الاستحقاق الانتخابي في العراق: احتدام الصراع والتوترات بين الفرقاء

تبادل سياسيون علمانيون ودينيون من الاغلبية الشيعية بالعراق ممن يتنافسون في الانتخابات القادمة الاتهامات يوم السبت بالتسبب في المعاناة الاقتصادية وانتهاكات حقوق الانسان.

وقبل أقل من أسبوعين من انتخابات برلمانية من المحتمل أن تقسم العراقيين على أسس عرقية وطائفية يدور بعض من أشرس الحملات الانتخابية بين جماعات شيعية متنافسة تعتبر صاحبة الحظ الاوفر في قيادة حكومة جديدة.

وحظي المعسكر الديني الذي يهيمن على الحكومة المؤقتة الحالية بتأييد ثمين وان لم يكن صريحا من اية الله علي السيستاني أكبر مرجع ديني شيعي في العراق.

وهاجم إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق وصاحب التوجه العلماني الائتلاف العراقي الموحد وهو الائتلاف الحاكم المؤلف من أحزاب اسلامية شيعية واتهمه بالتسبب في حدوث "كارثة" اقتصادية.

وبعد ساعات اتهم قادة الائتلاف ومن بينهم خلفه ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء الحالي حكومة علاوي بأنها تركتهم في مأزق.

وابلغ علاوي مؤتمرا صحفيا ان الحكومة الحالية قالت انها ستنفق 200 مليون دولار بحلول نهاية العام. وأضاف ان هذا المبلغ لم يتم انفاقه مما تسبب في تدهور امدادات الكهرباء والخدمات الاساسية الاخرى وارتفاع معدلات البطالة.

وتظهر التوترات بين الجماعات الشيعية التي تجري على خلفية تمرد يقوده العرب السنة وهم الاقلية التي كانت في السابق قوة مهيمنة التعقيدات السياسية في العراق الذي يكافح لتخفيف حدة توتر طائفي أثار المخاوف من نشوب حرب أهلية شاملة.

وينظر الى علاوي الذي عمل مع المخابرات البريطانية والامريكية على مدى ثلاثة عقود عاشها في الخارج بعد انشقاقه عن صدام حسين وحزب البعث على أنه زعيم علماني صارم يحظى بشعبية بين السنة والشيعة على حد سواء.

ويستمد الائتلاف العراقي الموحد قوته من شخصيات دينية من الاغلبية الشيعية التي تمثل 60 في المئة من سكان العراق ولكنه يواجه انتقادات من القوميين العرب لان بعض زعمائه يحتفظ بعلاقات وثيقة مع ايران تعود الى أيام المنفى هناك أثناء المعارضة لصدام حسين.

وفي المؤتمر الصحفي للائتلاف قال الجعفري زعيم حزب الدعوة ان حكومة علاوي التي نصبتها سلطات الاحتلال الامريكي عام 2004 خلفت وراءها ميراثا من المشاكل لحكومته المنتخبة التي تولت المسؤولية هذا العام.

وأضاف الجعفري ان حكومته ورثت أزمة كبرى ونقصا في الثقة بين الطوائف العراقية.

واثار علاوي غضب زعماء الائتلاف الاسبوع الماضي باتهامه الحكومة بانتهاك حقوق الانسان مثلما فعل صدام.

ونفى الجعفري وعبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وشريك حزب الدعوة في الائتلاف الحاكم اتهامات سنية بأن الحكومة تغض الطرف عن وجود فرق اعدام.

وتكرر النفي بعد عثور القوات الامريكية على عشرات من السجناء السنة يتضورون جوعا في قبو تابع لوزارة الداخلية الشهر الماضي.

واتهم الحكيم حكومة علاوي السابقة بالسماح بتعذيب وقتل أعضاء من الجناح المسلح لحزبه.

وقال الحكيم ان مثل هذا العدوان ليس جديدا. وأضاف ان حزبه يتذكر عندما تعرض ثلاثة من عناصر منظمة بدر للتعذيب والقتل على أيدي رجال وزارة الداخلية السابقة.

وظهر الغضب على الجعفري بوضوح.

وقال الجعفري ان تشبيه ما يحدث بالعراق الان بالفظائع التي حدثت تحت حكم صدام حسين انكار واضح للحقيقة. وأضاف انه بمجرد أن يسمع عن تجاوزات كان يفتح تحقيقا خلال ساعات بينما قتل صدام "مليون شخص".

وأحد العناصر الرئيسية بالنسبة للشيعة في هذه الحملة الانتخابية هو تأييد السلطات الدينية وخاصة السيستاني.

وقال أحد ممثلي السيستاني يوم السبت انه أصدر اعلانا يحث فيه الناخبين على تأييد القادة الدينيين بدلا من العلمانيين والحيلولة دون تفتت أصوات الشيعة.

ورغم أن هذا الاعلان لا يمثل تأييدا مباشرا للائتلاف الحاكم فانه سيدعم على الارجح هذه الكتلة الشيعية الرئيسية على حساب القادة العلمانيين مثل علاوي والاحزاب الشيعية الاصغر.

وكان مكتب اية الله العظمى علي السيستاني أكبر زعيم ديني شيعي في العراق قد قال يوم السبت إن السيستاني دعا أتباعه للاقبال على التصويت بكثافة في الانتخابات العامة المزمعة في 15 ديسمبر كانون الاول الحالي وحثهم على تأييد المرشحين من الكتل الدينية.

ولم تصل تعليمات السيستاني الذي يعيش في عزلة ويحظى بنفوذ قوي بين الاغلبية الشيعية الى حد اعتبارها فتوى دينية ولكنها تحمل وزنا كبيرا ومن المرجح أن يكون لها أثر على الناخبين.

ويمكن أن تبدد امال الشيعي العلماني أياد علاوي رئيس الوزراء السابق الذي يمثل حزبه .. الذي يقوم على أسس غير طائفية .. تحديا قويا للائتلاف الشيعي الحاكم.

وقال ممثل في مكتب السيستاني انه أمر اتباعه بان يفعلوا ثلاثة اشياء هي .. الاقبال على التصويت يوم الانتخابات وتجنب التصويت لصالح أي قائمة لا يكون زعيمها شخصية دينية وتجنب التصويت لصالح القوائم "الضعيفة" للحيلولة دون تفتت أصوات الشيعة.

واضافة الى اعتبار التعليمات الاخيرة للسيستاني تأييدا ضمنيا للائتلاف فانها قد تبعد الناخبين الشيعة عن القائمة المنافسة التي يرأسها علاوي العلماني الذي شكل ائتلافا من السنة والشيعة والاكراد.

كما يمكن أن تضر تعليمات السيستاني بقائمة يرأسها أحمد الجلبي نائب رئيس الوزراء وهو أيضا شيعي علماني.

وتشجع تعليمات السيستاني الناخبين على التصويت للكتل القوية وليس الاحزاب والقوائم الاضعف وهي خطوة ستصب في صالح الائتلاف العراقي الموحد على حساب التجمعات الدينية الشيعية الاصغر.

ونادرا ما يتحدث السيستاني وهو في أواخر السبعين من العمر علنا ولكن البيانات التي تصدر من مكتبه في النجف تعتبر بيانات موثقة وصادرة منه.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 6/كانون الاول/2005 -  3/ذي القعدة/1426