تجري
الانتخابات البرلمانية في العراق، كما هو معروف للجميع بعد ثلاثة
أسابيع، في ظروف لا تختلف فقط عن الانتخابات السابقة، وانما عن
الاستفتاء على الدستور أيضا، مما يجعل أمام الناخب اختيارات متعددة،
وهذا يفرض على المرشحين اختيار لغة تخاطب مع الناخبين مغايره تماما
للغة " بتشديد اللام الثانية" التي ألفوها في الانتخابات السابقة.
أصبح
الواقع الداخلي والخارجي الذي أتصل به الناخب العراقي اتصالا مباشرا
يجعل تلقيه للخطاب السياسي للمرشحين خاضعا لتأثيرات لم توجد من قبل،
ناتجة من استخلاص العبر والدروس من تجربة العلاقة السابقة بين المواطن
وبين من أختاره للبرلمان وما انبثقت عنه من وزارة.
هذه
العلاقة تتصل بحياة المواطن اليومية، وهموم المواطن اليومية.
أصبح
العراقي يطابق القول والوعود التي قطعت مع الفعل والتنفيذ على واقع
الأرض.
اصبح
يتطلع الى الائتلاف الذي يضم الحزب والتنظيم الذي يريد بناء الإنسان
والوطن، لا الى الحزب الذي يريد بناء قاعدته الشعبية على حساب المواطن
والدولة، بتسخيره لإمكانيتها لخدمة أضيق الدوائر.
وبالتالي لم يعد الخطاب السياسي للمرشحين مقنعا أذا لم يتضمن منهاجا
كاملا وشاملا وتفصيليا يتصدى مباشرة للمشاكل التي يعاني منها العراقي،
فيما يتصل بظروف معيشته وأمنه وأستغلال أمثل لثرواته.
يبحث
عن قائمة متجانسة تضمن وسائل استمرار برامجها دون أن تتعثر، أو ربما
تنهار في خضم المصالح المتعارضة لأحزابها المؤتلفة، ليضيع صوت الناخب
وتهدر فرصته التي لن تتكرر الا بعد أربعة أعوام.
من
الأمور التي يمكن تميزها بين القوائم الانتخابية، هي درجة تضمنها
وتعاملها مع قضية التنمية البشرية، باعتبارها التحدي الأكبر في أطار
التقدم والرفاه المجتمعي، وهذه تتضمن نقاط كثيرة أود هنا أن أشير الى
جزءا منها :
-العمل على دعم التعليم بكافة مراحله، والتمييز بين مستوياته فيما
يتعلق بالبحث العلمي بكل مجالاته.
-
السعي الى ضمان تكافؤ الفرص في العمل والوظيفة بعيدا عن المحسوبية
والمنسوبية والنظرة الحزبية الضيقة التي تلون وزارة ما أو قطاعا خدميا
أو مؤسسة حكومية بطابعها وعلى جميع المستويات الهيكلية. ولاننسى في هذا
السياق توفير الفرص للعاطلين عن
العمل
بمن فيهم حملة الشهادات والعمال والعسكريين.
-
ويشمل هذا أيضا السعي الى تحسين الخدمات في أقصى حدودها الممكنة من أمن
وصحة وتعليم ومواصلات واتصالات.
- كما
يشمل زيادة دخل كل المواطنين، بتأمين الضمان الاجتماعي، بالسعي الى
توزيع عادل لثروات العراق على العراقيين وفق برنامج " حصتي من ثروتي ".
- ولا
ننسى في هذا الإطار حماية الكفاءات العلمية وتوفير المستلزمات العلمية
المناسبة لاستثمارها، والسعي لعودة الكوادر التقنية والعلمية من أجل
الإسراع في العملية التنموية القائمة على أسس متطورة، في طريق سعينا
لنهضة حضارية شاملة.
-
المواطن يبحث كذلك على الائتلاف الذي يسعى الى قيام دولة العدل، ويتضمن
برنامجه فيما يتضمن بهذا الخصوص، أعادة حقوق المضطهدين السياسيين
والمهجرين والمهاجرين، بالعمل على المطالبة القانونية لأعادتها، والسعي
لتعويضهم ماديا ومعنويا، وخصوصا السجناء السياسيين وابناء الانتفاضة
الشعبانية والكورد الفيلية.
علينا
ان نختار الائتلاف الذي يضع في قمة أولوياته مقاييس للبرلماني
الناجح،والوزير الناجح الذي يتوفر على معايير راقية وفي مقدمتها
المعرفة وهي ضرورة مهمة لصناعة القرار، وتشمل ليس فقط المعرفة المهنية،
رغم أهميتها القصوى، بل تتجاوزها الى المعرفة السياسية الواسعة
والشاملة، كي يستوعب من يمتلك هذه الملكات جميعها، كل أبعاد التغييرات
داخل الوطن وفي العالم، كي يتخذ القرارات السليمة على ضوئها الكاشف،
فكل شئ في عالمنا يجري بسرعة، السياسة الخارجية، مفهوم الأمن القومي،
الصحة والصناعة، الإسكان وغيرها.
على
الناخب المحترم أن يختار الائتلاف الذي يضم بين أعضائه بالإضافة
لبرنامجه، أكبر عدد من أصحاب الكلمة الصادقة والمؤمنة والشجاعة التي
تستمد قوتها بانتسابها الى السماء، لأن التاريخ يشهد لها بالأدوار
العظيمة التي لعبتها تلك الكلمة الحرة منقذة شعوبا من الضياع. لأنها
كانت سلاحا للمحرومين وقوة للمستضعفين ونارا أحرقت الطغاة والمستكبرين.
يعبر
عنها القرآن الكريم " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أوكلها كل حين بأذن ربها.."
اجد
هنا بالمقابل أن أحذر من القوائم التي تحتوي على عكس ماذكرته أعلاه، أي
تجنب أخي العراقي وتجنبي أختي العراقية القوائم التي تحوي أصحاب الكلمة
الخبيثة لأنها كالشجرة الخبيثة لاتثمر الا نكدا، تلك الكلمة التي هي
مصداق ودليل لضعف الشخصية، وهي قيد على الحرية، وطريق للمذلة والخنوع،
ومن اهم اسباب القلق النفسي.
فأذا
عانت منه أمة، سيصابها التخبط. لأنها كلمة مثبطة للعزيمة، مفسدة
للمجتمع، لاتعبر الا عن ضمائر ميتة، وقلوب مجدبة. في صدور أصحابها
أغلفة تحجب نور الأبصار, لتوقع المجتمع ضحية لعدوانها وفسادها.
*ماجستير هندسة توليد طاقة
sarimrs@hotmail.com |