محاكمة صدام تكشف عن بشائع جديدة لهذا الطاغية المجرم وأعوانه

ودخل كبير القضاة رزكار محمد أمين وهو القاضي الكردي الذي يحاكم صدام قاعة المحكمة بعد الساعة 11.30 صباحا (0830 بتوقيت جرينتش) بقليل وجاء صدام بعده بعشر دقائق يرافقه المتهمون السبعة الذين يحاكمون معه.

وقال امين انه يزمع الاستماع الى أقوال خمسة شهود فيما يتوقع ان يكون الجلسة الاخيرة هذا العام قبل تأجيل الاجراءات لمدة نحو شهر. غير ان هناك احتمال لعقد جلسة أخرى يوم الخميس قبل التأجيل.

ويطالب الادعاء بادانة صدام واخرين لاقدامهم على قتل 148 شخصا من الدجيل شمالي بغداد قائلا ان صدام أمر باعمال القتل للانتقام من محاولة لاغتياله في البلدة عام 1982 عندما كان رئيسا. ويواجه المتهمون عقوبة الاعدام اذا ادينوا.

وبدأت المحاكمة يوم 19 اكتوبر تشرين الاول لكنها تأجلت ثلاث مرات.

وربما يواجه صدام محاكمته في اتهامات اخرى من بينها اتهام يتعلق بغزو الكويت في عام 1990 وقمع خصومه الشيعة والاكراد وقتل خصومه السياسيين.

وحتى الان استمعت المحكمة الى عشرة من شهود الادعاء ابلغوا المحكمة بشأن التعذيب والضرب والمصاعب التي عانوا منها في عهد صدام بعد عمليات القتل التي جرت في الدجيل.

وأدلى ثمانية شهود بأقوالهم من وراء ستار خوفا على حياتهم وحجبت اسمائهم في المحكمة.

لكن الشاهد الاول الذي استدعي يوم الاربعاء ظهر علانية ووقف على بعد امتار من صدام الذي دون ملاحظات وتابع الاجراءات من داخل قفص الاتهام في قاعة المحكمة التي تخضع لاجراءات أمنية صارمة في بغداد.

وذكر الشاهد ان اسمه على حسن الحيدري وقال ان عمره كان 14 عاما وقت مذبحة الدجيل.

وتحدث الشاهد بهدوء وأبلغ المحكمة عن شقيقه الذي اعدم في عهد صدام واسرته التي اعتقلت بعد عمليات القتل.

وقال انه نقل الى مقر حزب البعث الذي يتزعمه صدام في الدجيل حيث شاهد تسع جثث ترقد في الخارج.

وقال "تعرفت عليها جميعا" قبل ان يذكر اسماء الضحايا المزعومين.

وقال انه نقل الى مقر جهاز مخابرات صدام في بغداد حيث شاهد عمليات تعذيب مروعة.

وقال ان الحراس كانوا يستخدمون الصدمات الكهربائية مع المعتقلين وكانوا يقومون بتسخين انابيب بلاستيك ويتركون قطرات البلاستيك السائل تسقط على اجساد الضحايا.

وقال الشاهد "كانوا في غاية من الالم لما يتجمد البلاستيك."

وقال "كان الرجل يغادر ماشيا وبعدها يلقونه ملفوفا" في بطانية."

وكانت شهادته من اقوى الاقوال التي استمعت اليها المحكمة حتى الان.

كما وجه الحيدري اتهاما مباشرا الى اخ صدام غير الشقيق برزان ابراهيم التكريتي الذي كان رئيسا للمخابرات.

وقال ان برزان كان موجودا في المبنى الذي وقع فيه التعذيب وفي احدى المناسبات ركله الحيدري بقوة وهو يرقد مصابا بالحمى.

وقال "تألمت لعدة اسابيع من هذه الركلة."

من ناحية اخرى اعترف برزان بالتهمة الموجهة الى الرئيس العراقي السابق وعدد من مساعدية والمتعلقة بتجريف البساتين في ضاحية الدجيل واتهم برزان المحكمة الخاصة بالانتقائية في النظر بالشكاوي الموجهة الى الرئيس العراقي السابق وسبعة من مساعديه.

وقال برزان مخاطبا القاضي رزكار محمد امين ان النظر الى التهم والحكم عليها "يجب ان لا يكون انتقائيا... وان تطبيق القانون اما ان يكون من خلال الفقرات القانونية التي ينص عليها القانون او من خلال القياس."

واضاف "صحيح ان الدجيل جرفت بساتينها والسبب معروف وانا لا اريد ان اخوض في تفاصيلها الان."

ومضى برزان يقول " لكن من سيقف امامك... الذي قام بتجريف الاف البساتين من الناس في كربلاء والنجف وتكريت وبلد الضلوعية والفلوجة والكوت من المسؤول عنها سيادة القاضي هذا حق عام من سيطالب به."

وكان برزان يحاول جر المحكمة وجذب الانتباه الى افعال قامت بها القوات الامريكية في جرفها لمساحات كبيرة من البساتين في البلاد كانت القوات الامريكية تقول ان مسلحين يستخدمونها في الاختفاء عند تعرضهم الى دوريات وآليات القوات الامريكية.

ومنع القاضي برزان من الاسترسال وقال برزان مخاطبا القاضي " هذه انتقائية وانا لا ارتضيها لك ياسيادة القاضي."

وقال برزان للقاضي "اراك انك تغتالنا معنويا بهذه الطريقة.. سيادة القاضي هذه انتقاية لا اتمناها لك...وبالعدل لا يمكن ان يكون الحاكم انتقائيا."

ومن بين التهم الموجهة الى صدام وسبعة من مساعديه في قضية الدجيل هي تجريف مساحات كبيرة من البساتين كانت تعود لاشخاص من سكنة ضاحية الدجيل.

واكد الحيدري الذي قال انه سجن اربعة اعوام تم بعدها نقلهم الى سجن ابو غريب (غرب بغداد) حيث عانى هو وافراد عائلته الظروف نفسها لعدة شهور قبل ان ينقلوا الى صحراء في منطقة ليا في محافظة السماوة (250 كلم جنوب بغداد). وقال "شاهدت عددا من افراد اسرتي هناك ومن بينهم امي التي تغيرت ملامحها والتي كنت اعتقد انه تم اطلاق سراحها". واضاف "بقينا في هذه الصحراء اقل من ثلاث سنوات".

وتدخل صدام حسين مطالبا رئيس المحكمة السماح له والاخرين باداء صلاة الظهر فرد عليه القاضي سنكمل الاستماع لافادة الشاهد.

وقام صدام حسين حينئذ بالاتجاه نحو مكة المكرمة وادى الصلاة وهو جالس لحوالى عشر دقائق فيما كان الشاهد يواصل الادلاء بافادته.

وكان ثمانية شهود ادلوا باقوالهم في الجلسة الاخيرة في السابع من الشهر الحالي بينهم امرأتان.

وادلى عدد من الشهود باقوالهم من خلف ستار حفاظا على هويتهم وبدون ان تعلن اسماؤهم بناء على طلبهم.

واكد المتهمون براءتهم طاعنين بشرعية المحكمة التي تخضع برأيهم لاوامر الولايات المتحدة.

من جهة اخرى قال مسؤول ايراني كبير ان بلاده تطالب بتوجيه اتهام للرئيس العراقي المخلوع صدام الذي استؤنفت محاكمته اليوم الاربعاء لاصداره أوامر بشن هجمات بالغاز السام أدت الى مقتل الاف المدنيين الايرانيين اثناء الحرب العراقية الايرانية التي استمرت بين عامي 1980 و1988.

وقال وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي ان صدام استخدم أسلحة كيماوية لقتل ايرانيين اثناء الحرب خصوصا في المنطقة الكردية شمال غرب ايران مما أدى الى تدمير قرى بأكملها وتدمير مزارع.

وقال متقى للصحفيين في مستشفى بعد زيارة لجرحى ناجين من الهجمات بالاسلحة الكيماوية التي أمر بها صدام "ايران الضحية الرئيسية للاسلحة الكيماوية. استخدام صدام للاسلحة الكيماوية يتعارض مع القوانين الدولية."

ويعالج بضعة عشرات من المحاربين القدامى أصيبوا بالاسلحة الكيماوية في مستشفى ساسان بوسط طهران وهو أحد مستشفيين في العاصمة الايرانية متخصصين في مثل هذا النوع من الجروح.

وقال متقي ان ايران أعدت التماسا ستقدمه وزارة الخارجية للمحكمة في بغداد.

وأضاف "ما زال يتعين على المحكمة نظر جرائم صدام في الخارج. نريد التحقيق في جرائمه ضد الايرانيين."

وقال متقي ان الالتماس اشتمل على وثائق تثبت استخدام العراق غاز الاعصاب وغاز الخردل اثناء الحرب التي استمرت ثمانية أعوام.

وتابع قائلا "استخدم صدام الاسلحة الكيماوية ضد ايران أكثر من 20 مرة اثناء الحرب" وأضاف أن حوالي 40 ألف شخص أصيبوا نتيجة لذلك.

واتهمت ايران الغرب مرارا بامداد صدام بالتكنولوجيا وبعض المواد لانتاج أسلحة كيماوية.

وقال متقي "بعض الدول والشركات التي زودت صدام بالمواد الكيماوية شريكة في المسؤولية عن هذه الجريمة... حصل صدام حسين على مواد كيماوية من أكثر من 400 شركة غربية من بينها 25 شركة أمريكية و15 شركة ألمانية و10 شركات بريطانية."

وأضاف أن ايران قلقة بشدة من تأثير الولايات المتحدة عدوتها اللدود على محاكمة صدام حسين.

وقال "نشعر بقلق للطريقة التي تحاكم بها المحكمة مجرمي الحرب هؤلاء والضغوط الامريكية على المحكمة (لتجاهل الطلب الايراني)."وأضاف "ايران تراقب المحاكمة عن كثب."

ويواجه صدام وسبعة من معاونيه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية لكنهم جميعا انكروا أنهم مذنبون. وقد يواجهون أحكاما بالاعدام شنقا في حال ادانتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 22/كانون الاول/2005 -  19/ذي القعدة/1426