مجازر عمان البشعة يوم الأربعاء الماضي

د. عدنان جواد الطعمة

تلقينا بألم وحزن شديدين نبأ العمليات الإرهابية لتفجير الفنادق الثلاثة في العاصمة الأردنية والتي راح ضحيتها العشرات من الضحايا المدنيين  العرب بين قتيل وجريح.

نعزي أنفسنا  وشعب وحكومة المملكة الأردنية الهاشمية  وخصوصا عوائل الشهداء سائلين العلي القدير أن يتغمد الشهداء برحمته الواسعة ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، كما نسأله تعالى أن يمن على الجرحى والمعوقين بالشفاء العاجل، إنه سميع مجيب.

لقد حول القتلة المجرمون حفلة العرس إلى مآتم  ورثاء وأحزان. إن اللعنة ستلاحقهم وتلاحق كل من دعمهم إلى يوم القيامة، لأنهم أساؤوا إلى الإسلام وسمعة المسلمين بهذه المجزرة.

لماذا الأردن بالذات، البلد المضياف والشعب الكريم ؟

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم !

ونعزي أنفسنا وأهالينا  وعوائل شهداء  العمليات الإرهابية التي قام  بها البعثيون العراقيون والإرهابيون العرب في النهروان وقتلهم 11 فردا من عائلة واحدة وبضمنهم  الطفل الرضيع الذي كان لا يتجاوز عمره العشرين يوما لدى عودة العائلة بحافلة صغيرة بعد زيارة أهاليهم وتهنئتهم بعيد الفطر المبارك من مدينة بلد روز، كما نعزي أهالي شهداء المطعم  في بغداد وأهالي  المصلين  في  مسجد الشروفي في مدينة الشعب ببغداد وغيرهم من الشهداء المدنيين.

http://www.annabaa.org/nbanews/pic/015.htm 

فمنذ سقوط طاغية العصر صدام ونظام البعث العراقي الدموي  شنت حملات إعلامية مكثفة ضد الشعب العراقي ومجلس الحكم العراقي المؤقت منادية إعلان المقاومة ضد قوات التحالف والإحتلال. كانت حدود العراق مفتوحة بسبب إلغاء الجيش العراقي والشرطة العراقية بقرار صدر عن الحاكم العسكري العام لقوات الإحتلال السيد بول بريمر الأمر الذي أدى إلى تسلل الآلاف من الشباب العربي وعرب الأفغان عبر إيران والأردن وسوريا والسعودية بهدف مقاومة الإحتلال على حد زعم الجهات العربية المروجة لمقاومة الإحتلال. وقد لعبت الجامعة العربية  برئاسة الدكتور عمرو موسى  ووزراء خارجية الدول المجاورة للعراق  دورا سلبيا بدلا عن دعم واحتضان الشعب العراقي المظلوم  ومساعدته بعد رحلات العذاب الطويلة التي قدم فيها أكثر من أربعة ملايين شهيدا وشهيدة في السجون والمعتقلات والتهجير والحروب التي دامت أربعين سنة ذاق فيها شعبنا العراقي النبيل أشد الويلات والمصائب والإهانات والجوع  والأمراض وغيرها.

وقد قام في حينه  بعض رجال الدين العرب في الأردن وقطر والمملكة العربية السعودية والعراق وغيرها من الدول بحث الشباب العربي  والعراقي  على مقاومة الإحتلال.

إن مقاومة الإحتلال في كل العالم حق شرعي، إلا أن الوضع في العراق كان مختلفا كليا، وقد شاءت الصدفة بأن اتفقت مصالح دول التحالف والإحتلال مع أحزاب المقاومة العراقية الثمانية  في الداخل والخارج  لإسقاط أبشع نظام ديكتاتوري شهدته  منطقتنا العربية.

إن البعثيين والمستفيدين من النظام المخلوع  هم وحدهم أعلنوا المقاومة، لكن نسبة  80 % من الشعب العراقي لم  تعلن مقاومتها لقوات الإحتلال التي  حررته من ذلك النظام  الدموي  الذي جلب لها أكثر من  300 مقبرة جماعية وأكثر من أربعة ملايين نسمة في السجون والمعتقلات والحروب والتهجير طوال أظلم فترة مر بها شعبنا العراقي  الكريم.

حاول السادة أعضاء ووزراء كل من مجلس الحكم العراقي المؤقت وحكومة السيد الدكتور أياد علاوي  وحكومة  السيد الدكتور إبراهيم الجعفري كما حاولت الأحزاب الوطنية العراقية والكتاب العراقيون إقناع  الدول العربية  وجامعة الدول العربية الرافضة لدعم العراق في حينه، من أن ما جرى ويجري  في العراق لا يمت إلى المقاومة بأية صلة بل انه إرهاب محض.

كما لعبت فضائية الجزيرة والعربية أدوارا خبيثة لإثارة النعرات الطائفية والعنصرية بين صفوف أبناء الأمة العراقية، لكن محاولاتهما لم تتكلل بالنجاح مطلقا، لأن علماء السنة والشيعة وكذلك المفكرين السياسيين لم يسمحوا بذلك.

يعلم الجميع بأن حزب البعث العراقي المخلوع  وخصوصا  بعض أفراد الحرس الجمهوري والجيش العراقي والقوات الخاصة وضباط المخابرات ورجال الأمن وغيرهم من الموالين للنظام المخلوع قاموا بتهريب أموال خزينة الدولة العراقية  ونهبت أسلحة الجيش العراقي  وأكثر من  400 طنا من مواد التفجير بالإضافة إلى صواريخ الأر بي جي  وآلاف  من رشاشات الكلاشينكوف  والقنابل اليدوية وغيرها من العتاد والأسلحة النارية نقل معظمها إلى بساتين ومزارع وبيوت الحزبيين.

وهؤلاء البعثيون احتضنوا الإرهابيين الذين قدموا من الأردن الشقيق أومن سوريا أو المملكة العربية السعودية أومن إيران  كما بينت ذلك إفادات المجرمين التي  شاهدناها في الفضائيات العراقية وأمدوهم بالمال والسلاح ومهدوا لهم سبل القيام بالعمليات الإرهابية في  معظم المدن والضواحي والقرى العراقية وقتل المدنيين العراقيين من الأطفال والنساء والرجال.

إن الإرهابيين الذين قاموا بعمليات التفجير الإرهابية  يوم الأربعاء الماضي  في العاصمة الأردنية  لجأوا بلاشك إما إلى  البعثيين من ضباط  مخابرات ورجال أمن وجيش صدام الذين كانوا ولا زالوا  يتعاونون معهم في العراق والأردن أو إلى أفراد  من الحركة الإرهابية.

كيف يعقل أن يقوم  هؤلاء القتلة بمراقبة الفنادق الثلاثة لفترة طويلة دون مساعدة أحد ؟

نأمل أن تكون فاجعة الأردن الأليمة قد  غيرت وجهة نظر  السادة الحكام  ورجال الدين العرب

بالنسبة لما حدث ويحدث في العراق، بأنه ليس مقاومة بل إبادة  شعب وقتل متعمد  للمدنيين العراقيين. إن تفجير السفارة الأردنية في بغداد  الذي راح ضحيته 14 شخصا  ومئات من التفجيرات التي حدثت وتحدث في العراق يوميا تقريبا ليست لها علاقة بالمقاومة.

فعلى الدول العربية وخصوصا جامعة الدول العربية وعلماء المسلمين الأعلام السنة والشيعة أن يدينوا في الجوامع والمساجد وفي الفضائيات الإرهاب الدموي الذي يحدث في العراق وكذلك الذي حدث في عمان مؤخرا.

المجد والخلود  لشهداء عمان والعراق !

ألمانيا في  13 / 11 / 2005

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 16/تشرين الثاني/2005 -  13/شوال/1426