
أقر
الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاثنين بحدوث اخفاقات في الجهود الرامية
لاحلال الديمقراطية بالعراق ولكنه قال ان الانتخابات التي ستجرى
الاسبوع الحالي ستساعد هذا البلد على أن يكون "نقطة تحول" في الشرق
الاوسط.
وتحدث
بوش بلهجة واقعية في خطابه ورده على أسئلة الحضور حيث تكهن بأن العنف
لن ينتهي باجراء الانتخابات البرلمانية يوم الخميس وقال إن الامر يتطلب
الكثير من الجهد لجعل الديمقراطية الناشئة بالعراق شاملة للجميع.
وأضاف
بوش أيضا إن حوالي 30 ألف عراقي قتلوا منذ الغزو الذي قادته الولايات
المتحدة للعراق في مارس آذار 2003 وندد بوجود سجون بالعراق "حيث يحتجز
أناس معظمهم من السنة تعرض بعضهم فيما يبدو للضرب والتعذيب".
ومضى
يقول "هذا السلوك غير مقبول وقد ندد رئيس الوزراء ومسؤولون عراقيون
اخرون بهذه الانتهاكات وبدأ تحقيق ونحن ندعم هذه الجهود. من ارتكبوا
هذه الجرائم ينبغي محاسبتهم."
وقالت
الحكومة العراقية في وقت سابق يوم الاثنين إن 13 سجينا عثر عليهم في
سجن اخر ببغداد اضافة إلى قبو سري عثر عليه الشهر الماضي تديره وزارة
الداخلية تبدو عليهم آثار التعرض لانتهاكات.
ويحتاج بوش لان تجري الانتخابات البرلمانية المزمعة في العراق يوم
الخميس القادم بسلاسة حتى يمكنه التدليل بها كعلامة على احراز تقدم
للحد من تأثير المشاهد اليومية للتفجيرات الانتحارية وصور القتلى بين
القوات الامريكية التي أثارت استياء الرأي العام الامريكي تجاه الحرب.
ويسعى
بوش جاهدا لاستعادة ثقة الامريكيين في ولايته الثانية بعد عام فقد فيه
الامريكيون ثقتهم في قدرته على ادارة الحرب وتزايد عدد من يعتقدون ان
ادارته لجأت للتضليل لاقناعهم بالغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
وقال
بوش "ما من أمة في التاريخ استطاعت التحول إلى مجتمع حر دون مجابهة
تحديات واخفاقات وبدايات زائفة."
ولكنه
اضاف "إنه تحول تاريخي لبلد ليس له أي خبرة تقريبا بالديمقراطية ويكافح
من أجل تجاوز ميراث واحد من أسوأ نظم الطغيان التي عرفها العالم."
وهذا
الخطاب أحدث محاولة لبوش في اطار سعيه لحشد التأييد لاستراتيجيته بشأن
العراق بين الامريكيين المتشككين في قيادته.
وفي
معرض حديثه أمام تجمع استضافه مجلس الشؤون العالمية وهو منظمة تعليمية
خاصة غير حزبية لا تسعى للربح كرر بوش القول "لن نقبل بأقل من النصر
الكامل" على ما وصفه بالارهاب في العراق.
ويأتي
العدد الذي أعلنه بوش بخصوص القتلى العراقيين في حدود الارقام التي
أعلنها مشروع تعداد الضحايا العراقيين وهو منظمة أمريكية بريطانية غير
حكومية تقول حاليا إن عدد القتلى يتراوح بين 27383 و30892 قتيلا ويخص
المدنيين وليس جميع المواطنين العراقين الذين قتلوا منذ الغزو.
وتعتمد ارقام المنظمة على التقارير الاعلامية التي لا تغطي في كثير من
الاحيان كل حالات القتل التي تقع في البلاد. وهناك تقديرات أخرى من
بينها تقدير وضعه علماء ونشر في دورية لانسيت الطبية قال إن عدد القتلى
المدنيين يبلغ زهاء مئة الف شخص.
وقال
"في كل خطوة يكذب العراقيون المشككين والمتشائمين".
لكنه
اضاف ان "عراقا حرا لن يكون عراقا هادئا (...) سيكون بلدا يواجه العنف
الى حد ما" موضحا ان "التحديات القائمة معقدة وصعبة. ومع ذلك العراقيون
مصممون على تجاوزها وبناء بلد حر وهم يحتاجون الى دعمنا".
واكد
بوش ان "الانتخابات التي ستجري هذا الاسبوع لن تكون مثالية ونجاح
الانتخابات لن يكون نهاية العملية" وحذر من ان الذين يستهدفون القوات
الاميركية والعراقية "لن يستسلموا لان الانتخابات ناجحة".
وقال
بوش "لم يسبق ان تمكن شعب في التاريخ من الانتقال الى مجتمع حر من دون
ان يواجه تحديات ونكسات وبدايات خاطئة" بما فيها الولايات المتحدة.
واكد
الرئيس الاميركي "اذا كنتم من مؤيدي اسرائيل فانني ادعوكم بالحاح الى
مساعدة الدول الاخرى على ان تصبح ديموقراطية. بقاء اسرائيل على الامد
الطويل مرتبط بانتشار الديموقراطية في الشرق الاوسط".
ودعا
بوش القادة العراقيين الى اشراك الاقلية السنية في الحكم. وقال "اعرف
ان العراق سيكون موحدا ويرتكز على اشكال من المبادىء العالمية (...)
حرية العبادة ودولة القانون والملكية الخاصة والسوق وكلها مرتبطة
بدستور وافق عليه العراقيون وسيقومون بتحسينه" محذرا بان اي تقسيم
للعراق سيشكل "كارثة".
وقبل
ثلاثة ايام من الاقتراع رأى الرئيس الاميركي ان السنة 2005 شكلت
"منعطفا في تاريخ العراق (...) وتاريخ الشرق الاوسط وتاريخ الحرية".
ورأى
انه "تحول كبير في بلد لم يكن يملك اي تجربة في الديموقراطية ويكافح
لتجاوز ارث تركه احد اسوأ الانظمة المستبدة التي عرفها العالم".
واكد
ان "قواتنا ستعود بالتكريم الذي تستحقه الى البلاد ما ان يتحقق النصر".
وتحدث
بوش عن اغلاق اربعين قاعدة في العراق او نقلها الى عراقيين. الا ان
المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليللان حرص على التأكيد بعد الخطاب
ان القوات الاميركية اغلقت او نقلت الى العراقيين ثلاثين من اصل تسعين
قاعدة وليس اربعين.
كما
كرر انتقاداته لايران التي اتهمها بالعمل "لنسف الحرية في العراق"
وسوريا التي قال انها "تسمح بعبور الارهابيين لحدودها".
ووجه
انتقادات ايضا "لمحطات التلفزيون العربية" التي قال انها "تهاجم اميركا
باستمرار".
وبينما هزت فضيح اساءة معتقلين في سجن ابو غريب العراقي صورة الولايات
المتحدة اكد بوش ان استخدام التعذيب في السجون العراقية "غير مقبول".
وقال
"اكشتفنا سجونا كان يعتقل فيها سنة خصوصا. بعضهم تعرض للضرب او التعذيب
وهذا سلوك غير مقبول".
وقد
انتقد زعيم المعارضة الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد خطاب بوش
معتبرا انه "لم يحدد حتى الآن الاهداف السياسية والعسكرية والاقتصادية
التي يجب بلوغها لتحقيق النجاح".
من
جهته رأى السناتور الديموقراطية ادوارد كينيدي "اذا كانت اميركا تريد
ان تنجح حكومة عراقية جديدة فعليها ان تترك العراقيين يتولون مسوؤلية
مستقبلهم".
وتحمل
الانتخابات التي ستجرى هذا الاسبوع في العراق تغييرات مهمة للقوات
الامريكية في عام 2006 بينها اعادة تمركز الجنود وخفض عددهم الى جانب
ايجاد اطار قانوني لاستمرار وجودهم.
وتضع
الاستراتيجية القومية لتحقيق النصر في العراق التي كشف البيت الابيض
النقاب عنها في 30 نوفمبر تشرين الثاني تصورا للتغير الذي سيجري على
وضع القوات الامريكية التي ستنتقل من لعب دور رئيسي في محاربة جماعات
مسلحة الى "أدوار مساعدة في معظم المناطق" فيما تتولى القوات الامنية
العراقية مزيدا من المسؤولية.
ومع
تراجع التأييد الشعبي الامريكي للحرب وتزايد الدعوات من بعض النواب
لسحب القوات يقول مسؤولون أمريكيون انهم سيبحثون بعد الانتخابات حجم
القوات في المستقبل بما في ذلك خيار خفض عددها الحالي وهو 155 ألفا إلى
100 ألف بحلول الصيف المقبل.
واعلنت وزارة الدفاع الامريكية ان الجنرال جورج كيسي قائد القوات
الامريكية بالعراق سوف يجري تقييما للوضع بشكل سريع بعد الانتخابات
وبمقدوره ان يصدر توصية في وقت قريب جدا ربما خلال الشهر الحالي حول
إذا كان سيجري خفض للقوات الامريكية عن مستوى الخط الاساسي المحدد وهو
138 الف جندي ومتي سيتم هذا التخفيض في العام المقبل.
وقال
المتحدث باسم وزارة الدفاع لورانس دي ريتا للصحفيين إنه بموجب خطة
اعلنت بالفعل فان من المقرر خفض القوات الامريكية بالعراق في يناير
كانون الثاني من 155 الفا بعد تعزيزها لتأمين الانتخابات إلى نحو 138
الفا.
وقال
دي ريتا "اعتقد انه (كيسي) على الارجح سوف يصدر نوعا من التقييم بشأن
أين نقف بعد الانتخابات وما هو تفكيره. ولايمكنني القول أن هذا سيشمل
توصية.. فأنا لا أعلم ذلك."
وجاء
في وثيقة البيت الابيض "مع تحسن الاوضاع الامنية (في العراق) ومع تحسن
قدرات القوات الامنية العراقية على تأمين الاوضاع في بلادهم ستنسحب
قواتنا بشكل مطرد من المدن وستخفض عدد القواعد التي نعمل منها وسنسير
دوريات وقوافل للقيام بمهام بصورة أقل." |