
يبدو الرئيس الايراني الجديد محمود أحمدي نجاد عازما على المضي في
برنامج عمل متشدد لكن المحليين يتساءلون عما اذا كان سيسمح له
بالاستمرار في طريق يهدد باصابة البلاد بالشلل والدخول في مواجهة مع
الغرب.
وقال المحلل السياسي الايراني محمود علي نجاد "الضغط يتصاعد داخل
النظام لاحتوائه وتمرير تلك السنوات الاربع (ولايته) باسرع ما يمكن دون
خسائر كبيرة."
ولكن أحمدي نجاد وهو عضو سابق في الحرس الثوري وخدم خلف خطوط العدو
في الحرب الايرانية العراقية في الفترة من عام 1980 وحتى عام 1988 لا
يبدو في مزاج يسمح باحتوائه بعد ان قضى ثلاثة أشهر من فترة رئاسته
ومدتها اربع سنوات.
وقوبل احمدي نجاد الاسبوع الماضي بادانة دولية بدعوته الى تدمير
اسرائيل مما زاد من عزلة ايران في وقت تفكر فيه الوكالة الدولية للطاقة
الذرية التابعة للامم المتحدة في احالة ملف ايران النووي الى مجلس
الامن التابع للمنظمة الدولية لفرض عقوبات محتملة.
وأعلنت وزارة الخارجية الايرانية هذا الاسبوع انها ستستدعي نحو نصف
سفرائها وكبار دبلوماسييها وهم اكثر من 40 فردا اجمالا اغلبهم يعتبرون
من المعتدلين الذين يفضلون اقامة علاقات افضل مع الغرب.
كما اغضب احمدي نجاد البرلمان الايراني يوم الاربعاء بترشيحه شخصية
مغمورة ليست لها خلفية في مجال صناعة البترول لادارة وزارة النفط في
دولة هي ثاني اكبر منتج له من بين اعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول
(اوبك). وكان اعضاء البرلمان قد اعترضوا على مرشحه السابق وهو حليف
مقرب منه في أغسطس آب لافتقاره أيضا الى الخبرة.
وقال محللون ان مثل تلك الاعمال التي اشعلت انتقادات حادة في الداخل
والخارج ما هي الا وفاء من احمدي نجاد بتعهداته خلال حملته الانتخابية.
وقال انوش احتشامي مدير مركز دراسات الشرق الاوسط والدراسات
الاسلامية في جامعة درهام البريطانية "الاستعجال هو المثير للدهشة...لا
السياسة في حد ذاتها.
"لقد وعد بتغييرات شاملة وهو ينفذها."
ويريد احمدي نجاد وهو ابن حداد جذبت هيئته المتواضعة جموع الفقراء
الايرانيين الابتعاد تماما عن الاعتدال النسبي الذي ميز السياسة
الداخلية والخارجية خلال فترة رئاسة الرئيسيين السابقين اكبر هاشمي
رفسنجاني ومحمد خاتمي.
وقال علي نجاد "انه يشعر بان مذهب الثورة (الاسلامية في عام 1979)
فقد وتعرض للخيانة ويريد ان يبتعد عن 16 عاما من النزعة نحو الاعتدال."
وقال احتشامي ان عزم الرئيس الايراني شديد على تطهير السلك
الدبلوماسي ووضع حليف موثوق به على رأس وزارة النفط لانه "يشعر بقوة
بان الوقت قد حان لتطهير وجود انصار رفسنجاني وخاتمي من الوزارات
الرئيسية."
وتساءل محلل سياسي بارز اخر في طهران قائلا "كيف سيستبدل سنوات
الخبرة المتراكمة التي اكتسبها هؤلاء المسؤولين في فترة قصيرة."
واضاف المحلل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه انه من المتوقع الى حد
كبير ان يعترض البرلمان على صادق محصولي المرشح لوزارة النفط مما يلقي
السياسة النفطية في مزيد من الارتباك.
وقال "لا يتعرض (احمدي نجاد) لانتقادات من الاصلاحيين فقط.. بل انه
يفقد الاصدقاء بسرعة."
ويشكو مشرعون من ان احمدي نجاد يعتمد في تعييناته على الثقة الشخصية
لا المؤهلات.
والحكومة ممتلئة برفاقه السابقين في الحرس الثوري كما استعان باعضاء
من مجلس بلدية طهران الذي كان يرأسه قبل فوزه في الانتخابات وعينهم
مستشارين.
وتكثر الشائعات حول نفوذ معلمه الديني اية الله محمد تاجي مصباح
يازدي وهو احد المتشددين الذين يدافعون عن الانعزال عن الغرب. ونفى
مساعدون للرئيس انه يتلقى الاوامر من رجل الدين.
وحظيت تعيينات احمدي نجاد لشخصيات متمرسة في المناصب الاقتصادية
بترحيب وارتياح بين المستثمرين ولكن تصريحاته بخصوص الاقتصاد مثل
التلميح الى ان معدلات الفائدة ينبغي ان تنخفض بقرار بغض النظر عن
التضخم المتزايد سببت ذعرا.
ومنذ يونيو حزيران فقدت بورصة طهران 25 في المئة من قيمتها كما
تزايد بشدة هروب رأس المال من البلاد.
وزاد التوتر الدبلوماسي مع فرض حظر غير رسمي على البضائع البريطانية
والكورية الجنوبية وتبادل الانتقادات مع ايطاليا وهي حليف تقليدي
لطهران.
وقال المحلل السياسي البارز في طهران "انها فوضى. لقد انهارت
البورصة.. وزاد العجز في الموازنة كما ان الضغط الدولي آخذ في النمو."
وقال محللون انه في الوقت الذي يلقى فيه باللوم جزئيا على افتقار
احمدي نجاد الى الخبرة السياسية الا ان عدم استعداده الواضح للالتفات
الى النصائح التي تدعو للاعتدال توحي بعزم داخلي أكيد.
وقال علي نجاد "مجيئه الى السلطة كان مستقلا تماما عن مراكز القوى
التقليدية ولذلك فهو يشعر بانه مستقل...انه غير مهتم برد الفعل
الدولي.. او البرتوكولات و ما الى ذلك."
وحتى الان يحث الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي الذي
يتمتع بسلطة مطلقة في ايران هؤلاء الذين ينتقدون احمدي نجاد على منح
الحكومة مزيدا من الوقت.
ولكن تحرك خامنئي لمنح سلطات واسعة لمجمع تشخيص مصلحة النظام غير
المنتخب وهو هيئة استشارية يرأسها رفسنجاني فسرت على نطاق واسع على
انها محاولة لقص اجنحة الرئيس الشاب.
ويعتقد كثيرون ان الضغط على احمدي نجاد سوف يجبره على تقديم تنازلات
والاعتدال الا اذا أدت الضغوط الخارجية الى التفاف النظام السياسي
حوله.
وقال احتشامي "اعتقد انه سيرهق نفسه...سيضطر الى التنازل..ولكن
امكانية نشوب صراع هي طريقة للافلات.. عن طريق حشد الدعم باشعال ازمة
مع العالم الخارجي." |