.
وأضافت السيدة هاوسمان إنهم يعملون حاليا في البرلمان من أجل إصدار
قانون ضد بعض حالات التمييز العنصري التي مازالت متخفية في المجتمع
الألماني , مؤكدة إن هذا القانون إذا ما صدر لن يؤثر على أرباب العمل
كما يزعمون هم , وأفضل مثال بريطانيا وأيرلندا.
وفي ختام كلمتها عبرت السيدة هوفمان عن أسفها لما يتعرض له اللاجئون
العراقيون نساء ورجالا وأطفالا من ضغوط نفسية بهدف إجبارهم على العودة
الى العراق مؤكدة إنهم في حزب الخضر وأصدقائهم في البرلمان والحكومة
سوف يبذلون جهودهم من أجل أن يبقى العراقيون في ألمانيا , وقالت إن
المسئولة الاتحادية عن هذا الموضوع تتفهم ذلك وتساعدنا في مسعانا هذا.
وجرت مداخلات ومناقشات كثيرة حول الموضوع المطروح للنقاش شارك في
العديد من الألمان والعراقيين وكانت القضية الأكثر سخونة بالنسبة للطرف
العراقي هي إجراءات سحب اللجوء ضد اللاجئين العراقيين من قبل الدائرة
الاتحادية للهجرة , ونقدم هنا بعضا منها.
أشار السيد جون كامبل مدير شؤون الأجانب في الكنيسة البروتستانية
وعضو مجلس إدارة المركز العراقي الألماني الى أهمية المزيد من الانفتاح
على المجتمع الألماني وكسب المزيد من الأعضاء والأصدقاء للمركز
وللجالية العراقية مؤكدا إنه سوف يعمل من أجل ذلك وقال إن يأمل أن يكون
نصف عدد أعضاء المركز من الألمان.
وعبر الأديب العراقي الكبير حسين الموزاني والذي أسعد الحاضرين
بمشاركته وقيامه بالترجمة الفورية للمتحدثين الألمان عن سعادته بهذا
اللقاء الجميل للجالية العراقية واستعداده الكامل لمهمته كمستشار ثقافي
للمركز العراقي الألماني مؤكدا إنه سوف يبذل جهوده لإنجاح الفعاليات
الثقافية للمركز وفي مقدمتها الأيام الثقافية العراقية الألمانية التي
سوف تعقد في العام القادم 2006 .
وأشار الحقوقي ضرغام الشلاه عضو مجلس الإدارة والمشاور القانوني في
المركز العراقي الألماني الى مظاهر اندماج الأجانب في دول أوربية أخرى
والتي يمكن أن تتلمسها بدءا من المطار حيث يعمل الأجانب في كل مكان ,
وأوضح إن العراقيين يعانون من مشكلة في الاندماج مع المجتمع الألماني ,
الكفاءات العراقية لم تجد فرصتها هنا.
وأكد الشلاه على أهمية أن يكون للمهاجرين دور أساسي في إدارة وزارة
الاندماج وفي المؤسسات المعنية بالمهاجرين وبرامج الاندماج وكذلك دور
استشاري في اللجنة البرلمانية المختصة وذلك أمر ضروري لنجاح عمل
الحكومة في هذا الميدان.
وتحدث الإعلامي لقمان برزنجي عضو مجلس إدارة المركز العراقي
الألماني عن سلبية الإعلام الألماني في التعاطي مع قضايا المهاجرين
واللاجئين وعدم رغبته في الخروج من نمطية صورة الأجنبي التي بلورها عبر
عشرات السنين داعيا إياه الى الانفتاح على المهاجرين والاستماع الى
وجهات نظرهم وعرشها كما ينبغي على الرأي العام الألماني.
ودعا السيد كاميران قاسم عضو مجلس إدارة المركز العراقي الألماني
الى استمرار الحوار مع مزيد من المسئولين الألمان والتعمق في بحث هذه
الإشكاليات من خلال البحث العلمي والموضوعي بالتعاون مع الباحثين
والمهتمين والمنظمات المعنية بالمهاجرين مؤكدا على دور المركز العراقي
الألماني في التأسيس لحوار جاد بين الجالية العراقية والمسئولين
الألمان. |