السيف امضى من القلم في بنجلادش

تغطي الندوب يدي تيبو سلطان حيث قام جراحون بوضع مسامير معدنية لاعادة كل عظام يديه واصابعه الى ماكانت عليه.

وسلطان صحفي يعمل بيديه لكنه ضرب وسحقت يداه ولم يتركه مهاجموه الا لاعتقادهم بانه فارق الحياة لانه تجرأ وكتب عن صلات بين السياسة والجريمة المنظمة والفساد في بنجلادش.

وقال سلطان انه كتب عدة تقارير عن كيفية اضطهاد عضو في البرلمان لمعارضيه فضلا عن روايات عن تعاملات غير قانونية في المخدرات.

وقال "تلقيت تهديدات كثيرة" ويضيف انه كان يمشي عائدا لمنزله في بلدة جنوبية شرقية في احد الايام حين تتبعه عضو البرلمان وعدد من حرسه الشخصي والتفوا حوله وسحبوه الى شارع مظلم.

وتابع "كانوا 13 أو 14 ضربوني بالقضبان الحديدية ومضارب الهوكي لمدة نصف ساعة على الاقل. كسروا ركبتي وسحقوا يدي ولم يتوقفوا الا بعد ان ظنوا اني فارقت الحياة."

وبمساعدة اصدقائه وصل سلطان بشكل ما الى المستشفى لكن حياته كانت لا تزال في خطر. واضاف ان الشرطة تتعاون مع العصابات وبدلا من ان تحميه رفضت تبني قضيته.

وبعد يومين هرب الى داكا حيث امضى ثلاثة اشهر في المستشفى وقضى اربعة أشهر اخرى في مستشفى في تايلاند. واليوم يمسك بحذر شديد قلما في يده اليمني بين اصبعي الابهام والسبابة. ويطبع على الالة باصبع واحدة.

وتقول منظمات رقابة صحفية ان بنجلادش من اخطر الاماكن في العالم بالنسبة للصحفي بعيدا عن العراق وبصفة خاصة خارج العاصمة داكا الامنة نسبيا. وقتل تسعة صحفيين على الاقل منذ عام 2000 وضرب المئات او تعرضوا للترهيب لالتزام الصمت.

وتأتي التهديدات من متمردين ماويين ومسلحين اسلاميين وعصابات الجريمة المنظمة وحتى المؤسسة السياسية. ويقول صحفيون ان الاسوأ انه لا سبيل تقريبا للجوء الى القانون.

وتقول منظمة صحفيون بلا حدود ان صحفيا تعرض لهجوم بدني كل يومين في بنجلادش في العام الماضي وان بنجلادش تحتل المرتبة 151 بين 167 دولة من حيث حرية الصحافة.

وتتهم المنظمة ومقرها باريس حكومة رئيسة الوزراء البيجوم خالدة ضياء بابداء "سوء نية اجرامية" برفضها الاعتراف بانتهاك حرية الصحافة وغيرها من حقوق الانسان.

وتابعت "فشلت الشرطة والقضاء في انهاء الحصانة من العقاب لنشطاء الاحزاب الحاكمة وخاصة شبان حزب بنجلادش الوطني الذين يهاجمون صحفيين."

وهوجم سلطان في يناير كانون الاول 2001 قبل فوز حزب بنجلادش الوطني بزعامة خالدة ضياء غير ان المجموعات الصحفية تقول انه لم يطرأ تغيير يذكر.

واعتاد الصحفي نظام الامام الكتابة عن الصلات بين المخدرات والجريمة والساسة في منطقة كوشيتا الغربية.

وقال ان تقريرا نشره في فبراير شباط 2002 كشف الصلة بين ظهور الجماعات المتشددة فى المنطقة والادارة المحلية وحينئذ بدأت التهديدات بالقتل.

وبعد ثلاثة أشهر هاجمه ستة من قطاع الطرق سحقوا اصابعه بالهراوات واصابوه بجروح بالمدي.

وقال "كانوا يصرخون قائلين (سنتأكد من انك لن تكتب مرة اخرى بهاتين اليدين)."

ومثل سلطان يقول الامام ان الشرطة لم تهتم بتبني قضية حتى تدخلت منظمة العفو الدولية. ورغم فتح التحقيق في القضية يقول انه لم توجه اتهامات لمن ضربوه بينما تلقى زملاؤه واصدقاؤه الذين طلب الادعاء شهادتهم تهديدات لعدم الادلاء بها.

وتقول الحكومة انه يجري تضخيم المشكلة وان الصحفيين الذين قتلوا كانت تربطهم شخصيا صلات بمجموعات اجرامية او كانوا ضحية مشاحنات محلية.

وتضيف ان الصحافة تتمتع بحرية كاملة ولكن غالبا ما تسيء استخدامها وتنشر مقالات تنتقد الحكومة استنادا لمعلومات غير صحيحة او بلا دليل.

وقال وزير العدل والقانون مودود احمد لرويترز "حرية الصحافة ربما تكون الافضل في العالم. لا تعرفون ماذا تكتب الصحافة المطبوعة والالكترونية عنا.. كيف يحرفون الامور وما زلنا لا نتدخل."

ويعترف الصحفيون في بنجلادش بان بعض من يمارسون المهنة لديهم دوافع غير سوية وغالبا ما يصدر رجال اعمال صحف من اجل الربح فقط وللوصول الى دهاليز السلطة. وتصدر في داكا وحدها نحو 130 جريدة يومية.

ويتفشى الفساد في البلاد ووضعت منظمة الشفافية الدولية بنجلادش في المرتبة الاخيرة في مؤشر الفساد العالمي في كل من السنوات الخمس الاخيرة والصحافة ليست استثناء.

ويزعم صحفيون ان كثيرين من كبار الصحفيين يتمتعون برعاية سياسية كطريق مختصر للثراء.

وقال محللون ان المشكلة الاكبر هي الثقافة السياسية التي تتسم بتحد شديد وعدم وجود طبقة وسطى. وقال منسق الامم المتحدة المقيم جورجن ليسنر "وضع الصحفيين هنا بائس جدا. المجتمع مستقطب الى حد بعيد."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 21/تشرين الثاني/2005 -  18/شوال/1426