طهران يخيم عليها الحزن وسحابة سوداء من الدخان

اصطدام الطائرة الايرانية العسكرية بمنى قريب من المطار اثار الكثير من التساؤلات والنتقادات في ايران حول زيادة مستوى سقوط الطائرات في ايران..

فقد قالت الشرطة وشهود عيان إن طائرة عسكرية ايرانية تقل 94 شخصا على الاقل اشتعلت فيها النيران واصطدمت بمبنى سكني في طهران يوم الثلاثاء مما اسفر عن مقتل جميع ركابها واخرين على الارض.

وقال مجتبى مير عبد الله المتحدث باسم وزارة الداخلية لوكالة انباء الطلبة الايرانية ان عدد القتلى يبلغ 116.

وقدر مسؤول حكومي عدد من يقطنون في المبنى السكني الذي اصطدمت به الطائرة بنحو 250 شخصا. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية انه يستطيع تأكيد بين ست وعشر وفيات على الارض من بين اولئك القتلى.

وقال متحدث باسم الشرطة للاذاعة الحكومية ان جميع الركاب وافراد طاقم الطائرة العسكرية الايرانية وهي من طراز سي. 130 قتلوا عندما اصطدمت بالمبنى الكائن في منطقة سكنية مزدحمة في جنوب طهران.

والطائرة التابعة للقوات الجوية الايرانية كانت متجهة الى ميناء بندر عباس الجنوبي ومعظم الركاب كانوا صحفيين محليين في طريقهم لتغطية تدريبات عسكرية في الخليج.

وقالت الشرطة ان قائد الطائرة ابلغ بوجود مشكلة في المحرك وطلب الهبوط اضطراريا في مطار مهرباد الدولي بطهران لكن الطائرة تحطمت قبل قليل من بلوغ مدرج المطار.

ونقلت وسائل الاعلام الايرانية عن شهود عيان قولهم ان احد جناحي الطائرة كان مشتعلا وهي تسقط.

وكان الصحفيون والمصورون الايرانيون في موقع الحادث يبكون لانهم كانوا يعرفون زملاء من ركاب الطائرة.

وقال شاهد من رويترز ان مقدمة الطائرة تحطمت تماما بينما غطى جسمها السواد بسبب الدخان. وكانت السنة اللهب تتصاعد من نوافذ المبنى بينما تتصاعد سحب الدخان الاسود الكثيفة الى السماء.

وكانت المدارس مغلقة بسبب ارتفاع مستويات السخام في الجو مما يزيد المخاوف من ان عددا اكبر من المعتاد من الاطفال كانوا في منازلهم عندما تحطمت الطائرة في الساعة 1410 بالتوقيت المحلي (1040 بتوقيت جرينتش). وقال رجل شرطة انه شاهد جثثا محترقة للعديد من الاطفال الصغار.

وقال رجل شرطة اخر "كان البعض يقفز من النوافذ فرارا من النيران. شاهدت اثنين يلقيان حتفهما بهذه الصورة."

وقال احد المارة ويدعى حسام هدايتي فيما غطت الدماء المتجلطة يديه والتراب وجهه انه كان من بين الاوائل في موقع الحادث.

وقال "انتشلت 30 جثة من الطائرة. كانت كلها متفحمة."

ويقع المبنى السكني في ضاحية شهرك التوحيد التي يقطنها عسكريون واسرهم. وتقع على الطريق المؤدي الى مطار مهراباد.

واندلع شجار فيما طوقت الشرطة المنطقة في محاولة لابعاد المئات من سكان المنطقة.

واستخدمت خدمات الطوارئ طائرات الهليكوبتر وسيارات الاسعاف والحافلات لنقل القتلى والجرحى. ووصلت جرافات ايضا الى الموقع.

ولايران سجل سئ في مجال الطيران بعد سلسلة من الكوارث الجوية خلال الثلاثين عاما الماضية رغم ان معظمها كان لطائرات روسية الصنع.

وحالت العقوبات الامريكية دون قيام ايران بشراء طائرات جديدة او قطع غيار من الغرب مما ارغمها على تكملة اسطولها من طائرات البوينج والايرباص بطائرات من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

والطائرة سي 130 هيركوليز امريكية الصنع وتستخدم في اكثر من 60 دولة في عمليات انزال المظليين واسقاط الامدادات في مناطق العمليات.

ووقع اخر حادث تحطم لطائرة عسكرية في ايران في جنوب شرق البلاد في 19 فبراير شباط 2003 مما اسفر عن مقتل جميع ركابها وعددهم 276 جنديا من الحرس الثوري اضافة الى افراد الطاقم.

وقالت صحف ايرانية عدة الاربعاء ان قبطان الطائرة العسكرية التي تحطمت الثلاثاء على سطح مبنى في طهران مما اسفر عن مقتل نحو 110 اشخاص اجبر على الاقلاع رغم وجود مشاكل تقنية.

وروت زوجة محمد كربلائي المصور في صحيفة همشهري المحافظة "كان يفترض ان تقلع الطائرة في الساعة السابعة لكن زوجي اتصل بي ليبلغني ان الطائرة تعاني مشاكل تقنية (...) فاصبت بقلق شديد وعاودت الاتصال به في الساعة العاشرة فعلمت بان الطائرة لم تقلع بعد واخبرني ان الطيار يرفض الاقلاع بسبب مشاكل تقنية".

وقالت صحيفة همشهري "على المسؤولين ان يشرحوا سبب السماح لطائرة تعاني مشاكل تقنية بالاقلاع".

ونقلت صحيفة شرغ عن رسول خادم عضو المجلس البلدي في طهران "الى متى يتم التلاعب بحياة الناس (...) الى متى يستمر استخدام طائرات لا تطابق المواصفات وتصلح فقط للاستغناء عنها".

ومنذ مساء الثلاثاء ذكر صحافيون ايرانيون يعملون خصوصا في وكالة الانباء الطالبية ايسنا ان زملاء لهم على متن الطائرة اتصلوا بهم قبل الاقلاع ليبلغوهم ان الطيار يرفض الاقلاع بسبب مشاكل تقنية.

ونقلت وكالة مهر للانباء عن الجنرال نامي مساعد رئيس اركان الجيش نفيه الثلاثاء "لشائعة فحواها ان طاقم الطائرة كان يعلم بوجود مشاكل تقنية قبل الاقلاع".

بدورهم شكا يوم الاربعاء أقارب غاضبون لاكثر من مئة قتيل لقوا حتفهم في أسوأ كارثة جوية بايران منذ ثلاث سنوات من أن المسؤولين كانوا يعلمون مسبقا بعدم سلامة الطائرة التي تحطمت.

ونفى مسؤولون عسكريون معرفة أن الطائرة التابعة للقوات الجوية كان بها مشكلات ولكن القضاء قال انه عين قاضيا لتحري صحة مزاعم أقارب الضحايا.

وقالت مويجان افشار شقيقة صحفي من هيئة اذاعة الجمهورية الاسلامية الايرانية "لماذا أرسلوا كل هؤلاء الصحفيين في طائرة بها مشكلات فنية. نريد الشكوى ولكن الى أين نتجه."

وكانت بين مئات من أقارب وزملاء القتلى ممن توجهوا الى مكتب المحقق العام في طهران في محاولة للتعرف على جثث ذويهم.

وداخل صالة كبيرة كان هناك عشرات الجثث المشوهة والمتفحمة والممزقة مغطاة ببطاطين وليس هناك جثة واحدة كاملة.

وقالت باريفاش نوري زوجة مصور من صحيفة همشهري انها تعرفت على جثة زوجها من خلال يديه ورقبته. وقالت "لقد تشوه وجهه تماما."

وشأنها شان الكثيرين هناك قالت انها تلقت عدة اتصالات هاتفية من زوجها قبل اقلاع الطائرة وقال لها ان قائد الطائرة لا يرغب في قيادتها لان الطائرة بها مشكلات فنية وان من المرجح أن الرحلة ستلغى.

وقال محمد حسن نعمي نائب قائد الاركان المشتركة للجيش ان فحوصا أجريت للطائرة قبل اقلاعها. وصرح لوكالة أنباء الجمهورية الاسلامية "لم يكن بالطائرة أي عطل فني قبل الاقلاع."

وقال حسن الذي كان يحاول المساعدة في التعرف على جثة زميل قتل "ما شاهدناه بالداخل يشبه فيلم رعب... انها مجرد أشلاء."

وأوضح مسؤولون بمكتب المحقق العام ان 106 جثة تم انتشالها الى الان وان عدد القتلى قد يرتفع على الارجح الى نحو 120 مع التعرف على المزيد من الجثث الممزقة.

وترددت أصداء البكاء والعويل وأغشي على البعض وأصيب البعض الاخر بالقيء.

وقالت امرأة وهي تنتحب "أين ابني. كيف يمكن لام أن تتعرف على ابنها بهذه الطريقة."

وذكرت شقيقة القتيل "أريد أن أذهب لارى اليدين. أنا أعرف شكل أصابع أخي."

وقالت سيمين وهي خالة مصور من وكالة أنباء فارس "كان لديه توأمان. لم يكن يرغب في السفر. كان خائفا هذه المرة لسبب ما."

ويقول خبراء في السلامة الجوية ان ايران لديها اسطول طائرات متهالك لا يلقى الصيانة الكافية ومن أسباب ذلك العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في التسعينات والتي تمنعها من شراء طائرات أمريكية الصنع أو قطع غيارها.

وقال حسن الذي قتل شقيقه في المبنى السكني الذي صدمته الطائرة "هذه الطائرات متهالكة منذ 15 سنة."

وأضاف "أنا رجل عسكري وأعلم أنهم لا ينفقون بالشكل الكافي على صيانة الطائرات. أيضا نتيجة الحظر الامريكي ليس لدينا قطع غيار كافية. انهم يأخذون القطع من هذه الطائرة وتلك ويدعون الله ان يهبطوا بسلام."

من جهة اخرى اعلنت لجنة التنسيق ومراقبة تلوث الهواء في محافظة طهران عن صدور قرار بتعطيل مدارس رياض الاطفال والابتدائي والمتوسطة والثانوية في كافة مناطق طهران ليومي غدا وبعد غد بسبب تزايد تلوث الهواء في سماء المنطقة نتيجة انخفاض سرعة الهواء. وقالت محافظة طهران في بيان لها ان هذا القرار جاء بعد المشاورات التي اجرتها المحافظة مع مساعد رئيس الجمهورية الايرانية ورئيس منظمة البيئة الدكتورة فاطمة واعظ جوادي ووزير التربية والتعليم محمود فرشيدى ورئيس المجلس البلدى لمدينة طهران مهدى جمران. من جهته قال محافظ طهران كامران دانشجو ان نسبة التلوث في سماء طهران قد ازادات خلال اليومين الماضيين وان هذه النسبة ستزداد يومي غدا وبعد غد بسبب انخفاض سرعة الهواء في سماء المنطقة بيد انه اكد ان نسبة تلوث الهواء فى طهران لم تصل الى مرحلة "محرجة". ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن دانشجو عقب اجتماع لمجلس التخطيط والتطوير في العاصمة طهران قوله ان "ارتفاع نسبة تلوث الهواء في الجو نتيجة انخفاض سرعة الهواء في طهران وان كان يعد امرا مقلقا الا انه لا يشكل اية خطورة على حياة المواطنيين الاصحاء". وحذر دانشجو من تأثير هذه الاجواء الملوثة فى سماء طهران على مرضى الربو والجهاز التنفسى والقلب. وتعد العاصمة طهران في مقدمة عواصم العالم التى تعانى من ازدياد نسبة تلوث الهواء في الجو لعدة عوامل اهمها العامل الجغرافى حيث انها محاطة بسلسلة جبال البرز والتي تؤدي الى انخفاض سرعة الهواء فى الجو اضافة الى العامل البيئى نتيجة ما تنفخه عوادم السيارت الكثيرة فى الجو من تلوث علما بانه وفقا لاخر احصائية رسمية فقد بلغ عدد السيارت المسجلة لدى مرور طهران 5ر3 مليون سيارة وكذلك كثرة وجود المصانع الكبيرة في طهران بدون وجود فلاتر لتنقية الهواء في الجو.

ويقدر أن 5 آلاف شخص يموتون سنويا في طهران لأسباب تتعلق بتلوث الهواء.

وتعاني العاصمة الايرانية منذ بداية هذا الشهر من سحابة سوداء كثيفة تخيم على أجوائها.

وقد أنحت السلطات باللوم على عوادم السيارات وطلبت من المواطنين استخدام وسائل المواصلات العامة بدلا من سياراتهم الخاصة.

وخرجت الصحف الايرانية بعناوين مختلفة تصور التلوث في طهران، ومن بينها "طهران تختنق".

ونشرت بعض الصحف صورا لبعض الطرق السريعة التي تزدحم بالسيارات، بينما نشرت صحف أخرى أشد الأماكن تلوثا في وسط وشمال العاصمة وتلك التي ينبغي تجنبها.

ولم يعط التلفزيون الرسمي حتى الآن تفاصيل محددة عن مستويات التلوث في المدينة، ولكنه قال ان نسبة ثاني أكسيد الكربون وعناصر التلوث الأخرى في الجو قد وصلت الى مستويات حرجة.

وتقول فرانسيس هاريسون مراسلة البي بي سي في طهران ان احدى المستشفيات المتخصصة في أمراض الجهاز التنفسي قد شهدت ارتفاعا ملحوظا في عدد المرضى مؤخرا.

وتقول مراسلتنا ان موقع طهران في حضن مجموعة من الجبال يعني أن الهواء الملوث يبقى عالقا في أجوائها في حال عدم وجود رياح أو أمطار.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 8/كانون الاول/2005 -  5/ذي القعدة/1426