ديمقراطية الانتخابات بين الواقع والطموح

علي حسين

يتفق المحللون السياسيون على ان التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق لا تخص الشعب العراقي وحده بل تمتد لتشمل شعوب البلدان المحيطة به وربما تمتد    (حسب قول بعض المراقبين) لتنضوي تحت تأثيرها شعوب الشرق الاوسط برمته.

والسبب الاول الذي يستند اليه هؤلاء المراقبون هو عدم وجود تجربة ديمقراطية حقيقة في هذه البلدان أضف الى ذلك تعطش ابناء العراق لحريتهم بعد عقود طويلة من الظلم والاستبداد الذي طال العراقيين خاصة في عهد الطاغية صدام ،ولذلك ينظر الداعمون لهذه التجربة بمشاعر تتأرجح بين الخوف عليها من الفشل وبين التمني لها بالنجاح .

ولكن نحن كعراقيين هل نؤمن بأنها تجربة وليدة؟ وهل علينا تطويرها؟ وقبل ذلك هل تلائم الواقع العراقي؟ والجواب على هذه التساؤلات سيأتي بالإيجاب حتما لأنها تجربة وليدة فعلا وعلينا اسنادها وتطويرها لكونها تناسب العراقيين تماما وهي فرصتنا الوحيدة للتحول من خانة الدول المتخلفة واللحاق بركب الدول المتقدمة في العالم، واذا كانت التجربة الديمقراطية العراقية بهذه الصورة ، فما الذي يترتب علينا كعراقيين ونحن نؤسس لهذه الممارسة ونمهد الطريق الديمقراطي لأجيالنا القادمة؟!!

انه تساؤل جوهري على كل عراقي ان يطرحه على نفسه وليس السياسين فقط ، كيف ادعم هذه التجربة وكيف اشارك بتأسيس ممارسة ديمقراطية ناجحة؟؟.

ان نجاح هذه التجربة يبدأ من سلوك الكيانات والقوائم الانتخابية وهي تتبارى مع بعضها لخوض التجربة الانتخابية القادمة والتي سبقتها والتي ستليها، نعم يجب ان نعترف بوضوح ان نجاح التجربة الديمقراطية في العراق يتحدد بمدى حالة التحضر التي نتمتع بها ونحن نتعامل مع بعضنا البعض في صراعنا او تنافسنا الشريف من اجل خدمة انفسنا قبل أي شيء، وهنا يجب ان نعي كيفية التعامل مع بعضنا البعض وما هي الضوابط الديمقراطية التي توجه سلوكنا نحو بعضنا مهما اختلفت الافكار والاراء ، فهي طالما تصب في خدمة العراقيين ومخلصة لهم وتعمل على خدمتهم وتطورهم ، فانها تُمنح بطاقة الدخول لساحة المنافسة من اجل خدمة العراق ، وهنا نتساءل هل يجوز لبعضنا ان نقصي البعض الآخر بدون وجه حق وهل يجوز تمزيق وتهشيم وتحجيم الوسائل الدعائية لبعضنا وهل يجوز ان نشيع حالات الانسحاب لقوائم او كيانات لصالح اخرى وهي غير موجودة اصلا ، ان الايمان بسعة الساحة للجميع (باستثناء من تلطخت ايديهم بدماء الشعب العراقي) هو المبدأ الاساس الذي يؤسس لعملية ديمقراطية ناجحة في العراق ويبني الخطوة الصحيحة الاولى لاجيالنا القادمة كي تتأصل هذه الممارسة في سلوكنا وننتقل كشعب ناجح الى خانة الشعوب المتقدمة، وهكذا سنتفق جميعا على رفض السلوكيات التي تؤدي الى اجهاض العملية الديمقراطية ومنها اشاعة انسحاب القوائم اوالائتلافات لصالح اخرى وهي غير مؤكدة او غير موجودة أصلا.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 12/كانون الاول/2005 -  9/ذي القعدة/1426