كتاب جديد يربط بين الديمقراطية والمبادئ الإسلامية ويزاوج بينهما

إن الديمقراطية لا يمكن أن تضرب بجذورها في العالم الإسلامي إلا إذا رأى المواطن العادي أنها تتماشى مع الإسلام. هذا ما قاله مركز دراسات الإسلام والديمقراطية ومؤسسة ستريت لو اللتان تسعيان لنثر بذور التطور الديمقراطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فقد قال رضوان المصمودي مؤسس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية ومديره التنفيذي "إن كل شخص في العالم الإسلامي إذا طُرح عليه الاختيار بين الإسلام وأي شيء آخر، فإن اختياره سيكون الإسلام دائما. والمشكلة أن الديمقراطية قدمت إليهم في حالات كثيرة كشيء غريب، وكشيء لا يتماشى مع الإسلام، وكان عليهم الاختيار بين الاثنين."

وأضاف المصمودي أن "ذلك خيار زائف، فهم غير مضطرين للمفاضلة بين خيارين، وعلينا أن نقنعهم بذلك. علينا أن نقدم لهم الديمقراطية ونربط بينها وبين المفاهيم الإسلامية التي اعتادوا عليها" مثل مبدأ الشورى.

ولتحقيق هذا الهدف، كلفت الجهتان 8 مؤلفين ينتمي كل اثنين منهم إلى الدول الأربع التالية: مصر والأردن والجزائر والمغرب لإعداد كتاب باللغة العربية يزاوج بين مفاهيم الديمقراطية والمبادئ الإسلامية.

وكان نتاج ذلك كتابا بعنوان الإسلام والديمقراطية: نحو التوصل إلى مواطَنَة فعالة، وقد أعد الكتاب على نمط كتاب وضع منذ أكثر من عشر سنوات للاستخدام في جنوب أفريقيا ودول أخرى تعتبر من الديمقراطيات الناشئة، لكن معدي الكتاب أعادوا صياغة النص بحيث يتلاءم مع القراء المسلمين.

وتعتزم الجهتان المشاركتان في إنتاج الكتاب عرضه على قيادات المجتمع في الدول الإسلامية على أمل أن تنقل تلك القيادات رسالة الديمقراطية إلى مواطنيها.

يذكر أن مركز دراسات الديمقراطية والإسلام هو مركز أبحاث مقره في العاصمة واشنطن يكرس جهوده "للدعوة للإصلاحات الديمقراطية في العالم الإسلامي، والربط بين القيم الإسلامية ومبادئ الحرية والمشاركة السياسية" أما مؤسسة ستريت لو فهي جماعة تتخذ أيضا من العاصمة واشنطن مقرا لها وتتعهد بمد المواطنين "بالتوعية والتعليم الضروريين حول القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان بأسلوب عملي يتصف بالمشاركة."

ويعتبر المصمودي أن التعاون بين مركز دراسات الإسلام والديمقراطية ومؤسسة ستريت لو علاقة شراكة طبيعية. وذكر أنه قال للمسؤولين في مؤسسة ستريت لو "إنكم تعرفون كيفية تعليم الديمقراطية أو التوعية بها، ونحن لدينا معلومات عن الإسلام وكيفية التعريف به. فلنعمل معا ونتعاون في هذا المشروع."

وتتصف ماري لاركين مديرة البرامج الدولية في مؤسسة سترين لو بالقدر نفسه من الحماس للمشروع وتؤكد أن التعليم والتوعية هما أفضل الوسائل الفعالة للدعوة إلى الديمقراطية.

وقالت "إننا يجب ألا نتصرف كدعاة. فإعطاء المعلومات حول الديمقراطية، وإعطاء المعلومات عن تمشيها مع الإسلام ، سيؤدي بالشعوب إلى اتخاذ قرار بأنها الأفضل بالنسبة لهم."

من بين المشاركين في إعداد كتاب الإسلام والديمقراطية أحد الأعضاء الجدد في مجلس الأعيان بالأردن وأحد أعضاء البرلمان في كل من المغرب والجزائر، بالإضافة إلى  أستاذ جامعي وصحفي واثنين من الخبراء في مجال حقوق الإنسان وناشط في الدعوة لتوعية المواطنين.

والكتاب الواقع في 129 صفحة حافل بالحقائق، والفلسفة، وفيه تدريبات عملية، وتم الإعلان عنه وتقديمه للجمهور يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2005.

ويحتوي الكتاب على فصول مخصصة للتعريف بالديمقراطية، وأسلوب إدارة الدولة، والفساد وإساءة استخدام السلطة، والانتخابات، والمشاركة السياسية للمواطنين.

وقد ورد في مقدمة الكتاب ما يلي: "إن الكتاب لا يتخذ موقفا سياسيا أو دينيا بالنسبة للإسلام والديمقراطية ويجتهد لتقديم مواد محايدة ومتوازنة. إننا نهدف إلى تشجيع الحوار والمناقشة، والدعوة إلى التسامح ، وتأييد مشاركة المواطنين."

وتقول لاركين إن التدريبات التي يضمها الكتاب تستند إلى خبرات ومواقف يمكن أن تكون معروفة لقرائه. ففي أحد التدريبات الخاصة بشرعية السلطة يقدم موقفا تحول فيه المتظاهرون في الشارع إلى السلب والنهب بعد إخفاق الحكومة المنتخبة شرعيا في تخفيف حدة أزمة اقتصادية. فتستولى على السلطة مجموعة من ضباط الجيش وتفرض الحلول الخاصة بها.

"ويسأل نص التدريب: أي من المجموعتين هو صاحب السلطة المشروعة في الحكم في تلك الحالة: الحكومة المنتخبة أم الحكومة العسكرية؟"

وتدريب آخر للبحث في مسؤولية كبار المسؤولين ومحاسبتهم أمام القانون، يقدم حالة مدير بنك يستدعى للشهادة في تحقيق في قضية فساد، ويشهد بأنه تصرف بأوامر من مسؤول كبير في الحكومة.

ويطلب الكتاب من القراء التفكير في "توصيف حجج مدير البنك، وإن كان يجب استدعاء المسؤول الكبير للشهادة، ولماذا، وماهي حجج المحققين، وأخيرا يسأل القارئ: إذا كنت أنت القاضي، فماذا يكون حكمك؟"

وبدأ المصمودي ولاركين واثنان من زملائهما جولة تستغرق 10 أيام في المغرب والجزائر اعتبارا من 4 كانون الأول/ديسمبر لتقديم الكتاب إلى القيادات المدنية والدينية والتعليمية، والمسؤولين في المنظمات غير الحكومية بالبلدين، وتعريفهم بكيفية استخدام نصوص التدريبات في مجتمعاتهم.

وقالت لاركين "إننا نستهدف الوصول من خلالهم إلى أكثر من ألفي مواطن عادي في كل دولة. وسنمدهم بالمواد اللازمة. إننا ملتزمون بأن نخرج المناقشات حول الديمقراطية من المؤسسات الأكاديمية والأبراج العاجية لأن الديمقراطية تتحقق عندما يرغب فيها عامة الناس."

وتعتزم المجموعة القيام بزيارت مشابهة إلى مصر والأردن في كانون الثاني/يناير، وإذا نجحت تلك الزيارات الاستطلاعية الأربع، فإن الجهات الراعية للكتاب تأمل في نقله إلى دول أخرى.

ولدى المصمودي "توقعات كبيرة" لما يمكن أن يحدثه الكتاب من تأثير في جميع أرجاء العالم الإسلامي بالنسبة لشرح مفاهيم الديمقراطية بلغة بسيطة.

وقال "إن مركز دراسات الإسلام والديمقراطية عقد ربما مئات المؤتمرات حول موضوع الإسلام والديمقراطية. لكننا بعد فترة لاحظنا أن من يترددون على تلك المؤتمرات هم نفس الأشخاص – كبار المثقفين، وكبار القيادات السياسية والدينية في البلد – وهؤلاء لا يحتاجون إلى تلك المؤتمرات."

ثم أضاف "إن التحدي الآن هو كيفية إقناع ملايين الأشخاص في العالم العربي." ثم تساءل: ومع انتشار الديمقراطية في العالم، "متي سيكون لدينا في العالم العربي أناس يخرجون في تظاهرات سلمية للمطالبة بالحرية والديمقراطية؟"

وقد وصف أحد المشاركين في إعداد الكتاب وهو الدكتور عماد شاهين الأستاذ بالجامعة الأميركية في القاهرة، وصف الكتاب بأنه "كتاب عملي، كما أنه يغرس قيما محددة." وأضاف "إنه ليس دليلا سطحيا لكيفية تعليم الديمقراطية في منهج مكثف لمدة خمس دقائق. إنني أعتقد أنه كتاب متمعق لأنه يحاول أن يعرض القيم بأسلوب مبسط ، وليس ساذجا، أسلوب مبسط جدا، ومباشر جدا لدرجة تجعل الاطلاع عليه سهلا بالنسبة للجميع."

من ناحية أخرى أعرب على أبو زعكوك مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز دراسات الإسلام والديمقراطية عن ثقته في أن الجهد المشترك للمركز ومؤسسة ستريت لو المتمثل في الكتاب يمكن أن يدفع إلى الأمام بموجة الإصلاح البازغة بالنسبة لحقوق الإنسان، والمسؤولية والمحاسبة، والشفافية أو الوضوح في العديد من الدول العربية. وإن التجربة الحديثة أثبتت أن "الضغوط من الداخل، من منظمات المجتمع المدني إذا اقترنت بشيء من الدفع من الخارج تسفر عن تحقيق نتائج."              

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 7/كانون الاول/2005 -  4/ذي القعدة/1426