الرمال والاملاح يخنقان اعظم انهار استراليا

يقف ريتشارد اوين خارج كوخه القديم المطل على مصب نهر موراي ويبدي ندمه على اضمحلال اعظم ممر مائي في استراليا.

وعلى مدى 25 عاما راقب اوين المنطقة التي يلتقى عندها النهر وامواج المحيط الجنوبي وشاهد الرمال تتزايد ببطء لتسد مصب النهر.

ويقول اوين وهو ينظر الى تل من الرمال بين كوخه والنهر والذي يبعد الان مئتي متر "حين جئنا هنا لاول مرة كانت مستنقعات المياه امامنا. الان يمكننا ان نمشي وسط الرمال.غطتها الرمال"

انها نهاية محزنة لنهر عظيم يصارع الان ارتفاع نسبة الملوحة وتراجع منسوب المياه المتدفق والتاثيرات التي اعقبت موجات الجفاف واحتياجات الري.

والنهر شريان حياة في القارة التي تعاني من الجفاف وتغذيه مياه اتية من الشمال شبه الاستوائي عبر نهر دارلينج ومن حقول الجليد في الشرق حيث منبع موراي على بعد 2500 كيلومتر من مصبه.

وحوض موراي-دارلينج هو سلة الغذاء للبلاد ويمثل 41 بالمئة من قيمة الانتاج الزراعي لاستراليا.

ودفعت المحنة الشديدة التي يواجهها النهر نتيجة انكماشه وتلوثه الحكومة المركزية لان تجعل منه هدفا بيئيا رئيسيا.

واحد اهداف الحكومة محاولة زيادة كمية المياه في النهر لمنع اغلاق مصبه.

وقرب نهايته يمر موراي يفيض في بحيرتين كبيرتين ضحلتين قبل ان يلتف حول جزيرة هيندمارش في طريقه الى البحر في بقعة اشتهرت بخطورتها.

ومن كوخه يري اوين التي حفر تعملان بلا توقف منذ ثلاثة اعوام لازالة ثلاثة ملايين متر مكعب من الرمال كى تصل مياه نهر موراي الى المحيط.

وبدون ازالة الرمال او زيادة كبيرة في تدفقات المياه ستملا مياه النهر البحيرتين المنخفضتين بدلا من ان تصب في البحر.

وتحصل اديليد عاصمة ولاية جنوب استراليا ويقطنها نحو مليون نسمة على اربعين بالمئة من احيتاجاتها من المياه من النهر وتقول الحكومة ان امدادات من نهر موراي قد تصبح غير صالحة للشرب في غضون 20 عاما.

وقال ويندي كريك الرئيس التنفيذي للجنة حوض موراي-دارلينج التي تشرف على ادارة النهر نيابة عن اربع حكومات ولايات والحكومة المركزية والفلاحين وانصار البيئة "الوقوف مكتوفي الايدي ليس خيارا".

ويغطي حوض موراي-دارلينج 1.06 مليون كيلومتر مربع اي 15 بالمئة من اجمالي مساحة استراليا ويلعب دورا حيويا في دعم الاقتصاد والحياة الريفية في استراليا كما انه يحتل مكانة كبيرة في تاريخ البلاد.

وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين وحتى مد خطوط السكك الحديدية كانت القوارب البخارية تجوب النهر لنقل الصوف والقمح والسلع من بلدة لاخرى مما دعا الكاتب مارك توين في الثمانينات من القرن التاسع عشر لتشبيه النهر بنهر ميسيسبي في امريكا.

وخلال هذه الفترة استعان الفلاحون بمياه النهر في ري المحاصيل وحولوا مساحات شاسعة من الاراضي القاحلة الى حقول خضراء.

ورغم حجمه فان كمية المياه التي تتدفق في النهر تمثل نسبة ضئيلة مقارنة ببعض الانهار الرئيسية في العالم مثل نهر النيل ونهر الامازون.

وفي العام العادي يتدفق 13 الف جيجا لتر (الجيجا لتر الف مليون لتر) من مياه نهر موراي الى البحر. وقد يبدو ذلك كما هائلا من الماء الا انه لا يقارن بحوالي 5.5 مليون جيجا لتر سنويا من نهر الامازون ومليون جيجا لتر من نهر يانجتسي.

والمشكلة الاخرى ان موراي نهر بطيء وكسول اذ يستغرق وصول مياه الامطار من الروافد العليا لنهر دارلينج الى جولوا ثلاثة اشهر ومن ثم فان تخلص النهر من جميع الشوائب يستغرق وقتا طويلا.

وفي عام 2004 خصصت الحكومة المركزية وحكومة الولاية 500 مليون دولار لجمع 500 جيجا لتر من المياه لتعزيز التدفقات في النهر لصالح البيئة. ويقول انصار البيئة ان النهر يحتاج 1500 جيجا لتر اضافية.

كما ان مشروعات انتاج الملح أعلى وأسفل النهر تمنع وصول الف طن من الملح يوميا الى شبكة روافد النهر في ظل خطة لتثبيت مستوى الملوحة.

ولكن بعد اكثر من عام فان لجنة حوض موراي-دارلينج لازالت تبحث عن 260 جيجا لتر اضافية لتحقيق هدفها.

ولا يساور اوين اي شك بشان اسباب انكماش النهر وما يجب عمله.

وقال ان السبب هو الري وشكا من ان مزارعي الارز والقطن في ولايتي كوينزلاند ونيو ساوث ويلز يستهلكون كميات كبيرة من المياه في محاصيل غير مناسبة لاستراليا.

وتابع" الكل يتحدث كثيرا. في موسم الجفاف لا يتوافر ماء كاف للري ومن المؤكد لا يتبقي شيئ للنهر."

وتابع "النهر ملك المجتمع ولكن تغيير الوضع يحتاج الى جيلين."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 7/كانون الاول/2005 -  4/ذي القعدة/1426