الأمم المتحدة تنشيء هيئة جديدة لتجنب الحروب وصنع السلام

صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة يوم الثلاثاء على انشاء لجنة لصنع السلام توقف استئناف الحروب من خلال إعادة الاعمار وتقديم مساعدات اخرى بمجرد توقف القتال.

ووصف رئيس الجمعية يان الياسون التصويت بأنه "تاريخي" و"افضل فرصة لدينا لوقف هذا الاتجاه" الذي شهد في السنوات الاخيرة نصف الدول تنهي القتال الذي تخوضه لتعود مرة اخرى الى الصراع خلال خمس سنوات."

وهذه اللجنة واحدة من بضعة اصلاحات للامم المتحدة أوصت بها قمة للمنظمة الدولية في سبتمبر ايلول وتبنتها الجمعية العامة التي تضم 191 عضوا. واصدر مجلس الامن الدولي المؤلف من 15 دولة قرارا مماثلا.

لكن القضايا الشائكة مازالت محل نزاع مثل مجلس حقوق الانسان الجديد والاصلاح الشامل لادارة الامم المتحدة.

وقال السفير الامريكي لدى الامم المتحدة جون بولتون للجمعية العامة "التقدم بشأن (اللجنة) يذكرنا بالحاجة الملحة لأصلاحات مؤسسية واسعة فيما يتعلق بميزانية الامم المتحدة."

وقال بولتون "لدينا مصلحة جماعية في ضمان نجاح الاصلاحات المطلوبة لخفض التكاليف والفاقد."

حتى لجنة صنع السلام نفسها لم يتوفر لها التمويل. وسيرفع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان تقريرا الى الجمعية العامة بحلول مارس اذار ليرى ان كان يمكن سداد رواتب العاملين في الهيئة الجديدة من موارد موجودة.

كما وصف عنان اللجنة بأنها "تاريخية" لان نظام الامم المتحدة يفتقر لكيان يحفظ السلام في دول مشتعلة بمجرد ان تغادر قوات الامم المتحدة.

وقال عنان للجمعية العامة "أدى هذا الى عمليات بناء سلام بها شرخ وعدم وجود منتدى يجمع اللاعبين المعنيين معا وتبادل المعلومات وتطوير استراتيجية مشتركة." واضاف "غالبا ما كان يسمح للسلام الهش بأن ينهار وباستئناف الصراع."

وقال ان اللجنة الجديدة ستركز على اعادة الاعمار وبناء المؤسسات وتحسين التنسيق داخل وخارج نظام الامم المتحدة وتطوير تمويل يمكن توقعه.

لكن عدة دول نامية مثل البرازيل والارجنتين والهند وفنزويلا وكوستاريكا ومصر والمكسيك ودول اخرى عبرت عن قلقها العميق من ان مجلس الامن لديه سلطة كبيرة في عضوية اللجنة.

وأي مراجعة في المستقبل تحتاج الى موافقة المجلس الذي يمكن لاعضائه الدائمين ان يستخدموا حق النقض (الفيتو) وان كانت اللجنة تابعة من الناحية الفنية للجمعية العامة.

وتضم اللجنة الجديدة 31 عضوا. سبعة منهم من مجلس الامن بينهم الدول الخمس الدائمة العضوية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.

وتضم سبع دول اخرى من المجلس الاقتصادي والاجتماعي وخمس دول هي كبار المساهمين الماليين في ميزانية الامم المتحدة وسبع دول من الجمعية العامة وخمس دول اخرى من الدول الرئيسية التي تسهم في عمليات حفظ السلام.

وتضم اللجنة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كمراقبين.

ويقضي قرارا الجمعية العامة ومجلس الأمن بإنشاء لجنة بناء السلام كمجلس استشاري من مختلف الحكومات لتنظيم الموارد وتقديم النصائح بشأن الاستراتيجيات لمساعدة الدول على عدم الانزلاق مجدداً إلى الحرب والفوضى. وستركز اللجنة المؤلفة من 31 دولة الاهتمام على إعادة البناء وجهود بناء المؤسسات، ودعم استراتيجيات التنمية التي يمكن المحافظة عليها وتحسين التنسيق داخل الأمم المتحدة وخارجها.

وقال جون بولتون سفير الولايات المتحدة لدى المنظمة العالمية إن الولايات المتحدة سرها أن تدعم اتخاذ القرارين في مجلس الأمن والجمعية العامة.

وقال بولتون "علينا الآن أن نحول اهتمامنا نحو رؤية أن اللجنة تدرك في الحقيقة قدرتها على تقديم مساهمة مهمة في العمل الذي يقوم به مجلس الأمن لبناء سلام يمكن المحافظة عليه في أعقاب التهديدات المباشرة للسلام والأمن الدوليين."

وأضاف السفير الأميركي قائلا "إن هناك فرقاً بين الموافقة على قرار ...وبين جعله يعمل بصورة واقعية. وقد بدأ الآن الجزء الصعب ونحن ملتزمون بعمل كل ما نستطيع لجعله هيئة استشارية ناجحة لمجلس الأمن."

إن عمل الأمم المتحدة المتمثل بمساعدة الدول على بناء السلام تكثف في الأعوام الأخيرة بينما إزداد تعقيد ومدى التحديات بعد النزاعات. وقد قدمت الأمم المتحدة مساعدات إنسانية وقامت بجهود لإعادة البناء والانتعاش للمدى الطويل، وفي بعض الحالات كما في تيمور الشرقية وكوسوفو، تولت إدارة المناطق إلى أن أمكن إجراء انتخابات. غير أن المنظمة الدولية، وخصوصاً مجلس الأمن المسؤول عن السلام والأمن الدوليين، افتقرا إلى آلية من أجل استراتيجية وتنسيق شاملين لمساعدة الدول على التعافي من الحرب.

وستركز اللجنة اهتمامها على التعمير وإعادة بناء المؤسسات، وتحسين التنسيق داخل جهاز الأمم المتحدة. كما ستعمل مع جهات أخرى تقدم مساعدة، على تأمين تمويل متواصل وإبقاء المجتمع الدولي مشتركا في الجهد الإنعاشي. وستستخدم أيضا خبرة الأمم المتحدة الواسعة في منع النزاعات، والتوسط، وحفظ السلام، وحقوق الإنسان وحكم القانون.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي وصف الإجراء بأنه تاريخي، "إن اللجنة يجب أن تكون بداية وليست نهاية."

وقال، "في حين أن أجزاء كثيرة من الأمم المتحدة كانت مشتركة في عملية حفظ السلام، إلا أن النظام افتقر إلى كيان متفان لمراقبة العملية، والتأكد من تماسكها أو المحافظة عليها للمدى الطويل. وقد أدى هذا إلى عمليات بناء سلام متناثرة لا تملك منبرا واحدا يستطيع فيه جميع اللاعبين المتصلين بالأمر أن يوحدوا صفوفهم، ويتقاسموا المعلومات، ويطوروا استراتيجية مشتركة."

ووفقا للقرارين، فإن اللجنة الجديدة ستمارس نشاطها بناء على طلب من مجلس الأمن، أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أو الأمين العام أو الدول الأعضاء المشتركة في نزاع مسلح أو على وشك الاشتراك في نزاع مسلح.

وستتألف لجنة بناء السلام من سبعة من أعضاء مجلس الأمن بما فيها الدول الخمس الدائمة العضوية – الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، روسيا والولايات المتحدة؛  وسبعة من الدول الأعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي المنتخبين من بين مجموعات إقليمية؛ وخمسة من المساهمين الكبار في ميزانيات، وأموال، وبرامج ووكالات الأمم المتحدة؛ وخمسة من كبار مقدمي عناصر عسكرية وشرطة مدنية إلى بعثات الأمم المتحدة. وستنتخب الجمعية العامة سبعة أعضاء إضافيين مع إيلاء اعتبار خاص للدول التي حققت تعافيا بعد نزاع مسلح.

وصرح رئيس الجمعية العامة جان إيلياسون للصحفيين بعد التصويت بأن حوالي 50 بالمئة من النزاعات خلال العشرين سنة الماضية عادت مجددا بعد خمس سنوات من اتفاقات سلام.

وقال ايلياسون، "عندما تختفي آلات التصوير، يختفي أيضا الاهتمام وبعد ذلك بخمس سنوات ندفع ثمنا باهظا جدا كما أن الشعب يدفع ثمنا باهظا. وهذا ما نحاول أن نصلحه عندما نسد هذه الفجوة المؤسساتية."

وقال إن اللجنة "ستساعد على وضع حد لنمط النزاعات المسلحة التي تتجدد لسبب بسيط هو أن عملية التعافي لم تكن هناك عندما دعت الحاجة اليها."

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 23/كانون الاول/2005 -  20/ذي القعدة/1426