بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات التي أقيمت في الخامس عشر من
كانون الأول عام2005 في العراق، تعالت صيحات بعض إخواننا من السنة
بمختلف توجهات تياراتهم السياسية حيث توحدوا تحت الراية المذهبية
والطائفية، وهنا لنا قول في ذلك، اذ في عملهم هذا يؤكدون نهجهم الطائفي
والفئوي المذهبي وإنهم دعاة الطائفية، وهذه الصيحات كلها تشير إلى أن
الانتخابات قد شابها نوع من التزوير وإنها لا تمثل النتائج الحقيقية
للواقع العراقي وان السنة في صورة النتائج الحالية سيمثلون أقلية في
خارطة المجتمع العراقي، لذلك نراهم يكذبون تلك النتائج، لذا علينا أن
نسترشد بالدلائل التي تؤشر الحجم الحقيقي لأبناء السنة في العراق وكما
يلي :-
1. عندما تمت كتابة الدستور وطرح للاستفتاء دعت القوى السنية
بمجملها إلى الاعتراض عليه وإسقاطه وأوجبوا على كل الأتباع بالتصويت
بالرفض للدستور وأصدروا الفتاوى الدينية وجعلوها أمرا شرعيا، وفعلا
امتثل الجميع من أبناء السنة لتلك الفتاوى، فخرج كل من ورد اسمه في
سجلات المقترعين وبكل فئاتهم العمرية وشاهدناهم في وسائل الأعلام وهم
يتقدمون بأفواج كبيرة من اجل التصويت بالرفض للدستور، وفعلا تم الرفض
للدستور في محافظتين بنسب كبرى وفي ثلاث محافظات أخرى بنسب اقل من
المطلوب بموجب القانون وكان ثقلهم واضح في محافظتي الانبار وصلاح الدين،
لأنها مركز تجمع أهل السنة في العراق، وبنسب متفاوتة وصلت إلى حد
التساوي مع من صوت بنعم في محافظات ديالى وبغداد ونينوى، والسبب في ذلك
إن تلك المحافظات تضم مواطنين من مذاهب وفئات اجتماعية أخرى من غير
أبناء السنة، لذلك عبر هذا الاستفتاء عن حجم الوجود السني في تلك
المناطق، وهذا يؤشر على أن حدود ملعبهم وثقلهم هو في تلك المحافظات دون
غيرها، وتبين إن نسبهم على وفق الرافضين للدستور لم تتعد 20% من مجموع
المقترعين في العراق، وهذا دليل واضح على حجم وجودهم وتواجدهم في
العراق .
2. أما الدليل الآخر هو الدعوة التي أطلقها تجمع الحركات السنية
بمحملها إلى الخروج بمسيرات رافضة لنتيجة الانتخابات، فكانت خير دليل
على حجمهم الحقيقي إذ لم نرى لهم أي وجود إلا في بعض مناطق الكرخ في
بغداد وفي بعض أقضية صلاح الدين ومركز محافظة نينوى، ولم تكن لهم أي
استجابة في المحافظات الأخرى، مما يدل على إن ساحة نفوذهم، هي تلك التي
ظهرت في وسائل الأعلام على الرغم من التغطية الإعلامية الواسعة والدفع
بالناس إلى المشاركة تحت وازع ديني او تعبوي، وهذا أيضا مؤشر ودليل
كبير جدا على حجمهم الحقيقي الذي لا يمثل وجودهم إلا بكونهم أقلية في
المجتمع العراقي تجاه الآخرين .
3. أما المؤشر الآخر الذي استدل به على حجمهم الحقيقي، هو العمليات
الإرهابية التي تحدث وعمليات القتل والسلب والنهب التي ترتكب في
المناطق التي تشكل ميدانا رحبا لهم حيث نجدها فقط في ثلاث محافظات،
وبعض أجزاء المحافظات التي تتميز بكثافة الوجود السني، وهذا ليس افتراض
بل واقع حقيقي حيث إن نشاطهم توقف عن قيامهم بالعمليات الإرهابية حينما
سعوا إلى المشاركة في الاستفتاء، وكذلك حينما قبلوا الدخول في
الانتخابات، فعاش العراق أياما هادئة وحينما لم تظهر النتائج مثلما
أرادوا، عادت العمليات الإرهابية إلى الوجود في ظل رعايتهم لها في
مناطقهم التي يقطنوها والتي لا تمثل إلا خمس العراق .
4. كما لابد من تاشير ملاحظة مهمة تتعلق بالانتخابات الأولى التي
قاطعها أبناء السنة جميعا وأصدروا فتاواهم بتحريمها وسعوا إلى مهاجمة
المراكز الانتخابية بواسطة العمليات الإرهابية الانتحارية والقصف
العشوائي، وراح ضحية ذلك الكثير من الشهداء، نلاحظ إن الانتخابات تمت
في عموم العراق عدا محافظة الانبار التي تمثل منطقة تواجدهم وبعض
الاقضية في محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى، وهذا أيضا مؤشر على
نشاطهم الذي لا يتعدى تلك المناطق وفي حدود هذه النسب الغالبة .
لذلك ومما تقدم نرى ان الحجم الحقيقي للوجود السني في العراق لا
يعدوا عن كونهم أقلية لا تتمتع بأكثر من 20% من الوجود السكاني في
العراق، وان عليهم أن يفهموا واقعهم جيدا من اجل خدمة أبناء طائفتهم،
لان تخلفهم سوف يلحق الأذى بهم، وان بدعة التزوير لا يوجد لها قبول على
وفق أي منطق، بل كل الحقائق التي مارسوها في بيان وجودهم تعزز من
مصداقية النتائج التي أفرزتها الانتخابات .
*ناشط حقوقي
بغداد العراق
Abas966@yahoo.com |