التفادي الحكيم لمشاكل الحياة

كتب قسم المتابعة:

أضحت مشاكل الحياة في العصر العلمي والتكنولوجي الحالي مسألة تحتاج إلى طول بال فبسبب تنوع هذه المشاكل التي تصادف المرء يتعين عليه الابتعاد قدر الإمكان عن إبداء ردة الفعل ولكن ليس بشكل مطلق إلا أن ما ينبغي عدم إغفاله هو عدم نسيان الحكمة في التصرف.

إن بعض الأطباء الجراحين الذين توجد لتخصصاتهم الطبية البحتة علاقة بمجالات محددة من علم النفس يوصون مرضاهم على ضرورة إبداء الانفعال بوجه من يستحقه من أجل تخفيف الحالة المرضية البيولوجية التي يعانيها مرضاهم أو المتوقع أن يعانوا منها كما في مثال توجيه النصيحة لبعض المصابون بـ(الغدة الدرقية) الذي تجري لهم عملية جراحية لاستئصال جزء منها لأن ذلك وحسب زعمهم العلمي – الطبي سوف يكون عاملاً مساعداً على أن تعمل الغدة الدرقية في الجسم بعد استئصال نصفها أو جزء منها حيث ستمد الغدة بقوة على التماسك الشخصي وطبعاً فهذا إلى إضافة الاعتناء بالغذاء النوعي وهذه النصيحة الطبية التي تطلب من المريض المستأصل لغدته الدرقية أن يبدي أي انفعال لديه بحق المقابل مهما كان المقابل هذا من جاه.

وطبيعي فإن مثل هذه النصيحة الطبية الآنفة التي تطلب من المرضى المصابون بالغدة الدرقية (الانفعال) مع الآخرين لم تغفل كي يكون الانفعال عقلانياً وبحدوده الموضوعية أي الانفعال اللاخارج عن الأصول ومن أولويات ذلك حصر الخلاف الناشب بموضوع الخلاف ذاته وليس أكثر.

وكذلك فإن الدعوة إلى كيف يكون المرء مظلوماً لا ظالماً تعكس في سلوكه انشداداً نحو مواقع ممارسة العدل والإنصاف مع الآخرين ولو من باب تجنب وقوع أي مشكلة أو إشكالية متوقعة أو لا متوقعة.

ومعلوم أن بعض المشاكل الاجتماعية المفروضة قد تمرض المرء بيولوجياً ويتذكر الناس أمثلة عديدة كيف أن صدمة الإنسان بكشف حقيقة كبرى لديه قد أدت إلى موته قبل إعطاء أي إنذار. واليوم حيث تختلط الكثير من منغصات اليوم متحدية عدالة بعض النفوس الخيرة يكاد انتفاء النافع منها أن يخلو من ضمان عدم تكرار مكائد المقابل المتمرس على الخباثة.

ومن تفاديات الحكمة فيما يتعلق بالسلوك الممارس يومياً ينبغي التذكر أن (أصحاب الحق) هم العلة دوماً لدى أغلب المجتمعات وطبيعي فهذا لا يعني اليأس من قادم الأيام بالنسبة للمرء فالأمل المشحون بسحر بدء يوم جديد يزيد من طموح الإنسان كي يفكر بالكيفية التي تؤهله أن يكون (خارج إطار مشاكل الحياة) قدر الإمكان.

وفي رحاب الآراء المتحدثة عن محاسن ومساوئ الركون للوقائع المريرة التي يمر بها البشر وما يتطلب منه عقله أن يكون خارج إطار أي حالة سلبية تواجهه فعلية إلا يتقبل أن يقرر الآخرون مصيره خاصة بعد أن يكتشف المرء أن الآخر عقل متآمر يلّفه الجهل رغم أن الزمن قد دار دورته اللعينة وجعل من الآخر ذو شأن لا يستحق منزلته. وكل هذا يقتضي الكفاح العقلاني من أجل تفادي مشاكل أكثر تعقيداً.

والمرء الذي يرى بأم عينيه كل يوم أكثر من عرض حياتي جديد أمامه من قبل الذين يتعامل معهم سواء في مجال العمل أو غيره عليه أن يميز دوماً بين سلوك وسلوك لدى الآخرين ولعل أخطر ما في أي علاقة بين اثنين أو أكثر حين يلاحظ أن الانتهازية المشبعة بالجهل المبطن لدى المقابل تشكل منطلقة بهذه الحياة مما ينبغي مواجهة ذلك بطريق (فن المواجهة الموضوعية) والتي منها محاولة تحييد ذاك المقابل عبر إشعاره بطرق غير مباشرة (على الأقل) عن كون الناس يعرفون فعلاً حقيقة ما يجري أو هم متابعون لجزئية ما من موقفه مما هو واقع أو يقع سواء من إضرار معنوية أو مادية أو منغصات لا يوجد لها تفسير سوى أن الخلل موجود لديه.

وإذا كان مجمل موضوع معرفة كيفية التفادي الحكيم من مشاكل الحياة يتعلق أساساً وبدرجة رئيسية بـ(الإحساس) فإن عدم تمتع المقابل بحس إنساني مرهف ربما يكون سبباً ليس لإنهاء مشكلة قائمة بحد ذاتها بل وخلق مشاكل جديدة أيضاً. والإنسان المتطلع إلى أمام بقدر ما في تطلعه من مشروعية إلا أنه تراه يرتعب من المجهول الذي لم يحن بعد وصوله إلينا.

وطرح سؤالاً على أنفسنا من قبيل: هل نسلك سلوكنا حسناً لصالح سمعتنا ووضعنا العام في العائلة والمجتمع والعمل؟ فإن الجواب عليه من قبل ذواتنا سيبقى مقروناً ليس بالإشارة إلى حقيقة ما نحن عليه بل في ذلك إذا ما كنا صادقين مع أنفسنا فالجواب يتوقف على مدى استعدادنا للتغيير المنصف لأنفسنا من حيث إراحة الضمير والاعتراف بحق الغير علينا.

وفي النظر لما بعد المشاكل المفروضة وتخيل الصورة الجديدة في العلاقة التي يتطلع لها أن تسود على أساس من الوئام ممكن أن تقرّب الثقة أكثر وأكثر حيث وضع المرء على المحك سيجلي دوماً مَنْ يكون هذا؟!

 

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 31/ تشرين الأول/2005 -  27/ رمضان/1426