هل أصبحت الولايات المتحدة معادية للعلم؟!

أثار جدل مرير حول كيفية تدريس نظرية النشوء والارتقاء ازمة ثقة بين العلماء فيما حذر بعض كبار الاكاديميين من ان العلم ذاته يتعرض لهجوم.

وخلال الشهر الماضي تحدث الرئيس المؤقت لجامعة كورنل وعميد جامعة ستانفورد عن هذا الموضوع وحذر بعبارات شديدة اللهجة من الاثار بعيدة المدى.

وقال فيليب بيتزو عميد جامعة ستانفورد في خطاب بثه على موقع الجامعة على الانترنت في الثالث من الشهر الجاري "من اهم هذه القوي المد المتصاعد للمشاعر المعادية للعلم والذي يبدو انه يتركز في واشنطن ولكنه يمتد لجميع انحاء الامة."

وتحدث هنتر رولينجز القائم باعمال رئيس جامعة كورنل في كلمة "حالة الجامعة" عما تمثله نظرية "التصميم الذكي" من تحد للعلم اذ يؤكد ان نظرية النشوء والارتقاء التي تقبلها الاغلبية العظمى من العلماء تنطوي على عيوب قاتلة.

وقال رولينجز ان الجدل يؤدي لاتساع هوة الخلافات السياسية والاجتماعية والدينية والفلسفية في المجتمع الامريكي واضاف "حين يحل الانقسام الايديولوجي محل تبادل المعلومات الموثقة تكون النتيجة افكارا جامدة ويتأثر التعليم."

ويقول مؤيدو نظرية "التصميم الذكي" ان اشكالا معينة في الطبيعة معقدة بدرجة كبيرة لا تسمح لها بان تتطور من خلال الانتخاب الطبيعي بل من صنع "خالق ذكي".

وخلال السنوات الخمس الماضية بدا في اغلب الاحوال ان المجتمع العلمي على خلاف مع ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش بشأن قضايا متباينة مثل ارتفاع درجة حرارة الارض وابحاث الخلايا الجذعية والحماية البيئية. كما اتهم علماء بارزون الادارة بتسييس العلم بمحاولة تشكيل البيانات وفقا لاحتياجاتها بينما تتجاهل ابحاثا اخرى.

وكون الانجيليكان والمسيحيون الاصوليون مركزا قويا داخل الحزب الجمهوري ولا يسع اي جمهوري حتى بوش تجاهل وجهات نظرهم.

وبدا هذا واضحا في قضية تيري شيافو في وقت سابق من هذا العام حين اصدر اعضاء جمهوريون في الكونجرس الامريكي قانونا يبقي المرأة المتوفاة اكلينيكيا على قيد الحياة ضد رغبة زوجها كما تحدث بوش شخصيا مؤيدا "ثقافة الحياة".

وتنظر قضية تدريس نظرية "التصميم الذكي" او حتى ذكرها ضمن فصول علوم الاحياء في المدارس الثانوية امام محكمة في بنسلفانيا وتبحثها مدارس عديدة في جميع انحاء البلاد.

واقام اولياء امور طلبة في مدارس في بلدة دوفر في بنسلفانيا قضية على مجلس ادارة مدرسة البلدة بعد ان امر المدارس ان تتلو على الطلبة بيانا قصيرا في فصول الاحياء يتضمن ان نظرية التطور ليست حقيقة مؤكدة وبها ثغرات. ويدعم اتحاد الحريات المدنية الامريكي اولياء الامور في قضيتهم.

ويورد البيان "التصميم الذكي" كنظرية بديلة ويوصي الطلبة بقراءة كتاب يشرح النظرية باستفاضة.

ويعتقد كينيث ميلر عالم الاحياء في جامعة براون ان اراء الحركة المعادية للنشوء دقت اسفينا بين نسبة كبيرة من المواطنين الذي يؤمنون بالاصولية المسيحية والعلم.

وقال "انه يعزل الشبان عن العلم. يقول لهم بصفة اساسية ان المجتمع العلمي ليس محل ثقة وينبغي ان تتخلى عن مباديء الايمان لتصبح عالما وهو امر غير صحيح تماما."

وعلى الجانب الاخر يعتقد الباحث المحافظ مايكل نوفاك من معهد انتربرايز الامريكي ان السبيل الوحيد لرأب الصدع بين العلم والدين هو السماح بتدريس نظرية "التصميم الذكي." وقال في منتدى حول القضية في الاسبوع الماضي ان "العداء بين العلم والدين جنون."

وينفي انصار "التصميم الذكي" انهم يعادون العلم ويقولون انهم ينتهجون منهجا علميا.

واظهرت استطلاعات الرأي على مدار سنوات عدة ان اغلبية الامريكيين يختلفون مع هذه النظرية العلمية المهمة.

فعلي سبيل المثال كشف استطلاع للرأي اجرته شبكة سي.بي.اس هذا الشهر ان 51 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يؤمنون بان الله خلق الانسان بصورته الحالية. وتقول نسبة 30 بالمئة إن خلق الانسان بتوجيه من الله وتؤمن نسبة 15 بالمئة فقط بان الانسان ارتقي من اشكال اقل تقدما على مدار ملايين الاعوام.

واشارت استطلاعات رأي اخرى الى ان نحو ثلث البالغين في الولايات المتحدة فقط يؤمنون بنظرية الانفجار العظيم كأساس لنشأة الكون رغم عدم اعتراض العلماء في جميع انحاء العالم تقريبا على النظرية.

ويقول جون ميلر من جامعة نورث وسترن "حين تسأل الناس ماذا يعرفون عن العلم يتضح ان اقل من 20 بالمئة لديهم معرفة علمية."

ويضيف ان مستوى تدريس العلوم وبصفة خاصة الرياضيات متواضع في معظم المدارس الامريكية كما يقود الى نقص في عدد العلماء الافذاذ وجهل علمي عام.

وكان اداء طلبة المدارس الامريكية ضعيفا نسبيا في اختبارات الرياضيات والعلوم الدولي. ففي عام 2003 على سبيل المثال احتل الطلبة الامريكيون المركز الرابع والعشرين في اختبار دولي يقيس المعلومات الرياضية لطلبة في الخامسة عشرة من العمر متخلفين عن الكثير من الدول الاوروبية والاسيوية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 30/ تشرين الأول/2005 -  26/ رمضان/1426