
دعا
برلمانيون عرب واجانب الى ضرورة تطوير النظم السياسية في البلدان
العربية معتبرين ان تداول السلطة يساهم في تعزيز دور المجالس النيابية
ويخلق اجواء ديمقراطية فعلية.
وشددوا على ان للمجالس النيابية دورا كبيرا في محاربة الفساد لاسيما
بعد اقرارها تشريعات وقوانين تحد من تلك الظاهرة مشيرين الى اهمية
التعامل مع "جوهر الفساد".
جاء
ذلك خلال مناقشة المجتمعين في جلسة العمل الرابعة لندوة (دور
البرلمانيين في مراقبة الفساد في العالم العربي - نحو تطوير دليل
للبرلمانيين) التي تقيمها منظمة (برلمانيون عرب ضد الفساد) بالتعاون مع
البنك الدولي .
ونقلت
كونا ان رئيس معهد حقوق الانسان في نقابة المحامين اللبنانية المحامي
الدكتور جورج اصاف قال في تلك الجلسة التي حملت عنوان (الرؤية العربية
للاستراتيجية التي يعتمدها البنك الدولي لمراقبة الفساد)ان تلك
الاستراتيجية تدعو الى سن تشريعات تساهم في مكافحة في الفساد في شتى
مجالات الحياة العامة لاسيما السياسية منها او الاقتصادية.
واشار
الى ضرورة تصديق المجالس النيابية العربية على الاتفاقية الدولية
لمكافحة الفساد ووضع قوانين خاصة تعمل على" تنزيه القانون المحلي" بحيث
يتناسب مع المعايير الدولية.
ورأي
ان مبادرة البنك الدولي بانشاء شبكة برلمانية عربية لمكافحة الفساد "سوف
تأتي بثمارها باسرع وقت ممكن" في حال زودت المجالس النيابية ما يكفي من
قدرات تمكنها من السير نحو عملية الاصلاح التشريعي.
وطالب
الدكتور انصاف المجالس النيابية العربية بان تأخذ سمة "المبادرة" لسن
التشريعات من دون انتظار السلطات التنفيذية دفع مشروعات بقوانين
لاقرارها من قبل هذه المجالس.
واكد
اهمية تبادل المجالس النيابية لخبراتها في جميع المجالات حتى يتسنى لها
التغلب على معضلاتها مضيفا ان ذلك التعاون سيساهم في بناء مجتمعات
ديمقراطية صحيحة.
ودعا
الى تطوير النظم السياسية في الدول العربية من خلال الابتعاد عن
"شخصانية السلطة" او "نظام الحزب الواحد" مضيفا ان تداول السلطة يساهم
في تعزيز دور المجالس النيابية وخلق اجواء ديمقراطية فعلية.
وشدد
على ضرورة اعطاء المؤسسات المدنية والنقابات العمالية دور في بناء
الدولة لاسيما وان الفرد يعد من اهم عناصر بناء المجتمعات مؤكدا اهمية
تواصل المجالس النيابية مع قطاعات المجتمع المدني.
واضاف
ان اشراك مؤسسات المجتمع المدني في الحملة على الفساد لما لها من تأثير
ايجابي على الواقع العام في الدول مشيرا الى تنامي خبرات تلك المؤسسات
لتواصلها مع المؤسسات المدنية الاخرى ونشوء شبكات دولية واقليمية في
شتى الامور الاصلاحية.
ومن
المقرر ان تختتم ندوة (دور البرلمانيين في مراقبة الفساد في العالم
العربي - نحو تطوير دليل للبرلمانيين) اعمالها غدا والتي تتضمن عدة
جلسات تتناول دراسة لحالات الفساد في بعض الدول العربية اضافة الى بحث
سبل تعزيز دور "منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد).
واكد
برلمانيون عرب واجانب في المؤتمر وجود خلل يعتري مبدأ فصل السلطات في
الانظمة العربية تترتب عليه حالة من "عدم التوازن" معتبرين انها سمة
بارزة يجسدها "تهميش السلطة القضائية في عدد من الدول العربية".
وشددوا على دور البرلمانيين العرب في "نفض غبار التخلف" وذلك بمحاربة
الفقر والتسلط والفساد مؤكدين ان كل برلماني عربي "غيور على وطنه
وشعبه" عليه القيام بدور رقابي وتشريعي "جاد لايقاف هول الفساد".
وقال
نائب رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد ورئيس المنظمة
العربية النائب الدكتور ناصر الصانع في جلسة افتتاح الندوة ان المنطقة
العربية تحتل مراكز متدنية من حيث الشفافية والفساد في التقارير
الدولية والاقليمية المحايدة.
واوضح
ان ثمة "تزاوج" بين السلطة السياسية والثروة تجعل غاية انظمة الحكم
ضمان مصالح قلة مهيمنة وليس المصلحة العامة الامر الذي يعكس "تهميشا
للاغلبية او اقصاء لها".
من
جانبه دعا المدير التنفيذي للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد
مارتن أولريتش الى تحديث دور المؤتمر البرلماني ضد الفساد ودور
البرلمانيين في مراقبة الفساد مشددا على ضرورة التركيز على الجانب
التشريعي والبرلماني الذي تدعمه اتفاقيات الامم المتحدة مع الاستعداد
للتعامل مع اي مبادرة دولية بهذا الشأن.
واوضح
ان هناك جهودا دولية تهدف الى صياغة وثيقة نافذه لمحاربة الفساد تعمل
جنبا الى جنب مع الجهود الاقليمية مضيفا ان اجندة فرع الكويت وما
تتضمنه من خطط هي اجندة "ملفتة للنظر" مقارنة بمناطق أخرى من العالم.
من
جهة اخرى قال ممثل معهد البنك الدولي الدكتور فريدريك ستابينهورست ان
المراقبة والمحاسبة تحد من ظواهر الفساد السياسي والاقتصادي مشيرا الى
اهمية وضع تشريعات تساهم في تطوير العمل البرلماني.
واشاد
ستابينهورست وهو الذي وضع دليل البرلمانيين العالمي (مراقبة الفساد -
دليل للبرلمانيين) الصادر عن المعهد بجهود البرلمانيين العرب في محاربة
الفساد مشيرا الى ما قدمه البنك الدولي من دعم مادي للبرلمانات على مدى
سنوات. واضاف ان نشاط البنك الدولي ساهم في محاربة هذه الآفة سواء من
خلال الندوات التي نظمها او النشاطات التي اعدها البنك حول دور
البرلمانيين في عملية إعداد الميزانيات الى جانب دليل البرلمانيين
العالمي.
على
الجانب الآخر شدد رئيس منظمة برلمانيون كويتيون ضد الفساد النائب
السابق صالح الفضالة على ضرورة مواجهة الفساد من خلال دور رقابي
وتشريعي جاد تتعزز معه التجارب الديمقراطية في المنطقة العربية.
واوضح
في الجلسة الاولى للندوة ان "ارقام ومؤشرات انتشار الفساد في المنطقة
العربية يفرض على كل برلماني عربي الاطلاع بدور رقابي وتشريعي جاد"
مؤكدا مشاركة برلمانيي الكويت "لكل غيور على وطنه ازاء القلق من تفشي
الفساد في بلده".
بدوره
قال رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام أحمد لاري "ان الفساد
يقوم على جهود محترفين جشعين لهم من التجهيز والتنفذ ما يمكنهم من
التسلط على مجتمعاتهم ونهب ثرواتها دون واعز من ضمير او احساس".
واضاف
ان بعض مبادرات الحكومات في محاربة الفساد "تنبع من سعيها الى تقويض
الخصوم السياسيين للتغطية على مشروعات النهب المنظم" داعيا في الوقت
ذاته الى مزيد من السعي لتحفيز الحكومات على التعاون بشكل اكبر بهدف
وضع حد لمشكلة الفساد.
وعلى
المستوى الوطني دعا برلمانيون كويتيون حاليون وسابقون الى "تحالف وطني"
ضد الفساد تعمل تحت مظلته كل القوى السياسية والمجتمعية وفق استراتيجية
محددة في محاولة لوقف ما اعتبروه "اعتداءات على المال العام" ومناهضة
الفساد.
وقال
النائب السابق صالح الفضالة ان الدعوة لتحالف ضد الفساد هي "محاولة
لوقف مسلسل الفساد والاعتداء على الاموال العامة" بمساهمة كل من
السلطتين التشريعية والتنفيذية.
واوضح
انه "آن الاوان لتشكيل تحالف وطني ضد الفساد يجمع كل الجهود وفق
استراتيجية وطنية واضحة تضم مختلف النشطاء ضمن الوان الطيف السياسي
ومنظمات المجتمع المدني والاكاديميين والصحافيين".
واضاف
الفضالة ان الدعوة موجهة ايضا الى جميع "الاطراف الحكومية الراغبة في
الانضمام لهذا التحالف بشكل جاد .. بالتعاون مع البرلمانيين الكويتيين
الذين تقع على عاتقهم مهمة كبرى بحسب موقعهم في منظومة القرار الوطني
الكويتي".
من
جانبه قال النائب الدكتور ناصر الصانع انها دعوة صادقة الى كل مواطن
يهدف الى القضاء على الفساد مؤكدا ان تضافر جهود مؤسسات البلاد ورجالها
كفيل بترجمة هذه الدعوات المخلصة الى برنامج عملي قابل للتطبيق.
واضاف
الصانع ان الفساد بابعاده المختلفة يستوجب وقفة وطنية من الجميع
لمكافحته والتصدي الى مشروعه الذاتي الذي يهدد مع مصالح البلاد العليا
مشيرا الى ان قيام مؤسسات وجمعيات اهلية تعمل في هذا الاتجاه يعبر عن
مستوى الشعور بالمسؤولية ببعديه الفردي والجماعي.
من
جهته طالب احمد لاري المؤسسة التشريعية بموقف حازم في محاربة الفساد
مؤكدا انها السلطة الوحيدة المالكة لزمام الامور والقادرة على التصدي
لمثل هذه الظواهر.
كما
طالب لاري الحكومة ايضا بان ترفع شعار محاربة الفساد في اجهزة الدولة
"قولا وعملا" والبدء بوضع الحلول "الواقعية والشاملة" بالتعاون مع مجلس
الامة ومؤسسات المجتمع المدني.
واوضح
ان الحل ليس بالتطبيق الحازم للقانون فقط وانما "بدراسة الدوافع التي
جعلت المفسدين يسعون في هذا الاتجاه ومحاولة تقليصها" الى جانب "دراسة
الاجواء التي تساعد هؤلاء وتسهل لهم اعمالهم والسعي الى سد هذه المنافذ
امامهم".
وفي
الجلسة الثانية للندوة والتي تهدف الى أقلمة دليل البرلمانيين الصادر
عن البنك الدولي في محاولة لصياغة وتطوير الدليل بما يتناسب مع الواقع
العربي تطرق المشاركون الى ابواب ذلك الدليل بشيء من التفصيل.
وبحث
المشاركون دور البرلمانيين العرب في مراقبة الفساد بهدف اعداد الدليل
العربي للبرلمانيين ليكن مقياسا لاداء البرلمانات العربية التي واجهت
حسب قولهم محاولات حكومية "لاختراقها وتفريغها من محتواها لتصبح
برلمانات شكلية".
وقالوا ان سعي بعض الحكومات الى "خلق برلمانات طيعة ومجارية للفساد
والمفسدين" يتمثل في "التدخلات الحكومية للتأثير على مخرجات العملية
الانتخابية من خلال بذل الاموال وتقديم الخدمات والاغراءات".
واعرب
المشاركون عن املهم بان يمثل صدور دليل البرلمانيين العرب لقياس الفساد
الخطوة الاولى والاساس لقياس اداء البرلمانات ومن ثم محاسبتها بشكل
موضوعي مشددين على اهمية دراسة الالية الرقابية وتطبيقها على ارض
الواقع باعتبارها "تحديا فعليا".
وقال
واضع الدليل العالمي والكتيب الخاص بمكافحة الفساد الدكتور فريدريك
ستابينهورست ان هذه الندوة تسعى الى كيفية أقلمة ذلك الدليل بما يناسب
المنطقة العربية كونه احد الكتب المساندة للبرلمانيين في مراقبة
الفساد.
واوضح
ان الدليل يتضمن خمسة ابواب تتعلق بالفساد وعواقبه ومراقبته
والاستراتيجيات الخاصة بمراقبة الفساد ودور البرلمانيين في محاربته
مشيرا الى ان غرض هذه النقاشات هو المساهمة في انتاج وصياغة نسخة عربية
من هذا الدليل.
من
جانبه تطرق مدير مؤسسة فارس الدكتور بول سالم عن اهمية أقلمة الدليل
الموجه الى البرلمانيين بما يتلاءم مع الواقع في العالم العربي مستعرضا
الابواب الرئيسية للدليل ومناقشتها.
وقال
الدكتور سالم ان هناك خللا يعتري مبدأ فصل السلطات في العالم العربي
يشكل حالة من عدم التوازن يبرزها الى السطح تهميش السلطة القضائية.
واوضح
ان الاخلال بمبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في عدد
من دول المنطقة لصالح السلطة التنفيذية يشكل حالة من عدم التوازن مؤكدا
انها سمة بارزة في كثير من الانظمة العربية.
وتطرق
الى الفساد في النظام الانتخابي وسوء استخدام السلطة مشيرا الى ان
الفساد يمثل ابرز معوقات التنمية في أي بلد باعتباره عامل ارهاق
للاقتصاد الوطني وعامل معطل للنظام السياسي.
واكد
ان مناهضة الفساد في العالم تقوم على عدد من الاسس ومنها وجود ضوابط
مؤسسية راسخة لا سيما في ما يتعلق بالرقابة والمحاسبة المالية مشيرا
الى ان معظم البرلمانات العربية في طور النشوء والتمكين.
واوضح
ان من بين هذه الاسسس قيام حزمة من التشريعات الموحدة وفق خطة وطنية
بهدف ربط كل هذه الجوانب والقطاعات ببرنامج عمل قابل للتنفيذ بشكل
متدرج.
واضاف
ان محاربة الفساد تنطلق من اهداف كبرى يتصدرها وجود ارادة سياسية وقدر
كاف من الشفافية وفي الجلسة الثالثة بين المشاركون حجم النتائج
"الكارثية" للفساد في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مؤكدين
ان العالم العربي يواجه مشكلات "مزمنة" يأتي الفساد على رأس قائمة
مسبباتها.
وقال
عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزمي الشعيبي ان الفساد في
العالم العربي يتقاطع في هيكله مع الفساد المستشري في العالم باكمله
وليس "فسادا خاصا" ذو عناصر مختلفة.
واضاف
ان "الفساد ليس نتيجة لاسباب بعينها وانما هو نتاج منظومة من العناصر
يغذي بعضها البعض قادرة على صنع بيئة عامة" مؤكدا ان اهم مقومات الفساد
تكمن في استغلال الوظيفة العامة وتسخير المال العام لمصالح خاصة.
واوضح
ان الفساد باطاره العام نتيجة ضعف البناء المؤسسي والاخلال بفكرة الفصل
ما بين السلطات في العالم العربي مشيرا الى تراجع الدور الرقابي
للمؤسسات التشريعية وتهميش السلطة القضائية في النظام الفاسد. وقال ان
حالة عدم التوازن بين السلطات في انظمة الحكم العربية هي "سمة طاغية"
موضحا ان ذلك لا يعني تجانسا في النظام العربي بل هو نظام "غير متجانس"
قسمه الدكتور عزمي جغرافيا الى ثلاث مجموعات (الخليج) و(الشام ومصر)
و(المغرب العربي).
واضاف
ان محاربة الفساد تقوم على جهود مشتركة بين البرلمانيين ومؤسسات
المجتمع المدني مشيرا الى وجود شراكة تكاملية غير معلنة في هذا الاتجاه
يتطلب تعزيزها في هذه المرحلة.
يذكر
ان المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد تأسست في مؤتمر برلماني عقد
في كندا في شهر اكتوبر عام 2002 وهي منظمة معنية بتعزيز مبادىء
المساءلة والنزاهة والشفافية وقد جاءت المنظمة نتيجة جهود عدد من
البرلمانيين حول العالم.
ويترأس المنظمة حاليا النائب في البرلمان الكندي جون وليامز.
وتوسعت المنظمة لتضم اكثر من 250 برلمانيا من 72 بلدا ولها فروع في
مختلف انحاء العالم بعض هذه الفروع ناشطة جدا في محاربة الفساد واخرى
ما زالت قيد التأسيس.
وتقوم
المنظمة بدور التنسيق العالمي في حين تعمل الشبكات الاقليمية على تفعيل
قدرة البرلمانيين في مواجهة قضايا الفساد ويقوم المركز البرلماني
الكندي بدور السكرتارية الدولية التي تدعم تأسيس هذه الفروع الاقليمية
والوطنية للبرلمانيين.
كما
تأسس الفرع العربي للمنظمة في مؤتمر برلماني عقد في بيروت خلال شهر
نوفمبر عام 2004 حضره 40 عضوا من برلمانات 11 بلدا هي الاردن والبحرين
والجزائر والسعودية والسودان وفلسطين والكويت ومصر والمغرب واليمن
ولبنان. |