عوامل سلبية الإعلام العربي؟

 بسام محمد حسين

أدى تراجع الأداء السياسي وإخفاقات المشاريع الوطنية واستبداد السلطة وتغييب المشاركة الفاعلة للقوى المتنورة في المجتمع العربي إلى اللجوء لوسائل الإعلام الذي شهد تطوراً ملحوظاً في مهنيته الموظفة لخدمة واقع الحال وكان من الطبيعي أن يختزل الإعلام العربي كل مثالب وسلبية المجتمع العربي فهو إعلام بين اتجاهين، اتجاه يكرس واقع الحال عبر استبعاد كل الموضوعات التي تؤسس لعملية الانتقال إلى مرحلة أفضل معتمدا على أرقى التقنيات في استثارة مشاعر الجمهور المغيب بسلبية عن واقع أمته وشعبه عبر ثقافة استهلاكية تضع التفكير والمنطق والأخلاق والعقل جانباً مفسحاً من جهة أخرى المجال لإعلام إخباري مسوق للمشاريع الخارجية حيث يستخدم الإعلام كمطبخ جاهز لكل ما يحيط بالعالم العربي من هموم ومشاكل ودافعاً إلى تسويق المنهاج الغربي باعتباره يشكل البدائل النهائية لكل التحديات القائمة وما بينهما ثمة إعلام وطني لم يحسم خياراته، فهو تارة يميل نحو تدعيم مشروعه الوطني وتارة أخرى يستجيب للإعلام والفن الهابط، والمواطن العربي يفتقد لأهم عامل ضروري للتنوير ولتشكيل الوعي الذي يرفد حياته ومجتمعه نحو الأفضل إذ أن غياب دور الإعلام الحر المرتبط بتطور حاجات الفرد الروحية والمادية والإنسانية يفقد الإنسانية أحد أهم عوامل تأسيس مجتمع إنساني حضاري، ففي جرد للإعلام العربي المرئي والمسموع والمكتوب تؤكد المعطيات على سلبية الأداء الإعلامي وذلك عبر غياب الخطة المنهجية الوطنية، بما يعزز ويخدم الفكر الإنساني حيث يستبعد الإعلام العربي من جميع أنشطته الإخبارية والتحليلية والإشكالية والمستقبلية كل ما يمت بصلة لتعاون الفرد مع مجتمعه وكل ما يساعده في تحسين مستوى معيشته والأخطر من هذا وذاك أن الإعلام العربي أدار ظهره لكل القيم والأخلاق الإسلامية والعربية وأرتضى لنفسه أن يكون مسوقاً لا منتجاً لكل ما هو معيق لتطور من المفترض أن يحققه الإعلام لخدمة لأمته وشعبه، وللتذكير أن الإعلام العربي لا يزال ينفخ في أجواء الفكر التقليدي والسلفي، ويحرص دائماً أن يستحضر الماضي بلغة غريزية ضيقة نفعية، دون البحث في إشراقات الماضي الإسلامي والعربي ودورهما الريادي في مختلف العلوم والفنون والاختراعات والإبداعات العلمية، فاقتصرت الفضائيات العربية على البحث عن الأعمال الدرامية والمسلسلات التي تدعم فكرة العنف والقوة والتآمر والفردية مبتعدة كلياً عن السلم واللاعنف والحق والعدل والمعرفة والحقيقة بماضي وحاضر أمتنا الإسلامية.

إن دور الإعلام أصبح في عصرنا الحاضر ذا نفوذ وقوة كبيرة إن لم يحسن استخدامها فستكون أشد خطراً من أي مرض أو كارثة أو عامل يزيد الأمة تخلفاً وفرقة وضعفاً، فما على الإعلام العربي بكل أنواعه إلاّ أن يصحو وأن يحدد خياراته على خدمة أمته وشعبه وأن يبحث في كيفية لعب دور المساعد والفاعل في تكوين الشخصية الإيجابية للعلم والأخلاق والتعاون والسلم والمحبة، فثمة نموذج الفضائية الإسلامية (الأنوار) التي استطاعت بفترة وجيزة أن تخترق كل الصعوبات وأن تؤسس لخطاب نوعي مميز فهي بحق فضائية تحترم عقل وقلب المشاهد وتستحضر التاريخ والذاكرة المطعمة بالموضوعية، تبحث عن كل ما هو مفيد وصادق وصحيح في شتى المجالات وما زال أمام الفضائية الأنوار طريق شاق لتمسك بشمولية كل ما هو معيق لتقدم الإسلام والمسلمين والأمة العربية.

aboalibassam@gawab.com

 

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 23/كانون الاول/2005 -  20/ذي القعدة/1426