عندما سئلت الاميرة ماذا تريدين قالت: مسمار ومطرقة

الشيخ احسان الفضلي

عندما كنت صغيرا التمس جدتي ان تروي لي قصة من قصصها المليئة بالحكم والعبر، وفي احدى حكاياتها ان موكب الاميرة خرج إلى الشارع بابهى حله فارتفعت اعناق الناس إلى الموكب وإليها، وأثناء مرورها سمعت أمراة تقول: ماذا تريد الاميرة أكثر من هذا من ربها؟

وحين ذاك اخرجت الاميرة راسها وقالت: أريد مسمار ومطرقة، لكي اثبت الزمان فلا تدور بي الدوائر.

وتذكرت هذا المقطع من القصة عندما كنت انظر في تقرير عرضته قناة الفرات الفضائية رافق فيه مراسل قناة الفرات افواج المغاوير لوزارة الداخلية وهم يقومون بعملية القبضة الحديدية في محافظة ديالى وهذه العملية جاءت كخطوة أولى لتطبيق قانون الارهاب الذي اقرته الجمعية الوطنية.

ورغم الرداءة في التقرير على صعيد المونتاج وخصوصا الصوت إلا انه كان تجربة جديدة ورائدة بالنسبة للفضائيات العراقية التي نأمل منها التقدم المستمر.

وما يهمني في التقرير هو عرض المصور للعملية منذ البداية وجانب من عمليات القاء القبض وتفتيش المنازل المشتبه بها وجمع المشتبه بهم ووضعهم في سيارات.

في تلك اللحظات وانا اتابع المجريات تذكرت مجريات المعتقلات الصدامية وتذكرت كيف كنا نعامل ونظرت في وجوه المغاوير من على شاشة قناة الفرات وتذكرت وجوه الجلادين في معتقل الرضوانية، وعند ذاك دهشت ان الوجوه لا تختلف فهي كلها وجوه عراقية وكلهم جنود يؤدون ما يأمرهم به السلطان وتأملت في تاريخ عراقنا فعرفت ان اليد هي نفس اليد وإنما هي آلة تؤدي الامر الذي يصدر من الدماغ – رغم كل الاعتزاز والتقدير لما يقدمه مغاوير وزارة الداخلية وما تقدمه وزارة الدفاع من تضحيات كبيرة - وبذلك يكون الاختلاف الحقيقي يكمن في الدماغ في رأس الهرم في النظام الذي يصدر القرارات اما التنفيذ فيبقى هو يد تطبق مع الاختلافات بين اليد الرحيمة واليد الطاغية، وان كانت في اغلب الاحيان رحيمة بأمر الدماغ وطاغية كذلك.

ومن كل ذاك ندرك أمرا قد يكون من الخطير جهله والاستخفاف به، وهو ان كانت اليد نفس اليد وما هي سوى آلة تنفذ الاحكام فلكي نمنع عن انفسنا التعرض لليد الطاغية كما تعرضنا لها في العهد الصدامي - بل كما تعرضنا لها منذ تفرق الجيش عن الامام الحسن عليه السلام وتركه امام خيار الصلح والذي نقضه معاوية - علينا ان لا نسمح سوى لدماغ تشبع بنور الرحمة الالهية التي وسعت كل شيء وبعلوم محمد وآله الاطهار الميامين، علينا ان نتأكد ان هذا الدماغ يدرك معاني عميقة الاثر مثل التقوى والايثار وان تحب لأخيك ما تحب لنفسك وغيرها من قيم اسلامية اخلاقية كانت وما تزال الميزان الحقيقي بين الخير والشر والرادع الامثل لاتباع هوى النفس الامارة بالسوء.

واذا كان الحال هذا والاختيار اصبح اليوم ممكنا عبر ورقة ترمى في صندوق الاقتراع لانتخب هذا الدماغ الذي يتحكم في الجسم العراقي فمن هنا ندرك اهمية مشاركتنا في الانتخابات لمجلس النواب القادم.

ومن المهم جدا في كل ذاك ان لا ننخدع بما هو موجود ومتحقق بين ايدينا اليوم من حرية في التعبير والكتابة وتطبيق للشعائر وقيمة للانسان وغيرها، فنعدها من المسلمات في عراقنا الجديد وهي غير قابلة للتغيير!

ولنا في النظام الصدامي لعبرة فقد عد العدة واعتقد ان الزمان لن يدور به وانه بقاءه في السلطة من المسلمات التي لا يمكن تغييرها.

ولذا من الواجب دوما وابدا وبدون هواده ان ندافع عن حقوقنا هذه وان لا نسمح باي شكل من الاشكال لاحد ان يسلبها منا، وما تحقيق ذلك إلا من خلال من نختارهم عبر صناديق الاقتراع لكي يحملوا المسمار والمطرقة ويقفوا بوجه كل المحاولات التي تريد للزمان ان يعود للوراء.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 16/تشرين الثاني/2005 -  13/شوال/1426