القلوب الرحيمة وسيف الديمقراطية

صباح سعيد الزبيدي

بعد اكثر من عامين من اعلان الرئيس الامريكي جورج بوش الانتصار في حرب العراق وتحقيق الديمقراطية... مازال الشعب العراقي يمر بظروف مأساوية وترتكب بحق الأبرياء من المدنيين أبشع الجرائم.

ان ما نشاهده ونسمعه عن هذه الجرائم البشعة في العراق الجديد ووضع حقوق الإنسان في العراق يلقي ضلال الشك على مسيرة العراقيين من اجل إرساء الديمقراطية وبناء عراق ديمقراطي جديد.

ومن يتتبع مسيرة الديمقراطية عبر التاريخ ، لابد ان يدرك بأنها عبارة عن حكايات واساطير تعاد صياغتها لتتغير اسماء ابطالها والامكنة وربما بعض الزخارف والهوامش بيد ان لب الحكاية واحد لايتغير.. وان زمن الدكتاتورية والاستبداد مازال حاضراً..

 فالذين يرتكبون هذه الجرائم البشعة ضد المعتقلين وسحق كرامة الانسان وانتهاك حرمة جسده كانوا يتحدثون عن الضحايا والدمار وانتهاك الحقوق في العراق في زمن الطاغية صدام.. وكانوا في موقع المظلوم والان وفي ظل هذه الاجواء المريضة السائدة يمارس هؤلاء وباسم العراق الجديد وحقوق الانسان والديمقراطية ابشع واقذر الاساليب على الناس والانتقام من المواطنيين وارتكاب بحقهم اقذر وابشع الجرائم..

وهكذا اصبح المظلوم ظالماً.. واصبحت  هذه المرحلة تمثل اشد المراحل ظلاماً ووصمة عار في جبين الانسانية.

ان مسألة التعذيب تعتبر اسوء اشكال انتهاكات حقوق الانسان وابشعها بسب انطوائها على الوحشية والهمجية ونقل الانسان من حالة الانسانية والمدنية إلى الحالة الحيوانية.

ان هذه الاعمال التي يقوم بها اشخاص يؤمنون بمبادئ الدين الاسلامي كما يزعمون لاينظرون الى ان هذه الاعمال لاتنسجم وروح مبادئ الدين الاسلامي التي حرمت وبشكل صريح استخدام العنف والاكراه والتعذيب للحصول على اعترافات من المتهم او لاستخدامه كمسألة انتقامية.. لقد حرم الاسلام تعذيب المتهم..

 فقد جاء في الحديث الشريف عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ان الله سبحانه وتعالى يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: والذي نفسي بيده لايجلد أحد ، ظلماً إلا جلد غداً في نار جهنم مثله.

كذلك ان هذه الاعمال لا تتفق والمادة (1) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان

(1948) حيث نصت تلك المادة على :

( يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الاخاء).

اما المادة العشرون من الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان (منظمة المؤتمر الاسلامي- القاهرة 1990) نصت على :

( لايجوز القبض على انسان او تقيد حريته او نفيه او عقابه بغير موجب شرعي ، ولايجوز تعريضه للتعذيب البدني او النفسي او لاي نوع من المعاملات المذله او القاسية او المنافية للكرامة الانسانية، كما لايجوز إخضاع أي فرد للتجارب الطبية او العلمية إلا برضاه، وبشرط عدم تعرض صحته وحياته للخطر، كما لايجوز سن القوانين الاستثنائية التي تخول ذلك للسلطات التنفيذية).

لذلك يجب الحد من ظاهرة الاضطهاد والعنف والظلم.. ويجب تطبيق القانون حتى مع الارهابيين لانه ليس من الصحيح النزول الى مستوى اعمالهم القذرة بأرتكاب اعمال ابشع من اعمالهم..

وعلى الحكومة سن القوانين الرادعة لكل من تسول نفسه الاقدام على مثل هذه الاعمال .. ويجب محاسبة المسئولين الذين يثبت تورطهم في اقتراف اعمال غير قانونية من خلال التعذيب الوحشي بحق المعتقلين.

كذلك العمل على حل جميع الميليشيات الطائفية والتي استخدمت ابشع واقذر الاساليب على الناس الابرياء والانتقام من المواطنين ومن خلال ذلك سيؤدي الى تحسين الوضع الامني واحترام القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعاد للانسان انسانيته.

بلغراد 22.11.2005

sabah@sezampro.yu

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة  25/تشرين الثاني/2005 -  22/شوال/1426