
ربما استحوذت دعوته لتدمير اسرائيل على العناوين الرئيسية للصحف في
الخارج لكن ما يثير اهتماما أكبر داخل ايران حول الرئيس محمود أحمدي
نجاد هو اخلاصه لشخصية دينية صوفية.
وفي خطاب له يوم الاربعاء امام كبار رجال الدين تحدث احمدي نجاد عن
اعتقاده الشديد في ظهور الامام "الغائب" للشيعة الاثنى عشرية.
ووفقا للمذهب الشيعي فقد اختفى الامام الثاني عشر أبو القاسم محمد
الذي يقول الشيعة انه ينحدر من نسل النبي محمد في عام 941 ميلادية
ولكنه سيعاود الظهور في اخر الزمان ليقود عهدا من العدالة الاسلامية.
وقال أحمدي نجاد في كلمة أمام خطباء الجمعة من مختلف أنحاء البلاد "ان
المهمة الرئيسية لثورتنا هي تمهيد الطريق لظهور الامام المهدي الثاني
العشر.
"لذلك.. يجب ان تكون ايران مجتمعا قويا متطورا ونموذجا اسلاميا."
ونقلت عنه صحف ووكالات أنباء محلية قوله "اليوم.. يجب ان نعرف
سياساتنا الاقتصادية والثقافية والسياسية استنادا الى سياسة عودة
الامام المهدي. ينبغي ان نتجنب تقليد سياسات الغرب وانظمته."
ومنذ توليه السلطة في اغسطس آب داب أحمدي نجاد على الاشارة الى عودة
الامام الثاني عشر الذي يعرف ايضا بالمهدي في أغلب خطبه الكبرى.
واحتوى خطاب ألقاه في سبتمبر ايلول امام الجمعية العامة للامم
المتحدة على مقطتفات مطولة حول المهدي اربكت الدبلوماسيين الغربيين
وضايقت نظرائهم من البلدان الاسلامية التي تتبنى المذهب السني والتي
تعتقد في نسل مختلف للنبي محمد عما يقول به الشيعة.
واثار هذا الافتتان من جانب أحمدي نجاد بشخصية المهدي شيوع روايات
غريبة.
وقد نفى مساعدون لاحمدي نجاد شائعة تناقلها العامة تقول بان الرئيس
أمر مجلس وزراءه بكتابة خطاب الى الامام الثاني عشر والقاءه في بئر قرب
مدينة قم المقدسة التي يزورها الاف الحجاج أسبوعيا للصلاة والقاء رسائل
الى الامام.
لكن ما تتناقله الالسن بكثره هو امكانية أن يكون اعتقاد احمدي نجاد
في عودة الامام الثاني عشر ربما يكون مرتبطا بالنفوذ المتنامي المفترض
لجمعية سرية كرست نفسها للمهدي وتم حظرها في اوائل الثمانينات.
وهذه الجمعية هي رابطة (الحجتية) التي تأسست في عام 1953 واستخدمها
شاه ايران لمحاولة استئصال اتباع البهائية. وتحتكم هذه الجمعية الى
اقتناع راسخ بأن عودة الامام الثاني عشر ستتحقق سريعا بعد اشاعة الفوضى
في الارض.
ويظهر أحمدي نجاد وهو ثاني رئيس منذ الثورة من غير رجال الدين
احترامه الشديد لاية الله محمد تاجي مصباح يازدي وهو رجل دين محافظ له
علاقات مقربة من مدرسة (حقاني) الدينية التي أسستها رابطة الحجتية في
قم.
وتدعي نظريات المؤامرة الشائعة في ايران بان كثيرين من أعضاء حكومة
احمدي نجاد ومسؤولين بارزين اخرين عينهم هم من خريجي مدرسة حقاني
وأتباع لرابطة الحجتية.
وقال محلل سياسي رفض الكشف عن اسمه "يبدو أنهم (أعضاء رابطة
الحجتية) أصبحوا أكثر نشاطا في الفترة الاخيرة وانتشروا بين الحكومة.
"لقد قال الرئيس مرارا ان حكومته ستمهد الطريق لعودة الامام."
لكن اخرين يشيرون الى أن كثيرين من المسؤولين السابقين في الحكومة
والذين كان ينظر اليهم على أنهم معتدلين تخرجوا في مدرسة حقاني.
ولم يثبت وجود صلة بين جمعية الحجتية ومدرسة حقاني رغم الشائعات حول
ذلك كما أن المدرسة ظلت احدى أبرز المدارس الدينية هيبة في قم.
كما أن تأكيد أحمدي نجاد على أهمية التنمية والعدالة لتشجيع عودة
المهدي توحي ايضا بوجود تناقض كبير مع فكر الحجتية.
لكن محمد علي أبطحي النائب السابق للرئيس الايراني قال ان من الافضل
أن ينصح احمدي نجاد بتركيز خطبه على القضايا العملية بقدر اكبر من
القضايا الدينية.
وابلغ رجل الدين الاصلاحي رويترز "بالطبع يجب أن ندعو من اجل عودة
الامام.. ولكن يجب ايضا ان نعالج التضخم والبطالة."
بدوره قال الرئيس الايراني الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني يوم الاربعاء
ان حركة التطهير بين المسؤولين السابقين في الحكومة الايرانية تضر
بالوحدة الوطنية في البلاد وتفاقم من الضغوط الاجنبية على الدولة
الاسلامية.
وتأتي تصريحات رفسنجاني التي نقلتها عدة وكالات انباء محلية عقب
حركة تعديل هائلة في موظفي الحكومة منذ تولي الرئيس محمود احمدي نجاد
منصبه في اغسطس اب الماضي.
قال رفسنجاني في اجتماع لائمة المساجد "هناك تيار في ايران يحاول
ابعاد مسؤولين اكفاء وهو يضر بالبلاد مثل الطاعون."
وشكا رفسنجاني الذي هزم امام احمدي نجاد في انتخابات الرئاسة في
يونيو حزيران من ان كثيرا من المسؤولين السابقين يتهمون بالفساد دون
تقديم ادلة.
وقال "في رأيي ان وحدتنا الوطنية وتضامننا يتعرضان للتقويض."
واضاف "مشكلة الضغوط الاجنبية كانت موجودة دائما ومع ذلك فان الظروف
داخل بلادنا اليوم جعلت هذا التهديد اكثر خطورة."
واتهم احمدي نجاد ومساعدوه المقربون الحكومات السابقة في ظل رئاسة
رفسنجاني والرئيس السابق محمد خاتمي باهمال القيم الاسلامية وعدم
القيام بشيء لمنع الفساد.
واعلنت وزارة خارجيته بالفعل استدعاء حوالي اربعين سفيرا ودبلوماسيا
كبيرا وشهدت وزارات اخرى حركات تطهير مماثلة لمسؤوليها.
ويوم الثلاثاء انتقد وزير الثقافة محمد حسين صفر هرندي الحكومة
السابقة لسماحها بنشر او تنفيذ اعمال غير اسلامية وقال انه يقوم بتغيير
معظم المسؤولين الرئيسيين في الوزارة. |